شفق نيوز/ تسعى الحكومة العراقية إلى حل أزمة السكن في البلاد، من خلال العمل على توزيع أكثر من 500 ألف قطعة أرض سكنية في عموم المحافظات، وإنشاء مدن سكنية جديدة، وزيادة سقوف قروض الإسكان الممنوحة للمواطنين لمساعدتهم على بناء وحدات سكنية خاصة بهم.

ويعاني العراق من أزمة سكن كبيرة، حيث يقدر النقص الحالي بحدود 3 ملايين وحدة سكنية، وبينما أكد مختصون أهمية قروض مصرف الاسكان في التخفيف من حدة المشكلة، شددوا على ضرورة الأخذ بعين الاعتبار الأولوية والاستحقاق في هذا الجانب، ومنح هذه القروض لأصحاب الدخل المحدود والموظفين من أصحاب المرتبات القليلة.

لماذا الأزمة؟

في هذا الصدد، أشار المتحدث باسم وزارة التخطيط، عبد الزهرة الهنداوي، إلى وجود توجه لدى الحكومة لزيادة إنتاج الوحدات السكنية لاستيعاب الزيادات السكانية وردم الفجوة الموجودة في البلاد، وتضمّن البرنامج الحكومي توزيع أكثر من 500 ألف قطعة أرض سكنية، والعمل جارٍ على استكمال فرزها وتوزيعها في عموم المحافظات.

ولفت الهنداوي، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى "إدراج مدن سكنية جديدة ضمن المشاريع السكنية، وسيتم تنفيذها في بغداد والمحافظات، بالإضافة إلى منح مساحة للقطاع الخاص للاستثمار في السكن، فضلاً عن زيادة سقوف قروض الإسكان الممنوحة للمواطنين بشكل عام من دون استثناء، وبالتالي هناك أكثر من مسار يجري العمل عليه لمعالجة أزمة السكن في العراق".

وكان مجلس الوزراء العراقي قرر خلال جلسته الاعتيادية الخامسة عشرة التي عقدت بتاريخ 11 نيسان الجاري، زيادة سقف مبلغ قرض الإسكان ليكون 60 مليون دينار لمركز العاصمة بغداد وأقضيتها ونواحيها، ومراكز المحافظات وأقضيتها ونواحيها، استناداً إلى أحكام قانون الصندوق، وكذلك إلغاء سقف الإعمار التقاعدية.

وأوضح مجلس الوزراء في بيان، أن هذا القرار يأتي انسجاماً مع ما جاء في البرنامج الحكومي، في ما يتعلق بمعالجة ملف السكن، و بهدف تخفيف العبء عن المواطنين بما ينسجم مع الأوضاع الاقتصادية للبلد، والعمل على إسهام صندوق الإسكان العراقي بشكل أكبر في حل مشكلة السكن، ضمن خطة الإعمار التي تنتهجها الحكومة.

كم القرض؟

إلى ذلك، رأى أستاذ علم الاقتصاد في جامعة البصرة، نبيل المرسومي، أن "مصرف الإسكان قدّم بالعام الماضي قروضاً بحدود 6,5 تريليونات دينار، واستفاد منها 192 ألف مواطن عراقي، وكان مبلغ القرض آنذاك 75 مليون دينار، لكن تم تخفيض هذا القرض إلى 45 مليون دينار".

وتابع المرسومي، خلال حديثه للوكالة: "في قرار مجلس الوزراء الأخير، رفع المبلغ إلى 60 مليون دينار، لكن مع ذلك تقتضي الضرورة زيادة هذا المبلغ وارجاعه إلى 75 مليون دينار، ويُقسّط على 25 عاماً، حتى يستطيع المواطنين من ذوي الدخل المحدود والمتوسط أن يقتنوا وحدة سكنية والمساهمة في حل أزمة السكن الكبيرة".

وأوضح أن "العراق يعاني اليوم من أزمة سكن كبيرة، حيث هناك نقص في الوحدات السكنية بحدود 3 ملايين وحدة، وأن مصرف الإسكان له دور كبير في التخفيف من حدّة هذه المشكلة، فهو أكثر الجهات الحكومية فاعلية في مساعدة المواطنين على بناء وحدات سكنية خاصة بهم".

ما الحل؟

وكان مجلس الوزراء العراقي قرر في الجلسة الاعتيادية العاشرة التي عقدت بتاريخ 7 آذار الماضي، تشكيل فريق رفيع المستوى لوضع الحلول لإنهاء أزمة السكن في البلاد، مع مراعاة الطبقات الفقيرة والمحدودة الدخل.

ورأسَ الفريق وزير الإعمار والإسكان والبلديات والأشغال العامة، وعضوية كل من وزير البيئة ورئيس هيئة المستشارين، ورئيس الهيئة الوطنية للاستثمار، وأمين بغداد، ومحافظ المحافظة المعنية، ورئيس الدائرة القانونية في الأمانة العامة لمجلس الوزراء، ومدير عام دائرة التنمية الإقليمية/ وزارة التخطيط.

ويتولى هذا الفريق بحسب بيان حكومي سابق، "التخطيط والعمل والإشراف على تأسيس المدن الجديدة وإيجاد بيئة حيوية لإنجاحها، وتحقيق التوازن بين دعم مشاريع الإسكان لذوي الدخل المحدود وبين تشجيع القطاع الخاص والمستثمرين للمشاركة في إنشاء هذه المدن وتوفير الخدمات ورفع جودتها".

وخوّل مجلس الوزراء الفريق، "صلاحيات إقرار مخططات التنمية العمرانية الجديدة وإحالتها للمصادقة، والتفاوض مع المطوّرين والمستثمرين لتنفيذ البنى التحتية وغيرها من المشاريع الاستثمارية والمواضيع المتعلقة بإنشاء المدن الجديدة، وإعداد نماذج مبتكرة للشراكات مع القطاع الخاص من خلال منحهم فرصاً استثمارية في أماكن مميزة ومجدية اقتصادياً في العاصمة والمحافظات، مقابل ترغيبهم في إنشاء بنى تحتية ودور واطئة الكلفة في المدن الجديدة".

وكذلك خوّل مجلس الوزراء الفريق، "دراسة كراسات الشروط المرجعية ومعايير المشاريع والتنمية العمرانية في هذه المدن واتخاذ اللازم بشأنها، ودراسة طلبات الاستثمار للمدن الجديدة المرسلة إلى الفريق، واختيار المؤهل منها وإحالتها إلى هيئات الاستثمار لإصدار إجازات الاستثمار على وفق القانون.

لمن الأولوية؟

من جانبه، نبه الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد، إلى أن "إجراءات مبادرة صندوق الإسكان التي أعلنت عنها الحكومة تختلف عن إجراءات قرض البنك المركزي، من ناحية السداد ونسبة الفائدة"، موضحاً أن "مبادرة صندوق الاعمار والاسكان حددت نسبة فوائد بحجة أنها تحميلات إدارية، فالاختلاف بالتسمية فقط، لأن نسبة الفائدة تحمل على السداد الشهري وليست على المبلغ الكلي للقرض".

وقال عيد، لوكالة شفق نيوز، "أما بشأن من يتسلم القرض، فهناك محسوبية وشبهات في آلية التسليم والأشخاص المستلمين، وما يثير الشكوك هو عدم تحديد الفئات المستحقة ممن هم أصحاب الدخل المحدود، لذلك على الحكومة الأخذ بعين الاعتبار الأولوية والاستحقاق في هذا الجانب، ومنح الأولوية لأصحاب الدخل المحدود والموظفين من أصحاب المرتبات القليلة في مؤسسات الدولة قياساً بالمؤسسات الأخرى التي يتقاضى موظفوها رواتب ومخصصات عالية".

إدارة للمدن الجديدة

وكان المكتب الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، كشف في 13 نيسان الجاري، عن تشكيل دوائر حكومية جديدة تعنى بالمدن الجديدة.

وأعلن بيان لمكتب السوداني، عن "إنشاء بلدية علي الوردي في محافظة بغداد، وبلدية السلام في محافظة النجف، وبلدية المتنبي في محافظة واسط، وبلدية الديوانية الجديدة في محافظة الديوانية".

وكان رئيس مجلس الوزراء قد أكد في 8 تشرين الثاني 2022، أهمية تنفيذ مدن جديدة مخدومة، تتمتع بالبنى التحتية وفق نموذج اقتصادي والتزامات بين الحكومة والمواطن، وعدم الاكتفاء بتوزيع قطع أراضٍ تفتقر للخدمات وتنتج مدناً مشوهة.

الكفالة

رأى المواطن أبو حسين من محافظة كربلاء، أن "مبادرة قروض الإسكان جيدة"، لكنه يأمل أن تلتفت وزارة الاعمار والاسكان إلى موضوع الكفالة، و قبول الموظف - الذي يملك الأرض - كفالة نفسه بضمان راتبه، لتقليل الشروط وتسهيل إجراءات الإقراض".

ودعا أبو حسين، خلال حديثه للوكالة، إلى "شمول جميع الفئات بهذه القروض، لمساعدة أكبر شريحة ممكنة من المواطنين".