شفق نيوز/ أفادت شبكة "سي إن إن" الإخبارية الأمريكية، بأن اكتشاف مقر زعيم تنظيم داعش أبو إبراهيم القرشي، الذي فجّر نفسه وقتل أسرته معه، في وقت مبكر من يوم الخميس، بعد مداهمته من جانب الكوماندوس الأمريكي، تم من خلال الرصد المخابراتي لحركة مندوبيه الخاصين.
وفي تقرير عن "اللحظات المتوترة في غرفة العمليات حيث أشرف الرئيس الأمريكي جو بايدن على الغارة التي استغرق الإعداد لها عدة أشهر"، نقلت "سي إن إن" الجمعة، عن مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية قوله إن "جمْع المعلومات الاستخباراتية الأمريكية عن زعيم داعش تكثف في الخريف الماضي وبلغ ذروته في إحاطة مفصلة لبايدن في 20 ديسمبر".
وكان الهدف تنفيذ عملية يراد منها القبض على القرشي حيّا، مع التحوط لاحتمال أن يكرر ما كان فعله سلفه أبو عمر البغدادي من تفجير نفسه، بحسب الشبكة.
ورفض المسؤول الأمريكي أن يوضح بالتفصيل كيف تيقّنت الولايات المتحدة في النهاية من الموقع الدقيق لزعيم المنظمة، لكنه أشار إلى أن قرشي كان لديه مندوبون للتواصل مع العالم الخارجي وكانوا جزءًا من المعلومات الاستخباراتية التي قادت إلى موقعه.
وقبل خمسة أيام من عيد الميلاد، جلس بايدن مع وزير الدفاع لويد أوستن، وقائد القيادة المركزية الأمريكية، الجنرال فرانك ماكنزي، وآخرين للعمل على كيفية بناء عملية القبض على القرشي وما هي المخاطر التي قد تنطوي عليها، وكانت العملية محفوفة بالمخاطر بسبب المدنيين الذين احتلوا نفس المبنى الذي كان فيه زعيم داعش.
وفي مرحلة ما، أحضر كبار مسؤولي البنتاغون نموذجًا مصغرا للموقع إلى غرفة العمليات لعرض خططهم على الرئيس.
ويعرض التقرير كيف أن القرشي الذي لم يغادر مسكنه قط، وكان يعيش في الطابق الثالث مع أسرته، ولم يخرج إلا من حين لآخر ليتشمس على السطح.
وقد عاشت عائلات ليس لها، على ما يبدو، صلة بتنظيم داعش في الطابق الأول، دون معرفة قصة القرشي الذي يعيش فوقها، وفق تقرير الشبكة الأمريكية.
التدريب على الهجوم
عندما تم إطلاع بايدن من قبل قادة العمليات في ديسمبر، على موقع القرشي، أصدر الرئيس أمرا للبنتاغون باتخاذ الاحتياطات لتقليل الوفيات بين المدنيين، وهو اقتراح وصفه التقرير بأنه صعب لهدف بدا أنه يحيط نفسه عن قصد بالأطفال والعائلات كحماية.
وتدربت القوات الأمريكية التي نفذت المهمة على العملية، وعندما هبط الفريق الأمريكي، أعلنوا عن أنفسهم بصوت عالٍ، وطالبوا من كانوا داخل المبنى بالمغادرة، كما طلبوا من الآخرين في المنطقة السكنية المحيطة بالابتعاد.
وجاء في التقرير أن الجيش الأمريكي خطط لعملية تستغرق ساعتين في الموقع، إشارة إلى الحاجة لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين.
وأورد التقرير أن بايدن أعطى الموافقة النهائية على العملية يوم الثلاثاء في المكتب البيضاوي، حيث أطلعه أوستن والجنرال مارك ميلي، رئيس هيئة الأركان المشتركة.
ونقلت الشبكة عن مسؤولين وصفهم لغرفة العمليات، يوم الأربعاء، حيث "كان التوتر هائلا"، وقام الرئيس ونائبته كامالا هاريس وأعضاء الفرق العسكرية والأمن القومي بمراقبة الوضع "مراقبة حية".
ومن بين الحاضرين الآخرين في الغرفة مستشار الأمن القومي جيك سوليفان ونائب مستشار الأمن القومي جوناثان فينر ومستشارة الأمن الداخلي إليزابيث شيروود راندال ورئيس موظفي البيت الأبيض رون كلاين وبريت ماكغورك منسق البيت الأبيض للشرق الأوسط وشمال إفريقيا.
ونقلت "سي إن إن" عن مسؤول كبير في الإدارة قوله إن بايدن كان "غارقًا جدًا في التفاصيل العملياتية" بعد شهور من التخطيط، بما في ذلك نموذج المبنى الذي كان جلبه القادة العسكريون إلى غرفة العمليات في ديسمبر، حيث انخرط بايدن في "أخذ وعطاء مستمر" مع قادته العسكريين.
وكشف التقرير أنه بحلول أوائل ديسمبر/كانون الأول، كان مسؤولو المخابرات الأمريكية على يقين من أن قرشي كان يعيش في المنزل.
ونقل عن المسؤول أن التخطيط كان معقدًا بشكل لا يصدق، كان القرشي يعيش في حي سكني في الطابق الثالث من مبنى يأوي عائلات بينهم أطفال.
اعترافات سابقة من القرشي
وأشار التقرير إلى أن القرشي كان قد كشف عن معلومات قيمة عندما احتجزته الولايات المتحدة في العراق عام 2008، وكان هناك احتمال واضح أن يتمكن من فعل ذلك مرة أخرى، هذه المرة كرئيس لداعش.
وأضاف أنه أثناء التحقيق معه كان قد أدلى بمعلومات كثيرة، "كان يغني مثل الكناري"، على حد قول مسؤول كبير سابق في مكافحة الإرهاب على دراية بتقارير الاستجواب.
وكان السفير ناثان سيلز المنسق الأمريكي لمكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية في عهد الرئيس دونالد ترامب قد قال إن المحققين اكتسبوا رؤى هائلة بعدما سمعوا من القرشي معلومات ذات قيمة كبيرة حول تنظيم القاعدة في العراق.
وأخذ المسؤولون الأمريكيون بالاعتبار أن القرشي قد يفجر نفسه أثناء العملية، بالطريقة نفسها التي فعلها زعيم داعش أبو بكر البغدادي خلال الغارة التي قتلته في عام 2019.
وكان بايدن نفسه هو الذي سأل عن احتمال أن يكون القرشي مسلحا بسترة ناسفة أو أي نوع آخر من المتفجرات.
وهذا بالضبط ما حدث، وفيما كان بايدن داخل غرفة العمليات، تلقى تقريرًا عن "انفجار كبير" يقول المسؤولون إنه أدى في النهاية إلى مقتل القرشي وعائلته.
وأوضح المسؤول الكبير في الإدارة أن "هذا حدث في وقت مبكر إلى حد ما من العملية"، من هناك، سارت الأمور بطريقة مرسومة وزعم البيت الأبيض أن جميع الوفيات والإصابات كانت نتيجة لأفعال أعضاء داعش، فقد وقع الانفجار قبل دخول أي من القوات الأمريكية المبنى ودمر الطابق الثالث ونقلت الجثث إلى المنطقة المحيطة.
وكانت القنبلة أكبر بكثير مما افترض المسؤولون الأمريكيون أن القرشي سيستخدمها، عندما وضعوا نموذجًا لكيفية تأثير انفجار على المبنى، أو ما يمكن أن تفعله سترة ناسفة، كما قال مسؤول كبير في الإدارة، فقد تهاوى الجزء العلوي من المبنى.
وأضاف المسؤول أنه نتيجة لذلك اعتقد المسؤولون الأمريكيون أن الطابق الثالث بأكمله ربما يكون مفخخًا بالأسلاك.
وكان المهندسون العسكريون قرروا في وقت مبكر أن الانفجار لن يتسبب في انهيار المبنى.
وقال مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية: "أشك في أن القرشي كان يعلم ما سيحصل جراء التفجير، ربما كانت نيته قتل كل من في ذلك المبنى".
ومع ذلك، لم تكتمل العملية، وكان قيادي بارز في تنظيم داعش موجودا لتسهيل العمليات اليومية للتنظيم، وعندما دخلت القوات الأمريكية المبنى، تحصن في مسكنه مع زوجته في الطابق الثاني واشتبك مع القوات الأمريكية وقُتل، وبعد وفاته خرج عدد من الأطفال من الطابق الثاني، تم نقلهم إلى مكان آمن.
ما حصل للهليكوبتر
وقال مسؤول أمريكي آخر إن طائرة هليكوبتر أمريكية واجهت "مشاكل ميكانيكية" خلال الغارة وتم "التخلص منها بشكل مناسب على بعد مسافة ما من الموقع، وفي نهاية المطاف، تمكنت تلك المروحية من انتشال نفسها من المنطقة المستهدفة المباشرة، وتحت السيطرة تمكنت من الهبوط في مكان آخر حيث تم اتخاذ القرار بتعطيلها وتدميرها".
ويعرض التقرير أنه أثناء مغادرة القوات الأمريكية للموقع، تم التعرف بشكل إيجابي على الهدف (القرشي) باستخدام ملامح وجهه، كما أجروا قياسات بيومترية متطابقة على بصمته، وقد أشاع ذلك ارتياحا في غرفة العمليات حلّ محل التوتر، حسب التقرير.
ونُقلت عائلة في الطابق الأول إلى مكان آمن، بينها رجل وامرأة وعدة أطفال، اعتقد المسؤولون أنهم لم يكونوا على علم بأعضاء داعش الذين يعيشون حولهم.
وأثناء مغادرتها قامت مجموعة أخرى وصفتها وزارة الدفاع الأمريكية بأنها "معادية" بإطلاق النار على المروحية الأمريكية.
ويقول المسؤولون إنهم أعضاء في تنظيم القاعدة لأن المنطقة معقل لهيئة تحرير الشام، واستهدفت طائرات هليكوبتر المجموعة وقتلت عضوين قبل أن يفر الباقون.
وعندما انتهت العملية، اكتفى بايدن ببضع كلمات فقط، وصفها المسؤولون بأنها كانت علامة الارتياح.