شفق نيوز/ استعرض موقع بريطاني، اليوم الجمعة، مسيرة المصالحة الجارية بين إيران ومصر، بوساطة عراقية، وفيما بيّن أن هذه المصالحة تمر بتحديات أمنية وسياسية بما فيها الخلاف حول "أسماء شوارع"، أكد أن البلدين على استعداد لفتح صفحة جديدة، مع الحديث عن احتمال إعادة فتح السفارتين في طهران والقاهرة.
وقال موقع "ميدل إيست آي" البريطاني في تقرير ترجمته عن مصادر عراقية وترجمته وكالة شفق نيوز إن "ممثلين عن مصر وإيران يعقدون اجتماعات في العراق منذ شهر آذار/مارس بوساطة من بغداد، حيث تناولت المحادثات التوترات القائمة في اليمن ولبنان وسوريا، واحتمال عقد لقاء بين الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والرئيس الإيراني ابراهيم رئيسي".
وبعدما ذكّر التقرير بتصريح المرشد الاعلى اية الله علي خامنئي الاثنين الماضي خلال استقباله سلطان عمان، بأن "طهران ترحب بتحسين العلاقات الدبلوماسية مع مصر"، اوضح التقرير انه "بعد تطبيع العلاقات بين إيران والسعودية، سيكون من المرجح استمرار المفاوضات بين طهران والقاهرة بجدية أكبر".
ولفت التقرير إلى أن "حدة التوترات قد تراجعت بعد عودة سوريا الى الجامعة العربية واحتمال السلام بين السعوديين والحوثيين في اليمن".
ونقل التقرير عن عضو لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني فدا حسين مالكي قوله ان "المفاوضات الجارية في العراق، تتسم بالإيجابية"، مشيراً إلى أن "العلاقات بين طهران والقاهرة ستستأنف قريبا، مع اعادة فتح سفارتي البلدين".
وبحسب التقرير فإن "أهداف السياسة الخارجية لإيران خلال عهد رئيسي تركز على سياسة الجوار والتطلع الى الشرق والعلاقات العالم الاسلامي"، مشيراً إلى أن "الانخراط في علاقات أقوى مع مصر سيتيح لإيران الحصول على نفوذ أكبر في العالم العربي وتعزيز العلاقات مع دول الجامعة العربية، خصوصا بالنظر الى التأثير الاقتصادي الهائل للسعودية على مصر"، مذكرا بأن "طهران كانت بدأت بتطبيع علاقاتها مع الرياض، هي الآن حريصة على بدء العلاقات مع القاهرة".
عقبات رئيسية
وذكر التقرير بـ"تصريحات اذاعية لوزير الخارجية المصري سامح شكري مؤخراً قام خلالها بتقييم التطورات بين ايران والسعودية بوصفها مهمة"، قائلاً إن "مصر ستتخذ خطوات بناء على تقييم هذه التطورات".
ولفت التقرير إلى أنه "بالنسبة لمصر، فإن أمن شبه الجزيرة العربية هو خط أحمر"، مذكراً بـ"تصريح للرئيس السيسي في تشرين الثاني/نوفمبر 2018، قال فيه إن مصر لن تسمح بتقويض أمن الخليج وأن الجيش المصري سيحمي الاشقاء من أي تهديد مباشر".
لكن التقرير لفت إلى "وجود العديد من العوامل الداخلية والخارجية كعقبة أمام اقامة العلاقات بين البلدين، مضيفاً أنه "من وجهة نظر مصر والولايات المتحدة وبعض دول الخليج بالإضافة الى اسرائيل، فانها تحول دون تطبيع العلاقات بين القاهرة وطهران".
وأشار إلى أن "بعض المتشددين في طهران يعتقدون أن اقامة علاقات مع مصر ستكون بمثابة خيانة للقضية الفلسطينية وقبولا ضمنياً باتفاق كامب ديفيد مع اسرائيل، واستسلاما للمطالب المصرية، مثل تغيير اسم (شارع خالد الإسلامبولي) في طهران، ولهذا فإنهم يعتقدون انه في مقابل تغيير اسم هذا الشارع الايراني، يتحتم على مصر ايضاً ازالة علم النظام السابق لمملكة إيران من قبر الشاه وازالة اسم بهلوي من أحد شوارع القاهرة".
ولفت إلى أنه "بعد عملية التطبيع بين الرياض وطهران، قامت إيران بتغيير اسم شارع الشيخ نمر الذي سمي على اسم رجل الدين الشيخ نمر النمر الذي اعدمته السعودية في العام 2016 وهو من الشوارع التي تقود الى شارع القنصلية السعودية في مدينة مشهد الإيرانية، وكان من بين أسباب قطع العلاقات بينهما".
ولهذا، يعتبر التقرير انه "هناك سابقة لاعادة تسمية شارع خالد الاسلامبولي".
إلى ذلك، رأى التقرير أنه "في ظل تخفيف التوتر بين إيران وجيرانها الخليجيين، مع امكانية ان تصبح الولايات المتحدة أقل معارضة للتطبيع مع أخذها بالاعتبار تبدل نمط التفاعلات الإقليمية والتحول في سياسة الولايات المتحدة من الشرق الاوسط الى التركيز على الصين والحرب في أوكرانيا"، أشار إلى أن "واشنطن كانت رحبت بتطبيع العلاقات الايرانية السعودية حتى برغم انها جرت بوساطة الصين".
وتابع التقرير ان "الوضع الاقتصادي في ايران سيء لدرجة ان المتشددين في طهران، سيكونون مستعدين لتقديم تنازلات لمصر في حال كان ذلك يساهم في تشتيت انتباه الناس عن القضايا الداخلية".
وفي هذا الإطار، تناول التقرير "حوافز الاقتصاد التي تشجع بدء العلاقات، حيث ان العملة الوطنية شهدت تراجعا بمقدار 14 ضعفاً منذ انسحاب دونالد ترامب من المحادثات النووية في العام 2018، فيما يبلغ معدل التضخم حوالي 50%".
أما في مصر، فان ديونها الاجمالية بلغت مع نهاية السنة المالية 2020/2021، حوالي 392 مليار دولار، بينها 137 مليار دولار كديون خارجية، وهو أعلى بأربعة أضعاف مما كان عليه في العام 2010 (33.7 مليار دولار). كما تضمنت 255 مليار دولار من الديون الداخلية، أي ما يقرب من ضعف الدين المحلي في العام 2010".
ولفت الى ان "ايران تسعى الى تخطي آثار العقوبات الامريكية من خلال التصدير الى الدول المجاورة، ولهذا تعتبر مصر فرصة جيدة لتصدير السلع الاستهلاكية، حيث بإمكان مصر الحصول على بعض السلع الاستهلاكية بموجب شروط الحظر المتعلق بإيران بشروط مناسبة وطويلة الأجل، وحتى استخدام عملتها الوطنية".
وتابع أن "السياحة تشكل حوالي 10-15 % من الاقتصاد المصري وتوفر ملايين الوظائف، كما أن الإيرادات زادت الى 13 مليار دولار في العام 2021 مقارنة ب 3.80 مليار دولار في العام 2020".
وأضاف التقرير ان "السياح الايرانيون قد تجذبهم الاضرحة الشهيرة في مصر، مثل قبر الامام الحسين ومقام مالك الاشتر".
وكانت القاهرة سمحت في مارس/ آذار الماضي للإيرانيين بالحصول على تأشيرات عند الوصول الى شبه جزيرة سيناء.
ولفت التقرير إلى أن "مصر تمثل فرصة جيدة لتصدير النفط الايراني الى اسواق خارج المنطقة"، مذكرا بان "طهران سعت خلال السنوات القليلة الماضية، لتصدير نفطها الى أوروبا عبر خط انابيب سوميد. وسيمكن خط الأنابيب إيران من زيادة صادراتها إلى البحر المتوسط وجنوب أوروبا بطاقة 2.5 مليون برميل في اليوم".
العناصر الجيوسياسية
وفيما يتعلق بالمخاوف الجيوسياسية الإقليمية، قال التقرير ان "إيران تعتبر أن مصر تتمتع بتأثير كبير على السلام في الشرق الأوسط"، مضيفاً أن "من بين الأسباب التي دفعت إيران الى السعي لتحسين علاقاتها مع القاهرة، توسيع (اتفاقيات ابراهيم) لتشمل دولا عربية اضافية، وفكرة تشكيل حلف الناتو العربي، وقمة النقب بحضور مصر".
وتابع التقرير انه "في حزيران/يونيو 2022، أعلن مسؤولون امنيون مصريون انهم لن ينضموا الى اي تحالف ضد إيران"، ولفت الى ان "دولاً عربية اخرى قد تدعم منحى المصالحة هذا بين إيران ومصر".
وفي هذا الاطار، اشار التقرير الى تصريح لمستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان في 4 أيار/مايو الماضي، تحدث فيه عن "سماح واشنطن لاسرائيل بحرية العمل ضد التهديد النووي الايراني، فيما تقدمت طهران بعدها بشكوى الى الأمم المتحدة مؤكدة على حقها بالرد على اي عمل اسرائيلي متهور".
وتابع التقرير أن "العرب خائفون من اندلاع حرب بين ايران واسرائيل والولايات المتحدة، ولهذا فإن بعض الدول العربية تسعى لكي تكون بمأمن من عمل انتقامي من جانب إيران في حال وقوع هذه الهجمات ضدها".
ونقل التقرير عن الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية حسن ابو طالب حول احتمال نشوب حرب بين ايران واسرائيل قوله ان "مصر ستتأثر بدون شك حتى لو لم تكن منخرطة عسكريا".
ولفت التقرير إلى أن "مصر تشعر بالقلق من التواجد الإيراني في قطاع غزة وعلاقاتها الوثيقة بحركتي حماس والجهاد الإسلامي".
وأضاف ان "القاهرة تريد ان تكون بمثابة الوسيط الأول للسلام في المنطقة، مثلما جرى خلال الهجوم الإسرائيلي الاخير على غزة أيام، حيث لعبت القاهرة دور الوسيط الأكبر بين الأطراف المعنية".
وبحسب التقرير، فإن "واشنطن تقبلت دور الوساطة المصري هذا، ووجهت شكرها لدور القاهرة"، مبيناً ان "علاقة مصر بإيران سيجعلها قادرة بشكل أكبر على التعامل مع هذه المشكلة في غزة".
وتابع التقرير ان "مصر طلبت خلال مفاوضاتها مع طهران، من السلطات الايرانية عدم القيام بأي أنشطة ضد اسرائيل من على الأراضي المصرية".
وبالاضافة الى ذلك، قال التقرير إن "التدخل في شؤون الدول العربية هو من الاتهامات الاخرى التي وجهها مسؤولون مصريون لايران، الا ان التفاعلات الاقليمية الاخيرة، جعلت هذه المسالة اكثر سهولة"، لافتا إلى أنه "من المتوقع إحلال السلام في اليمن التي أصبحت الحرب فيها مدمرة، وذلك بعد الاجتماعات التي عقدت بين المسؤولين السعوديين والحوثيين".
الى جانب ذلك، قال التقرير ان "انعدام الامن في البحر الأحمر ومضيق باب المندب الذي تسبب فيه الحوثيون بتأثيره على حركة المرور في قناة السويس، يمثل مصدر قلق كبير بالنسبة الى المصريين، ولهذا فانه بامكان ايران تسوية هذه المشكلة الامنية من خلال تأثيرها على الحوثيين".
وتابع التقرير ان "نفوذ الايرانيين في العراق وبين الميليشيات الناشطة هناك، من شأنه ان يضمن امن الشركات المصرية العاملة داخل العراق، والتي تتمركز في إطار التعاون الثلاثي بين العراق والأردن ومصر".
ومن وجهة نظر مصرية، فان "القاهرة تدعم عودة سوريا الى الجامعة العربية، وهو ما من شأنه إضعاف الجماعات الارهابية داخل سوريا، وهو شيء تريده القاهرة، ومن شأنه ان يعزز مشروع نقل الغاز المصري الى لبنان عبر سوريا من منظور أمني".
وختم التقرير بالقول انه "بعد خفض التصعيد الاقليمي بين تركيا وقطر والبحرين والسعودية والامارات وإيران، فإن طهران والقاهرة اصبحتا جاهزتين لبدء فصل جديد، على الرغم من الإرث الصعب لاكثر من اربعة عقود من المواجهة". لكن التقرير دعا الى "الانتظار لكي نرى فيما إذا كانت التطورات المستقبلية ستجعل هذا التقارب ممكناً".
ترجمة: وكالة شفق نيوز