شفق نيوز/ اكد "معهد دول الخليج العربي في واشنطن" ان العراق ومصر يعملان على تطوير الدبلوماسية بينهما وفي المنطقة من اجل الدفع نحو قيام تعاون اقليمي اوسع مع الاردن، الا ان نجاح هذه الجهود يتطلب ايضا العمل عن قرب مع دول مجلس التعاون الخليجي.
وذكر التقرير الامريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، بالزيارة الثانية لرئيس الوزراء العراقي محمد السوداني الى القاهرة خلال اقل من 100يوم، وذلك في 13 يونيو / حزيران 2023، وذلك برفقة 11 وزيرا والعشرات من رجال الاعمال العراقيين، مشيرا الى ان العراق العراق ومصر وقعا على 11 مذكرة تفاهم لتعزيز التجارة والسياحة والاستثمار، مضيفا ان الزيارة كانت جزءا من جهد اكبر بين العراق ومصر والاردن يركز على التكامل الاقليمي.
وعلى مر السنوات، قال التقرير ان العلاقة العراقية المصرية شهدت مراحل من التعاون والتنافس والديناميكيات المتغيرة بدفع من تطلعات القيادة والسياسات والصراعات الاقليمية، وانه على الرغم من هذه التعقيدات، فقد ادرك البلدان اهمية استمرار الانخراط الدبلوماسي لاستكشاف سبل التعاون، مشيرا الى انه في العام 1963، سعت مصر والعراق الى جانب سوريا الى تشكيل تحالف عربي اقليمي لتعزيز امنهما واستقرارهما وتعزيز ناتجهما الاقتصادي من خلال تحرير التجارة.
وتابع التقرير ايضا انه في العام 1989، وفي محاولة للتنافس مع مجلس التعاون الخليجي، اسست مصر والعراق والاردن واليمن ما يسمى "مجلس التعاون العربي"، لكنه لم يستمر طويلا بسبب غزو العراق للكويت في العام التالي.
واضاف التقرير انه عندما استنزفت الحرب الايرانية -العراقية القوة العاملة في العراق خلال الثمانينيات، قام نظام صدام حسين برفع القيود عن التاشيرات عن المصريين وجلب 1.5 مليون عامل مصري للحفاظ على الاقتصاد العراقي مستمرا.
ومؤخرا، فإن البلدين اعادا احياء اللجنة العليا المشتركة خلال اجتماع عقد في تشرين الاول/اكتوبر 2020 في بغداد، حيث وقع البلدان على 15 اتفاقية تعاون في مجالات تشمل الاستثمار والتعاون الصناعي والتجارة والنقل البحري والبنية التحتية والمياه. ولفت التقرير الى ان اللجنة عقدت اجتماعها التالي خلال زيارة السوداني للقاهرة في يونيو/حزيران ووقعت 11 اتفاقية، وهو ما يظهر تصميمهما على تعزيز العلاقات الاقتصادية والسياسية.
واشار التقرير الى ان العراق يصنف كدولة ريعية، باعتماده الكبير على عائدات مبيعات النفط، وهي بالتالي يواجه تحديات بطالة كبيرة تؤثر على الشباب، وهي قضية شائعة في البلدان الغنية بالنفط ايضا، مضيفا انه برغم معدل البطالة المرتفع، فان بعض المواطنين يتجنبون قبول فرص عمل معينة بسبب وصمة العار الاجتماعية المرتبطة بأدوار المكانة المتدنية. ولهذا، لفت التقرير الى ان القطاع الخاص العراقي لجأ الى توظيف اكثر من 1.5 مليون عامل اجنبي، بما في ذلك قرابة 25 الف مصري.
وتابع التقرير انه في اطار النفط مقابل اعادة الاعمار، فانه لدى القاهرة خطط لزيادة عدد العمال المصريين في العراق الى اكثر من 1.5 مليون، في ظل توقعات بان الاستثمارات المصرية ستجذب عددا كبيرًا من المصريين الى العراق.
واشار التقرير الى ان العراق الذي مزقته الصراعات يحتاج بشكل لكبير الى الاستثمار الاجنبي والعمالة لدعم من اجل تعزيز جهود اعادة الاعمار، ويمكن بالتالي للاستثمار والعمالة المصرية ان تؤدي دورا حيويا في هذا المجال.
واضاف انه بالنظر الى الروابط التاريخية والثقافية واللغوية، فان العديد من العمال المصريين يشعرون بارتباط عميق بالعراق، مما يجعلهم مناسبين تماما للاندماج في المجتمع العراقي، ومن الممكن ان يساهم هذا التقارب الوثيق بشكل كبير في عملية اعادة الاعمار في العراق، وتعزيز التعاون والمكاسب لكل من العراق ومصر.
التعاون الثلاثي
وذكر التقرير ان زيارة السوداني الى مصر كانت ايضا جزءا من جهود اوسع من قبل العراق ومصر والاردن لإنشاء الية تعاون ثلاثية للتكامل الاقليمي، مذكرا بان قادة الدول الثلاث التقوا اربع مرات منذ العام 2019 لوضع الاساس لتكتل اقتصادي، في حين وزراء الخارجية اجتمعوا في قمم ثلاثية تهدف الى تعميق التعاون، كما عقد مجلس التنسيق العراقي الاردني المصري اول اجتماع له في ايلول/سبتمبر 2020.
وتابع قائلا ان تعزيز الدبلوماسية رفيعة المستوى، من شأنها ان تسلط الضوء على حجم التزام العراق ومصر والاردن باقامة علاقات قوية، كما يوحي بانهم يريدون تعميق علاقاتهم من خلال تشكيل تحالف اقتصادي مشابه لذلك الذي شكلوه مع اليمن في العام 1989.
وبحسب التقرير، فان مثل هذا المشروع له اعتبارات اقتصادية وامنية وسياسية، بما في ذلك الربط الكهربائي بين الدول الثلاث، الا ان الاهم هو ما تريده بغداد والقاهرة وعمان بالفعل، وهو استعادة وضعها السابق كقوى سياسية ودبلوماسية واقتصادية كبرى في القضايا العربية.
واوضح التقرير انه بينما يمتلك العراق ثروة من النفط، الا ان عقودا من الصراع الداخلي والاقليمي اضعفت بنيته التحتية واقتصاده، اما مصر، وهي الاكبر سكانيا في العالم العربي، فقد عانت من صعوبات اقتصادية مستمرة بالاضافة الى اضطرابات الربيع العربي، في حين ان الاردن لعب دورا مهما باعتباره وسيطا اقليميا، لكن حجم البلد واقتصاده وجغرافيته، قلصت من قدرته على ابراز قوته على المستوى الاقليمي.
ولفت التقرير الى انه في حين قد تكون هناك مشاعر حنين الى الماضي، كما المح الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد مؤخرا الا ان الواقع الحالي يشكل تحديات اجتماعية وسياسية واقتصادية حادة لبغداد والقاهرة وعمان تعرقل قدرتها على ممارسة نفوذهم داخل حدودهم وخارجها.
ولهذه الاسباب، قال التقرير انه من الواضح ان الحفاظ على العلاقات مع دول مجلس التعاون الخليجي امر بالغ الاهمية للتنمية الاقتصادية والاستقرار الاقليمي، مشيرا الى ان اقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي القوية وتركيز الثروة والاستقرار السياسي، منحت لهذه الدول صعودا اقليميا ودوليا متزايدا.
وتابع قائلا ان العراق ومصر شهدا انتقال ادوارهما التاريخية في العالم العربي الى الادوار الداعمة بسبب انتقال السلطة والنفوذ الى دول مجلس التعاون الخليجي.
واعتبر التقرير ان احتمال قيام تكتل اقتصادي يضم مصر والعراق والاردن يمثل فرصة واعدة للتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي بما يعزز الترابط الاقتصادي والتجارة والاستثماري، لكن ذلك يتطلب تفكيرا جديدا يستبعد الحسابات الصفرية المدمرة التي ميزت سياسات التحالف في الشرق الاوسط مرارا.
ودعا التقرير التكتل الجديد المحتمل من اجل تحقيق اهدافه، ان يضمن ان مبادراته وسياساته تتماشى مع مصالح مجلس التعاون الخليجي.
وختم التقرير بالقول ان تعزيز الانخراط الدبلوماسي بين العراق ومصر والاردن يساهم في تطوير مشروع اقليمي اكثر طموحا وتبرز ثقة هذه الدول المتزايدة واهدافها ورؤيتها المشتركة. وخلص الى القول انه بمثابة مؤشر واضح على الجهود التي تبذلها الدول الثلاث لاقامة شراكة اكثر عمقا وشمولا، يمكن ان تفيد شعوبها والمنطقة ككل.
وخلث الى القول ان "الاستمرار في العمل عن كثب مع دول مجلس التعاون الخليجي حتى مع قيام هذه الدول الثلاث ببناء شراكتها الجديدة، يمثل المسار الاكثر مباشرة – والوحيد على الارجح – من اجل نجاح هذا المشروع".