شفق نيوز/ خلص موقع "دوتشيه فيله" الالماني الى ان العراق الذي يقف على مفترق طرق حيث تتزايد الامال بتعزيز الديمقراطية وتظهر معارضة حقيقية، فانه يشهد تصاعدا في اعمال العنف السياسي التي تستهدف اطرافا داخلية في محاولة من القوى الخاسرة في الانتخابات لقلب الاوضاع لصالحها قد تنذر بـ"حرب أهلية".
وبعدما اشار تقرير للموقع الالماني ترجمته وكالة شفق نيوز، بأن "هناك زيادة خلال الشهر الماضي في العنف السياسي"، لفت الى ان "الهجمات لا تستهدف هذه المرة القواعد والقوافل الامريكية، وانما بعض الاهداف غير المألوفة، مثلما جرى في القاء قنابل يدوية على مكاتب تابعة لاحزاب سياسية اسلامية سنية وكوردية في بغداد، وعلى بنكين مملوكين للكورد، وهجوم مسلح على منزل رجل دين شيعي في محافظة المثنى، واغتيال قيادي بارز في جماعة شيعية مسلحة في محافظة ميسان".
واعتبر التقرير بانه "برغم تنوع هذه الاهداف وتعددها، فانها تشترك جميعا في أمر ما، حيث ان جميعهم قام بشيء ما يشكل اهانة للخاسرين في الانتخابات الاخيرة".
ونقل التقرير عن خبراء قولهم، إنه "برغم ان اي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن الهجمات، الا هذه الاحزاب التي خسرت في الانتخابات، تنحو نحو العنف لتتخطى نتائج الانتخابات"، مضيفا ان "هذا التصعيد في الهجمات هو كنتيجة لتفاقم التوترات في ظل اقتراب تشكيل الحكومة الجديدة".
وفي حين ان الكتلة الصدرية بقيادة مقتدى الصدر، كانت الفائز الاكبر في الانتخابات، فان تحالف الفتح كان الخاسر، وهو تحالف مرتبط بقوات الحشد الشعبي التي قال التقرير إنه "كان ينظر الى اعضائه على انهم ابطال، واصبح منذ ذلك الحين لا يتمتع بشعبية كبيرة بين العراقيين".
ولفت الى ان "الميليشيات الشيعية نفسها انقسمت بين الموالين لايران وبين الذين يدينون بالولاء لحكومتهم، ومن بينهم الميليشيات المتحالفة مع مقتدى الصدر، مضيفا ان "كراهية الناخبين الواضحة لقوات الحشد الشعبي وبالتالي لتحالف الفتح، وضعتهم في حالة ليست في صالحهم فيما يتعلق بتشكيل الحكومة الجديدة".
واشار التقرير الى ان "الوضع الذي كان سائدا في السابق لم يعد قائما الان، حيث كانت الولاءات الطائفية تتفوق على كافة الاعتبارات الاخرى، ويلتزمون بتقاسم السلطة وتشكيل الكتلة الاكبر مما يتيح لهم اختيار رئيس الجمهورية الذي يختار بعد ذلك رئيس الحكومة".
ونقل التقرير عن الاستاذ المساعد في جامعة كوبنهاغن والخبير في السياسة والطائفية في العراق فنار حداد قوله إن "التنافس بين القوى الشيعية كان يشكل "التهديد الرئيسي للنظام السياسي العرقي-الطائفي الذي يهيمن عليه الشيعة.. وهذه الخصومة ليست جديدة، لكنها نادرا ما كانت بمثل هذه الحدة".
واعتبر حداد ان "المشهد السياسي في العراق قد تغير ولم يعد من الممكن "ادارته من خلال منظور سياسات الهوية".
من جهته، اعتبر التقرير الالماني ان الهجمات على عدة قياديين من الحشد الشعبي من بينهم مرتبطون بالصدر، وعلى سياسيين واحزاب وبنوك للكورد والسنة، هي تعبير عن "غضب تحالف الفتح المستمر من امكانية ابعادها عن الحكومة المقبلة".
ونقل التقرير عن الباحث في مكتب العراق وسوريا الميداني التابع لمؤسسة "كونراد اديناور" ديفيد لابود قوله إنه "برغم من ان اي جهة لم تعلن مسؤوليتها عن الهجمات وبرغم من ادانة قادتهم الفتح والحشد الشعبي لها، فانني اعتقد ان التصعيد الاخير في العنف الذي نشهده من المرجح ان يكون بمثابة استراتيجية تفاوضية".
واوضح لابود ان "تحالف الفتح لم يفز بالاصوات التي كانت بحاجة اليها والان يلعب بقوة مع مفاوضي الحكومة".
كما نقل التقرير عن احد سياسي سني القيت قنبلة يدوية على مكتبه في بغداد قوله إنه "تلقى ايضا تهديدات في المنزل حيث تركت رسالة على عتبة بابه، تفيد بالقول ان "حكومة الاغلبية الوطنية ستحمل عليك عواقب كثيرة" ناصحة اياه بالانسحاب من المفاوضات مع الصدر وعدم التدخل في السياسة الشيعية".
واعتبر التقرير الالماني ان "هذا الضغط يحصل من اجل قلب نتيجة الانتخابات من خلال اعمال الترهيب والعنف، في ظل تزايد الامال في ان يصبح البرلمان اكثر تمثيلا"، مضيفا ان "القانون الانتخابي الجديد يعني للمرة الاولى ان بالامكان وجود معارضة حقيقية ومستقلة في البرلمان".
وختم التقرير بالتساؤل عن اي وجهة ستتجه البلاد، هل نحو مزيد من العنف والحرب الاهلية المحتملة بين الفصائل المسلحة ام نحو ديمقراطية اكثر واقعية؟".
لكن حداد اعرب عن اعتقاده ان "النتيجة الاكثر احتمالا ستكون في مكان ما بين هذين النقيضين، فالعنف السياسي سيستمر وربما يتفاقم، لكنني اعتقد ان الصفقة هي الاكثر احتمالا من الانزلاق الى حرب اهلية".
واضاف ان "استبعاد اي من اللاعبين الرئيسيين من الحكومة المقبلة سيكون امرا كلفته كبيرة"، مشيرا الى ان "الاحزاب الشيعية المتصارعة ستصل في النهاية الى اتفاق".
واعتبر حداد "يبدو للمرة الاولى، ان البرلمان القادم سيضم معارضة رسمية"، وذلك بغض النظر عن كيفية اندماج الاحزاب الشيعية في نهاية المطاف".
وخلص التقرير الى القول "انها سابقة مرحب بها في السياسة العراقية، فحجم ونزاهة وفاعلية هذه المعارضة لم يتضح بعد، ولكن على المدى الطويل، لديها القدرة على ان تشكل تحديا للتواطؤ داخل النخبة التي صاغت السياسة العراقية بعد العام 2003."