شفق نيوز/ بعد انقطاع دام لـ10 سنوات، يترقب العراقيون عودة مجالس المحافظات إلى العمل بعد اختيار اعضائها في الانتخابات التي جرت في 18 كانون الأول الجاري، وسط مخاوف من تكرار تجربة الدورات السابقة التي فشلت في تقديم الخدمات المعنية بها، بل كانت جزءاً من الفساد والصفقات والمحاصصة، بحسب مراقبين.
وتعد مجالس المحافظات بمثابة السلطة التشريعية والرقابية في كل محافظة، وتتمتع هذه المجالس المنتخبة بالحق في إصدار التشريعات المحلية، بما يمكنها من إدارة شؤونها وفق مبدأ اللامركزية الإدارية، دون أن يتعارض ذلك مع الدستور والقوانين الاتحادية التي تندرج ضمن الاختصاصات الحصرية للسلطات.
وتمتد الدورة الانتخابية لمجالس المحافظات 4 سنوات تبدأ مع أول جلسة لها، ويتكون مجلس المحافظة الواحد من 10 أعضاء، يضاف إليه مقعد واحد لكل 200 ألف نسمة لما زاد على مليون نسمة، وفقا لآخر إحصائية سكانية تم وضع سجل الناخبين من خلالها.
تحت رقابة البرلمان
تعتبر مجالس المحافظات من الجهات الحكومية، ومن حق أعضاء مجلس النواب الرقابة والتدقيق والمحاسبة لعمل مجالس المحافظات وكل مؤسسات الدولة، ضمن ما يسمح به القانون كجهة رقابية وتشريعية، وفق النائب عن ائتلاف دولة القانون، عارف الحمامي.
ويؤكد الحمامي لوكالة شفق نيوز، أن "الكثير من المحافظات تعاني من تدني مستوى الخدمات لذلك على مجالس المحافظات تغيير هذا الواقع وأن تُحسن اختيار المحافظ ومدراء الوحدات الإدارية والدوائر، وتكون لها رقابة وسلطة تامة على عمل المحافظ".
الخروج من سطوة الأحزاب
من جهته، يقول القيادي في تحالف تقدم، أنور العلواني، إن "المواطن يأمل بأن تكون هذه المجالس - بعد توقفها لأكثر من 10 سنوات واستفراد المحافظين بالعمل - خدمية وليست حزبية يهيمن عليها رؤساء الكتل والأحزاب".
ويضيف العلواني لوكالة شفق نيوز، أن "بعض المحافظات تعاني من سوء الخدمات، لذلك لا بد من خروج أعضاء مجالس المحافظات من سطوة الأحزاب، ومراقبة عمل المحافظين، والاستماع للمواطن، وتقديم المصلحة العامة على مصلحة الأحزاب".
استغلال الموازنة بطريقة صحيحة
وفي هذا السياق، ينبّه المحلل السياسي، كتاب الميزان، بأن "مجالس المحافظات سوف تتمتع بميزانية سنتين على عكس الدورات السابقة، لذلك ستكون هناك أموالاً كبيرة مخصصة لهذه المحافظات، لكن ما يثير المخاوف بحكم التجارب السابقة، أنه كلما زادت حجم الأموال كلما كان هناك فساد أكبر، وبالنتيجة فشل في تقديم الخدمات".
ويتابع الميزان حديثه لوكالة شفق نيوز، "كما أن البلاد لا تعيش في نظام مثالي، بل في نظام يشوبه الكثير من الملاحظات، من ملفات الفساد والصفقات والمحاصصة، لذلك ستكون المحاصصة موجودة".
واستدرك قائلاً، "لكن هناك طموحات بأن تكون تجربة مجالس محافظات الجديدة فريدة، وأن تؤسس لرؤية أو مشروع حقيقي في المحافظات للنهوض بالواقع الخدمي، واستغلال هذه الموازنات بالطريقة الصحيحة خدمة للمواطنين، وتفعيل الدور الرقابي بمراقبة وتدقيق هذه الأموال والمشاريع".
كسر الصورة النمطية
من جانبه، يشير المحلل السياسي، حميد الهلالي، إلى أن "هناك صورة نمطية لمجالس المحافظات من الصعوبة إزالتها إلا بجهد استثنائي، كون هذه المجالس ينظر إليها كحلقة زائدة، والتفاعل مع ذلك سيكون صعباً".
ويؤكد الهلالي لوكالة شفق نيوز، أن "على الأعضاء المنتخبين تغيير هذه الصورة النمطية بأذهان الناس، من خلال العمل المتواصل والابتعاد عن الامتيازات والتغانم والمحاصصة، ويكون هدفهم الأول هو الخدمة، فهي التي سوف تقربهم من المواطن".
ويوضح، أن "محافظي كربلاء والبصرة وواسط، نجحوا وحققوا أرقاماً قياسية بسبب تقديمهم الخدمة وليس الوعود فقط، لذلك المطلوب من المجالس زيادة العمل وتكريس جهودها على تقديم خدمة متميزة للمواطنين، وترك السمة السابقة التي اتسمت بها مجالس المحافظات من السعي وراء الامتيازات والتعيينات والتدخل في شؤون الوزارات وغيرها".
وأظهرت النتائج الأولية لانتخابات مجالس المحافظات العراقية، فوز حزب تقدم بزعامة رئيس البرلمان "المقال" محمد الحلبوسي بأعلى الأصوات في العاصمة بغداد، في حين تصدر تحالف "نبني" بزعامة هادي العامري وائتلاف "دولة القانون بزعامة نوري المالكي على أبرز النتائج.
وكان الإطار التنسيقي قد أعلن يوم الأربعاء من الأسبوع الماضي عن تشكيل كتلة الإطار التنسيقي في جميع المحافظات للاسراع بتشكيل المجالس المحلية لتقديم الخدمات استمراراً واستكمالاً لجهود الحكومة الاتحادية التي تميزت بها طيلة السنة الماضية.
وحصلت أحزاب الإطار التنسيقي، معاً على 101 مقعد على الأقل من 285 مقعداً متاحاً في انتخابات مجالس المحافظات التي أجريت الأسبوع الماضي مما يمنحها أكبر حصة بين بقية القوائم.