شفق نيوز/ تجري القوى السياسية حوارات واجتماعات مستمرة فيما بينها للتوصل إلى حلّ لمشكلة رئاسة مجلس النواب التي تأخرت أكثر من تسعة أشهر بعد إقالة محمد الحلبوسي في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، فيما يؤكد سياسيون أن الحل الوحيد هو بتعديل النظام الداخلي للمجلس والسماح بفتح باب الترشح مرة أخرى واستبدال المرشحين السابقين لمنصب الرئيس، وهو ما يرفضه الإطار التنسيقي وقوى سنية.
ويقول
النائب السابق، كامل نواف الغريري، إن "خلو منصب رئيس مجلس النواب أضرّ
بالعمل السياسي لجميع الأطراف السنية والشيعية والكوردية، ومن المتوقع أن تؤدي
جولات الحلبوسي الأخيرة مع القوى السياسية إلى نتائج مثمرة لحسم منصب رئيس
البرلمان".
ويشير
الغريري خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "تعديل النظام الداخلي لمجلس
النواب هو الحل الوحيد، أما قرار المحكمة الاتحادية الذي يمنع إعادة الترشيح مرة
أخرى، فإن المحكمة ليس لها علاقة بهذا الموضوع، بل هناك نظام داخلي خاص في داخل
قبة البرلمان"، على حد قوله.
ويؤكد،
أنه "في حال حصل تعديل على النظام الداخلي سيتم حل المسألة وسيختار النواب
الأجدر لينال منصب رئيس البرلمان، أما في حال الإبقاء على هذه المماطلة والشد
الكلامي بين السياسيين، فلن يتم الوصول إلى نتيجة".
ويدور
الخلاف السياسي الحالي بشأن تعديل الفقرة ثالثاً من المادة 12 في النظام الداخلي
لمجلس النواب، والتي تتعلق بانتخاب رئيس البرلمان، التي تنص على (إذا خلا منصب
رئيس المجلس أو أي من نائبيه لأي سبب كان ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفاً له
في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر وفقاً لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل).
لكن تقترح بعض الكتل السياسية إضافة فقرة تعطي صلاحية فتح باب الترشيح مرة أخرى واستبدال المرشحين السابقين لمنصب رئيس البرلمان.
فتح
باب الترشيح
لذلك
يقول عضو تحالف العزم، عزام الحمداني، إن "الموقف السني ثابت تجاه المرشح
سالم العيساوي، وتحالف العزم والسيادة مع قرار المحكمة الاتحادية بمنع تعديل
النظام الداخلي، على اعتبار أن قرار الاتحادية كان قراراً خاصاً ومقيداً، لذلك فتح
الترشيح يعتبر خرقاً للقانون والدستور".
ويضيف
الحمداني لوكالة شفق نيوز، أن "من الضروري عقد جلسة استثنائية والاتفاق على
المرشحين الذين تقدموا بالجولة الأولى والثانية المتمثلين بسالم العيساوي وباقي
المرشحين الآخرين، ففي تلك الحالة تكون سلطة القانون فوق سلطة الاتفاقات
السياسية".
ويلفت
إلى أن "استحقاق منصب رئاسة البرلمان هو استحقاق مكون مثلما منصب رئاسة
الوزراء هو استحقاق للمكون الشيعي ومنصب رئاسة الجمهورية هو استحقاق للبيت
الكوردي، ولم يتكلم العرف السياسي بعد العام 2003 باسم حزب أو عائلة أو شخص،
بالتالي منصب رئيس البرلمان هو استحقاق للبيت السياسي السني".
ويتابع
"أما فيما يتعلق بالأغلبية العددية، فإن العزم طالب بأكثر من بيان بضرورة عقد
جلسة، وهذه المطالبة تفسر بأننا نمتلك الأغلبية العددية، كما إننا جزء من ائتلاف
إدارة الدولة، وهذا الائتلاف فيه ثلاثة أطراف رئيسية تمثل البيت السني، وهم (العزم
والسيادة وتقدم)، وأن (العزم والسيادة) باتفاقهما يشكلون أغلبية، وبالتالي فإن
الأغلبية العددية تتواجد لدينا".
وينوّه،
"أما ما يشاع حالياً في الإعلام عن وجود مرشحين تسوية، فإنها مجرد تشويه
إعلامي والغرض من هذه التسريبات التلاعب بعقول بعض النواب الذين يسعون إلى منصب
رئاسة البرلمان، على اعتبار أنهم قد يحظون بهذا المنصب عند التخلي عن دعم سالم
العيساوي، وهي مجرد افتراضات إعلامية لا أساس لها، وهي أيضاً لزيادة التشقق داخل
البيت السياسي السني".
قوى
سنية تقدم مرشح جديد
وفي
وقت سابق من اليوم الثلاثاء، أعلنت ست قوى برلمانية سنية، أنها ستقدم مرشحاً
جديداً ليشغل منصب رئيس مجلس النواب بدلاً من المقال محمد الحلبوسي، مؤكدة أنها
تمتلك الأغلبية البرلمانية.
وذكرت
أحزاب وكتل، تقدم، والجماهير الوطنية، والحسم الوطني، والصدارة، والمشروع الوطني
العراقي، والمبادرة، في بيان مشترك ورد لوكالة شفق نيوز عن توصلها إلى اتفاق بشأن
ترشيح شخصية لرئاسة مجلس النواب.
وأكدت
الأحزاب والكتل في بيان ورد لوكالة شفق نيوز "بعد سلسلة من النقاشات
والحوارات واللقاءات مع الطيف السياسي الوطني؛ اتفقت القوى السياسية الممثلة
للمكون السني المذكورة لاحقاً (بعدد 55 نائباً) على ترشيح مرشح جديد لتولي منصب
رئيس مجلس النواب، وتقديمه إلى الكتل السياسية الوطنية لتأييد الترشيح وحصول القبول
الوطني لحسم هذا الاستحقاق، والعمل على اتخاذ الإجراءات اللازمة لفتح باب
الترشيح".
وأشارت
إلى أن "انتخاب رئيس السلطة التشريعية المرشح من الغالبية السنية الواضحة
المطلقة؛ يأتي لإكمال الفترة المتبقية من الدورة التشريعية الخامسة، وتأدية المهام
الدستورية، وإتمام ورقة الاتفاق السياسي وما تتضمنها من تشريعات وقوانين تخدم
الشعب وتحقق البرنامج الحكومي بجوانبه التشريعية".
الإطار
يرفض تعديل المادة 12
وحصلت
وكالة "شفق نيوز"، على معلومات بشأن اتفاق الإطار التنسيقي على عدم
تعديل المادة 12 من النظام الداخلي لمجلس النواب، وسيكون التنافس بين سالم
العيساوي ومحمود المشهداني وطلال الزوبعي وعامر عبد الجبار على منصب رئيس البرلمان
في الجلسة المقرر انعقادها يوم الخميس المقبل.
ويقول
السياسي المستقل الشيخ إبراهيم الدليمي لوكالة شفق نيوز، إن "موضوع تغيير أو
استبدال المادة 12 أو فتح باب الترشيح هذا من المستحيلات حصولها، لأن في حال
حصولها أي مرشح سيفوز سوف يطعن بالمحكمة الاتحادية وبالتالي سوف ينكسر قرار
المحكمة الاتحادية رقم 132 لسنة 2023 الذي منع التلاعب بالمادة 12 بعد دخول مرشحين
للتصويت".
ويضيف
الدليمي: "تكملتُ مع أعضاء في الإطار والأغلبية رافض عدا كتلة أو كتلتين
لوجود اتفاقات مع الرأي الأول (الحلبوسي وجماعة تقدم)، كما تكلمتُ قبل قليل مع
نوري المالكي واستوضحت عن جلسة البرلمان المقررة يوم الخميس المقبل، وأبلغني
رسمياً بأن الإطار التنسيقي اجتمع اليوم والبارحة في بيت حيدر العبادي واتفق على
مقررات نهائية سيصدر بها بياناً بأن لا تعديل على المادة 12 وسيكون التنافس بين
سالم العيساوي ومحمود المشهداني وطلال الزوبعي وعامر عبد الجبار، والتنافس سيشد
بين سالم العيساوي ومحمود المشهداني".
ويوم
أمس الاثنين، قال مصدر في الإطار التنسيقي، لوكالة شفق نيوز، إن قادة الإطار
التنسيقي أكدوا في اجتماع (أمس الاثنين) على التمسك بالقانون وبقرار المحكمة
الاتحادية وعدم اللجوء إلى تعديل النظام الداخلي لمجلس النواب.
وأضاف
أن قادة الإطار التنسيقي أكدوا أنهم ضد فكرة إعادة فتح باب الترشيح لمنصب رئيس
البرلمان مرة أخرى، والإبقاء على المرشحين، على أن يتم اختيار أحدهم لمنصب رئيس
البرلمان.
وأشار
إلى أن المجتمعين اتفقوا على عقد جلسة خاصة لمجلس النواب بعد الزيارة الاربعينية
لانتخاب رئيس جديد لمجلس النواب.
إلا
أن القيادي البارز في الاطار التنسيقي عامر الفايز قال لوكالة شفق نيوز؛ إن القوى
السياسية السنية لم تتوصل إلى اتفاق رغم منحهم عدة فرص من قبل الإطار التنسيقي
والقوى السياسية الكوردية.
وأضاف
أن الأمور ما زالت تخضع للحوارات بين القوى السياسية السنية ولهذا تم ترحيل
الموضوع إلى ما بعد زيارة الأربعين مع الأمل بالتوصل إلى اتفاق بين القوى السياسية
السنية وبخلاف ذلك يتخذ الإطار التنسيقي بالاتفاق مع القوى الكوردية موقف لحسم
الملف.
"لا
نتيجة حتى هذه الساعة"
وفي
هذا السياق، يقول النائب عن دولة القانون، عارف الحمامي، إن "الاجتماعات
والنقاشات والحوارات مستمرة، لكن لحد هذه الساعة لا توجد نتيجة، ورغم عقد مجلس
النواب جلستين لانتخاب الرئيس لكن لم يحصل أحد المرشحين على العتبة القانونية لفوز
أحدهما".
ويعرب
الحمامي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، عن أمله بأن "يتفق الأخوة على مرشح واحد
من أجل سهولة عملية تمريره داخل مجلس النواب وأفضل حل هو الاتفاق".
فيما
قال القيادي في ائتلاف دولة القانون، سعد المطلبي، في وقت سابق لوكالة شفق نيوز،
ان "الخلافات ما بين القوى السياسية السنية مازالت مستمرة وهي دون الحلول،
خاصة أن ملف انتخاب رئيس البرلمان لا يمكن حسمه دون الاتفاق ما بين محمد الحلبوسي
وخميس الخنجر، ولا اتفاق بين الطرفين حتى الساعة".
جدير
بالذكر أن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، توقع يوم الاثنين من الأسبوع
الماضي، استمرار محسن المندلاوي برئاسة مجلس النواب العراقي، لحين انتهاء الدورة
البرلمانية الحالية (الخامسة).
موقف
المكون الشيعي
وفي
هذا الصدد، يقول المحلل السياسي، حسين السبعاوي، إن "المكون الشيعي يعيق
انتخاب رئيس جديد لمجلس النواب لغرض استئثار نائبه الأول بهذا المجلس، وقد تمت
ملاحظة ذلك بعد إقالة الحلبوسي، حيث هناك الكثير من القوانين التي شرعت بنفس طائفي
ومنها قانون الأحوال الشخصية".
ويوضح
السبعاوي لوكالة شفق نيوز، أن "الدستور والأعراف الدستورية تشير إلى أن مجلس
النواب من حصة المكون السني، ويكون رئيس مجلس النواب من الكتلة الفائزة داخل البيت
السني، لكن هناك عوائق ومحاولة تمزيق كتلة تقدم التي يرأسها محمد الحلبوسي ومن ثم
شراء بعض النواب وتغيير مواقفهم وانشقاق البعض، وهذه جميعها تهدف إلى إعاقة انتخاب
رئيس مجلس النواب".
ويعزو
السبعاوي "الخصومة ما بين الحلبوسي والإطار" إلى "مواقف الأول
السابقة وتحالفه مع مقتدى الصدر أو بسبب دوافع خارجية أرادت إقصاء الحلبوسي، لكن
اليوم أصبح الموضوع هو إقصاء مكون وليس إقصاء رجل سياسي، لأن الإطار التنسيقي
والائتلاف الشيعي منذ العام 2003 لا يريد أن يكون هناك زعيم سني له جماهير ومقبول
لدى الوسط السني بل يريد تابعاً له ينفذ ما يملى عليه".
ويرى
في ختام حديثه، أن "أميركا لها دور في هذا الأمر أيضاً، فهي لا تزال القوة
الأولى في العراق ولها تأثير في الشأن السياسي في جميع شؤون العراق، ولو لم يكن
هناك رضا أميركياً لهذا التصرف لما استطاع الإطار التنسيقي أن يفرض إرادته بهذه
الطريقة، صحيح أن إيران داعمة للإطار التنسيقي، ولكن لا تعتبر إيران الرقم واحد في
العراق لولا الرضا الأميركي الذي هو السبب في إقصاء المكون السني والكثير من
الأمور، حيث هناك ازدواجية في التعامل الأميركي بين المكونات أدت إلى هذا الوضع
القائم في العراق"، على حد تعبيره.