شفق نيوز/ ذكر معهد "دول الخليج في واشنطن" الأمريكي أن المسؤولين والمواطنين الكورد يتزايد انشغالهم بالسباق للبيت الأبيض، مرجحاً أنهم قد يستفيدون أكثر في حال فازت المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس ضد الجمهوري دونالد ترامب.

وبعدما قال التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، إن نتائج انتخابات إقليم كوردستان مهمة لأنها قد تعيد تشكيل خريطة الحكم في الإقليم وتؤثر على الديناميكيات السياسية داخل كوردستان والعراق، أوضح أنه برغم أهمية هذه الانتخابات المحلية، إلا أن العديد من المسؤولين والمواطنين الكورد، منشغلون بشكل متزايد بالتطورات التي تقع خارج حدودهم، خصوصاً بشكل محدد الانتخابات الرئاسية الأمريكية في 5 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل.

وبحسب التقرير فإن الكورد يتساءلون عمن سيكون المرشح الأفضل بالنسبة إلى الشعب الكوردي، المرشحة الديمقراطية كامالا هاريس أم خصمها الجمهوري دونالد ترامب، حيث أن من سيفوز في الانتخابات يمكن أن يترك آثاراً كبيرة على مستقبل الشعب الكوردي والحكم الذاتي الذي حصلوا عليه بصعوبة في الإقليم، خصوصاً خاصة في ظل الانسحاب المقرر للقوات الأمريكية من العراق بحلول العام 2026.

وأشار التقرير إلى أنه بناء على طلب حكومة الإقليم، فإن الحكومة العراقية وافقت على السماح بتمركز قوة أمريكية في قاعدة حرير في أربيل بعد العام 2026 في إطار مهمة مكافحة الإرهاب ودعم المهمة الأمريكية في سوريا.

لكن التقرير لفت إلى وجود مخاوف كوردية خصوصاً في حال فاز ترامب في الانتخابات، إذ أنه قد يعمد إلى سحب القوات فجأة وسيكون أقل اهتماماً بالإبقاء على قاعدة دعم لوجستية أمريكية في إقليم كوردستان.

واعتبر التقرير أنه سيكون لذلك تداعيات على الكورد الذين اعتمدوا تاريخياً على درجة معينة من الدعم الأمريكي للتعامل مع الديناميكيات الجيوسياسية غير المواتية في الشرق الأوسط، حيث تحاول السلطات المركزية في أحيان كثيرة، تقويض استقلالهم وقمع تطلعاتهم الوطنية.

تاريخ كوردي أمريكي معقد

وذكر التقرير أن السياسة الخارجية الأمريكية في الشرق الأوسط أدت إلى تحقيق مكاسب وانتكاسات أيضاً، موضحاً أن الطبيعة المتقلبة للسياسة الخارجية الأمريكية تسببت في كثير من الأحيان بوقوع الكورد في مرمى النيران، مع التضحية بمصالح الكورد من أجل مصالح إستراتيجية أوسع.

وبحسب التقرير فإن التعقيدات في العلاقات كانت واضحة بشكل خاص مع الإدارات الجمهورية، مشيراً إلى أن التحولات الجيوسياسية الأكثر أهمية بالنسبة للكورد جرت خلال الرئاسات الجمهورية في واشنطن، بما في ذلك اتفاقية الحكم الذاتي الكوردي عام 1970، وانتفاضة العام 1991 التي قادت إلى الحكم الذاتي الكوردي في العراق، والتدخل العسكري في العام 2003 الذي أطاح بصدام حسين والتي وصفها التقرير بأنها كانت من اللحظات المفصلية في إعادة صياغة المنطقة وتعزيز التطلعات الوطنية الكوردية.

وفي الوقت نفسه، قال التقرير إن الإدارات الجمهورية أشرفت على بعض النكسات الأكثر إيلاماً بالنسبة للكورد، بما في ذلك انهيار الثورة الكوردية في العام 1975، وسحق الانتفاضة الكوردية في العام 1991، وخسارة الأراضي الكوردية في العراق بعد أن أدى استفتاء الاستقلال العام 2017 إلى نتائج عكسية، مشيراً بذلك إلى هجوم شرس لقوات عراقية بدعم من الميليشيات الشيعية ضد المواقع الكوردية بموافقة ضمنية من ترامب.

وتابع التقرير أن هذا الهجوم العسكري أدى إلى إجبار القوات الكوردية على تسليم ما يقرب من 40% من الأراضي التي كانت تسيطر عليها سابقاً، مضيفاً أن خسارة الأراضي هذه لم تكن مجرد هزيمة عسكرية، بل أنها خلقت "تأثير الدومينو" الذي أضعف بشكل خطير المكانة السياسية والاقتصادية والدبلوماسية لإقليم كوردستان.

واعتبر التقرير أن ذلك أدى إلى إضعاف السيطرة الكوردية على هذه المناطق وتقويض قدرة الكورد على المساومة ضمن الإطار السياسي العراقي الأوسع، والحد من سيطرتهم على الموارد الاقتصادية الإستراتيجية، وإضعاف قدرتهم على المشاركة بفعالية على الساحة الدولية، وهو ما أثار بحسب التقرير "أزمة وجودية" بالنسبة للكورد.

مواقف متناقضة للأحزاب الكوردية

وقال التقرير إن هناك آراء متنوعة للمسؤولين الكورد فيما يتعلق بالرئاسة المحتملة لترامب أو هاريس، مضيفاً أن هذه الآراء غالباً ما تعكس المشهد الجيوسياسي الأوسع والتحالفات الإستراتيجية للدول المجاورة.

وأوضح التقرير أن مواقف الحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني تمثل رؤيتهما الإستراتيجية لدفع القضية الكوردية، مشيراً أيضاً إلى أن مواقفهما مرتبطة بالتمييز بين أي من الإدارتين التي قد تؤثر على صعود أو سقوط الحزب المنافس لها.

وأضاف التقرير أن الخيارات التفضيلية للمسؤولين الكورد لا تبرز الديناميكيات السياسية الكوردية الداخلية فقط، وإنما تشير أيضاً إلى الشبكة المعقدة من التحالفات والمنافسات الإقليمية التي تملي الخيارات الإستراتيجية للحزب الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني، حتى إذا ارتبطت المسألة بتفضيلهما إدارة ديمقراطية أو جمهورية.

لكن التقرير قال إن الحزب الديمقراطي الكوردستاني، يميل إلى النظر لنهج ترامب، غير الممكن التنبؤ به ويتسم بالتهور في السياسة الخارجية باعتباره حافزاً محتملاً لاضطرابات كبيرة في الشرق الأوسط، وهي الاضطرابات التي يراها التقرير بأنها قد تخلق فرصاً جديدة للكورد لتعزيز قضيتهم.

وأضاف التقرير أنه برغم تعرض إقليم كوردستان لانتكاسات خطيرة خلال إدارة ترامب، إلا أن المسؤولين الكورد، وخصوصاً من الحزب الديمقراطي الكوردستاني، أعربوا عن تقديرهم لإمكانية الوصول السريع والسهل إلى مسؤولي الإدارة الأمريكية وكبار المستشارين، إلا أن هذا الوضع لم يكن هو نفسه خلال إدارة الرئيس جوزيف بايدن، الأمر الذي أثار شعوراً بالإحباط لدى حكومة إقليم كوردستان.

ورأى التقرير أنه كنتيجة لذلك، فإن الحزب الديمقراطي الكوردستاني يفضل بشكل عام إدارة ترامب، بناء على الاعتقاد بأنها قد تؤدي إلى نتائج أكثر إيجابية لإقليم كوردستان، وبما يعزز مكانته السياسية والاقتصادية.

ولفت التقرير إلى أن موقف الحزب من ترامب مشابه لموقف تركيا أيضاً، مبيناً أنه على العكس من ذلك، فإن الاتحاد الوطني الكوردستاني يشعر بالقلق إزاء عدم القدرة على التنبؤ بتصرفات ترامب، ويرى في هاريس اتساقاً ودعماً للوضع الراهن.

وأوضح التقرير أن خيار التفضيل هذا من جانب الاتحاد الوطني الكوردستاني، يشير إلى غرائز هذا الحزب الأكثر حذراً فيما يتعلق بتقييم المكاسب والأضرار المحتملة التي قد تنتج عن التغيير داخل الإدارة الأمريكية.

ونبه التقرير إلى أن موقف الحزب من الإدارة الأمريكية مشابهة لموقف الحكومة العراقية الحالية وإيران، حيث يتمتع كلاهما بعلاقات أفضل مع الاتحاد الوطني الكوردستاني مقارنة بالحزب الديمقراطي الكوردستاني.

واعتبر التقرير أن مواقف الكورد تكشف عن تقييمهم الخاص للميزات الرئيسية لكل حزب سياسي أمريكي فيما يتعلق بالمنطقة، موضحاً أن الإدارات الجمهورية قامت بدور فعال في تشجيع التحولات التحويلية في الإطار الجيوسياسي في الشرق الأوسط، وبالتالي خلق مساحات جديد أمام الكورد.

وفي المقابل، قال التقرير إن الإدارات الديمقراطية عادة ما تمنح الأولوية لتعزيز هذه المكاسب وتحقيق استقرارها، مضيفاً أنه بينما كان الدور الجمهوري محوري في تغيير الواقع الكوردي، فإن الديمقراطيين هم في أحيان كثيرة الذين لعبوا دوراً حيوياً في ضمان استدامة واستمرارية هذه التطورات.

وختم التقرير بالقول إنه في ظل شرق أوسط غير مستقر، فإن السياسة الخارجية الأمريكية المستقرة من شأنها أن توفر للكورد في العراق شعوراً باليقين والاطمئنان، وهو ما يمكن أن يساعد الكورد على التعامل مع الديناميكيات الصعبة في المنطقة، حيث يخضع استقلالهم الذاتي في أحيان كثيرة ليكون عرضة للميادين السياسية المتقلبة ولتصرفات جيرانهم.

وخلص إلى القول إن التركيز بشكل أكبر على الحفاظ على البقايا الأساسية للمكاسب السياسية التي تم تحقيقها بصعوبة، على حساب إمكانية تحقيق مكتسبات من خلال الفوضى الخلاقة لإدارة ترامب المتهورة، والتي يحتمل أن تكون انعزالية، يقود إلى استنتاج مفاده أن إدارة هاريس ستكون بمثابة رهان أكثر ضمانة للكورد.

ترجمة وكالة شفق نيوز