شفق نيوز/ الكمين المركب الذي نفذه مسلحو تنظيم داعش وأوقع 13 قتيلا من عناصر الشرطة الاتحادية قبل يومين، يجدد طرح التساؤلات المهمة عن أسباب استمرار الثغرات الامنية الفضفاضة التي تتيح للارهابيين توجيه ضربات قاتلة للقوات الامنية، من دون ان تتحرك السلطات السياسية بقدر كاف من الجدية والحزم، لإنهاء هذا الخطر المتمادي.
وتشير التقديرات الى وجود نحو مليوني عنصر أمني في الجيش والشرطة والأمن الوطني والحشد الشعبي والاستخبارات وجهاز مكافحة الإرهاب، ويخصص لهم نحو 19 مليار دولار وفق الميزانية الاخيرة للعراق، من دون ان يشمل ذلك المساعدات العسكرية المباشرة التي تتلقاها هذه الأجهزة من دول صديقة وحليفة.
وفي ظل هذه الحقائق، يصبح التساؤل ملحا أكثر ويحتاج الى اجابات اكثر مصداقية عن المسؤولين الفعليين عن استمرار هذه الفجوات الامنية "الشاذة" التي يقول بعض المسؤولين السياسيين والأمنيين، ان بالإمكان التخلص منها، لو اتخذت قرارات جادة من جانب حكومة مصطفى الكاظمي، خاصة على صعيد إيلاء المسؤوليات الى قيادات عسكرية جديدة وجدية، وتوفير التسليح الملائم لها، واظهار التعاون المباشر والمنسق مع قوات البيشمركة على قاعدة ان "اهل مكة أدرى بشعابها".
وسبق ان حذر مسؤولون وقيادات عسكرية من المساحات النائية التي تتحرك فيها خلايا نائمة لتنظيم داعش في مناطق قرة جوخ ووادي النفط وابو خناجر والشاي وزغيتون وامتداد جبال حمرين، وتتيح لها استهداف كركوك المحاذية لمحافظتي صلاح الدين وديالى اللتين كانت معقلين مهمين لداعش قبل الحاق الهزيمة بها.
ولهذا فان التساؤل الاساسي يتعلق بالجهات المستفيدة من السماح باستمرار وجود الثغرات الامنية في محافظة كركوك. لكن المشكلة انه يتم التراشق بالاتهامات بالمسؤولية التي تستهدف قيادات سياسية وعسكرية واستخباراتية، من دون ان تبادر الحكومة الاتحادية في بغداد الى حسم هذا الملف الامني المتفجر، برغم مسؤوليتها المباشرة خاصة منذ ان فرضت قوات من الجيش والحشد الشعبي سيطرتها المباشرة على كركوك في العام 2017 خلال مرحلة الخلاف السياسي الذي احتدم وقتها مع قيادة اقليم كوردستان.
وأقرّ محافظ كركوك راكان سعيد الجبوري بأن طرق مواجهة الارهاب في المحافظة "خاطئة" مطالبا بانعقاد جلسة طارئة لمجلس الامن الوطني على خلفية هجمات ناحية الرشاد، جنوب كركوك، والتي اوقعت 13 قتيلا في هجوم داعشي بدأ بإطلاق نار على حاجزا للشرطة الاتحادية وتبعه تفجير ثلاث عبوات ناسفة استهدفت رتلا لقوات كانت متوجهة للمساندة في صد الهجوم.
وقال الجبوري في مؤتمر صحافي إن "الوضع الامني مشخص من قبل اللجنة الامنية العليا منذ فترات طويلة، وهناك مساحات واسعة غير مغطاة وارسلنا كتباً رسمية بذلك وطرحنا جزءا من هذه المناطق التي تعاني الخلل والحلول لها. وأضاف أن "هناك مناطق في قرة جوخ ووادي النفط وأبو خناجر والشاي وزغيتون وامتداد جبال حمرين، يستغلها الارهاب لحركته وهي تحتاج تدخلا مباشرا من رئيس الوزراء ووقفة جادة لإيقاف الاستنزاف والاستهداف".
ومن جهته، قال عضو مجلس النواب عن محافظة كركوك خالد المفرجي في تصريح لوكالة شفق نيوز، انه يعتقد ان "الاستهداف الامني من قبل الجماعات الارهابية سيتكرر ليس في كركوك وإنما في محافظات اخرى مثل صلاح الدين والانبار وديالى ونأمل ان لا يستغل ذلك سياسيا، لكن ومما لا يختلف عليه ان هناك جيوبا تتخذها عصابات داعش ملاذات لها او نقاط تمركز لانطلاق أعمالها الإرهابية واستهداف السكان وزعزعة أمن المحافظة".
ولفت الى ان الخلايا النائمة لداعش قد تصعد تحركها نظرا لقرب موعد الانتخابات العراقية في أكتوبر المقبل، مضيفا ان "كركوك من المحافظات التي كانت تسجل مشاركة واسعة في الانتخابات النيابية طوال السنوات الماضية واعتقد ان ما حصل لن يغير من عزم اهالي كركوك في اختيار من يمثلهم".
وحذر المفرجي من أن "بعض الاطراف تحاول الاستفادة من التصعيد الامني في تنفيذ أجندتها من من خلال المطالبة باستقدام قوات امنية من خارج المحافظة وتحديدا من اقليم كوردستان والأهداف في ذلك واضحة الا وهي تغيير المسار الإداري لبعض النواحي والاقضية ".
من جهته، دعا رئيس الجبهة التركمانية ارشد الصالحي الى ارسال تعزيزات عسكرية الى كركوك، وتابع "لن نقبل اشراك اي قوة اخرى لتامين محافظة كركوك الا القوات الاتحادية".
الا ان القاضي عماد الصكر وهو احد وجهاء محافظة كركوك، قال في اتصال مع وكالة شفق نيوز ان "هناك اكثر من سبب يقف وراء تصعيد الاحداث الامنية في كركوك ويمكن للمراقب للاوضاع ان يلاحظ ان التصعيد الامني عادة ما يستهدف المناطق الممتدة على الشريط الحدودي للمحافظة المشترك مع محافظات الاقليم وصلاح الدين وديالى وبالتالي هي رسالة تحذيرية لتلك المدن بإمكانية استهدافها جراء الصراع او النزاع في الاختصاص الامني الذي عادة ما يولد فراغا تستغله داعش لمصلحتها".
ولفت الى ان القوات الامنية التي تتولى حماية الحدود الادارية بمحافظاتها المشتركة مع كركوك كل منهم يلقي باللوم او المسؤولية الامنية على الاخر. واشار على سبيل المثال، الى ما جرى أمنيا في مدينة الرشاد غير المأهولة مؤخرا حيث ان كل جهة تلقي باللوم على نظيرتها في المحافظة المجاورة.
وذكر عماد الصكر بان "كركوك تشترك بالحدود الادارية مع محافظات ديالى وصلاح الدين وسليمانية، وانه لو تم احتساب المساحة المشتركة الممتدة بين تلك المحافظات لوجدنا انها اكبر من حوض سهل نينوى وبالتالي هي ساحة مفتوحة للصراع الامني".
كما حذر من ان بعض الاحزاب السياسية المستفيدة من توتر الاوضاع ولهذا تسعى وتحث على التصعيد لتمنع تنفيذ المشاريع التي تخدم سكان المحافظة وتتحول الى مشاريع تخدم مصالح تلك الاحزاب فقط.
وقال مصدر مطلع لوكالة شفق نيوز ان "اجندات اقليمية تتبناها اطراف سياسية متنفذة في المحافظة هدفها خلط الاوراق واشاعة الفوضى في المحافظة ليصار الى اعادة تعريف هويتها وفق ديموغرافيتها المستحدثة".
وتابع "الخروق الامنية تتحمل مسؤوليته كل الجهات الامنية المشتركة بادارة ملف ضبط امن المحافظة، فمن غير المعقول إسناد أمنها لقيادات اقل ما توصف بانها متهمة بقتل الاف من المتطوعين ايام سقوط الموصل بيد داعش الارهابي، ومن هنا نطالب القاًئد العام بتغيير القيادات الامنية المعنية بأمن كركوك، لان القادم اخطر وقد يقع ما لايحمد عقباه".
الدور الكوردي
قال النائب عن الاتحاد الوطني الكوردستاني بيستون زنكنة لوكالة شفق نيوز ان "انسحاب البيشمركة والاسايش من ملف ضبط امن كركوك كان له اثر بل ترك فراغا واضحا حيث ان اطراف حدود مدينة كركوك تحتاج لتواجد قوات امنية كبيرة فالحدود الممتدة لجبل حمرين وعمقها يتطلب تضافر الجهود الامنية المشتركة من باب ان اهل المدينة ادرى بشعابها ونقاطها الرخوة التي قد تستغلها داعش".
وبعدما اشار الى انها ليست المرة الاولى التي تستغل داعش الثغرات الامنية ولن تكون الاخيرة، قال زنكنة انه "طالبنا مرارا بأن يكون تواجد البيشمركة الاسايش كما كان معمولا به قبل ان يصار الى انسحاب الاخيرين من ضبط امن المحافظة في اكتوبر 2017 .
وتابع ان "انسحاب البيشمركة الاسايش وبالتنسيق مع الجيش والشرطة العراقية الذين كانوا يحكمون سيطرتهم على الحدود الجنوبية الشرقية للمحافظة وانسحاب القوات الكوردية اوجد فراغا امنيا واضحا ومع الاسف رغم مطالباتنا الكثيرة باعادة القوات الكوردية للمحافظة لكن لم نجد اذان صاغية خلال اجتماعاتنا مع القيادات الامنية انذاك، وبرغم ذلك نجدد مطالبنا بتشكيل لواء من ابناء كركوك وضمهم ضمن تشكيلات الدفاع والداخلية لمنع تكرار استهداف كركوك خاصة مع اقتراب موعد الانتخابات المزمع إجراؤها في اكتوبر".
واضاف ان "اي خلل في الملف الامني تتحمله كل الجهات الماسكة بملفها الامني ".