شفق نيوز/ أثار تعرض رجل الأعمال العراقي نور زهير المشتبه بتورطه بسرقة الأمانات الضريبية في العراق - أو ما تعرف إعلامياً بـ"سرقة القرن" – لـ"حادث سير مميت" في منطقة الحدث بالعاصمة اللبنانية بيروت، ضجة واسعة داخل الأوساط المجتمعية في العراق، خاصة مع قرب موعد محاكمته المؤجلة من 14 آب الحالي إلى 27 من الشهر نفسه لعدم حضور المتهم في الموعد الأول، فيما أوضح خبراء في القانون العراقي الموقف القانوني من الحادث وتأثيره على احتمالية تأجيل المحاكمة، وفرضيات احضاره لمحاكمته في العراق.

وأفادت وسائل إعلام لبنانية، أمس الجمعة، بتعرّض نور زهير، إلى حادث سير في منطقة الحدت - بيروت كاد يودي بحياته، ونقل على إثر الحادث إلى المستشفى حيث تلقى الإسعافات الأولية.

فيما قال مصدر أمني في لبنان، اليوم السبت، لوكالة شفق نيوز، إن زهير، لم يمض في لبنان سوى 3 أيام، وقد غادر لبنان أمس الجمعة إلى دولة الإمارات. ولم يعلق المصدر الأمني على التقارير التي تحدثت عن إصابة زهير بحادث سير.

في المقابل، قالت مصادر في مستشفى "سانت تيريز" الواقعة في منطقة الحدث، وهي إحدى ضواحي بيروت، إنه لا يمكنها لأسباب طبية مهنية، تأكيد أو نفي وجود نور زهير في المستشفى، أو ما إذا كان دخل المستشفى من الأساس بعد التقارير التي تحدثت عن تعرضه لإصابات خطيرة في حادث سير.

وبينما قالت هذه المصادر من داخل المستشفى، لوكالة شفق نيوز، إنه لا يمكنها تقديم تفاصيل إضافية، قالت مصادر أخرى في الصليب الأحمر اللبناني وهيئة الدفاع المدني اللبناني إنه ليس لديها ملف يحمل اسم نور زهير أو تعرضه لحادث ونقله إلى أي من المستشفيات في العاصمة اللبنانية.

وأوضحت المصادر في الهيئتين الطبيتين أنه لا تقارير لديها حول حالة كهذه لهذا الشخص، كما أنها لم تنقل جريحاً في الحادث المشار إليه في منطقة الحدث.

 

غير ملزمة

وعن الموقف القانوني من تلك الأنباء على سير المحاكمة، أوضح الخبير القانوني، محمد جمعة، أن "ما يخرج من تقارير وأخبار إعلامية وصور لتعرض نور زهير لحادث هي غير ملزمة للمحكمة، لأن المحكمة تتعامل مع أوراق رسمية ولا تتعامل مع أخبار إعلامية وصور نشرت هنا وهناك".

وأضاف جمعة، لوكالة شفق نيوز، أن "دفاع نور زهير إذا أراد تأجيل القضية مرة أخرى، فعليه تقديم تقارير طبية رسمية تثبت تعرض موكله لحادث، وأن وضعه الصحي وحالته الطبية لا تسمح له بالحضور إلى العراق، وبخلاف ذلك فإن محكمة الجنايات باستطاعتها المباشرة بمحاكمته غيابياً وإلغاء صك الكفالة وإصدار أمر قبض بحقه، إلا إذا كانت هناك دواعٍ أخرى للتأجيل منها تقديم جهة المشتكين من دائرة الضريبة ووزارة المالية طلباً للتأجيل، وفي هذه الحالة يمكن تأجيل القضية".

 

خياران للمحكمة

من جهته، ذكر المحامي وليد الشبيبي، أن "قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 23 لسنة 1971 نظم هكذا حالات، والمواد التي تنظم حضور المتهم إلى محكمة الموضوع سواء محكمة الجنايات أو محكمة الجنح هي من المادة 143 إلى المادة 151، فيما أشارت المادة 22 إلى إجراء المحاكمة بحق المتهم غيابياً في حال عدم حضوره بغير عذر مقبول بعد تبليغه بشكل أصولي، ولا يعفي في ذلك حضور من يمثله قانوناً".

وبين الشبيبي، خلال حديثه للوكالة، أن "المتهم إذا أبلغ المحكمة بعذر شرعي كأن يكون مصاب بحادث أو عارض يمنعه من الحضور، فيكون للمحكمة خياران، إما الموافقة على هذا العذر وتؤجل المرافعة، أو تمضي قدماً بالمرافعة وتصدر حكماً بحقه غيابياً عندما ترى أن الموانع والأعذار هي مصطنعة وغايتها عرقلة سير المحاكمة بحقه، وعادة ما يكون الحكم الغيابي الحد الأقصى للعقوبة، كما يمكن للمحكمة إصدار أمر قبض بحقه إذا كان مكان تواجده معلوماً لغرض احضاره جبراً".

وبناءً على ذلك، وبعد الحادث في لبنان، "فإن المحكمة أمام خيارين، إما تأجيل الدعوى بسبب هذا العارض الصحي، أو إذا وجدت المحكمة أن العذر غير مقبول كأن يكون مصطنع أو غير ذلك، حينها يمكن للجهات العراقية مخاطبة نظيرتها اللبنانية لتسليمه إليها، أو تطارده عبر الشرطة الدولية (الانتربول)".

 

إجراءات قانونية

بدوره، لفت الخبير القانوني، علي التميمي، إلى أن "قضية نور زهير هي محالة من محكمة التحقيق إلى محكمة الجنايات وفق المادة 444 على 11 من قانون العقوبات الخاصة بسرقة أموال الدولة، والعقوبة في هذه الجريمة تصل إلى السجن 10 سنوات، لكن المتهم مطلق سراحه بكفالة، ومحكمة الجنايات في الجلسة السابقة أجلت النظر في الدعوى بسبب عدم حضور أو احضار المتهم".

وأكد التميمي، لوكالة شفق نيوز، أن "للمحكمة الحق في تأجيل النظر في الدعوى مرة ومرتين إذا كانت هناك أسباب، منها وجود ظرف طارئ يحول دون احضار المتهم، ففي هذه الحالة يحق للمحكمة تأجيل النظر في الدعوى إلى وقت آخر، واذا افترضنا، عدم احضار المتهم في الجلسات المقبلة، فإن لمحكمة الجنايات الحق بإبطال الكفالة وإحالة الكفيل إلى محكمة التحقيق وفق المادة 119 من قانون أصول المحاكمات الجزائية التي عقوبتها الحبس مدة 6 أشهر".

وبين أن "محكمة الجنايات إذا اتخذت هذا الإجراء ولم يحضر المتهم أو أعلن الكفيل عدم قدرته على احضار المتهم المكفل، فيمكن لمحكمة الجنايات تحويل المحاكمة من علنية إلى غيابية، أي تكون الإجراءات غيابية في الدعوى بعد تحديد محكمة الجنايات موعد شهرين للمحاكمة وإعلان ذلك في وسائل الإعلام ورغم ذلك لم يحضر المتهم، وبعد 6 أشهر تتحول المحاكمة الغيابية إلى محاكمة علنية ويكون الحكم بمثابة الحكم الوجاهي، ويتم تعميم الحكم في وسائل الإعلام كافة وكل أجزاء العراق، وإذا وصلت القضية إلى هذه المرحلة يقوم الادعاء العام أو النزاهة بمفاتحة الانتربول الدولي لاحضار المتهم الهارب".

أما قضية تعرضه لحادث سير في بيروت "فهذا يحتاج إلى اثباته بتقارير طبية موثقة وترسل إلى العراق إما عن طريق وكيله أو كفيله أو محاميه، وتكون هذه المخاطبات رسمية عن طريق وزارة الصحة في بيروت إلى العراق"، بحسب التميمي.  

 

سرقة القرن

وفي 2022، أعلن عن فقدان أكثر من 3 تريليونات دينار عراقي (2.5 مليار دولار)، من الأمانات الضريبية، عن طريق ائتلاف مكون من 5 شركات نفطية بواسطة صكوك وهمية.

إثر ذلك، صدر أمر باستدعاء مسؤولين مقربين من رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي، وهم وزير المالية علي علاوي، ومدير مكتب رئيس الوزراء رائد جوحي وآخرين.

وفي 24 تشرين الأول 2022 قبض على نور زهير، كونه يرأس مجلس إدارة إحدى الشركات المتورطة في القضية، ثم أطلق سراحه لاحقًا "بكفالة"، بعد إعلان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني استعادة 5% من المبلغ، مقابل تعهد نور زهير بتسليم كامل المبالغ المسروقة خلال أيام.

وحددت محكمة مكافحة الفساد في يوم 14 آب 2024 موعداً لمحاكمة نور زهير، إلا أن المحاكمة أُجلت إلى 27 آب من الشهر نفسه بسبب عدم حضور المتهم.

وظهر نور زهير مؤخراً في مقابلة تلفزيونية، دافع خلالها عن نفسه وطالب بأن تكون محاكمته علنية، وهدد بـ"كشف أسماء وتفاصيل بقضايا فساد"، متهماً نائباً لم يذكر اسمه بمحاولة ابتزازه.

وعنى بذلك النائب في البرلمان العراقي مصطفى سند، وذكر كذلك أن "سرقة القرن" ليست سوى "كذبة القرن"، وأن جميع الأموال المتهم بسرقتها دققت، وهي مستحقات أتعابه، وتعهد بمقاضاة الأطراف التي تتهمه بالسرقة في المحاكم الدولية.