شفق نيوز/ بعد تثبيت سعر صرف الدولار الأمريكي في موازنة عام 2021 عند 1450 دينارا لكل دولار والذي جاء نتيجة انخفاض اسعار النفط عالميا والذي يعتبر المورد الرئيسي لموازنة العراق العامة أثار ردود فعل كثيرة لدى المواطنين وايضا لدى بعض المختصين من الاقتصاديين والماليين لما كان له من تبعات اقتصادية واجتماعية سلبية على عامة الشعب من ارتفاع البطالة والفقر، في وقت اعتبرته وزارة المالية بانه يمثل انفراجة لما يعانيه الاقتصاد العراقي من ازمة في السيولة المالية وتصحيح لمسار الاقتصاد العراقي.
وقرر البنك المركزي العراقي في ديسمبر/ كانون الأول الماضي رفع سعر بيع الدولار للبنوك وشركات الصرافة إلى 1460 ديناراً، من 1182 ديناراً للدولار الواحد، بهدف تعويض تراجع الإيرادات النفطية الناجم عن تدهور أسعار النفط، مما تسبب رفع سعر الدولار وتخفيض قيمة الدينار العراقي في انخفاض القدرة الشرائية للمواطنين.
وفي الوقت الذي ارتفعت اسعار النفط تدريجيا لتصل الى اكثر من 80 دولارا للبرميل الواحد طالب مواطنون واقتصاديون بضرورة اعادة خفض اسعار الدولار بموازنة العام المقبل 2022 أو تقليل آثارها على المجتمع .
تعويض الطبقات الفقيرة
ويقول الخبير الاقتصادي باسم جميل انطوان في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان "سعر الدولار هو حصيلة الورقة البيضاء التي نظمت العملية من 3 الى 5 سنوات واعتبروها جزءاً من عملية الإصلاح الاقتصادي بالنسبة للوضع المالي والبنوك"، مشيرا إلى أن "الدولة لا تستطيع تغيير عملتها الا ان المهم هو الإصلاح الحقيقي الذي يخدم طبقات الشعب الفقيرة".
ويضيف انطوان؛ ان "سعر الصرف ليس مهماً وليس الأصل بقدر ما يكون هناك تعويض للطبقات الفقيرة التي تشكل الغالبية وان تكون هناك مساعدات اجتماعية وتوفير البطاقة التموينية وخلق فرص عمل مسالة اساسية"، لافتا الى ان "هناك ارتفاع في نسبة البطالة وارتفاع نسب الفقر وذلك بسبب قلة فرص العمل كما أن القطاع الخاص مجمد لا يمارس عمله".
ولفت الى ان "ارتفاع اسعار النفط يجب أن تعوض الناس اولا تغطي العجز وتخلق فرص للعاطلين من الشباب وبالتالي سيكون هناك انتعاش في السوق وايقاف الهدر والفساد وتشغيل القطاع الخاص والورقة البيضاء تناولت ذلك".
خفض تدريجي
من جانبه؛ اكد الخبير الاقتصادي ضرغام محمد علي أنه مع الخفض بشروط.
ويوضح لوكالة شفق نيوز؛ ان هذه الشروط هي أن "يكون تدريجيا لسعر صرف الدولار الى 1300 دينار للدولار الواحد، مع مراقبة عالية لعمليات البيع وزيادة منافذ البيع بالسعر الرسمي نقدا للسوق مباشرة دون المرور بحلقات ثانوية تخلق سوق سوداء للدولار، ومنع تهريب الدولار وتشديد الرقابة على عمليات الاستيراد".
ويضيف علي؛ أن "النتائج التي تمخضت عن ارتفاع سعر الصرف كانت سلبية حيث رفعت معدلات التضخم وزادت نسب الفقر ولم يحقق أي بعد تنموي نهائيا، كما أنها زادت عمليات تهريب العملة للخارج ولم تقل".
إهمال القطاع الخاص
ويقول التاجر أمير محمد الحسني في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان "الحكومة لم تساهم في تقليل فجوة الفقر والبطالة بعدما رفعت سعر الدولار الذي أضر بكل طبقات المجتمع بل كان همها هو في كيفية سد رواتب المسؤولين والوزراء العالية دون النظر الى الجوانب السلبية التي نتجت عن ارتفاع سعر الدولار من فقر وبطالة وكساد في الأسواق".
ويضيف الحسني؛ كان "الاجدر بالحكومة مكافحة الفساد المستشري في الدولة العراقية وإنعاش القطاع الخاص عبر معالجة المشاكل التي تواجه هذا القطاع وتفعيل القوانين التي من شأنها توفير الدعم والحماية لهذا القطاع المهم، اضافة الى توفير الدعم لأصحاب المشاريع الصغيرة والمتوسطة بشكل حقيقي التي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد الوطني وليس فقط في الإعلام".
ويقول المواطن حسين الخفاجي ويعمل موظفا في وزارة التربية في حديث لوكالة شفق نيوز؛ ان "ارتفاع سعر الدولار من قبل الحكومة أضر بنا حيث ارتفعت أسعار المواد الغذائية إلى أكثر من 30 بالمئة بالرغم من ثبات الرواتب التي نتقاضاها".
ويشير إلى أن "الراتب الذي يتقاضاه بات لا يكفيه لأكثر من نصف الشهر، مما اضطره إلى البحث عن عمل آخر لسد حاجات الأسرة"، مطالبا الحكومة "بإعادة خفض سعر صرف الدولار عما كان عليه سابقا".
مصدر حكومي: لا تغيير في السعر
من جهته؛ أكد مصدر حكومي في حديث لوكالة شفق نيوز ان "سعر الدولار سيبقى كما هو خلال موازنة العام المقبل 2022".
وأضاف المصدر الذي فضل عدم ذكر اسمه أنه "لا يوجد تغيير او حدث انه يتم بموجبه تغيير سعر الصرف"، مبينا ان "وزارة المالية بدورها أكدت هذا الشي".
و اعتبرت وزارة المالية في 5 تشرين الأول 2021، أن "الوزارة تابعت وباستمرار مؤشرات تخفيض قيمة العملة أمام الدولار وعلى مدار تسعة أشهر الماضية".
وتبين لها أن تغير سعر الصرف أسهم في زيادة الاحتياطيات الاجنبية لدى البنك المركزي العراقي الى "60 " مليار دولار في شهر نيسان 2021 بعد أن كان "54" مليار دولار في شهر كانون الأول 2020.
كما ساعد تغيير سعر الصرف بـ"انخفاض الطلب على العملة الأجنبية وانعكس ايجابيا على انخفاض الاستيرادات وزيادة الإنتاج المحلي"، وفقا للمالية.
وأشارت وزارة المالية الى "تحسن واضح في النشاط التجاري في الأشهر التسعة الماضية من العام الحالي 2021 في ظل الازمة انتشار فايروس كورونا". وكشفت الوزارة أنها تعمل على "اعادة استثمار إيرادات الأموال المتحققة بهدف بناء قاعدة إنتاجية مستهدفة خارج القطاع النفطي والاعتماد على القطاعات الاخرى والتي ستسهم بانخفاض الطلب على الدولار نتيجة تعويض بعض السلع المنتجة والتي جعلت انحسار نسبة الاستيرادات إلى الاستهلاك المحلي".
يشار الى أن الوزارة تبنت منذ تشكيل الحكومة الحالية وضع الخطط والآليات للعمل على إصلاح السياسة المالية للعراق وتكللت باعتماد الورقة الإصلاحية "الورقة البيضاء" التي رسمت خطوات السياسة الاقتصادية والمالية المستقبلية للنهوض بالإنتاج المحلي وتقليل الاستيرادات للبلد.