شفق نيوز/ اعتبرت صحيفة "الفايننشال تايمز" ان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الذي اعلن في "أداء مسرحي"، انسحابه ثم عودته الى المعركة الانتخابية، قد يكون "البديل الجذاب" عن الجماعات العراقية الموالية لإيران، لكن خروجه منتصرا في انتخابات اكتوبر المقبل، ليس مضمونا.
واشارت الصحيفة في تقرير لها ترجمته وكالة شفق نيوز، إلى ان الصدر، الخصم السابق للولايات المتحدة، يعتبر الان احد أكثر الشخصيات السياسية نفوذا في العراق، حزبه من الانتخابات البرلمانية الشهر المقبل.
وذكرت بان الصدر، صاحب أكبر كتلة برلمانية، انسحب لفترة قصيرة، ثم بالنظر الى طبيعته السياسية المسرحية وغير المنتظمة التي ينخرط فيها كثيرا، تراجع عن القرار بعد شهرين، وهو يراهن على مضاعفة حصته من المقاعد وتعيين رئيس الوزراء المقبل.
ونقلت الصحيفة عن العضو البارز في التيار الصدري ضياء الاسدي قوله ان الصدر "اعلن اننا نريد منصب رئيس الوزراء"، في اشارة الى موقف يجري عادة الاتفاق عليه من خلال المفاوضات البرلمانية.
وتابعت الصحيفة ان جماعة الصدر برزت في السنوات الاخيرة كأحد اكبر القوى السياسية في العراق وهي مصممة على الاستفادة من انتخابات اكتوبر لتعزيز هذا الصعود، مضيفة انه بالنسبة الى بعض صناع السياسة الغربيين القلقين من النفوذ الايراني في العراق ، فان "الرجل الذي وصفته وسائل الاعلام الامريكية بانه الاكثر خطورة في العراق، قد يثبت انه بديل جذاب للجماعات الاكثر ولاء لايران".
وقالت كبيرة محللي الشؤون العراقية في معهد الازمات الدولية لاهيب هيجل "لقد تحسنت العلاقة بين الصدر والغرب بشكل ملحوظ خلال السنوات القليلة الماضية، حيث ينظر الى الصدر بشكل متزايد على انه بديل قومي وعازل محتمل ضد الاحزاب الاكثر ميلا لايران".
ولتدليل على مدى التغير الذي طرأ على الجماعة، فقد التقى الصدريون العاملون في الحكومة العراقية بدبلوماسيين غربيين. وقال الاسدي "ان توجه التيار الصدري هو الانفتاح على العالم"، مضيفا ان ذلك يجب ان يكون على اساس المصلحة المشتركة، ويجب الا يكون لاي دولة الحق في التدخل في الشؤون العراقية.
واشارت الى ان تحالف الصدر فاز في العام 2018 بمقاعد اكثر من اي كتلة اخرى في البرلمان المؤلف من 329 مقعدا، مستفيدا ايضا من ضعف الاقبال على التصويت، حيث ضاعف التيار حصته منذ العام 2014 ، وحصل على 54 مقعدا ، مما يجعله اكبر كتلة برلمانية.
واضافت ان ضعف الاقبال على التصويت قد يكون في صالح الصدر مجددا هذه المرة. وقال الاسدي: انه "حتى لو لم يحقق (الصدريون) اكبر عدد من المقاعد الـ 100 المتوقعة، اعتقد ان العدد سيزداد".
وذكرت الصحيفة بانه في ظل النظام السياسي الذي اقيم بعد الاطاحة بصدام حسين، لم تتمكن اي جماعة سياسية من الحصول على الاغلبية، واجبرت الفصائل المتنافسة على تقاسم السلطة.
ولفتت الى انه فيما لم يتولى الصدر منصبا حكوميا في العام 2018، الا ان نفوذه ازداد في عهد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الذي اعتمد على الصدر لتحقيق توازن مع القوة المتزايدة للنواب الموالين لايران، والمرتبط بعضهم بالميليشيات.
وبعدما وتساءلت الصحيفة عما اذا كان الصدر "معاد حقا لايران"، ذكرت بانه في الايام الاولى لجيش المهدي، كان الكثيرون ينظرون الى الصدر على انه "وكيل ايراني"، لكن تلك العلاقة الوثيقة توترت. ويقول الصدر الان معارضته للتدخل الخارجي في العراق تشمل ايران، وهو خبر يلقى ترحيبا بالنسبة الى الغرب.
وقال الاكاديمي في كلية هارفارد كينيدي مارسين الشمري ان احدا لا يصدق تلك الرواية بان لا علاقات له مع ايران، او انه لن ينتقل بتحالفه الى الايرانيين. لكنه في الوقت نفسه، بامكانه ان يشير الى الميليشيات الموالية لايران ويقول انظروا: انهم من يطلقون الصواريخ على السفارة الامريكية.. ونحن يجب ان نكون الطرف الفاعل العقلاني والموثوق الذي يضع مصلحة العراق في الاعتبار".
ونقلت الصحيفة عن احد الدبلوماسيين الغربيين قوله ان الصدريين اتخذوا في العام الماضي "قرارا متعمدا للتواصل مع بريطانيا والولايات المتحدة"، في تعبير عن اداركهم بانهم اذا لعبوا دورا اكثر بروزا في الحكومة، فان العلاقات المبدئية مع قوى الغرب ستكون مفيدة.
وبرغم ذلك، نفى المتحدث باسم السفارة الامريكية اي اتصال من الصدريين، كما رفضت بريطانيا التعليق.
واشارت الصحيفة الى انه ليس الجميع مقتنعون بان الصدر سيفوز مجددا لان "سلوكه الخاطئ وبلطجة مؤيديه قد يجعله يخسر ناخبيه".
ونقلت عن هيجل قولها ان تراجع الصدر عن تأييد الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في جنوب ووسط العراق في اكتوبر العام 2019 ربما يأتي بنتائج عكسية.
اشارت الابحاث التي نشرها مركز "تشاتام هاوس" البريطاني في يونيو/حزيران الى ان الصدريين حصلوا على النصيب الاكبر من المناصب "الخاصة، وهي مناصب قوية في الخدمة المدنية يتم تقاسمها بين الاحزاب السياسية.
قال رئيس المجلس الاستشاري العراقي فرهاد علاء الدين ان الصدريين اليوم لم يعودوا كما في عام 2004، ومنهجيتهم مختلفة".
وعلى الرغم من وضع انفسهم على انهم من خارج النظام، قال علاء الدين ان الحركة "تؤمن بقوة ببقائهم في الحكومة وكجزء من النظام".