شفق نيوز/ أشارت صحيفة "ذي ناشيونال" الصادرة بالانكليزية، إلى جملة من التساؤلات حول "طريق التنمية" الذي اكتسب زخما اضافيا في الأيام الماضية، عما إذا كان يشكل تحديا لمشاريع ربط إقليمية مشابهة، مثل مشروع "الحزام والطريق" الصيني، او مشروع الخط الهندي الذي ترعاه الولايات المتحدة، ويستثني تركيا.
وذكر التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، بأن "طريق التنمية" الذي يمكن أن ينافس الطريق البحري الدولي الوحيد الموجود في المنطقة عبر قناة السويس، حقق تقدما كبيرا في الفترة الاخيرة، مشيرا الى توقيع العراق وتركيا وقطر والامارات يوم الاثنين على اتفاق مبدئي في بغداد للتعاون المشترك في المشروع، وذلك خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الى العراق.
وتابع التقرير ان "العراق وقّع قبل أسبوعين، اتفاقية خط للاتصالات مع الكويت بينما يؤمن تواصلا بين دول الخليج وأوروبا، في حين يمكن للممر البري، المتمثل بـ"طريق التنمية"، ان يكون بمثابة دفعة اقتصادية تتزايد الحاجة إليها للمنطقة".
ولفت التقرير الى ان "طريق التنمية" يواجه منافسة من ممر تجاري قوي متمثل بـ"مبادرة الحزام والطريق" الذي يربط الصين بـ 150 دولة في جنوب شرق آسيا واسيا الوسطى وروسيا وصولا الى أوروبا".
وبالاضافة الى ذلك، فان جرى التوقيع على اتفاقية لاقامة الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الاوسط واوروبا Imec خلال اجتماع مجموعة الـ20 في أيلول/سبتمبر، والذي يفترض أن يؤمن طريقا تدعمه الولايات المتحدة، يربط ما بين الهند إلى أوروبا بهدف تعزيز التجارة وخفض تكاليف النقل.
ونقل التقرير عن وزيرة الاتصالات العراقية هيام الياسري قولها، إن "الاتفاقية مع الكويت هي الأولى من بين عدة مشاريع للكابلات تحت الماء لتحسين اتصال العراق"، مضيفة أنها تتوقع ان يتم التوقيع على اتفاقية مع السعودية لمد كابل بحري ثالث للعراق في مدينة الفاو في البصرة، حيث يبدأ مشروع "طريق التنمية" الضخم، مشيرة الى ان الكابل مع السعودية سيعزز رابط الاتصالات مع دول الخليج مثل عمان والبحرين والامارات.
ميناء الفاو
وذكر التقرير بأن مجموعة "أبوظبي للموانئ وقعت في وقت سابق من هذا الشهر اتفاقية أولية مع الشركة العامة لموانئ العراق من اجل تطوير ميناء الفاو الكبير ومنطقته الاقتصادية"، مشيرا الى ان الفاو قد يصبح احد اكبر الموانئ في العالم عند اكتماله.
والى جانب ذلك، نقل التقرير عن مسؤول حكومي في البصرة قوله، إن شركة دايو للهندسة والإنشاءات الكورية الجنوبية ستستكمل المرحلة الأولى من مشروع اقامة خمسة أرصفة في الميناء العام الحالي، موضحا انها تقوم حاليا بتشييد الجسور التي تربط الارصفة الرئيسية بساحة الحاويات الخاصة بها، على ان تبدأ عملياتها في العام المقبل.
ولفت التقرير الى ان العراق قام في مايو/أيار من العام 2023، بدعوة وزراء النقل والمسؤولين من دول مجلس التعاون الخليجي وإيران وتركيا وسوريا والأردن لحضور مؤتمر لمدة يوم واحد في بغداد من اجل عرض المشروع.
ونقل التقرير عن مسؤول حكومي عراقي قوله، إنه "خلال ذلك المؤتمر، بدت قطر والإمارات العربية المتحدة والسعودية فقط مهتمة وارادت التحقق من جميع التفاصيل من خلال استفساراتها بشكل رئيسي حول القضايا الفنية والمالية".
وبحسب المسؤول نفسه، فإن قطر والامارات فقط واصلتا بعد انتهاء الاجتماع، التواصل مع الجانب العراقي وارسلتا وفودها إلى بغداد للتباحث مع العراقيين، موضحا انهم "كانوا جادين، بخلاف الاخرين، وخاصة بعدما شاهدوا معدلات تقدم كبيرة في تصاميم السكك الحديدية والطرق السريعة واختبار التربة".
وكشف المسؤول نفسه انه جرى عقد اجتماعات خلال العام الماضي في حين ان "تركيا أدت دورا في ضم الامارات وقطر الى المشروع"، من دون ان يذكر تفاصيل.
أين السعودية؟
وتابع التقرير انه كان من المتوقع ان تنضم السعودية الى المشروع، خصوصا بعد الاعلان عن خطط في العام الماضي لاقامة خط سكة حديد من البحر الاحمر الى شمال العراق، الى جانب خطط اخرى، في حين يعتقد المسؤول العراقي نفسه ان غياب السعودية مرتبط بتركيز المملكة على المشاريع الضخمة داخل السعودية وعلى مشروع الخط الهندي. لكن المسؤول اشار الى ان دولا اسيوية اخرى ابدت استعدادها للانضمام الى مشروع "طريق التنمية"، لكنه لم يذكر تفاصيل.
وذكر التقرير أن ثقة العراق بان وجود اللاعبين الإقليميين الرئيسيين، اي تركيا والإمارات وقطر، سيعطي دفعة للمشروع، خصوصا بعد توقيع اتفاق مع شركة "أبوظبي" للموانئ لتشغيل ميناء الفاو.
وبحسب التقديرات فإن "طريق التنمية" يمكن ان يحقق ايرادات سنوية تبلغ 4 مليارات دولار وما لا يقل عن 100 ألف فرصة عمل".
وبحسب المسؤول العراقي فإن "طريق التنمية" يوفر تكاليف نقل مخفضة وأوقات عبور اقصر، على عكس مشروع الخط الهندي الذي يتطلب العديد من نقاط التحميل والتفريغ مما يزيد من التكلفة ويستغرق وقتا أطول.
وأضاف المسؤول العراقي ايضا انه على عكس مشروع الخط الهندي، فان "طريق التنمية" العراقي لن يمر عبر اسرائيل او يرتبط بها، وهو بدلا من ذلك يرتبط بتركيا، التي جرى استبعادها من اتفاقية الخط الهندي.
حزب العمال الكوردستاني
وبعدما لفت التقرير الى التعاون الأمني المتفق عليه بين العراق وتركيا، والاشارة الى حزب العمال الكوردستاني، نقل التقرير عن المحلل في "شبكة رين" ريان بوهل، المتخصص بالشرق الاوسط، قوله انه "في حين تتخذ تركيا والعراق خطوات دبلوماسية وسياسية لانجاز الامور، فانه لا تزال هناك عقبات اخرى يتحتم التغلب عليها"، موضحا انه "يجب ان يمر الطريق البري من الخليج الى اوروبا عبر تركيا، وخصوصا عبر الأراضي التي تقاتل فيها تركيا الان جماعة حزب العمال الكوردستاني".
ونقل التقرير عن بوهل قوله "هذه مشكلة بالنسبة للاستثمار والتنمية، وبالتالي فإن الحل السياسي من نوع ما بين تركيا وحزب العمال الكوردستاني هو وحده الذي سيضمن إمكانية وصول الممر البري الى الحجم التي يطمح إليها وجذب الاستثمار اللازم لتحقيق هذه التطلعات".
وبحسب بوهل، فانها بينما لا يزال البحر الأحمر مضطربا، فان "هناك اهتماما كبيرا بإيجاد بدائل"، الا ان المسألة ستتطلب وقتا لاعادة تشغيل الممر باستخدام "الحلول الامنية الصحيحة اللازمة لجعله قابلا للتطبيق"، مضيفا انه خلال ذلك الوقت، فان عمليات التعطيل الحاصلة في البحر الأحمر ربما تكون قد انتهت، وتعود التجارة الدولية الى طبيعتها، بالاضافة الى التهديدات التي تتعرض لها الكابلات البحرية.
لكن بحسب بوهل، فان تعطيل الحركة في البحر الأحمر "ستبقي الاهتمام بمثل هذه الطرق البديلة، سواء من منظور النقل أو من منظور الاتصالات، على قيد الحياة في المستقبل".
وبحسب الباحث في "المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية" حمزة حديد، فان "طريق التنمية" تلقى دفعة عندما تم استبعاد تركيا من اتفاقية الخط الهندي في خلال قمة مجموعة الـ20.
واوضح التقرير ان مشروع الخط الهندي (IMEC) يتضمن خططا للسكك الحديدية والموانئ التي تبلغ قيمتها مليارات الدولارات والتي تربط بين الشرق الأوسط وجنوب آسيا، والتي تشمل الولايات المتحدة والإمارات والسعودية والهند والأردن وإسرائيل والاتحاد الاوروبي، وذلك بهدف اقامة ممر شحن لتحسين التدفقات التجارية بين أوروبا والهند.
وبعدما لفت التقرير الى ان مشروع الخط الهندي يتجاهل تركيا، نقل عن حديد قوله ان أنقرة منحت قوة دافعة للمشروع العراقي، موضحا "انه فجأة بدأت ترى الحكومة التركية تروج بالفعل لطريق التنمية الى درجة ان هناك الكثير من الباحثين يرتكبون الخطأ في الواقع معتقدين انه مشروع بقيادة تركية ولكنه في الواقع مشروع بقيادة العراق"، مضيفا ان العراق يريد ان يكون "رابطا في المنطقة" على امل "محاولة جلب المزيد من الاستثمارات الخليجية".
الاستثمارات الخليجية
ونقل التقرير عن حديد قوله إن "جلب الاستثمارات الخليجية يعني اولا ان دول الخليج تشعر باستثمار اكبر في العراق، وبالتالي فهي اكثر استثمارا في استقرار العراق، وهذه هي عملية التفكير النهائية الحقيقية التي يقوم بها صناع السياسة العراقيون".
وتابع قائلا، إن "السوق العراقية تخضع بالكامل لسيطرة ايران وتركيا، ومن خلال جلب المزيد من الاستثمارات الخليجية، سيشكل ذلك شكلا من اشكال التخلص من النفوذ الايراني التركي".