شفق نيوز/ مع ارتفاع درجات الحرارة وقرب حلول فصل الصيف، يلجأ الكثير من العراقيين إلى السباحة في الأنهر والمناطق المفتوحة غير المؤهلة صحياً، ما يعرضهم للإصابة بالكثير من الأمراض المعوية والجلدية، خاصة في ظل قلّة المياه وكثرة الملوّثات التي تصبّ في الأنهر، ما يجعلها غير صالحة بيئياً للسباحة فيها.
وتعد السباحة في الأنهر بالعراق من أخطر أنواع السباحة، كما هو الحال في بقية دول العالم، وذلك لأنها تُعرّض أصحابها إلى الكثير من المخاطر وإن لم يكن الغرق فهي المشاكل الصحية الخطيرة، ما يدفع بالحكومات إلى منع هذه السباحة.
ويعمد مواطنون في مختلف المحافظات العراقية إلى السباحة في الأنهر بسبب انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة خلال فصل الصيف، كما هو الحال مع المواطن حسن سجاد من أهالي محافظة كربلاء الذي أوضح لوكالة شفق نيوز، أن "الذهاب إلى المسابح مُكلف مادياً لذلك، فنضطر إلى السباحة في الأنهار والشواطئ بسبب الجو الحار"، مؤكدا "ليس لدينا غير هذا الحل لتبريد أجسامنا".
حوادث غرق
في هذا الصدد، أشارت مديرية الدفاع المدني إلى أن أعداد الحوادث تكثر خلال فصل الصيف، لذلك تصدر المديرية كل عام وقبل حلول هذا الفصل إرشادات للحد من حصول الحوادث إلى أقل عدد ممكن، وفق مدير علاقات وإعلام المديرية العميد جودت عبدالرحمن.
ودعا عبد الرحمن خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، المواطنين إلى ضرورة الالتزام بوصايا مديرية الدفاع المدني، أبرزها "تجنب السباحة في الأنهر، وإن كان لابد فاختيار الأماكن الآمنة التي سبق وأن تم السبح فيها، وتوفير مستلزمات السلامة في المسابح، وإرشاد روّاد المسابح بتعليمات وأعماق المسبح".
انخفاض المناسيب
ويؤكد مختصون أن مياه الأنهر غير صالحة للسباحة فيها من الناحية البيئية، بسبب "كثرة الملوّثات التي تصبّ في نهري دجلة والفرات وفروعهما عموماً، ومن هذه الملوّثات مياه المجاري، ومخلّفات المستشفيات، والمياه الآسنة، ومياه الأمطار، والمياه التي تأتي من الدور السكنية، ويُقدّر ما يرمى يومياً في الأنهر من ملوّثات أكثر من 500 متر مكعب، إن لم يكن طن".
وقال رئيس مؤسسة روافد لتطوير وحماية الأحياء المائية، حاتم عبد الكريم الحمداني، للوكالة، إن "انخفاض مستوى مياه الأنهر يزيد من خطورة مياهها وحجم كمية الفضلات التي ترمى فيها، ما يساعد على انتشار الأمراض".
وتابع: "إذا كان ارتفاع مياه النهر 8 أمتار سابقاً، فقد انخفض حالياً إلى 5 أمتار أو أقل، ما يزيد من تلوّث المياه، وسابقاً كان العمق الذي يجعل مياه النهر صالحة للسباحة تقريباً 15 متراً، لضمان انخفاض الترسبات للأسفل وبقاء المياه الصالحة في الأعلى".
وأضاف الحمداني: "بناءً على ذلك، فإن مياه الأنهر غير صالح للسباحة فيها من الناحية البيئية هذا الصيف، نتيجة لقلّة المياه والجفاف، ولكثرة مصبّات المياه الآسنة في الأنهر".
وأشار إلى أن "وزارة البيئة وأمانة العاصمة لم تأخذا دورها حتى الآن في منع مصبّات المياه الآسنة، وعلى هذين الجهتين أن تحذيا حذو وزارة الموارد المائية في ازالة البحيرات المتجاوزة، ومنع استخدام مياه الأنهر كمصبّ للنفايات".
خطر الأنهر
بدوره، عدّ الخبير البيئي، أحمد صالح، السباحة في الأنهر "من أخطر أنواع السباحة، على خلاف السباحة في الأهوار والبحار التي تكون مياهها ساكنة (لا جريان فيها)".
وزاد صالح خلال حديثه للوكالة بالقول: "رغم وجود شحّة مائية هذا العام، إلا أنها لا تمنع من جريان المياه - وإن كانت قليلة - بدرجة سريعة داخل حوض النهر، وأن اكتاف النهر هي منطقة محصورة تسمح بتدفق المياه سريعاً ما قد يعيق ويعرقل حركة السبّاح، وقد يؤدي ذلك إلى غرقه".
مشكلات صحية
من جهته، أكد الطبيب المختص في طب الأسرة، عمار حسين، أن "الأنهر والمناطق المفتوحة غير مؤهلة صحياً للسباحة فيها، إذ تكون معرّضة للكثير من الأمراض المعوية منها الدزنتري (البكتيري أو الطفيلي)، والبلهارسيا، والكوليرا، والتيفوئيد، وهذه الأمراض معدية وتنتقل عن طريق شرب المياه الملوّثة".
ولفت حسين، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "هناك أمراضاً أخرى التي هي الأمراض الجلدية التي قد تنتقل نتيجة تلامس الجلد مع المياه الملوّثة، مثل أمراض الفطريات المزعجة، وبعض الأمراض الأخرى التي قد يعاني منها المريض لفترات طويلة".
وأوضح، أن "المياه المتحركة مثل الأنهر تقلّ فيها نسبة الأمراض مقارنة بالمياه الراكدة التي تكون أكثر عرضة للتلوّث وللكثير من الأمراض، منها ما ذُكر أعلاه وكذلك مرض الملاريا الذي ينقله البعوض من بيوض الحشرات المنتشرة في المستنقعات والبرك الثابتة، لذلك المياه الراكدة أكثر عرضة لنقل الأمراض المعوية".
وشدد الطبيب المختص في ختام حديثه على ضرورة "التوجه إلى المسابح المغلقة أو المفتوحة التي تتوفر فيها الشروط الصحية والمواد المطهّرة القاتلة للجراثيم، لتقليل احتمالية التعرّض للأمراض المعوية أو الجلدية".