شفق نيوز/ بعد توقف دام لـ10 سنوات، أعلنت إدارة الخطوط الجوية العراقية عن بدء تسيير الرحلات المباشرة بين بغداد وبكين، في خطوة متأخرة لكنها مهمة اقتصادياً للبلاد، وفق مختصين في النقل الجوي والاقتصاد.

وبحسب بيان لإدارة الخطوط الجوية العراقية، ورد لوكالة شفق نيوز، فإن عودة تشغيل هذا الخط الحيوي بين العراق والصين والذي يعد الثاني من نوعه بعد قطاع (كوانجو) يعد خطوة مهمة لاسيما وأنه سيفتح آفاقاً جديدة من التعاون المشترك بين البلدين"، بحسب البيان.

تعزيز التنمية

ويعد النقل أحد أهم عوامل التنمية المستدامة وتوفير أكبر الفرص الممكنة لتحقيق سيولة في العمالة، موفراً لشركات الطيران فرص جذب لكوادر توظيف ذات مستوى جودة عالٍ، وفق الباحث في الشأن الاقتصادي، أحمد عيد.

وأضاف عيد، لوكالة شفق نيوز: "كما يساعد النقل الجوي في فتح أسواق جديدة، تخلق حالة من التنافس ما بين الشركات العالمية، مما يزيد من كفائتها، فتنخفض الخدمات المقدمة وتتنوع ويعود ذلك بالنفع للزبائن، وكذلك تساهم توسعة الطيران في تعزيز التنمية الاقتصادية والاجتماعية من خلال تحسين البنية التحتية وزيادة الحركة التجارية والسياحية".

وبحسبه، يساهم النقل الجوي وتوسعة العمل بمجال شركات الطيران في توفير فرص استثمارية واقتصادية عديدة، إلى جانب توفير فرص عمل كثيرة ومردود مادي قومي وتجاري يساهم في تحقيق عوائد مالية عالية لخزينة الدولة العراقية، إذا ما استثمرت بشكل مهني ونزيه بعيداً عن التأثيرات السياسية وعمليات الابتزاز والسيطرة الأحادية".

ووفق الباحث الاقتصادي، فإن مدخول الفرد العامل في قطاع الطيران أحد أعلى تلك المداخيل على مستوى العالم، ويقدر معدل دخل الفرد العامل في مجال النقل الجوي والطيران بحسب التقارير الدولية بحدود 65 ألف دولار بالسنة، بمقدار 5400 دولار بالشهر تقريباً، وهذا يعني أن العاملين في قطاع الطيران يساهمون بنسبة عالية أكثر من غيرهم في الاقتصاد العالمي".

ويتفق الخبير الاقتصادي، مصطفى فرج، مع ما ذكره أحمد عيد بشأن الأهمية الاقتصادية من توسعة الطيران، أبرزها تحفيز النمو الاقتصادي وتحسين الاتصال العالمي، حيث إن توسعة الطيران تزيد من القدرة الاستيعابية للمطارات وشركات الطيران مما يعزز حركة السياحة والتجارة.

وبين فرج، خلال حديثه للوكالة، أن "توسعة الطيران تخلق الكثير من فرص العمل، لأن توسعة البنية التحتية تتطلب استثمارات ضخمة وكذلك المنشآت والتكنولوجيا والخدمات، وهذه تتطلب أيدٍ عاملة".

نحو 40 خط طيران 

من جهته، قال المتحدث باسم وزارة النقل العراقية، ميثم الصافي، إن "لدى الخطوط الجوية العراقية أكثر من 40 منشأة داخلية وخارجية، ومن ضمن الخطوط الرئيسية هي خط الصين - بغداد التي تم افتتاحها اليوم، وأيضاً هناك خطوط بين بغداد وطهران وبغداد إسطنبول وأنقرة وأنطاليا وغيرها الكثير، كما هناك خطوط سوف تفتح مع تونس والرياض وغيرها".

وعن عدد الطائرات العاملة والعاطلة، أوضح الصافي، خلال حديثه للوكالة، أن "عدد الطائرات العاملة حالياً في الخطوط الجوية العراقية 25 طائرة، وسيتم إطلاق طائرة جديدة خلال هذا الأسبوع ليصبح العدد 26 طائرة، أما العاطلة فقد كان لدى الخطوط الجوية العراقية 24 طائرة عاطلة، وتم إعادة 10 طائرات إلى الخدمة، وبقيت 14 طائرة عاطلة، وسيتم إكمال صيانة 5 طائرات نهاية العام الجاري، وفي العام المقبل سيتم إعادة القسم الباقي وغلق ملف الطائرات العاطلة".

وتابع: "كما أن هناك 13 طائرة حديثة وسيكون العدد الكلي للطائرات الحديثة 31 طائرة نهاية عام 2027، وهذه ستكون اضافة نوعية للخطوط الجوية العراقية". 

وأكد أن "الإيرادات تضاعفت عام 2023 عن عام 2022، أما فيما يخص الأشهر الستة الأولى من عام 2024 فقد حصلت زيادة بحدود 90 بالمائة مقارنة بالعام السابق"، مبيناً، أن "في هذا العام غابت قضايا تأخير الرحلات وشكاوى المواطنين ضد الخطوط الجوية العراقية، وسيتم تفعيل الحجز الإلكتروني خاص بالخطوط الجوية العراقية نهاية العام الجاري".

أما فيما يخص الحظر الأوروبي، فإن الشركة العامة للخطوط الجوية العراقية عملت على اللجوء للتشغيل المستمر بإيصال المسافر العراقي إلى أوروبا وتعمل على التنسيق مع اتحاد النقل الجوي الدولي (الاياتا) فيما يخص الحظر الأوروبي والحصول على شهادة (الأيوسا) ومن بعدها الحصول على شهادة الـ(تي سي أو) التي سوف تتيح للخطوط الجوية العراقية الوصول إلى أوروبا، بحسب الصافي.

معاناة مئات الآلاف

بدوره، ذكر الخبير في مجال الطيران، فارس الجواري، أن "شركات النقل الجوي خصوصاً النواقل الوطنية في أي دولة تعتبر داعم اقتصادي قوي، وإذا كانت هذه الشركات تعمل وفق سياقات صحيحة وتوفر خدمة ممتازة للمسافرين وخصوصاً في تلك الدولة حينها ستكون وارداتها كثيرة". 

لكن وبحسب الجواري، الذي تحدث لوكالة شفق نيوز، فإن  الخطوط الجوية العراقية باعتبارها الناقل الوطني لم تصل حتى الآن إلى مرحلة تلبي فيها كل متطلبات المواطن العراقي، ونلاحظ بين فترة وأخرى افتتاح خط معين واليوم تم فتح خط بكين، لكن هناك خطوط أخرى بحاجة إليها المواطن العراقي، لكن هي مغلقة نتيجة الحظر الأوروبي ونتيجة لوجود تلكؤ في إدارة الشركة لمعالجة هذا الموقف".

ولفت إلى أن "خط الصين الذي افتتح اليوم في العراق، كانت دول الخليج لديها منذ وقت طويل بالإضافة إلى دول آسيا الأخرى من ماليزيا والهند وغيرها، لكن العراق كان يفتقر له ما أثر على المواطن العراقي، فقد كان بدل ما يذهب مباشرة من مطار بغداد إلى مطارات آسيا كان يذهب ترانزيت، وهذا يكلفه مالياً ويأخذ من وقته إضافة إلى كونها عملية متعبة للمسافر". 

وزاد بالقول: "كذلك الحال مع دول أوروبا، حيث هناك مئات الآلاف من العراقيين المغتربين في أوروبا يعانون من السفر إلى العراق حيث يجب عليهم الذهاب إلى الأردن أو قطر أو الإمارات وغيرها ليستطيع الوصول إلى العراق، في حين لو كانت هناك إدارة حقيقية لشركة الخطوط الجوية العراقية في معالجة أزماتها لم يكن ليحصل هذا الموقف".

وأكمل: "لكن يلاحظ مؤخراً، أن هناك اهتماماً أكثر من قبل رئاسة الوزراء في موضوع الحظر الأوروبي وخاصة في الاجتماع الأخير الذي حضره رئيس الوزراء، ونأمل أن يتم رفع هذا الحظر، لكن هذا الحظر لا يرفع باجتماعات بل له أسباب أغلبها فنية وتقنية، ويجب على إدارة الشركة أن تتجاوزها، خصوصاً وأن هذا الحظر مضى عليه 10 سنوات وعليه علامات استفهام لعدم معالجته طول تلك الفترة الماضية، لكن مشخص لدينا كمراقبين بأنه يعود إلى سوء إدارة من الشركة نفسها".

السوداني ورفع الحظر

يذكر أن رئيس مجلس الوزراء محمد شياع السوداني، ترأس في 23 حزيران الماضي، اجتماعاً للّجنة المكلفة بإنهاء ملفّ الحظر الأوروبي على الخطوط الجوية العراقية.

وذكر بيان صادر عن المكتب الإعلامي للسوداني، أن الأخير اطلع على الإجراءات التي اتخذتها اللجنة المختصة ضمن جهود إنهاء الحظر ومتطلباته، وفي مجال تطوير عمل شركة الخطوط الجوية وأتمتة مفاصلها كافة، وكذلك في مجال إصلاح الطائرات وإدامتها، واستمرار جهود تطوير قدرات كوادر الشركة ومنشآتها، والارتقاء بمستوى الخدمات المقدّمة للمسافرين، بما يتناسب مع مكانة ودور الخطوط الجوية، بوصفها واجهة حضارية للعراق.

وشدد على ضرورة الإيفاء بمتطلبات منظّمة الطيران المدني الدولي (ICAO)، واتحاد النقل الجوي الدولي (IATA) بأسرع وقت ممكن، ومواكبة التطوّر العالمي في مجال النقل الجوي للمسافرين والبضائع، وكذلك العمل على وفق توقيتات زمنية محددة لتحديد المستهدفات وإنجازها.

وأكد السوداني أن رفع الحظر عن الخطوط الجوية العراقية من الملفات التي تحظى باهتمام كبير من قبل الحكومة، وهو ملفّ لا يمكن التهاون إزاءه، وبين أنه سيتم اتخاذ الإجراءات القانونية بحقّ المقصرين تجاه الإيفاء بمتطلبات ومتابعة هذا الملف.

وكان وزير النقل الأسبق، عضو في البرلمان العراقي الحالي عامر عبد الجبار، قد أعلن في شهر حزيران من العام 2023، تمديد الحظر الجوي على الطيران المدني العراقي في الأجواء الأوروبية.

وقال عبد الجبار في بيان حينها، إن وكالة سلطة الطيران الأوروبية الـ EASA أصدرت تمديد الحظر على شركة الخطوط الجوية العراقية.

ووقع الحظر الجوي على شركة الخطوط الجوية العراقية في الأجواء الأوروبية منذ العام 1991 بعد غزو نظام صدام حسين لدولة الكويت وفرض عقوبات دولية على البلاد إثر ذلك، وبحسب عبد الجبار، لم يتم رفعه إلا في العام 2009 أبان عملنا في وزارة النقل 2008/2010.

وزاد بالقول: بعد مغادرتنا الوزارة نهاية 2010 بدأ منحى الأداء لهذا القطاع بالتراجع حتى تكلل في آب من العام 2015 بإعادة الحظر مجدداً".

كما أشار إسماعيل إلى أنه منذ العام 2015 لم تدرك الحكومات المتعاقبة بأن الحظر ليس شأناً سياسياً ولا قضية عشائرية ولا ينفع سفر التوسل والترجي ولا تحتاج جاهاً أو صاحب (بخت) أي حظ.

وتابع بالقول إن الأمر هو أن هناك لوائح لمنظمة الدولية للطيران المدني ICAO ولوكالة سلامة الملاحة الجوية الأوروبية EASA لابد من تطبيقها.