شفق نيوز/ في ظاهرة ملفتة للنظر، ستشهد انتخابات الدورة السادسة لبرلمان إقليم كوردستان انخفاضًا في أعداد المشمولين بالتصويت بنسبة 6٪ مقارنة بالدورة الخامسة، على الرغم من دخول فئات عمرية جديدة أصبحت مؤهلة للتصويت.
وأثار هذا التراجع الكثير من التساؤلات حول الأسباب الكامنة وراءها، وهل يعود السبب إلى مشاكل إدارية في تسجيل الناخبين أم لعوامل سكانية واجتماعية أعمق؟
و كشفت إحصائيات حصلت عليها وكالة شفق نيوز عن تراجع في عدد الناخبين المؤهلين للتصويت في الدورة السادسة من انتخابات برلمان إقليم كوردستان، ووفقًا للمفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق، يحق لـ (مليونين و899 ألفا و578) شخصاً التصويت في هذه الدورة، وهو ما يمثل انخفاضًا بنسبة 6% مقارنة بالدورة الخامسة، التي كان عدد الناخبين فيها (3 ملايين و85 ألفا و 461) شخصًا.
وشهدت الانتخابات السابقة ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الناخبين، حيث زاد العدد في الدورة الخامسة بنسبة 16% مقارنة بالدورة الرابعة التي بلغ فيها عدد الناخبين (مليونين و653 ألفا و 743) شخصًا، بزيادة قدرها (134 ألفا و970) شخصًا عن الدورة الثالثة.
وفي السياق التاريخي، شهدت انتخابات إقليم كوردستان زيادات متتالية في عدد الناخبين. ففي الدورة الثالثة، ارتفع عدد المؤهلين للتصويت بنحو (228 ألفا و37) شخصًا مقارنة بالدورة الثانية، بنسبة زيادة بلغت 10%. بينما شهدت الدورة الثانية زيادة بنسبة 1،06% مقارنة بالدورة الأولى، حيث ارتفع العدد من (مليون و112 ألفا) إلى (مليون و178 ألفا و736) شخصًا.
أسباب محتملة "الهجرة"
يعتقد العديد من المحللين أن الهجرة تؤدي دورًا رئيسيًا في تراجع أعداد الناخبين المسجلين، ففي السنوات الأخيرة، شهد إقليم كوردستان موجات هجرة "كبيرة" نتيجة التوترات السياسية والاقتصادية، إلى دول أخرى.
هاوري كارزان ، مراقب للأوضاع في الإقليم أكد في تصريحه لمراسل وكالة شفق نيوز ، أن "التغيرات السكانية الناتجة عن الهجرة تركت أثراً مباشراً على عدد الناخبين، فكثير من المواطنين الذين هاجروا لم يتم حذفهم من سجلات الناخبين، بينما الجيل الجديد الذي دخل في سن التصويت لم يُسجل بالشكل المطلوب، ما أدى إلى فجوة في الأعداد المتوقعة".
ضعف تحديث السجلات الانتخابية
تحدث ارسلان محمد، متابع للشأن الانتخابي لمراسل وكالة شفق نيوز ، قائلاً: "التراجع في عدد المشمولين بالتصويت يمكن أن يعزى أيضاً إلى مشكلات في عملية تحديث السجلات الانتخابية، فهناك قصور في حذف الأسماء القديمة لأشخاص توفوا أو هاجروا، وفي المقابل، تأخر تسجيل الأعمار الجديدة التي بلغت سن التصويت، وهذه العوامل أدت إلى تقليص العدد الفعلي للمشمولين بالتصويت".
وأضاف أن عملية تحديث سجلات الناخبين تواجه تحديات كبيرة في تغطية كل الناخبين الجدد، خصوصًا في المناطق الريفية، أو تلك التي تشهد تحركات سكانية كبيرة، وهذا التأخير في تحديث البيانات يؤثر بشكل مباشر على قاعدة بيانات الناخبين النهائية المستخدمة في الانتخابات.
عدم الوعي بالتسجبل
أحد الأسباب الأخرى التي تُطرح هي عدم وعي الفئات الجديدة بضرورة التسجيل المسبق للانتخابات هاوري كارزان، قال: "العديد من الشباب الذين بلغوا سن التصويت ليس لديهم وعي كافٍ حول أهمية تسجيل أنفسهم في القوائم الانتخابية و المفوضية تستطع إيصال هذه الرسالة لهم، وخصوصًا في المناطق النائية حيث وسائل التواصل والتوعية محدودة".
وبين أن هذا النقص في الوعي يؤثر بشكل خاص على الفئات الجديدة التي لم تشارك في أي انتخابات سابقة، مما يقلل من عدد الناخبين الفعليين في السجلات.
التحديات التقنية والإدارية
التقنيات المستخدمة في تسجيل الناخبين وتحديث بياناتهم لا تزال تواجه مشاكل تقنية تؤدي إلى أخطاء أو تأخر في معالجة البيانات، وتحدث، شكرا احمد وهو محلل سياسي، الذي أوضح لمراسل الوكالة أن "الأنظمة المستخدمة تحديث السجلات تواجه مشاكل تقنية عديدة، في بعض الحالات، يتم تأخير تحديث بيانات الناخبين الجدد، وفي أحيان أخرى تتعطل الأنظمة بسبب ضغط البيانات، و هذه التحديات تؤدي إلى تقليص العدد الفعلي للمسجلين".
دخول الأعمار الجديدة وتأثيرها
من المثير للدهشة أن فئة جديدة من الناخبين أصبحت مؤهلة للتصويت في هذه الانتخابات، حيث دخلت شريحة كبيرة من الشباب الذين بلغوا سن الـ 18 عامًا خلال السنوات الماضية، ورغم ذلك، لم يظهر هذا التأثير المتوقع في زيادة عدد المشمولين بالتصويت.
ارسلان محمد، أشار في تصريحه لمراسل وكالتنا إلى أن "دخول الأعمار الجديدة كان من المفترض أن يعزز عدد الناخبين، لكن التحديات الإدارية والتقنية أعاقت تسجيل العديد منهم، كما أن الشعور بالإحباط لدى بعض الشباب نتيجة الأوضاع السياسية والاقتصادية قد أدى إلى عزوفهم عن التسجيل والمشاركة".
التأثير على الساحة السياسية
إن تراجع عدد المشمولين بالتصويت رغم دخول فئات جديدة من الناخبين قد ينعكس بشكل مباشر على نتائج الانتخابات، شكر احمد ، محلل سياسي، يرى أن "الأحزاب السياسية قد تتأثر بتوزيع الأصوات نتيجة هذا التراجع، والتغيرات في قاعدة الناخبين قد تؤدي إلى خسارة بعض الأحزاب لحصصها التقليدية في مناطق معينة، وخصوصًا إذا كانت تلك المناطق تعاني من ضعف في تسجيل الناخبين الجدد".
و تأتي هذه الأرقام في وقتٍ تشهد فيه انتخابات برلمان كوردستان تراجع في إعداد المشمولين في الانتخابات قد تؤثر على النتائج، و مع بدء العد التنازلي للدورة السادسة من الانتخابات.
و يُعد تراجع عدد الناخبين المؤهلين مقارنة بالدورات السابقة عاملًا لافتًا قد ينعكس على نسب المشاركة في التصويت، فالانتخابات البرلمانية في إقليم كوردستان تمثل حدثًا سياسيًا بارزًا، ومن المتوقع أن يكون لتغيرات أعداد الناخبين أثر على الخارطة الانتخابية والسياسية المقبلة.