شفق نيوز/ رأى تقرير إسرائيلي، أن
دور العراق قد جاء لتخليصه من "النفوذ الإيراني" بعدما فاجأ سقوط نظام
بشار الأسد في سوريا قادة "محور المقاومة" الإيراني في بغداد وطهران على
حد سواء، خصوصاً أن التغيير في دمشق يعني فقدان هذا المحور جزءاً كبيراً من
"حلقة النار" التي بناها حول إسرائيل منذ نحو عقد ونصف.
وبحسب تقرير لصحيفة "إسرائيل
هيوم"، ترجمته وكالة شفق نيوز، فإن قادة الجمهورية الإسلامية يواجهون الآن
صداعا آخر، يتمثل في القلق من أن "قبضتهم على العراق ستستمر في الضعف".
وذكر التقرير العبري، أن "بغداد
في مركز الاهتمام الإقليمي خلال الأسابيع الأخيرة، حيث تجد نفسها على مفترق طرق
(هل ستنفصل عن قبضة إيران وتستخدم الظروف الجديدة لتطوير السيادة والاستقلال.. أم
أنها ستفعل العكس؟)"، مردفاً: "في الوقت الحالي، وقبل أن يتضح المسار
الذي ستختاره القيادة العراقية، يعمل المتنافسان الأمريكي والإيراني على ولائها
(قادة العراق) عبر وضع نفسيهما بشكل أكثر إيجابية للتأثير على صنع القرار في بغداد".
تفكيك الفصائل
ونبه التقرير إلى أن
"الولايات المتحدة تحاول هذه المرة بالفعل تعزيز مبادرة (غير تقليدية) لتفكيك
الفصائل الموالية لإيران، من بين أمور أخرى، حيث أفيد بأن الأمريكيين عقدوا
اجتماعين مع آية الله علي السيستاني، أعلى سلطة شيعية في العراق وربما في جميع
أنحاء العالم، لحثه على إصدار حكم ديني يدعو إلى نزع سلاح الميليشيات، لكنه رفض
الطلب الأمريكي.
ونتيجة لذلك، وجّه الأمريكيون
الآن معظم ضغوطهم نحو القيادة العراقية، وكرسوا اهتماما خاصا لهذه المسألة (تفكيك
الفصائل)، إذ تزداد المخاوف الأمريكية بسبب حقيقة أن الحكومة في بغداد طالبت
التحالف الدولي، بقيادة الولايات المتحدة في الحرب ضد داعش، بالانسحاب من البلاد
بحلول نهاية العام المقبل، وفقاً للتقرير.
وبحسبه، فالمؤكد أن الأمريكيين
"ليسوا حريصين على مغادرة العراق، حيث يوجد حاليا ما يقرب من 2500 جندي،
تاركين المسرح لممثلين آخرين، كما أنهم قلقون بشكل أساسي بشأن احتمال أن تستغل
إيران وميليشياتها الفراغ الذي سيترك في البلاد لترسيخ سيطرتهم".
ولفت التقرير الإسرائيلي، إلى أن
أمراً آخر يشغل بال القيادة الأمريكية، وهي "الخوف من أن أفراد الميليشيات
الذين فروا من سوريا بعد سقوط الأسد قد ينضمون إلى الجماعات المسلحة في العراق
ويواصلون أنشطتهم من هناك".
"تحرير بغداد"
في السياق، يدرك القادة
العراقيون جيدا الضغط الذي يمارس عليهم لـ"تغيير ميزان القوى" في
البلاد، ويبدو أن بذور الضغط الأمريكي قد أثمرت إذ توصلت بعض الفصائل إلى اتفاق مع
حكومة السوداني لوقف هجماتها على إسرائيل، بحسب تقرير صحيفة "إسرائيل هيوم".
وحذر التقرير الإسرائيلي، من
أن توقف هجمات الفصائل العراقية مؤقتاً، لا يعني أنها ستتخلى عن أسلحتها بالكامل
أو عن طيب خاطر تقلل من نفوذها في العراق، كما لا يمكن افتراض أنهم سيشاركون في
جهد شامل للإطاحة بمصالح إيران من العراق مع السماح في الوقت نفسه بزيادة النفوذ
الأمريكي والتخلي عن "مقاومتهم" ضد إسرائيل.
ورأى التقرير العبري، أن هناك
العديد من العراقيين الذين لا يرغبون في رؤية النفوذ الإيراني المستمر في بلدهم
وحتى هناك دعوات علنية إلى "تحرير بغداد"، على اعتبار أن خريطة
"الشرق الأوسط الجديد" لن تكتمل من دون تحرير بغداد من سطوة النفوذ
الإيراني، كما تم إنقاذ بيروت تقريبا وتم تحرير دمشق بالفعل.
وأشار التقرير إلى سبب آخر
يتمثل في أن الحكومة العراقية تريد تجنب تحويل البلاد إلى ساحة معركة بين إسرائيل
والميليشيات، وبالتالي تعريض نفسها لنوع الضرر والدمار الذي شوهد في دول أخرى مثل
سوريا أو لبنان أو اليمن.
وزاد التقرير: "يحتاج العراقيون أيضا إلى تكريس اهتمامهم الكامل
للتطورات في سوريا، فهناك قلق عميق في العراق من أن عدم الاستقرار خلال الفترة
الانتقالية في سوريا، بما في ذلك محاولات جماعات مثل داعش لاستغلال فراغ القيادة،
يمكن أن يعيد إشعال حرب أهلية دموية، في مثل هذا السيناريو، يخشى العراق من أن
تنتشر الاضطرابات عبر الحدود، مصحوبة بجماعات إرهابية تسعى إلى إثارة الفوضى على
كلا الجانبين وجذب جهات فاعلة أخرى إلى الصراع".
الوضع الجديد
في غضون ذلك، ومع أن الوضع ما
يزال غير واضح، يدرس العراق النظام الإقليمي الجديد ويسعى لتسجيل نقاط دبلوماسية
وإنجازات وعلاقات جديدة، ويقود هذا الجهد محمد شياع السوداني نفسه، الذي قد يرى أن
يبعد العراق عن النفوذ الإيراني وسيلة لزراعة صورة جديدة في الغرب - كلاعب رئيسي
يشكل الواقع الإقليمي الجديد، وفقاً للتقرير.
من وجهة نظر إيران، إذا وافقت
الميليشيات بالفعل على إلقاء أسلحتها، فإن هذا يمثل انتكاسة وخيبة أمل هائلة..
ويعني ذلك "انهيار جزء آخر من حلقة النار التي بناها قاسم سليماني"، ما
يعني ترك إيران مع وكيل واحد فقط متبقي يستهدف إسرائيل بنشاط وهم الحوثيون.
وشكك التقرير الإسرائيلي، في
إمكانية أن تستسلم طهران بهذه السهولة، فما يزال العراق أحد الأصول الجغرافية
الاستراتيجية لإيران، بصرف النظر عن تجاوز الحدود التركية، التي ليست دائما طريقا
موثوقا به، فإن العراق بمثابة ممر بري حاسم للعودة إلى سوريا، علاوة على ذلك، فإنه
يوفر طريقا إلى هدف آخر حددته طهران لتوسيع نفوذها في الأردن.
حسابات الدومينو
وقال التقرير العبري، إن
"إيران تعيد معايرة استراتيجيتها بعد سقوط الأسد، في محاولة لاستعادة الثقة
بين وكلائها ومؤيديها، وتخشى قيادة طهران من تأثير الدومينو، بعد الضربات الكبيرة
التي تعرض لها حزب الله وحماس، وبعد انهيار نظام الأسد في سوريا، ينظر إلى العراق على
أنه الدومينو المحتمل التالي الذي يسقط، ويمكن أن يكون الهدف النهائي على محور
المقاومة في نهاية المطاف هو النظام الإيراني نفسه".
يدفع هذا القلق طهران إلى
النظر في كيفية الحفاظ على مصالحها في العراق ومنع المزيد من الخسائر في محورها
الإقليمي، قد تسعى حتى إلى تشديد قبضتها على بغداد كتعويض عن خسارة سوريا، حيث لفت
التقرير إلى ثلاثة مسارات محتملة قد تتبعها إيران:
1- زيادة نفوذها في العراق، حتى على
حساب تنفير السكان المحليين وإلحاق الضرر بالحكومة.
2- تخلف قبضتها على بغداد كإشارة
للغرب عن استعدادها للتفاوض في عهد ترامب.
3- الحفاظ على وجود متواضع ولكن
مستقر، على أمل تعزيز مكانته في المستقبل عندما تصبح الظروف أكثر ملاءمة.
وخلص التقرير، إلى أن طهران
تستخدم وسائل الإعلام الخاصة بها لتذكير العراقيين بالدور الإيجابي الذي تلعبه
قوات الحشد الشعبي والميليشيات الأخرى في هزيمة الجماعات الإرهابية مثل داعش - وهي
نفس القوى التي يحاول الأمريكيون تفكيكها "بشكل خبيث"، مختتماً بالتساؤل
"هل سيتأثر السكان العراقيون والقيادة بمثل هذه الحجج، في الوقت الحالي؟