شفق نيوز / حث تقرير ياباني، على ضرورة الانتباه لـ"التداعيات الهائلة" لما يجري في الشرق الأوسط، والذي وصفها بـ"زلزال جيوسياسي" لم يسبق له مثيل في المنطقة، رجح أن يؤثر على اليابان وغيرها من الدول الآسيوية كالصين.
نفط المنطقة
صحيفة "نيكي أسيا" اليابانية، وفي تقرير لها ترجمته وكالة شفق نيوز، أشارت إلى أن "العديد من الدول الآسيوية تعتمد بشكل كبير على نفط الشرق الأوسط لتلبية احتياجاتها من الطاقة، لافتة بالوقت نفسه إلى أن اليابان مثلا تشتري أكثر من 90٪ من النفط المستورد من المنطقة.
وأوضحت الصحيفة اليابانية، أن "الصين وكوريا الجنوبية تتلمسات وجود فرص استراتيجية جديدة المنطقة، لا سيما بعد زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ، إلى السعودية وتوقيعه عقد شراكة استراتيجية شاملة في مجالات الطاقة والتكنولوجيا المتطورة وغيرها، وتبعه في الشهر التالي، رئيس كوريا الجنوبية يون سوك يول، بزيارة إلى الإمارات التي وافقت على استثمار 30 مليار دولار في 13 مشروعا كورياً جنوبياً في مجالات مثل الطاقة والدفاع والفضاء".
العرب وإسرائيل
ونوهت الصحيفة، إلى أن "المشهد الجيوسياسي بدأ يتغير حيث تطور بعض الدول العربية الآن شراكات مع اسرائيل، ليس فقط في التجارة ولكن في المجال الأمني أيضاً، وأن الامارات هي التي تقود هذا الاتجاه من خلال شراكة أمنية واسعة مع اسرائيل".
وذكرت أن الامارات قامت بالاتفاق مع اسرائيل على تركيب نظام الدفاع الجوي الاسرائيلي "باراك 8" بالقرب من ابو ظبي، وهو نظام بمقدوره اسقاط الصواريخ والطائرات المسيرة.
ولفتت الصحيفة اليابانية، إلى "توسع العلاقات الاستخباراتية لاسرائيل مع دول عربية، حيث زار في هذا الاطار رئيس الموساد البحرين هذا الشهر ووقع اتفاقية للتعاون"، مبينة أن "بعض عملاء الموساد يعملون بالفعل داخل البحرين ويتبادلون المعلومات العسكرية الحساسة مع جهاز استخباراتها بحسب ما قال مسؤول بحريني".
وتابعت بالقول إن هذه التطورات هي من نتائج "اتفاقيات ابراهيم" بوساطة الرئيس الامريكي السابق دونالد ترامب، والتي قادت الى سلسلة اتفاقيات لإقامة علاقات دبلوماسية وتطبيع مع عدة دول عربية.
الجيوسياسية
في هذا الضوء، نبهت الصحيفة، إلى عوامل جيوسياسية بحسب الخبراء، يربطان ما بين اسرائيل وبين بعض الدول العربية، وهي "ما تمثله ايران من تهديد لطرفين كعدو مشترك، حيث تعمل على تطوير اسلحة نووية وتوسع نفوذها في الشرق الاوسط من خلال الاستفادة من الاوضاع المضطربة في سوريا والعراق".
ونقلت الصحيفة، عن مؤسس ورئيس مركز الخليج للابحاث عبد العزيز صقر، قوله "ما زلنا نعاني اليوم من التهديد الحقيقي الخطير من ايران"، مشيرا الى التهديدات المتعلقة بالامن البحري والطاقة، فيما تقوم ايران "باستخدام الطائفية كأحد أبعاد دعم الميليشيات".
وثمة عوامل جيوسياسية أخرى وراء التقارب الاسرائيلي العربي المتزايد، ومنها "التحول في التركيز الاستراتيجي للولايات المتحدة على آسيا، بعدما سحبت قواتها من أفغانستان وأنهت المهمة العسكرية لها في العراق في نهاية العام 2021، وهو اتجاه للتركيز نحو آسيا يثير احتمال تقليل واشنطن من اهتمامها باحتواء إيران، الأمر الذي اثار قلقاً إسرائيلياً وعربياً بشكل كبير".
ونقلت الصحيفة أيضاً، عن رئيس برنامج الدراسات العليا الدولية في دراسات الأمن القومي في جامعة حيفا في إسرائيل دان شوفتان، قوله "بدلا من التفكير بطريقة استراتيجية، كان رد فعل الولايات المتحدة خاطئا وفشلت في الشرق الأوسط".
عدو قديم
واعتبر الصحيفة اليابانية، أن "الشرق الأوسط دخل حقبة معركة قاسية، أو فترة الدول المتحاربة، فيما هناك عدد متزايد من اللاعبين في المنطقة على استعداد للتعاون مع عدو قديم (اسرائيل) إذا كان ذلك يساعد في ضمان بقائهم".
وفي هذا الإطار، تحدثت الصحيفة عن السعودية، التي وصفتها "مفتاح مستقبل المنطقة"، وتنظر في الوقت نفسه إلى إيران بعين الشك، إلا أن الرياض تجد أن من الصعب عليها تطبيع علاقتها مع إسرائيل قبل تحقيق حل شامل للقضية الفلسطينية أولا.
ومع ذلك، ذكرت الصحيفة في تقريرها، أن السعودية لم تحاول منع الدول العربية الاخرى من تعزيز علاقاتها مع اسرائيل، كما انها قررت في أيلول/سبتمبر 2020، السماح للرحلات الجوية بين اسرائيل والامارات بالمرور فوق أراضيها".
ونقلت الصحيفة اليابانية، عن رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق ايهود اولمرت، قوله إن "إسرائيل والسعودية تعودتا على إجراء اتصالات في الماضي، وما زلنا على اتصال بها، واعتقد عاجلاً أم آجلا، سيكون هناك انفراج".
مخاوف شرق آسيوية
الى ذلك، نبهت الصحيفة اليابانية، في تقريرها إلى أن "هذه الأوضاع تخلق الفرص والمخاطر في آن واحد، أمام الدول الآسيوية التي تعتمد على النفط من الشرق الأوسط".
وأوضحت الصحيفة، أن "الجانب الإيجابي، يكمن في تخفيف التوترات وظهور فرص عمل واستراتيجية جديدة، وهو ما دفع بالفعل قادة الصين وكوريا الجنوبية للقيام بزيارات الى المنطقة لتعزيز التعاون مع الدول العربية".
وبشأن المخاطر، رأت الصحيفة أن "الديناميكيات المتغيرة في الشرق الأوسط بإمكانها أن تخلق مخاطر أمنية جديدة، خصوصا إيران التي قد تنحو باتجاه تسريع تطوير برامجها النووية والصاروخية كرد على التقارب الإسرائيلي العربي، وهو ما من شأنه ان يعزز فرصة وقوع صدام عسكري بين العرب وإيران".
واختتمت الصحيفة، تقريرها بقول مسؤول ياباني كبير، إن "المصالحة بين إسرائيل والدول العربية مرحب بها، إلا أن تفاقم المواجهة مع إيران، يعني تزايد التوترات في الشرق الأوسط"، لافتاً إلى أن "أسوأ السيناريوهات، هو انتشار الأسلحة النووية، التي قد تؤدي إلى نشوء وضع خطير فعلياً".