شفق نيوز/ نشرت صحيفة "لوفيغارو" الفرنسية تقريرا، تطرقت من خلاله إلى حيثيات تحول إيران إلى قوة إقليمية، حيث يمتد نفوذها من الحدود الأفغانية وصولا إلى البحر الأبيض المتوسط. والجدير بالذكر أن الصراع بين طهران والرياض قد ألقى بظلاله على دول الشام.
وقالت الصحيفة، في تقريرها إن "الولايات المتحدة الأمريكية قد قدمت بلاد الرافدين هدية لشيعة العراق بعد أن أسقطت نظام صدام حسين في سنة 2003، علما بأن إيران قد دعمت الشيعة ضد السنة. علاوة على ذلك، رفض باراك أوباما تقديم أي مساعدة عسكرية لصالح الثوار السنة في سوريا، في حين لم تتخل إيران عن المليشيات الشيعية في سوريا ولا عن الطائفة العلوية".
وأكدت الصحيفة أنه، ولأول مرة منذ إعلان قيام الجمهورية الإسلامية في إيران سنة 1979، نجحت طهران في إقامة ممر إقليمي يربطها ببغداد، مرورا بدمشق، وصولا إلى بيروت. ومن الواضح أن مخاوف العاهل الأردني إزاء نية إيران في ما يتعلق بتأسيس "هلال شيعي" منذ سنة 2004، قد تم تجسيدها على أرض الواقع.
وذكرت الصحيفة أن المعارك التي تخوضها إيران داخل هذه الدول الضعيفة، قد تكللت بنجاح كبير يصب في صالحها. وفي هذا الإطار، وظفت طهران ورقة المليشيات المحلية، التي تعد في بعض هذه الدول العربية أقوى من الجيوش النظامية نفسها. وبحسب أحد الخبراء العسكريين، فقد "عملت إيران على أن تؤسس شبكة من المقاتلين الموالين لها في الداخل بهدف فرض رقابتها دون أن تحتاج إلى إرسال قواتها إلى المكان عينه".
وينطبق الأمر ذاته على حزب الله اللبناني، الذي احتضنته إيران، والذي تأسس إبان مقاومة الغزو الإسرائيلي لبلاد الأرز في سنة 1982. علاوة على ذلك، باتت إيران تتحكم في المليشيات العراقية الشيعية، وخاصة مليشيات الحشد الشعبي التي تأسست في سنة 2014، بهدف محاربة تنظيم الدولة. ويتراوح عدد المقاتلين في صفوف مليشيا الحشد الشعبي بين 80 ألفا و100 ألف مقاتل عراقي.
وأوضحت الصحيفة أنه وعلى الرغم من أن كل المليشيات الشيعية العراقية لا تعتبر موالية لإيران، إلا أن أشهر هذه القوات على غرار منظمة بدر، ومليشيا عصائب أهل الحق، وكتائب حزب الله، على علاقة مباشرة "بفيلق القدس". والجدير بالذكر أن فيلق القدس يعد الذراع المسلحة لإيران خارج حدودها. ويدير هذا الكيان ثلة من القادة الذين يعملون انطلاقا من الأوامر المباشرة من قبل قاسم سليماني، الذي يتلقاها بدوره من المرشد الأعلى، علي خامنئي.
وأفادت الصحيفة بأن هذه السيطرة الإيرانية في مختلف هذه الدول قد تحققت على حساب الشق السني، الذي تشوبه الانقسامات الداخلية، منذ ثورات الربيع العربي، وخاصة في ظل غياب زعيم حقيقي يتولى توجيهه. ففي الواقع، لم تستعد مصر بريقها بعد، في حين سقطت العراق في مصيدة إيران، في الوقت الذي تحتكم فيه السعودية إلى توجهات ورغبات ولي العهد الشاب، محمد بن سلمان.
والجدير بالذكر أن ولي العهد السعودي كان قد استقبل رئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس في الرياض، مباشرة بعد اللقاء الذي جمعه بصهر الرئيس الأمريكي، جاريد كوشنر. وقد حث ابن سلمان عباس على ضرورة تحذير اللاجئين الفلسطينيين في لبنان من "الوقوف إلى جانب حزب الله في حال تعرض إلى هجوم أمريكي إسرائيلي". في المقابل، ومن جهته، لم يحرك الجيش الإسرائيلي أسطوله الجوي بعد للدفاع عن المملكة ضد عدوهما المشترك، ألا وهو حزب الله.
وأقرت الصحيفة بأن الطائفة السنية قد تعرضت للتهميش في كل من العراق وسوريا، ما دفعها للاعتقاد بأن تنظيم الدولة يعد الكيان الوحيد الذي تفهم نوعا ما معاناتها، علما بأن هذه المعاناة قد تعمقت من تعطش السنة للانتقام. وفي خضم الحرب الأهلية العراقية بين سنتي 2006 و2007، تعمدت إيران، من خلال حلفائها في بغداد، اغتيال طياري جيش صدام حسين الذين شاركوا في قصف طهران خلال الحرب الإيرانية العراقية.
ولسائل أن يسأل، ما الذي ترمي إليه إيران فعلا من خلال تحريك بيادقها بعيدا عن حدودها؟ في واقع الأمر، ووفقا لدبلوماسيين إيرانيين، لا يبدو أن طهران تعمل فقط على حماية مصالحها، "بل تسعى أيضا إلى استعادة أمجاد ازدهار نفوذها الإقليمي في عهد الشاه قبل سنة 1979". في الوقت ذاته، لم يستبعد بعض المراقبين فرضية محاولة طهران إعادة بناء الإمبراطورية الفارسية.
وذكرت الصحيفة أن الحضور الإيراني في المدن المقدسة العراقية، على غرار النجف وكربلاء، يغلب على الحضور العراقي ذاته. وفي هذا الإطار، صرح المرجع الشيعي العراقي في النجف، جواد الخوئي، قائلا "لقد أصبحنا محاصرين"، مشيرا إلى أن الحجاج الإيرانيين الذين يقبلون على هذه المدن العراقية الشيعية تتم حمايتهم من قبل قوات إيرانية وليس عراقية.
وفي الختام، أفادت الصحيفة أن التأثير الإيراني تجاوز حدود الشرق الأوسط. وفي هذا الصدد، ذكر دبلوماسي أممي أن "مبعوثين إيرانيين تم إرسالهم إلى تونس بهدف إقناع الحكومة بالعمل على إعادة إحياء العلاقات مع بشار الأسد".
عربي21