شفق نيوز/ ما فعله تنظيم داعش بآثار الموصل لم يكن مفاجئاً انطلاقاً من فكره الظلامي القائم على أن كل ما هو منحوت مخالف لشريعته، لذا قام بسرقة ونهب ما يخف حمله وتحطيم التماثيل والمنحوتات الأثرية، لكن يبدو أن داعش ليس منفرداً بهذه النظرة للآثار فهناك جهات رسمية حكومية ترى هي الأخرى لا تبالي بالقيمة التاريخية والوطنية للآثار.

الموصل مدينة عمرها آلاف السنين وفيها آثار لمختلف الحضارات العراقية وغير العراقية لا يتسع المقام لذكرها، ومنها سور نينوى التاريخي قرب بوابة نركال الاثرية، هذا السور لم يسلم من التخريب لكن هذه المرة من قبل دائرتيّ بلدية الموصل والآثار وليس من قبل داعش.

ترهيب بسلاح حكومي

النائب السابق جوزيف صليوه، عقد مؤتمراً صحفياً قرب سور نينوى الاثري، حضرته وكالة شفق نيوز، ووصف تجريف السور بأنه "كارثة حقيقية وجريمة ترتكب بحق اثار نينوى".

وقال صليوه انه التقى بموظفي دائرة الاثار في نينوى ولاحظ انهم قد "تعرضوا لضغوط ولا يستطيعون الحديث بالأمر"، عاداً الموضوع بأنه "ابعد من اثار نينوى وتاريخها فهنالك محاولات لتغيير ديموغرافي يستهدف الموصل واهلها، وهنالك جهات متنفذة تقف وراء هذه القضية، وكذلك هناك مجاميع مسلحة تعمل باسم الحكومة العراقية هي من تسعى لهذا الامر".

وناشد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بإيقاف ما يحدث من جرائم بحق اثار نينوى، مضيفاً "حتى سكان المنطقة القريبة من السور على ما يبدو قد تعرضوا للترهيب ايضاً".

وفيما يخص تعويض مالكي الارض المجاورة للسور والتي صادرها النظام السابق وقامت بلدية الموصل مؤخراً بمد شارع فيها، قال صليوه "اني امتلك وثائق تثبت انهم استلموا التعويض وسأقدمها للجهات المعنية".

وحذر الحكومة العراقية من تجاهل ما يحدث، مهدداً بأنه سيلجأ الى الجهات الدولية لمنع ما يجري.

تعتيم إعلامي

مصادر امنية أكدت لمراسل وكالة شفق نيوز، ان دائرتي الاثار والبلدية قامتا اليوم بسحب الاليات من موقع التجريف الى جهة مجهولة قبيل وصول النائب السابق جوزيف صليوه الى موقع السور، فيما حاولت قوة امنية منع صليوه من عقد المؤتمر ومنعت ايضا المصورين من تصوير السور وما تبقى من احجاره.

لكن صليوه عقد المؤتمر وتحدث بالتفاصيل التي ذكرها فيه، وعلى اثر الضغوط والغضب الشعبي اجبر محافظ نينوى على ايقاف العمل في تجريف السور.

الناشط المدني الموصلي سعد عامر، قال لشفق نيوز، ان ما يجري "امر كارثي وما بدأه داعش من تدمير للاثار تعيده اليوم الحكومة المحلية ويجب ان يتدخل رئيس الوزراء لمنع ما يجري في نينوى".

الأزمة المالية حاضرة

بالتزامن مع مؤتمر صليوه، كان قائممقام الموصل زهير الاعرجي يتحدث في مؤتمر صحفي عن الموضوع.

وقال الاعرجي ان "الحكومة المحلية مجبرة على انشاء شارع جديد بمحاذاة القديم بسبب قرار قضائي بعد دعوى رفعتها العائلة المالكة للأرض التي أقيم عليها الشارع منذ عد سنوات وقد حصلت على القرار عام 2014 ولكن لم يتم ازالة الشارع بسبب دخول داعش للمدينة واحتلالها".

وأضاف "بعد التحرير قامت العائلة باستئناف الدعوى وحصلت على قرار قضائي عام 2019 يلزم الحكومة المحلية بإعادة الارض وتحريف الشارع عنها والذي سيمتد بالقرب من السور الاثري ويكون ضمن المحرمات الاثارية".

وبشأن التعويضات أوضح الاعرجي أن دائرة البلدية "لا تستطيع تعويض اصحاب الارض لان قيمتها اليوم تصل الى 90 مليار دينار لانها من الاراضي المميزة في الموصل وستتحمل الحكومة المحلية تكلفة ازالة الشارع القديم وانشاء شارع محاذي له بتكلفة 3 مليارات دينار ولا تمتلك الحكومة المحلية اي خيار بديل وهي ملزمة بتنفيذ اوامر القضاء".

بدوره يقول مدير بلدية الموصل رضوان الشهواني، لمراسل شفق نيوز "نحن لا نملك اي حلول بديلة سوى تنفيذ الاوامر القضائية وهذه القضية عليها نزاع منذ عهد المحافظ الاسبق اثيل النجيفي".

وتابع "نحن اما ان ندفع ثمن الارض والذي يبلغ 90 مليار دينار او ان نقوم بإعادتها الى اصحابها وانشاء شارع جديد بتكلفة 3 مليارات دينار وهذا ما اوصى به اخر قرار قضائي صدر عام 2019 ونحن ملزمون بالتنفيذ".