شفق نيوز/ حدد "معهد كوينزي" الأمريكي، مع حلول ذكرى عقدين على حرب العراق، الدروس المستفادة من طريقة التفكير الجماعي بين صناع السياسة ومحللي السياسات في واشنطن، وبينها الاسئلة السبعة التي نوقشت قبل الغزو، والتي قادت الى التعثر فيما يتعلق بنتائج الغزو ومرحلة ما بعد سقوط نظام صدام حسين.
وبداية اعتبر التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ ان صناع السياسة في واشنطن انطلقوا قبل 20 سنة، من دون امتلاك وعي حقيقي بما سيحدث، مضيفا أن هناك حاجة الى التفكير في الدروس التي ربما استخلصتها الولايات المتحدة من التجربة وما إذا كانت هذه الدروس ستردع أي عمليات عسكرية مستقبلية هدفها تغيير النظام.
ولفت التقرير؛ إلى "وجود عدة عوامل ساهمت في كارثة ما بعد الغزو، من بينها ما يتعلق بتاريخ العراق السياسي والديني، مضيفا أنه كان هناك محدودية بمعرفة صناع السياسة الكبار بتشكيل العراق الحديث وتأسيس الإسلام الشيعي في عام 681 بعد استشهاد الإمام الحسين في كربلاء".
وتابع ان "القادة الأمريكيين لم يقدروا حجم مظالم الاغلبية الشيعية في العراق، التي كانت تحكمها اقلية سنية منذ تشكيل البلاد في اوائل عشرينيات القرن الماضي"، مضيفا ايضا ان "هناك مصالح جيوسياسية ودينية عميقة لإيران في العراق، تعود الى القرن ال16 فيما كانت حوزات النجف وكربلاء الأكثر تأثيرا في العالم الشيعي بما في ذلك في إيران نفسها، وأنه بعد نجاح الثورة الاسلامية في ايران والحرب التي تلتها مع العراق، تحول رجال الدين الايرانيين الى مدينة قم في إيران لكن هذه الحوزة لم يكن بإمكانها التنافس بمكانتها الدينية مع النجف وكربلاء".
واوضح التقرير؛ ان "هذه الخلفية تساعد في تفسير سبب انخراط إيران في العراق بعد غزو العام 2003، ودعم الميليشيات الشيعية، بما في ذلك التيار الصدري، والتي أثارت التمرد ضد القوات الأمريكية، وضد ما تبقى من عناصر القوة السنية في العراق بعد الغزو الأمريكي.
وذكر التقرير ان "كبار صناع السياسة، كانوا بعد عدة شهور من الغزو، يطلبون من المحللين الحكوميين شرح سبب أهمية (الشيء الشيعي) في العراق على حد تعبيرهم، ولماذا ركزت إيران عليه"، مضيفا أن أحد المحللين وقتها لاحظ في ذلك الوقت، أنه "كان ينبغي لقادتنا ان يعلموا عن الرابط الذي يرجع الى قرون بين العراق والاسلام الشيعي وإيران قبل الغزو، وليس بعد شهور".
وتحت عنوان "اسئلة الصباح التالي"، قال التقرير إنه "بغض النظر عن المعرفة بالواقع العراقي، فان كبار صناع السياسة في واشنطن، لم يركزوا على ما الذي سيتبع (سقوط) نظام صدام"، مضيفا انه كان هناك نوع من "الغطرسة" باحساس الثقة ان بالامكان القيام بالأمر لمجرد أن هناك وجودا اميركيا ضخما سيكون من شأنه
ان يخلق الاستقرار ويحافظ عليه".
وتابع قائلا ان "بعض كبار المسؤولين اعتبروا أن تغيير النظام عملية بالامكان إدارتها وتتضمن استبدال زعيم باخر، والإبقاء على الأمور كما هي عليه".
واشار التقرير الى ان "محللي الحكومة كانوا يثيرون خلال احاطاتهم الإعلامية المتكررة لكبار صناع السياسة عشية الغزو، العديد من الأسئلة الرئيسية التي شعروا بالحاجة الى معالجتها بمجرد الاطاحة بصدام حسين".
ولفت التقرير إلى أن اسئلة مشابهة جرى طرحها على المسؤولين البريطانيين في العام 1920 من قبل جيرترود بيل عندما كان يتم تأسيس العراق في ظل الانتداب البريطاني، مضيفا ان الحكومة الامريكية مرت خلال أواخر العام 2002 واوائل العام 2003، بتجربة مماثلة.
وبحسب التقرير، فان هذه الاسئلة شملت التالي:
- من هي العشائر أو الطوائف الدينية التي يجب على العسكريين والدبلوماسيين الأمريكيين ان تنخرط معها عند الدخول الى العراق؟
- بعد الاطاحة بصدام، من سيحكم العراق: قادة محليين أم عراقيين من الخارج؟
- كيفية التعامل مع كبار رجال الدين الشيعة، مثل آية الله العظمى علي السيستاني؟
- ما هو شكل الحكم الذي يجب أن يأتي مكان صدام: ديمقراطية أم انتخابات ام توزيع السلطة على طوائف دينية أو عرقية مثل لبنان؟
- كيفية توزيع عائدات النفط بين الشيعة والسنة والكورد؟
- كيف يمكن إشراك القوى الإقليمية مثل إيران الشيعية وحكام الخليج السنة، في عراق يحكمه الشيعة فيما بعد صدام؟
- كيف يبدو "النصر" وكم من الوقت يجب أن تبقى القوات الأمريكية في العراق بعد "التحرير"؟
وحول اجتثاث البعث وتسببه في خلق فوضى، قال التقرير إن كبار مهندسي حرب العراق في واشنطن كانوا عشية الغزو لا يعرفون سوى القليل عن مركزية حزب البعث على كافة مستويات المجتمع.
وتابع ان القادة الأمريكيين حصلوا على تقديرات مفادها أن الحزب هو العمود الفقري لنظام صدام، وان العضوية في الحزب ضرورية من أجل الحصول على أي وظيفة، إلا أن العضوية الحزبية لم تكن بالضرورة مؤشرا على الولاء للحزب، وإنما وسيلة لكسب العيش.
وبحسب التقرير، فإن بعض كبار صناع السياسة في واشنطن كانوا يعتقدون أن اجتثاث البعث العراقي، يمكن ان يكون مؤثرا مثل اجتثاث النازية في ألمانيا بعد الحرب العالمية الثانية، إلا أنه اتضح أن المسألة لم تنجح بهذه الطريقة في العراق.
واوضح التقرير ان طرد الآلاف من العراقيين من وظائفهم بسبب انتمائهم الى حزب البعث، جعل سلطة التحالف المؤقتة تجد نفسها مضطرة لمواجهة ملايين العاطلين عن العمل الذين يشعرون بالاهانة والغضب والعديد منهم من السنة الذين تدفقوا على شوارع بغداد ومدن اخرى للتعبير عن احتجاجهم، وهو سرعان ما أثار تمردا كبيرا ضد أمريكا استمر لسنوات، حيث أنهم حملوا الولايات المتحدة مسؤولية ما جرى معهم.
ولهذا، اعتبر التقرير أن اجتثاث البعث وحل الجيش "كانا القرارين الأكثر خطورة اللذين اتخذتهما السلطة الامريكية في بغداد بعد سقوط صدام"، مضيفا انه "لو كان مهندسو الحرب الكبار في البنتاغون والبيت الأبيض عام 2003 على اطلاع، أو أن لديهم الفضول لذلك، للاطلاع على الوقائع السياسية والديموغرافية للعراق، لكانوا قد ادركوا ان هذين القرارين الخطيرين، قصيرا النظر".
الدروس المستفادة؟
وختم التقرير بالقول إن المعلومات الاستخبارية والخبرة السياسية حول العراق تم تقديمها لكبار صناع السياسة في واشنطن، إلا أنه "جرى تجاهل هذه الخبرة والتحليلات المعمقة"، مشيرا الى ان ذلك ادى الى الكارثة التي تلت ذلك.
وخلص التقرير الى القول انه بينما تحيي الولايات المتحدة الذكرى الـ20 للغزو، وقبل أن يباشر القادة الامريكيين بمغامرة اخرى لتغيير النظام، فان عليهم ان يتخذوا قراراتهم بناء على الخبرة العميقة حول البلد المستهدف، والمعلومات الاستخباراتية القوية والموثوقة، وبناء على الأسس المنطقية التي يوجد حولها قبول وطني، بالاضافة الى ضرورة ان تكون الاهداف لها نهايات واضحة. إلا أن التقرير أكد على أن على القادة أن يظهروا "تواضعا حقيقيا" فيما يتعلق بحدود قدرة الولايات المتحدة على السيطرة على تطور الأحداث والنتائج المترتبة والتداعيات الأوسع.
ترجمة: وكالة شفق نيوز