شفق نيوز/ رأى "معهد سوفان" الأمريكي، أن الغارات الأمريكية الأخيرة على العراق، تسببت في إحداث انقسامات داخل حكومة محمد شياع السوداني من جهة، وبين بغداد وواشنطن حول مستقبل العلاقات بينهما من جهة أخرى، لكنه لفت إلى أن إدارة بايدن، ما تزال تتمتع بالنفوذ لتجبر حكومة بغداد على التعاون، لوجود أكثر من 100 مليار دولار من الأموال العراقية في حسابات الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي.
وذكر المعهد، في تقرير له تحت عنوان "بغداد عالقة في مرمى النيران الأمريكية-الايرانية"، ترجمته وكالة شفق نيوز، أن قادة الفصائل الموالية لإيران، وبعضهم من يتمتع بنفوذ سياسي، استندوا على الغارات الأمريكية بشكل خاص، كسبب لكي يطالبوا حكومة السوداني، بإنهاء المهمة العسكرية الأمريكية في العراق على الفور.
وفي هذا السياق، تناول التقرير مواقف كل من زعيم منظمة بدر هادي العامري، وكتائب حزب الله، وحركة النجباء، كما ذكّر بموقف السوداني نفسه والذي قال التقرير إنه يسعى إلى حماية الدعم لقاعدته الأساسية المؤيدة لإيران، بانتقاده للغارات قائلا إن "الأرض العراقية ليست المكان المناسب للقوى المتنافسة لتوجيه الرسائل".
واعتبر التقرير، أن الهجمات الانتقامية الأمريكية الأخيرة، أدت إلى تعزيز جهود طهران وحلفائها العراقيين، لأجل إجبار الولايات المتحدة على الانسحاب من العراق، مذكرا بأن حلفاء إيران يسعون إلى توسيع نفوذ طهران والحد من النفوذ الأمريكي، بما في ذلك عمليات التصويت في البرلمان العراقي والتي تطالب بخروج القوات الأمريكية، خصوصاً منذ اغتيال قائد فيلق القدس في الحرس الإيراني قاسم سليماني، و"مؤسس كتائب حزب الله" نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي، أبو مهدي المهندس، في العام 2020.
لكن، لم يتم ردع الجماعات الموالية لإيران في العراق، والتي تنشط أيضاً عبر الحدود في سوريا، إلا بشكل مؤقت، وهي كانت نفذت أكثر من 80 هجوماً على القوات الأمريكية في العراق وسوريا، منذ أوائل العام 2021 حتى هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وفق التقرير الأمريكي.
اتفاق لا يشمل الانسحاب
وبينما لفت معهد سوفان، إلى المحادثات الرسمية التي بدأت بين المسؤولين الأمريكيين والعراقيين، في إطار اللجنة العسكرية العليا، حول مهمة التحالف الدولي، قال إن "ذلك يعني أن الولايات المتحدة ستوافق على تقليص وجودها في العراق بشكل كبير، إلا أن بيانات وزارة الدفاع الأمريكية تشير إلى أن المناقشات تتعلق بالانتقال إلى شراكة أمنية جديدة، وليس الانسحاب.
وأوضح التقرير، أن موافقة واشنطن على مناقشة نقل وجودها العسكري، تعكس الجهد الذي يبذله المسؤولون الأمريكيون بهدف حرمان الفصائل المدعومة من إيران، من الأساس المنطقي للاستمرار بمهاجمة القوات الأمريكية.
ورغم أن المحادثات التي استؤنفت بين الطرفين في 11 فبراير/شباط لتحديد جدول زمني للتخفيض التدريجي والاختتام النهائي للمهمة التي تقودها الولايات المتحدة، رأى التقرير، أنه في ظل الحرب الإقليمية التي تشنها إيران وحلفاؤها، فإن المسؤولين الأمريكيين يعتبرون أن استمرار المهمة العسكرية في العراق، أمر بالغ الأهمية لمنع عودة داعش وكبح النفوذ الإيراني، أو على الأقل احتوائه.
ونوه التقرير الأمريكي، إلى أن القادة العسكرييين الأمريكيين لا يريدون أن يتم النظر إليهم على أنهم يسحبون قواتهم أمام التحدي الإيراني، كما أن طهران ستواصل الضغط على بغداد للحد من أي وجود أمريكي دائم قدر الإمكان، وبالإضافة إلى ذلك، فإن تصريحات السوداني الانتقادية لم تدعو إلى إنهاء فوري للوجود العسكري الأمريكي.
نفوذ إيران
وبين التقرير، أن "السوداني وغيره من كبار زعماء الشيعة، بما في ذلك مقتدى الصدر، لا يريدون فتح العراق أمام النفوذ الإيراني من خلال طرد القوات الأمريكية، فيما يرى العراقيون المعتدلون من كافة الطوائف الرئيسية، بما في ذلك الأغلبية الشيعية، أن التحالف مع إيران يؤدي إلى عزل العراق عن العالم العربي، وعرقلة انتقال العراق الى الديمقراطية، وتسهيل قدرة طهران على الاستفادة اقتصاديا من العراق، وتعزيز قدرة زعماء إيران على استخدام العراق كساحة لتحدي النفوذ الأمريكي في أنحاء الشرق الأوسط".
واعتبر التقرير الأمريكي، أن الصراع الداخلي في العراق يعكس الرؤى المتنافسة حول تحالفات العراق المستقبلية، ولهذا فإن الخلافات حول المهمة العسكرية الأمريكية في العراق سوف تستمر لفترة طويلة بعد انتهاء حرب غزة، موضحاً أن "انتهاء الحرب في غزة لن يدفع الفصائل المتحالفة مع إيران، إلى التوقف عن مهاجمة القوات الأمريكية أو معالجة الصراع الأمريكي الإيراني لممارسة نفوذ كبير في العراق".
سطوة الدولار
ورغم انتقاد بغداد للعمليات العسكرية الأمريكية ضد الفصائل المدعومة من إيران، إلا أن حكومة السوداني واصلت تعاونها مع جهود واشنطن لاحتواء نفوذ طهران، بحسب تقرير المعهد الأمريكي.
وذكّر التقرير، في هذا الإطار، بأن الحكومة منعت في 4 فبراير/شباط، 8 بنوك محلية من المشاركة في المعاملات بالدولار الأمريكي، وذلك بعد أيام من زيارة مسؤول كبير في وزارة الخزانة الأمريكية الذي حث العراق على بذل المزيد من الجهود لحماية النظامين العراقي والمالي من الجهات الإجرامية والفاسدة والإرهابية.
ووجد أن "الولايات المتحدة تتمتع بنفوذ لكي تجبر السلطات المالية في العراق على التعاون، ويرجع ذلك إلى حد كبير، لوجود أكثر من 100 مليار دولار من أموال الاحتياطي العراقي موجودة في حسابات الاحتياطي الفيدرالي في الولايات المتحدة".
وبين التقرير، أن "المسؤولين الأميركيين يتمتعون بالقدرة على منع العراق من الوصول إلى أمواله في حال قررت البنوك العراقية مساعدة إيران والقوى الفاعلة المدعومة من طهران في الحصول على الدولار الأمريكي".
وختم التقرير بالقول إن "التعاون المالي من جانب العراق يعكس المبدأ الأساسي لبغداد، وهو أنه برغم المشاعر العامة والمؤيدة لإيران في سياق الاضطرابات المتزايدة داخل العراق، فإن مستقبل البلد على المدى الطويل ربما يقع على عاتق الولايات المتحدة والغرب عموماً والدول العربية التي تعتبر شريكة أمنية بشكل وثيق مع الولايات المتحدة".
ترجمة: وكالة شفق نيوز