شفق نيوز/ طرحت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" احتمال ان تكثف الميليشيات العراقية، والتي تتبع الهدوء النسبي الان مقارنة بالميليشيات الاخرى المدعومة من إيران، من هجماتها حيث انها صارت تطلق النار على اسرائيل بشكل متزايد وتحقق نجاحات متفاوتة. 

وأوضح التقرير الإسرائيلي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ انه في ظل تزايد احتمال اندلاع حرب إقليمية في الشرق الاوسط بعد مرور عام على ما اسماه التقرير "مذبحة حماس" في 7 اكتوبر/تشرين الاول، ومع اطلاق ايران صواريخ باليستية على اسرائيل بارسال الجيش الإسرائيلي قوات برية لمحاربة حزب الله في لبنان، فقد بقيت احدى الجبهات، هادئة نسبيا، في اشارة الى العراق، مضيفا ان هذا الواقع قد يتغير بسرعة.

وأشار التقرير الى ان الميليشيات العراقية المدعومة من إيران تعهدت منذ 7 اكتوبر جهود حماس، وقد كثفت هذه الجماعات من هجماتها مؤخرا. 

وذكر التقرير في هذا السياق، بأن هذه الجماعات اطلقت في 25 سبتمبر/أيلول، طائرتين مسيرتين على مدينة إيلات، كما أطلقت 6 طائرات مسيرة محملة بالمتفجرات وصواريخ كروز باتجاه شمال إسرائيل في وقت سابق من الأسبوع الماضي، وفي صباح الأحد، تم تفعيل صفارات الإنذار في إيلات وتم إحباط طائرة مسيرة اطلقت من العراق مجددا.

لكن التقرير لفت إلى أنه خلال الشهور الاولى من الحرب، أعلنت الميليشيات العراقية عن ادعاءات مبالغ فيها بشأن تحقيق هجمات ناجحة على اهداف اسرائيلية "حيوية"، في حين أن بعض عمليات الإطلاق لم تصل الى اسرائيل بتاتا، مضيفا ان "المقاومة الاسلامية في العراق" أعلنت حتى الآن مسؤوليتها عن ما يقرب من 170 هجوما على اهداف اسرائيلية في العام الماضي، مع وقوع أكثر من 70٪ منها في أيلول/سبتمبر 2024 وحده، تزامنا مع التصعيد المستمر بين إسرائيل وحزب الله.

وتابع التقرير قائلا إن اسرائيل ليست غريبة على التهديدات الآتية من العراق، مذكرا بأنه جرى بناء العديد من الملاجئ في اسرائيل خصوصا لتحمل صواريخ سكود التي اطلقت من العراق في العام 1991 تحت حكم لصدام حسين. 

ولفت التقرير إلى أن تهديدا بهذا الحجم من جهة العراق، الذي أصابه الشلل بسبب عقود من الحرب والاقتتال الطائفي، قد تراجع منذ فترة طويلة إلى درجة لم تعد مهمة. 

واستعرض التقرير بعض محطات الأحداث التي شهدها العراق خلال العقود الماضية، منذ الحرب العراقية-الايرانية والتدخل الامريكي فيها تدريجيا لصالح العراق على أمل إسقاط النظام الإيراني المناهض الذي قام حديثا في طهران، ثم غزو ادارة جورج بوش العام 2003 والذي ساهم في تغيير موازين القوة في البلد بشكل كبير، حيث تعززت قوة الغالبية الشيعية، وهي فرضة اغتنمتها إيران لتعزيز نفوذها في البلد.

واشار التقرير الى الدعم الإيراني للميليشيات العراقية شهد طفرة كبيرة في العام 2014 مع صعود تنظيم داعش، واستخدمت طهران ايضا الفوضى خلال القتال ضد داعش، لتعزيز دورها داخل العراق في المستقبل. 

ولفت التقرير إلى أن العراق يقف الآن عند مفترق طرق بين واشنطن وطهران، مشيرا إلى أنه بعد مفاوضات طويلة، جرى تحديد موعد نهائي لانسحاب القوات الأمريكية، مضيفا أن طهران ظلت تطمح منذ فترة طويلة بحدوث هذا الانسحاب الأمريكي من المنطقة، وتحديدا من العراق. 

وتابع التقرير أن قيام "المقاومة الاسلامية" في العام 2023 والذي يضم الدول وغير الدول من الملتزمين بمواجهة اسرائيل تحت راية واحدة، وكان أول ظهور رسمي لهذا الاسم في 18 اكتوبر/تشرين الاول، بعد ان اعلنت جماعة الوارثين مسؤوليتها عن هجوم على قاعدة عسكرية أميركية في شمال العراق، قبل أن تتراجع عنه لشعار "المقاومة الاسلامية في العراق" بدلا من ذلك.

ونقل التقرير عن السياسي العراقي السابق انتفاض قنبر قوله إن "قوات الحشد الشعبي هي رسميا جزء من جهاز الأمن العراقي وتعمل تحت سلطة الحكومة العراقية مع الحفاظ على هياكل القيادة المستقلة، ومع ذلك، في حين أن بعض فصائل الحشد موالية للحكومة في بغداد وتعمل بشكل مستقل عن النفوذ الايراني، فان العديد من الفصائل تتحرك لتعزيز الأجندات السياسية المتوافقة مع إيران". 

وبحسب قنبر فان "الحكومة العراقية عاجزة. رئيس الوزراء محمد شياع السوداني، الذي تحاول الولايات المتحدة دعمه، لا يستطيع موازنة علاقاته بين الاميركيين وايران، وهو ضعيف للغاية بحيث لا يستطيع ملاحقة الجماعات المدعومة من ايران لانه وصل الى السلطة من خلال دعم ودفع الميليشيات المدعومة من ايران بعد ان ساعدت في اقالة الزعيم الشيعي المناهض لإيران مقتدى الصدر من خلال المحكمة الاتحادية العراقية، والتي اصبحت وكيلا كاملا لإيران". 

وتابع قنبر ان "المشكلة الاخرى التي تجعل هذه الميليشيات اكثر خطورة هي أن تمويلها هو من قبل الحكومة العراقية بشكل علني". 

كما عدد التقرير بعض هذه الفصائل، ومن بينها كتائب حزب الله التي اعتبرها واحدة من اقوى الميليشيات المدعومة من ايران وأكثرها تنظيما وتسليحا، وعصائب أهل الحق التي قال إنها انفصلت عن الحركة الصدرية في العام 2006، ووصفها بانها ترتبط بعلاقات وثيقة مع فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني. وبالاضافة الى ذلك، هناك منظمة بدر المرتبطة بجذورها في إيران عندما تأسست اثناء الحرب الايرانية العراقية وكانت تتألف من المنفيين العراقيين الذين يقاتلون ضد صدام حسين. 

وذكر التقرير أن هذه الجماعات "ومنذ هزيمة داعش، تحولت من القوة العسكرية الى الدهاء السياسي"، مضيفا ان العديد منها يشكل الآن جهاز الأمن الرسمي في العراق من خلال قوات الحشد الشعبي، مما يجعل من الصعب التمييز بين الجهات الفاعلة الحكومية وغير الحكومية في بعض المناطق، مشيرا الى ان هذه الميليشيات تلعب دورا حاسما في البرلمان، وغالبا ما تستخدم أجنحتها السياسية لدفع السياسات لصالح ايران ومعارضة المصالح الامريكية في البلد. 

الجماعات الكوردية

وذكر التقرير أنه عند النظر إلى الجماعات الكوردية المسلحة في العراق، فإنه من المهم ألا ننسى تلك الجماعات قاتلت الى جانب القوات الغربية وليس ايران، مضيفا ان اقليم كوردستان تمتع لفترة طويلة بدرجة معينة من الحكم الذاتي وكان موردا محوريا في الجهود الامريكية في الحرب ضد داعش، حيث حاربت القوات الكوردية، ممثلة بالدرجة الأولى بالبشمركة، جنبا الى جنب مع القوات الأمريكية ضد داعش.

وتابع التقرير أن العلاقات الكوردية مع الميليشيات الإيرانية أثناء الحرب ضد داعش، معقدة وعملية في كثير من الأحيان، مضيفا أنه كان هناك تعاون في بعض الأحيان، لتحقيق أهداف مشتركة في المناطق التي شكل فيها داعش تهديدا كبيرا لمصالح الجانبين، الا ان التوترات الكامنة استمرت بينهما بسبب الأجندات السياسية المختلفة والتطلعات الاقليمية، اذ بينما يسعى الكورد تاريخيا إلى مزيد من الحكم الذاتي، فإن الميليشيات الايرانية تعمل غالبا من أجل توسيع نطاق قوة طهران.

وحول المخاوف الكوردية بشأن معركة النفوذ بين إيران والولايات المتحدة في العراق، نقل التقرير عن المحلل الأمني والصحفي العراقي عادل الجنابي قوله إن "الأحزاب الكوردية أعربت عن قلقها بشأن الانسحاب الأمريكي، وهي تعتقد أن تهديد الإرهاب لا يزال قائما وأن داعش لم يهزم بالكامل بعد"، مضيفا انه بالاضافة الى تهديد داعش، فإن الانسحاب الامريكي المحتمل من شأنه أن يمهد الطريق أمام ايران لفرض هيمنتها على العراق. 

وذكر التقرير ان الفصائل الكوردية تخشى أن يؤدي المزيد من التصعيد في الشرق الاوسط بسبب الحرب بين اسرائيل وحماس، الى استهداف القوات الاميركية المتمركزة بشكل رئيسي في اقليم كوردستان. 

ونقل التقرير عن الجنابي قوله إنه "ليس سرا أن هذه الجماعات بالوكالة لا تسيطر فقط على الجانب العسكري من البلد، بل ان الحكومة العراقية تحظى ايضا برعاية هذه الشخصيات الموالية لايران، وفي كثير من الأحيان، لن تكون تسوية القضايا الطويلة الأمد بين اربيل وبغداد، ممكنة الا بضوء اخضر من الوصي على بغداد في طهران". 

وختم التقرير بالقول إن تصعيد الهجمات من العراق يشير الى تحول في الحرب الأوسع بين اسرائيل وحماس، موضحا أن ما بدا كصراع بين إسرائيل وجماعة حماس السنية الاصولية، استقطب مجموعة واسعة من الجهات الفاعلة، من حزب الله في لبنان الى الميليشيات العراقية المتحالفة مع إيران.

اما بالنسبة الى العراق، فقد قال التقرير إن هذا البلد يعاني بالفعل من عقود من الصراع والعنف الطائفي والتدخل الأجنبي، ولهذا فإن تفاقم الحرب من شأنه أن يزيد من زعزعة استقرار الدولة الهشة بالفعل، في حين أنه بالنسبة إلى إسرائيل، فإن هذه الهجمات تسلط الضوء على المخاطر المتعددة الجبهات بعد عام من غزو حماس.

ترجمة: وكالة شفق نيوز