شفق نيوز/ يواجه هور الحويزة الواقع في منطقة الدوب
بمحافظة ميسان دنوبي العراق نفوق الملايين من أسماكه بنسبة تصل إلى 95%، جراء
انخفاض مناسيب المياه، وسط مخاوف من انتهاء الثروة السمكية في هذا الهور بشكل
نهائي، وفي ظل هذه الأزمة، قد يضطر السكان إلى الهجرة بحثاً عن مصادر جديدة للمياه
بالاقتراب إلى مراكز المدن أو إلى تغيير مهنهم والامتهان بمهن أخرى عادة لا
تناسبهم، ما يسبب لهم ضرراً نفسياً غير الأذى الاقتصادي.
ويعاني العراق من أزمة مائية حادة منذ سنوات حتى وصل
الحال إلى تهديد مياه الشرب، فضلاً عن الشحة المائية لسقي المزروعات لكل مناطق
العراق الوسطى والجنوبية، ورغم الأمطار الغزيرة التي هطلت العام الماضي لكن تبقى
الشحة المائية حاصلة، "وهذا يعود إلى أن العراق لم يتمكن من حصاد الأمطار
بشكل إيجابي بحيث يتم التعويض لهذه الكميات التي توفرت في موسم الشتاء، كما لا
توجد مشاريع استراتيجية لحصاد هذه الكميات من الأمطار"، بحسب عضو لجنة
الزراعة والمياه والأهوار النيابية، ثائر مخيف.
ويشير مخيف خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن
"محافظة ميسان هي واحدة من المحافظات التي وقع عليها الحيف جراء شحة المياه،
بسبب وجود مسطحات مائية يعتمد عليها عدد كبير من السكان من خلال صيد الأسماك
والطيور ما سبب إيذاءً مباشراً لهؤلاء".
ويوضح، أن "مياه الأهوار تأتي من الأنهر القادمة من
إيران، حيث هناك 42 مجرى، قسم منها دائمي الجريان وآخر موسمي، وهذه قُطعت بشكل
نهائي بسبب انحراف هذه الأنهر وإقامة المشاريع والسدود الإروائية على هذه الأنهر
من قبل الجانب الإيراني".
ونتيجة لذلك "تأثرت محافظة ميسان وتحديداً منطقة
الخير والقنوات المتفرعة من نهر الخير وخاصة القناة الرابعة كما حصل نفوق للأسماك
في هور الحويزة في منطقة الدوب، نتيجة شحة مياه قوية وانخفاض مناسيب مياه القنوات،
إلى جانب قلة الأوكسجين المذاب في المياه وارتفاع درجات الحرارة، مما أدى إلى
ارتفاع هلاكات الأسماك"، وفق مدير زراعة ميسان، ماجد جمعة الساعدي.
ويضيف الساعدي لوكالة شفق نيوز، أن "الحالة في
منطقة الخير كانت مسيطر عليها بعد إطلاق متراً مكعباً في الثانية من المياه، لكن
انخفض هذا الإطلاق ما أدى إلى استمرار الهلاكات، وحالياً انخفضت مناسيب المياه في
جميع الأهوار ما أدى إلى نفوق واسع للأسماك وخاصة في منطقة الحويزة".
ويؤكد "بعد أخذ عينات من المياه والأسماك أظهرت
التحاليل أن السبب الرئيسي لهلاكها هو انخفاض المياه والأوكسجين المذاب، وأغلب
الأسماك التي هلكت كانت من أنواع (الجري والشانك والكارب)".
ويشير إلى أن "هلاك الأسماك كانت لمئات الأطنان ومن
أسماك مختلفة، لكن ما يهمنا هي أسماك الكارب التي كانت مشروعاً وزارياً، حيث يتم إطلاقها
سنوياً بأعداد لا تقل عن 80 مليون إصبيعة، لذلك المهم في هذه الأسماك هي الكارب
التي تمت تربيتها وإطلاقها، لذلك هي خسارة للبرنامج التنموي الذي يستهدف توطين
واستقرار أهالي الأهوار، كما هي خسارة على مستوى الاقتصاد الوطني بصورة
عامة".
ويلفت الساعدي إلى أن "الحصة الرسمية من المياه
لمحافظة ميسان مع محافظة البصرة هي 185 متراً مكعباً في الثانية يومياً، فيما كانت
الكمية المخصصة لمناطق الأهوار 3 أمتار مكعبة في الثانية، لكن لا تصل الكمية
الكافية من حصة محافظة ميسان رغم التزامها بتوريد حصة محافظة البصرة".
ويبيّن في ختام حديثه، أنه "في ظل ارتفاع درجات
الحرارة وانخفاض مناسيب المياه سوف تستمر حالة نفوق الأسماك في الأهوار، لكن إذا
تم إسعاف محافظة ميسان بأهوارها والقنوات الناقلة للأهوار بكمية لا تقل عن متراً
مكعباً في الثانية عندها لن تستمر حالة النفوق بل سيتم السيطرة عليها".
من جهته، يشرح الخبير البيئي، أحمد صالح، سبب نفوق
الأسماك في هور الحويزة، بالقول إن "نفوق الأسماك يقدر بالملايين وبأنواع
وبأحجام مختلفة، فيما شكل وزير المورد المائية لجنة من مركز إنعاش الأهوار ومن
البيئة، وتوجهت هذه اللجنة لاستكشاف هور الحويزة وأخذت عينات من الأسماك لفحص سبب
النفوق وكان السبب الرئيسي هو قلة الإطلاقات المائية التي أدت إلى انحسار المياه
وتزاحم الأسماك وبالتالي نقص الأوكسجين، أما الإجراءات الحكومية فقد أبلغت وزارة
الموارد المائية بلدية العمارة بضرورة زيادة إطلاقات المياه إلى 5 أمتار مكعبة".
ويوضح صالح لوكالة شفق نيوز، أن "إطلاقات المياه في
هور الحويزة كانت 30 متراً مكعباً في الثانية وانخفضت إلى 25 متراً وواصلت
بالانخفاض نتيجة مرور العراق بأزمة مائية إلى أن وصلت إلى 3 أمتار مكعبة في
الثانية، أما في هور العودة والبطاط فقد جف بشكل كامل، وهور الصحين جف أيضاً بنسبة
80%، أما هور السناف فهو جاف منذ فترة، وهور العظيم وهو الجزء الشرقي من هور
الحويزة فقد جف منذ أكثر من شهر".
ويؤكد، أن "خسائر الثروة السمكية في هور الحويزة لا
تعد ولا تحصى، لأن أغلب الأسماك هلكت بنسبة تصل إلى 95%، والنفوق مستمر لأن
الإطلاقات لم تصل إلى الآن، أما الخسارات الأخرى فهي مهن الصيادين الذين فقدوا
وظيفتهم، ففي كل أزمة من هذه الأزمات تتعرض المهن والاقتصاديات الخاصة بسكان
الأهوار أو سكان القرى المتاخمة القريبة للأهوار إلى الضرر الكبير ما يضطرهم إلى
الهجرة بحثاً عن مصادر المياه بالاقتراب إلى مراكز المدن أو إلى تغيير مهنهم
والامتهان بمهن أخرى عادة ما تكون غير لائقة كعمال بناء أو عمال خدمة في المطاعم
وغيرها، ما يسبب لهم ضرراً نفسياً غير الأذى الاقتصادي".