شفق نيوز/ كشف تقرير كوري جنوبي، اليوم الأحد، عن تراجع هيمنة الدولار عالمياً مع تراجع الصين وروسيا من التعامل بالعملة الأمريكية وانضمام السعودية إليهم، فيما أكد أن خطوات ازالة "الدولرة" من جانب السعودية، قد تؤدي الى فتح الباب واسعا امام ضرب نظام تفوق الدولار.
وقال موقع "هانيكيوري" الكوري الجنوبي في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز إن "هيمنة الدولار عالمياً تتعرض للتراجع برغم الهيمنة الاميركية في النظام العالمي المدفوعة بقوتها العسكرية والنقدية، حيث يؤدي تسليح واشنطن للدولار الى اقناع الدول الاخرى، من روسيا والصين والآن السعودية، الى الحاجة لتقليل اعتمادها على الدولار".
واعتبر التقرير الكوري الجنوبي أن "الأحداث الأخيرة تلقي بظلالها على استبداد الدولار على الرغم من ان العملة الامريكية تعتبر وسيلة التبادل في التجارة الدولية وتشكل الجزء الاكبر من احتياطيات النقد الاجنبي في غالبية دول العالم البلدان، اذ ليس بإمكان دولة لا تملك دولارات ان تفعل اي شيء ضمن النظام الاقتصادي العالمي القائم حاليا".
وذكر التقرير بأن "البرازيل والصين أبرمتا في 29 آذار الماضي، صفقة تستبدلان من خلالها الدولار بعملتيهما (اليوان والريال) من خلال تجارتهما الثنائية، وهو ما وصفه التقرير بانه اكبر انجاز في حملة الصين من اجل ازاحة تفوق الدولار من خلال تدويل اليوان"، لافتاً إلى أن "البرازيل، أكبر دولة في امريكا الجنوبية، وافقت على الانضمام الى هذا التفاهم مع الصين، على الرغم من ارتباطها بصداقة مع الولايات المتحدة، ووجودها في الحديقة الخلفية للولايات المتحدة".
ولفت التقرير الى أن "الاتجاه الدولي باتجاه ازالة الدولرة، ظهر بسبب العقوبات التي تقودها الولايات المتحدة ضد روسيا بعد أن ضمت شبه جزيرة القرم في العام 2014 والتي تسارعت مع الغزو الروسي لأوكرانيا في العام 2022، حيث حظرت العقوبات الامريكية التعامل بالنقد الاجنبي مع موسكو والمعاملات المالية لروسيا، من خلال استبعادها من نظام تداول الدولار"، مبيناً أن "تسليح الدولار من جانب الولايات المتحدة ادى الى اقناع الدول الاخرى بالحاجة الى الحد من اعتمادها على الدولار، ولهذا فقد عمل كثيرون على تخفيض نسبة الدولار في تجارتهم واحتياطياتهم من العملات الاجنبية.
الا ان التقرير اشار الى ان "ما كان يبدو وكأنه خطوات مؤقتة من جانب روسيا (باعتبار انها هدف للعقوبات) ومن جانب الصين (باعتبار انها منافس للولايات المتحدة)، أخذ بالتوسع باتجاه ازالة الدولرة مع انضمام المملكة السعودية الى هذا التوجه، وهي دولة تعتبر ضامنة لمدفوعات الدولار من خلال الصفقات النفطية، والتي تشكل الدعامة الاساسية لسيادة الدولار".
ولفت التقرير الى ان "روسيا تخلصت منذ العام 2018، من كافة سندات الخزينة الامريكية التي كانت تمتلكها منذ العام 2012، والمقدرة بنحو 150 مليار دولار . اما الصين التي كان لديها سندات في الخزانة الأمريكية بحوالي 1.3 تريليون دولار في العام 2013، فانها خفضت تلك السندات، الى 1.1 تريليون دولار في كانون الثاني/يناير العام 2022، اي قبيل اندلاع الحرب في أوكرانيا".
اما المملكة السعودية، وفقا للتقرير "فقد خففت من استحواذها على سندات الخزانة الامريكية من 185 مليار دولار الى 119 مليار دولار في كانون الثاني 2022".
وفي الوقت نفسه، قال التقرير انه "في الايام التي اعقبت الغزو الروسي لاوكرانيا، كانت السعودية والصين تجريان محادثات جادة من اجل استخدام اليوان في شراء النفط. وتابع التقرير ان الجهود السعودية اثمرت مع قيام شركة الصين الوطنية للنفط البحري بشراء 65 الف طن من الغاز الطبيعي المسال، من دولة الامارات العربية المتحدة بعملة اليوان في بورصة شنغهاي للبترول والغاز الطبيعي ما يشكل المرة الاولى التي يتم فيها استخدام اليوان في تجارة الغاز الطبيعي المسال."
ولفت التقرير الى ان "عملية الشراء هذه جرت في اليوم نفسه الذي اعلنت فيه الصين والبرازيل انهما ستقومان بعمليات تجارية بينهما بتبادل عملة اليوان والريال البرازيلي".
وفي الوقت نفسه، "اعلن بنك التصدير والاستيراد الصيني في 14 اذار/مارس انه استكمل الاستعدادات لاقراض اليوان للبنوك التي تديرها الدولة في السعودية، وهي خطوة تمهد من اجل استخدام اليوان في التجارة الثنائية بين الرياض وبكين".
ولهذا، قال التقرير ان "خطوات ازالة الدولرة من جانب السعودية، قد تؤدي الى فتح الباب واسعا امام ضرب نظام تفوق الدولار".
واستعاد التقرير بعض التحولات السابقة فيما يتعلق بقوة الدولار، مذكراً بأن "الدولار واجه ازمة كبيرة عندما توقفت الحكومة الامريكية عن استبدال الدولار بالذهب في اغسطس/آب العام 1971 بعد تضخم العجز التجاري خلال الستينيات، فيما تدهورت الامور اكثر خلال ازمة النفط في العام 1973".
وتابع قائلا ان "الولايات المتحدة تمكنت في العام 1974 من تقوية تفوق الدولار من خلال انشاء نظام البترودولار مع السعودية، وهي زعيمة منتجي النفط العرب الذين كانوا وراء ازمة النفط في العام 1973، حيث انه بموجب هذه الاتفاقية، فإن صفقات النفط ستتم بالدولار فقط، فيما تستثمر السعودية الدولارات التي تجنيها من مبيعات النفط، في شراء سندات الخزانة الامريكية والاسلحة الامريكية. وفي المقابل، فان الولايات المتحدة قدمت للسعوديين ضمانات بشأن الالتزامات الامنية تجاههم".
واوضح التقرير ان "هذه الصفقة ادت بشكل كبير الى تحسين الميزان التجاري الدولي للولايات المتحدة مع تعزيز قوة الدولار وقيمته ايضا من خلال اعادة توجيه ارباح منتجي النفط المسعرة بالدولار الى الولايات المتحدة".
والان، يلفت التقرير الى ان "تحركات السعودية التي تعتبر دعامة اساسية في نظام البترودولار، تتزامن مع حملة ازالة الدولرة على الجبهة الصينية الروسية، فيما وتعهد الرئيس الصيني شي جين بينغ والرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتسريع الجهود من اجل اقامة شبكة مالية مستقلة لا تتاثر ببلدان ثالثة، اي الولايات المتحدة".
وكان هذا الاتفاق الصيني جاء خلال القمة الافتراضية في تشرين الثاني/نوفمبر العام 2021، عندما كانت الازمة في اوكرانيا تشتعل، وهو ما كان مؤشرا على نية البلدين الانسحاب من المعاملات التجارية والمالية المقومة بالدولار.
وأوضح التقرير انه "عندما تبنت الولايات المتحدة فرض عقوبات هدفها اخراج روسيا من النظام المالي الدولي بسبب غزوها لاوكرانيا، فان الصين وروسيا اتجهتا نحو اعتماد واسع النطاق لصفقات تتم من خلال اليوان والروبل في عمليات التجارة الثنائية".
ونوه التقرير الى ان "التعاملات باليوان والروبل بين روسيا والصين، ازدادت بينهما باكثر من تسعين ضعفا خلال العامين الماضيين، من 2.2 مليار يوان في يناير/كانون الثاني 2021 ، قبل الحرب ، الى 201 مليار يوان في يناير/كانون الثاني من العام 2023".
كما ان موسكو، من خلال وزارة المالية "اصدرت في 30 ديسمبر/كانون الاول من العام 2022 ، توجيهات الى صندوق الثروة الوطني الروسي الذي تبلغ قيمته حوالي 186.5 مليار دولار، لكي يضاعف استحواذه من اليوان الصيني الى 60٪ وحصته القصوى من الذهب الى 40٪".
واوضح التقرير ان "ذلك سيؤدي فعلياً الى خفض استحواذ الصندوق الروسي من الدولار واليورو والين، الى الصفر."
ترجمة: وكالة شفق نيوز