شفق نيوز/ أثار حديث وزير الدفاع الأميركي، لويد أوستن، إن القوات الأميركية جاهزة للبقاء في العراق حسب رغبة الحكومة العراقية، تساؤلات عن مستقبل العلاقة بين بغداد وواشنطن، خاصة في مجال التعاون العسكري.
وتؤكد القوات المسلحة العراقية، أنها قادرة على حماية البلاد والدفاع عنها، وبينما أوضحت أن بقاء القوات الأميركية من عدمه مناط بتقدير الحكومة العراقية، لفتت إلى أن العلاقة مع التحالف الدولي وحلف الناتو يمكن استمرارها في مجالات التدريب والتسليح والتجهيز، لاستكمال بناء قدرات القوات المسلحة العراقية.
وهو ما يشير إليه مختصون بأن مسألة البقاء مع التحالف الأميركي ضرورة يفرضها الحال، وحينما تُستكمل مقومات القوة والقدرة للجيش العراقي، ولا يهدد وجود البلاد بقطع المياه عنها أو ابتزازها في هذا المجال، آنذاك يمكن التفكير في مسألة إعادة النظر بالتحالفات.
وكان أوستن قال في مؤتمر صحفي، الثلاثاء الماضي، إن "القوات الأميركية جاهزة للبقاء في العراق حسب رغبة الحكومة العراقية.. ملتزمون بالقضاء على داعش وهذا هو هدفنا الوحيد لبقائنا في العراق، التحالف عمل مع الحكومة العراقية من أجل القضاء على داعش".
تقدير موقف
يقول الناطق باسم القائد العام للقوات المسلحة، اللواء يحيى رسول، إن "قوات التحالف الدولي أو القوات الأميركية انتهت مهامها القتالية، والآن تقوم بمهام تدريبية واستشارية"، مؤكداً أن "القوات العراقية قادرة على حماية العراق والدفاع عنه، فهي تتواجد في كل الأراضي العراقية، وتلاحق عناصر داعش، وتحقق تقدماً لاستئصال ما تبقى من التنظيم".
ويؤكد اللواء رسول خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "النصر على داعش تحقق بقتال القوات العراقية على الأرض، ولم تكن بحاجة إلى أي أجنبي ليحمل سلاحه ويقاتل بجانبها، بل هي من حررت الأراضي بدعم من التحالف الدولي وكل من وقف لمساعدة القوات العراقية".
ويوضح، أن "بقاء القوات الأميركية أو التحالف الدولي من عدمه مناط بتقدير الحكومة العراقية"، لافتاً إلى أن "العلاقة مع التحالف الدولي وحلف الناتو ممكن أن تكون في مجالات التدريب والتسليح والتجهيز، لاستكمال بناء قدرات القوات المسلحة العراقية".
ولدى الولايات المتحدة حالياً 2500 جندي في العراق و900 جندي إضافي في سوريا للمساعدة في تقديم المشورة ومد يد العون للقوات المحلية في محاربة داعش الذي سيطر في عام 2014 على مساحات شاسعة من الأراضي في كلا البلدين.
وكان العراق أعلن في أواخر 2021، عن "انتهاء المهمة القتالية" للتحالف الدولي، والإبقاء فقط على قوات أجنبية تقوم بدور استشاري وتدريبي.
إخلال بالاتفاقية
بدوره يرى الفريق الركن، والباحث في الشأن الأمني والعسكري، حسن البيضاني، أن "الاتفاقية الأمنية مع الجانب الأميركي عام 2011، ولا تزال على ما هي عليه رغم مرور أكثر من 11 عاماً على توقيعها، كما أخلَّ الجانب الأميركي بها، ولم يلتزم بأغلب بنودها، خاصة حينما داهمت داعش مناطق كثيرة من العراق، ولم يولِّ اهتماماً لهذه المسألة".
ويضيف البيضاني خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، أن "الأميركيين ادعوا الانسحاب - بعد القرار العراقي الذي اتخذ عقب مقتل قادة النصر - ولم يتبقَ منهم سوى المستشارين التدريبيين، لكن في الواقع هناك ضربات جوية وعمليات قتالية للأميركيين في مناطق مختلفة، وهذا ما لا يقوم به المستشارين، ما يدلُّ على وجود تناقض بين ما يُعلن وما على الأرض".
وللولايات المتحدة نحو 30 ألف جندي في المنطقة كما أنها تعد طرفاً محورياً للمساعدة في مواجهة النفوذ الإيراني، ورغم كونها حليفاً قوياً لطهران، إلا أن بغداد تحتفظ بعلاقات قوية مع واشنطن لا سيما في المجال العسكري.
وقال مسؤولون سابقون وخبراء، إن من أهداف زيارة وزير الدفاع الأميركي الأخيرة هي لدعم رئيس الوزراء العراقي في مواجهة النفوذ الإيراني في بلاده.
حليف استراتيجي
يؤكد الخبير الاستراتيجي، أحمد الشريفي، أن "التحالفات الرصينة تعزز وتدعم الدولة في إدارة أزماتها وصراعاتها، لذلك من غير المنطق المطالبة بإنهاء العلاقة مع الولايات المتحدة أو استبدال هذا الحليف الاستراتيجي وعرّاب مشروع التغيير السياسي في العراق".
وعن قرار الانسحاب، يوضح الشريفي لوكالة شفق نيوز، أن "ذلك جاء نتيجة ضغوط إقليمية وليس لانتفاء الحاجة، على اعتبار أن الأغلبية حليفة لإيران التي ترى الوجود الأميركي تهديد لأمنها القومي، لذلك وجهت حلفائها للدفع باتجاه مغادرة الولايات المتحدة من العراق".
وينبه إلى أن "الوجود الأميركي يجب أن لا يُنظر إليه من منظار عسكري وأمني فقط، وإنما هو تحالف استراتيجي يجمع جميع الملفات بما فيها البُعد السياسي، حيث بوجود الحليف الأميركي يكون موقف العراق أقوى في علاقاته الدولية من بقائه بمفرده".
ويشير في الختام، إلى أن "مسألة البقاء مع التحالف الأميركي ضرورة يفرضها الحال، فلا زالت البنى التحتية والقدرة القتالية العراقية تحتاج إلى الولايات المتحدة، وفي حال استكملت مقومات القوة والقدرة، ولا تُهدد البلاد من قبل دول الجوار بقطع المياه عنها أو ابتزازها به مقابل البترول، آنذاك يمكن التفكير في مسألة إعادة النظر بالتحالفات".