شفق نيوز/ مع بدء الهجوم الإسرائيلي على إيران فجر اليوم الجمعة، يبدو أن العراق ليس أمامه سوى "استنكار وشجب" هذا العدوان، لـ"عدم سيطرته" على سمائه وأرضه، بحسب لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي.
وبينما يحذر مراقبون من أن الضربات الإسرائيلية ضد إيران قد تفتح الباب واسعاً أمام مواجهة إقليمية شاملة، قد تمتد إلى العراق، تسود حالة من الترقب المقلق لمشاركة الفصائل المسلحة الموالية لإيران ودخولها في هذه المواجهة باستهداف التواجد الأمريكي داخل العراق.
وتشن إسرائيل منذ فجر اليوم غارات جوية استهدفت مدناً ومحافظات إيرانية بينها العاصمة طهران، مما أدى إلى مقتل قادة عسكريين وعلماء ذرة، وفي المقابل ردت طهران بشن هجمات بالطائرات المسيرة على تل أبيب.
وتسببت الهجمات المتبادلة بين إسرائيل وإيران في رفع مستوى التوتر في المنطقة، ما دفع الحكومة العراقية إلى إعلان إغلاق المجال الجوي بشكل كامل، وتعليق جميع الرحلات الجوية حتى إشعار آخر، في محاولة لتفادي أي اختراقات جوية أو تداعيات أمنية قد تطال البلاد.
وفي ظل هذا التصعيد، قال عضو لجنة العلاقات الخارجية في مجلس النواب العراقي، مختار الموسوي، إن "ما يحصل هو اعتداء على إيران، لكن على الأجهزة الأمنية العراقية اليقظة والحذر أيضاً، لأن الاستهداف ليس على إيران فقط، حيث إن العراق أصبح بين إيران والصهاينة".
وعن موقف العراق والدور الذي سيقوم به، ذكر الموسوي، وهو نائب عن تحالف الفتح بزعامة هادي العامري، لوكالة شفق نيوز، أن "الحكومة العراقية ليس بيدها حالياً سوى استنكار وشجب العدوان الإسرائيلي، لأن العراق لا يملك القدرة العسكرية الكافية، لأن سماء وأرض العراق ليست بيده، وكل الطائرات الصهيونية التي ضربت إيران دخلت عبر الأجواء العراقية".
وعن هدف الضربات الإسرائيلية، رأى الخبير الأمني، علي المعماري، أن "الضربات على بعض المفاعل النووية في إيران هي ليست النهائية، وإن استمرت لعدة أيام، بل هي لإجبار طهران على إعادة النظر في المفاوضات من أجل إنهاء التخصيب وتفكيك المفاعل".
وأوضح المعماري، خلال حديثه للوكالة، أن "التنازل الإيراني هو نصف الخسارة، لأن الخسارة الكلية قد تؤدي إلى انهيار النظام بشكل كامل، مشيراً إلى أن "معركة الميليشيات والفصائل التي تأتمر بأمر الحرس الثوري الإيراني لم تبدأ لغاية الآن".
وعزا المعماري ذلك، إلى أن "الأمريكيين يقولون إننا لم نشارك في الضربات الإسرائيلية، بمعنى ليس من حق الميليشيات والفصائل ضرب القواعد الأمريكية أو استهداف مراكزهم الدبلوماسية في العراق، لذلك من المتوقع عدم تأثر الوضع الأمني في العراق بالشكل الذي يتوقعه الكثيرون".
ويأتي حديث المعماري، في وقت حذر المتحدث باسم "كتائب سيد الشهداء"، إحدى أبرز الفصائل المسلحة في العراق، الشيخ كاظم الفرطوسي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، الجمعة، من أن التصعيد العسكري الإسرائيلي ضد إيران "لن يمرّ دون أن يطال المنطقة بأسرها"، مؤكداً أن العراق قد يجد نفسه معرّضاً لتداعيات هذه الحرب.
وبهذا السياق، يقول المحلل السياسي الأردني، حازم عياد، إن "العملية التي أطلقها الكيان الإسرائيلي قد تؤدي إلى صراع طويل الأمد، لا سيما في ظل التهديدات الإيرانية المعلنة باستهداف القواعد الأمريكية المنتشرة في الخليج العربي، وبعضها في العراق والأردن".
وأضاف عياد، لوكالة شفق نيوز، أن "الاقتراب من منشآت حساسة مثل مفاعل ديمونا، القريب من الحدود الأردنية، يشكل خطراً كبيراً، سواء من ناحية أمنية أو بيئية، في حال تعرّض الموقع لأي أضرار".
وأشار إلى أن "استهداف منشآت استراتيجية في ميناء حيفا قد يحمل تداعيات خطيرة على لبنان وشرق البحر المتوسط"، موضحاً أن "احتمال انخراط أطراف إقليمية مثل الفصائل العراقية، وحزب الله في لبنان، والحوثيين في اليمن، يجعل من هذا التصعيد بوابة محتملة لصراع واسع النطاق يصعب احتواؤه في المدى القريب".
ولفت عياد، إلى أن "تأثيرات هذا التصعيد لن تكون محصورة في الجانب العسكري فقط، بل ستمتد إلى الجوانب الاقتصادية والسياسية، بما في ذلك الأسواق، وأسعار الطاقة، والممرات البحرية، وحتى الأمن الغذائي في بعض الدول المتأثرة مباشرة، كالعراق والأردن".
واختتم حديثه بالقول، إن "ما يجري ليس مجرد تصعيد عابر، بل بوادر صراع ممتد، قد يستمر لأسابيع وربما أكثر، ما لم يُبذل جهد دولي حقيقي لوقف التدهور ومنع انزلاق المنطقة إلى مواجهات أوسع".