شفق نيوز/ حذر معهد "المركز العربي في واشنطن" الأمريكي من الاكتفاء بمشاعر الارتياح إزاء وضع تنظيم داعش حاليا في كل من العراق وسوريا، في حين تزداد الأمور تعقيدا بسبب المفاوضات بين الحكومتين الأمريكية والعراقية حول مستقبل القوات الأمريكية، مقترحا عدة توصيات للإدارة الامريكية، بما في ذلك الابقاء على قوة امريكية في العراق للسنوات المقبلة.

وقال المعهد الامريكي ان تنظيم داعش يستغل اهتمام العالم بالصراعات الحالية بين اسرائيل وحماس وبين اسرائيل وحزب الله اللبناني، من اجل اعادة تشكيل صفوفه في العراق وسوريا، في وقت يحذر القادة العسكريون الأمريكيون من أن هجمات التنظيم ستتضاعف في العام 2024، مقارنة بتلك التي شنها في العام 2023.

واعتبر التقرير أن الصراعات العرقية بين الكورد في قوات سوريا الديمقراطية (قسد) ورجال العشائر العربية، والظروف الاقتصادية السيئة، ودعم الحكومة السورية والتركية للعناصر المعارضة لقوات "قسد"، في هذا الإحياء الجديد للتنظيم.

ونبه التقرير الى ان الالاف من مقاتلي داعش الأجانب الذين لم تتم استعادتهم وعائلاتهم في سجون قوات "قسد"، بالاضافة الى هجمات داعش الأخيرة في سلطنة عمان وإيران، يجب ان تزعزع ارتياح المجتمع الدولي حول وضع التنظيم الإرهابي.

وبعدما ذكر التقرير بصعود داعش ثم تشكيل التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، قال انه "من المؤكد أن هزيمة داعش على الأرض كانت بمثابة انتصار كبير للتحالف، الا ان التنظيم لم يختفِ تماما، موضحا ان برغم مقتل الآلاف من مسلحي التنظيم، الا ان عدة الاف من المقاتلين هربوا من المطاردة و اندمجوا مع بعض المجتمعات المحلية أو لجأوا الى الصحراء حيث تعتقد القيادة المركزية "سينتكوم" ان هناك حوالي 2500 مقاتل من داعش ما زالوا طلقاء في سوريا والعراق حاليا، علما بأن العدد الفعلي قد يكون أكبر من ذلك.

وفي حين لفت التقرير الى ان احصاءات "سينتكوم" تشير إلى ان داعش نفذ

153 هجوما في سوريا والعراق خلال الاشهر الخمسة الاولى من هذا العام، نقل عن الباحث تشارلز ليستر قوله إن: عدد الهجمات في الواقع أعلى بكثير لان التنظيم لم يعد يعلن عن الهجمات التي يشنها كافة.

واشار التقرير الى ان الضباط الامريكيين على الارض يرصدون تزايدا في انشطة داعش وقدراته. ونقل عن أحد الضباط قوله إن "ما نراه هو حركة الرجال والاسلحة والمعدات".

واعتبر التقرير ان داعش كان ماهرا في استغلال فرص مثل الحرب الاهلية السورية وهجوم رئيس مجلس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي على السنة في الفترة 2013-2014، مضيفا ان داعش رأى منذ 7 تشرين الاول/اكتوبر، فرصة لتكثيف هجماته. وبالاضافة الى ذلك، استفاد التنظيم من الصراع العرقي المتزايد بين العشائر والكورد في قوات سوريا الديمقراطية، والتي قام النظام السوري بتأجيج بعضها والتحريض عليها، مضيفا أن قيام الحرس الثوري الايراني وحزب الله اللبناني بمساعدة رجال العشائر السنة، يكشف حجم تعقيد الصورة الامنية وارتباكها في شرق سوريا.

وتابع التقرير ان تنظيم داعش يرى ان هذه الاشتباكات العربية الكوردية تصب في مصلحته، لأنها تشتت الاهتمام والموارد عن الحملة التي تشنها قوات "قسد" ضده، مضيفا في الوقت نفسه فإن الضربات التركية ايضا تؤدي الى اضعاف "قسد".

الى ذلك، حذر التقرير من أنه "ما يزيد الامور تعقيدا، هي المفاوضات بين الحكومتين الامريكية والعراقية حول مستقبل القوات الاميركية والتي كانت جاءت في العام 2014 للمساعدة في الحرب ضد داعش، مضيفا انه برغم ان وفدا حكوميا عراقيا جاء الى واشنطن في يوليو/تموز الماضي لمواصلة المفاوضات، إلا أنه تم تأجيل الاعلان عن موعد نهائي للقوات الامريكية في منتصف أغسطس/آب بسبب ما أطلق عليه "التطورات الاخيرة"، وهو ما يعني على الارجح التهديد بحرب أوسع نطاقا، بعد اغتيال اسرائيل لزعيم حركة حماس اسماعيل هنية في طهران.

واضاف التقرير انه في ظل سعي داعش لاعادة تشكيل نفسه، فان الانسحاب العسكري الامريكي من العراق، قد يعرض العمليات المناهضة للتنظيم الإرهابي للخطر، مردفا ان مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية احترموا الحساسيات العراقية، إلا أنه ربما لا يشعرون بالانزعاج من تعليق المفاوضات، وذلك في ظل استئناف هجمات الميليشيات الموالية لإيران على القوات الامريكية، بالاضافة الى وجود جهود داعش لإعادة إحياء نفسه.

توصيات للسياسة الأمريكية

وذكر التقرير أنه لم يكن هناك نقاش يذكر في الولايات المتحدة حول عودة ظهور تنظيم داعش في سوريا والعراق ووجود القوات الامريكية في كلا البلدين، مضيفا أنه مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الاميركية، فان تركيز السياسة الخارجية كان منصبا بشكل أساسي على حرب غزة وأوكرانيا.

وتابع التقرير انه بغض النظر عن الفائز في الانتخابات الامريكية، فانه يتحتم عليه ان يولي الاهتمام للتهديد الذي يمثله داعش، حتى لو كان الفائز هو الرئيس السابق دونالد ترامب الذي اراد سحب الجنود الأمريكيين كافة من سوريا في 2018-2019.

ولفت التقرير إلى أنه من دون وجود الجنود الأمريكيين الـ900 في سوريا، فإنه من المرجح ان ينتعش داعش بشكل اسهل لان قوات "قسد" ستكون في وضع أضعف بكثير لتكون قادرة على مواجهته.

وتابع التقرير أنه في حال انسحبت الولايات المتحدة من شمال شرق سوريا، فإنه ستكون هناك فرصة جيدة لان تغزو تركيا لتدمير الكيان الذي يقوده الكورد، وهو ما سيصب في مصلحة داعش.

لكن التقرير دعا قوات "قسد" الى السعي للمصالحة مع العشائر العربية في دير الزور، حتى لا يظل ينظر اليها على انها متسيدة على المناطق التي تسكنها اغلبية عربية او انها تستغل مواردها الاقتصادية.

أما بالنسبة للعراق، فقد قال التقرير انه برغم ان داعش ليس قويا مثلما هو الحال في سوريا، إلا انه من المرجح ان تكون هناك حاجة الى قوة امريكية باقية (أصغر مما هو موجود في العراق حاليا) خلال السنوات المقبلة، وذلك من اجل الاستمرار بتطوير قدرات الجيش العراقي واحتواء تنظيم داعش في كل من العراق وسوريا.

كما دعا التقرير المجتمع الدولي الى القيام بعمل أفضل في التعامل مع مقاتلي داعش المسجونين وعائلاتهم وعدم تأجيل القضية، وبذل جهود إضافية من اجل إعادة إعمار المدن المدمرة بسبب الحملة ضد داعش، حيث ان الظروف الاقتصادية الرديئة تساهم في تغذية حملة التجنيد التي يقوم بها التنظيم.

وختم التقرير الأمريكي بالقول إن آخر ما يحتاجه الشرق الأوسط المضطرب هو عودة تنظيم داعش بالكامل مجددا وسيطرته على أجزاء كبيرة من الأراضي والناس بايديولوجيته وأساليبه البالغة الخطورة.