شفق نيوز/ دفع قرار المحكمة الاتحادية بإلغاء مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، الذي يعتبر البديل عن قانون الموازنة، إلى تقلب المناخ السياسي في العراق المضطرب أصلاً، الأمر الذي دعا الحكومة العراقية إلى استباق المخاطر بإطلاق جملة محاذير.
هذا الأمر اتفق معه محللون سياسيون وخبراء في القانون والاقتصاد العراقي، على أن أي تأخير لمشاريع القوانين ذات التماس المباشر مع الشعب، ستكون له تبعات مباشرة على المواطن.
واستندت المحكمة الاتحادية في رفض القرار إلى أن المشروع تم تقديمه إلى البرلمان من قبل الحكومة الحالية التي يرأسها مصطفى الكاظمي وهي حكومة تصريف أعمال، وذلك بعد فشل الحوارات السياسية من أكثر من سبعة أشهر لتكوين حكومة جديدة.
تصريف الأعمال
فسرت المحكمة الاتحادية مفهوم "تصريف الأمور اليومية" الواردة في الدستور العراقي بالمادة 61، 64، الأمر الذي يقيّد حكومة الكاظمي من إرسال مشاريع قوانين إلى البرلمان لتشريعها.
وقال الخبير القانوني علي التميمي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إن "هذا الأمر يسري على (قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية) وهو قرار ملزم وفق المادة 94 من الدستور، رغم ضرورات هذا القانون وأهميته وتعلقه بالأمن الاقتصادي الذي يعد جزءاً من الأمن القومي، والذي يعد أيضاً من أولويات حكومة تصريف الأعمال".
وبحسب وجهة نظر قانونية، رأى التميمي، أن المواد (5، و6، و59) من الدستور، تمكن البرلمان وبتصويت أغلبية أعضائه (نصف + واحد) من العدد الكلي، تخويل حكومة تصريف الأعمال، إرسال قانون الدعم الطارئ، أو الدعم المالي ليتم تفادي الطعن به حيث أن التصويت من البرلمان هو بمثابة قانون يعتبر أعلى مرتبة من النظام الداخلي للبرلمان الذي منع إرسال مشاريع القوانين من حكومة تصريف الأعمال".
قرار الاتحادية دفع بالكاظمي إلى تقديم توضيحات بهذا الخصوص، حيث قال إنّ تقديم مشروع قانون "الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية"، كان لدواعٍ ملحة؛ لمعالجة التحديات الاقتصادية التي فرضتها أزمة ارتفاع الأسعار العالمية؛ فضلاً عن تقديم الدعم العاجل لقطاع الكهرباء قبل حلول فصل الصيف؛ لمنع أي أزمة في إنتاج الطاقة، أو انقطاع للتيار الكهربائي في عموم العراق".
لكن وزارة المالية العراقية دفعت بتحذيراتها لمستوى آخر، بالإشارة إلى أن قرار الاتحادية سيؤثر على مواجهة تكاليف استخراج النفط من قبل وزارة النفط، وبناء مخزون احتياطي من الحبوب.
جنبة سياسية
من جانبه، رجح رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن يكون قرار المحكمة الاتحادية إزاء مشروع قانون الأمن الغذائي، لغرض تحفيز القوى السياسية على الإسراع في الاتفاق على تسمية رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة كاملة الصلاحيات".
وذكر الشمري، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "القوى السياسية كافة، ستتحمل تبعات ما سيحدث نتيجة عدم إقرار قانون الموازنة الاتحادية".
أداة ضغط
واستخدم مشروع قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية، كأداة ضغط سياسية بين القوى المختلفة على تشكيل الحكومة، ففي الوقت الذي دفع التحالف المكون من الصدريين والحزب الديمقراطي وإتلاف "السيادة" لتأييد القانون، عارض الإطار التنسيقي والمتحالفون معه المشروع.
وبذلك اقترح رئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، أحد الأطراف الرئيسية المعارضة للقانون، "السلف" من وزارة المالية لتغطية نفقات تأمين المواد الغذائية الأساسية، بدلاً من إقرار قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي، الذي حذر أكثر سابقاً من تشريعه تحت قبة البرلمان، معتبراً إياه مخالفة دستورية.
وقال المالكي، وهو رئيس حكومة سابق لدورتين، إن "الحكومات في الأعوام التي تعجز فيها عن تقديم الموازنة السنوية للبلاد، او تتعطل إقرارها في البرلمان، كانت تلجأ لمبدأ السلف من وزارة المالية لتغطية نفقات تأمين المواد الغذائية الأساسية، مهما بلغت أقيامها وتكلفتها".
بينما تعهد رئيس الكتلة الصدرية في البرلمان العراقي، حسن العذاري، في تغريدة له على تويتر، العمل بـ"كل الطرق القانونية والتشريعية لضمان مصالح الشعب وأرزاقهم والدفاع عنها".
"لا حل برلمانياً"
بدوره، أكد عضو اللجنة المالية النيابية، مصطفى سند، عدم وجود أي معالجة أو مخرج للقانون، على اعتبار أن المحكمة الاتحادية كانت قد أخطرت البرلمان بعدم جواز اقتراح وإرسال مشاريع قوانين خصوصا التي تحتوي على جنبة مالية".
وقال سند، لوكالة شفق نيوز: "كما تم الطعن بقانون الأمن الغذائي، سيتم الطعن بقانون الموازنة، وبالتالي لا حل أمام البرلمان، سوى بقدوم حكومة كاملة الصلاحيات، لإرسال القوانين".
وأشار إلى وجود "ضغط كبير من أجل حل مشكلة الانسداد السياسي، وما حصل من إيقاف إجراءات تشريع هكذا قانون، سيدفع القوى السياسية باتجاه حل الأزمة في البلاد".
غليان شعبي
من جهته، توقع المحلل السياسي مناف الموسوي، خروج المواطنين بتظاهرات كبيرة جراء التبعات الاقتصادية الكبيرة التي ستضر بهم، نتيجة تأخر إقرار الموازنة الاتحادية لسنة 2022، وعدم إمكانية تمرير قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية.
وأوضح الموسوي، لوكالة شفق نيوز، أن "مشروع القانون الملغى كان محاولة لإيجاد مخرج لمشكلة اقتصادية ضمن مجموعة من المشكلات التي تعاني منها البلاد، ومن بينها عدم وجود خزين استراتيجي للحنطة والمواد الغذائية الأساسية، فضلاً عن الأزمة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على المستويين العراقي والعالمي".
ولفت إلى أن "تدخل المحكمة الاتحادية بهذا الشكل، ووسط الضغوط الكبيرة سواء على البرلمان أو الحكومة، فحتما قد يؤدي ذلك إلى نتائج سلبية، أبرزها خروج المواطنين بتظاهرات كبيرة وقد يشكل ذلك ضغطا آخر حيث سيصعب التعامل معهم (المتظاهرين) والأمر ينسحب كذلك على المحكمة الاتحادية التي قد تعجز عن إيجاد المخارج اللازمة إن تفاقمت أكثر".
وفي خضم هذه الاحداث، أعلن زعيم التيار الصدر مقتدى الصدر، التوجه صوب المعارضة، وذلك بعد فشل الأطراف السياسية بمن فيهم كتلته الصدرية بتشكيل الحكومة العراقية بعد أشهر من إجراء الانتخابات التشريعية في البلاد.