شفق نيوز/ بما أن المواعيد غير
آنية، وحُددت في ظل مناخ مضطرب على مستوى العراق والمنطقة، يشكك محللون سياسيون
بإعلان الجدول الزمني لانتهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي في البلاد، فيما
يرجح آخرون تمديد تلك المواعيد إلى فترات أخرى.
وفي هذا السياق، قال المحلل
السياسي من أمريكا، هيثم اللهيبي، إن "المواعيد هي ليست آنية بل هي قرارات
مؤجل تنفيذها، وأن الإشكالية الكبرى حول حقيقة تنفيذ هذه القرارات التي تعتمد على
مجموعة عوامل، بينها شكل الحكومة العراقية المقبلة، والظروف السياسية في العراق
وفي المحيط الإقليمي والمنطقة".
وأضاف اللهيبي لوكالة شفق
نيوز: "يعتمد تنفيذ اتفاقية الانسحاب على علاقة العراق بالولايات المتحدة
الأمريكية، التي هي حالياً في عهد الديمقراطيين، ولا نعلم من سيحكم البيت الأبيض
في السنوات المقبلة، وهل سيكون اتجاههم متفقاً مع الاتجاه الحالي بالانسحاب؟، خاصة
في ظل وجود متغيرات سياسية مختلفة".
أما على صعيد الداخل العراقي،
أشار إلى أن "الظروف الداخلية العراقية والعلاقة بين الأطراف السنية والشيعية
والكوردية تثير تساؤلات عن إمكانية بقائها على حالها أم ستتغير، وهل سيبقى
السوداني أم ستحصل انشقاقات وتصادمات خاصة في ظل وجود إشكالية داخل الإطار
التنسيقي الحاكم".
وتابع اللهيبي، في تساؤلاته
متطرقاً إلى الوضع الأمني، أن "تهديدات داعش والميليشيات في العراق هل
ستنتهي؟، وكذلك وضع الصراع الإسرائيلي الإيراني وتأثيراته على العراق"،
مختتماً حديثه بالقول، إن "كل العوامل أعلاه هي التي تحدد خروج القوات
الأجنبية وليس الاتفاقات الشكلية التي تُتخذ وكأن الظروف طبيعية وهناك استقرار
أمني داخلي وإقليمي، لذلك من المستبعد تنفيذ القرار بل سيعاد ويمدد مرة أخرى في ظل
الظروف الحالية التي يشهدها العراق والمنطقة".
استتباب الأمن
من جهتها، أكدت لجنة الأمن
والدفاع في البرلمان العراقي، أن "كل الأجواء مهيئة لخروج ما تبقى من القوات
الأجنبية على اعتبار أن الوضع الأمني جيد جداً بحسب ما أكد ذلك وزير الدفاع ورئيس
الأركان وقادة العمليات خلال استضافتهم داخل اللجنة في الفترة الماضية".
وذكر عضو اللجنة، علي نعمة البنداوي، للوكالة، أن "المستوى الأمني والوضع على الحدود جيد جداً ما عدا
الخروق التي تقوم بها القوات التركية وهذا يعود لقضايا سياسية واتفاقيات، لكن
عموماً القوات العراقية منتشرة على طول حدود دول الجوار وداخل المحافظات".
وعن خطر داعش، أوضح البنداوي
أن "فلول داعش لم يتبقَ منها سوى بعض العصابات والقوات العراقية تلاحقها في
جحورها، وكان هناك تخوف من مخيمات تضم إرهابيين وعوائلهم، لكن قيادة العمليات العسكرية
أكدوا وجود سيطرة كاملة على الحدود، وتم أخذ الاحتياطات والتدابير اللازمة".
ورغم كل ذلك، تبقى هناك حاجة
- وفق البنداوي - إلى "تزويد العراق بأسلحة متطورة ومنظومة دفاعات جوية وجيل
جديد من الطائرات، وهذا يعتمد على القدرة الشرائية العراقية وكذلك على استجابة
الدول المصنعة للعراق".
حاجة للتسليح
واتفق الخبير الأمني، علي
المعماري، مع ما ذهب إليه محمد البلداوي بشأن ضرورة إكمال تجهيز القوات المسلحة
العراقية لـ"مواجهة الإرهاب ومعالجة العصابات المأجورة، وتدريب القوات على
حرب المدن والعصابات، فضلاً عن تجهيزها بمدفعية حديثة متطورة توجه بأجهزة
الكمبيوتر لتثبيت دقة الإصابة، وهذا ما يخص القوات البرية".
أما فيما يتعلق بالقوة
الجوية، فبحسب المعماري، الذي تحدث لوكالة شفق نيوز، هناك حاجة إلى قوة جوية من
طائرات متطورة والرصد الجوي من أجل جمع المعلومات عن فلول الإرهابيين والعصابات،
وهو ما ينقص الجيش العراقي في الوقت الحالي".
بدوره طمأن الخبير الأمني،
سرمد البياتي، أن "التحالف الدولي لن يترك العراق يواجه ما واجهه عام 2014،
بل سوف يقدم المساعدة عند حصول أي طارئ أمني"، مؤكداً خلال حديثه للوكالة، أن
"قرار انسحاب التحالف صحيحاً وجاء مطابقاً للمنهاج الحكومي، وسوف تأتي بعده
خطوة حصر السلاح بيد الدولة".
انتهاء المهمة
وكان التحالف الدولي، قد أعلن
الجمعة الماضي، رسمياً عن انتهاء مهمته في العراق خلال 12 شهراً، وذلك في بيان
مشترك مع العراق، مبيناً أن إعلان الجدول الزمني لانتهاء المهمة العسكرية للتحالف
الدولي جاء بعد هزيمة داعش في العراق.
وفي بيان عن حكومتي الولايات
المتحدة والعراق، اطلعت عليه وكالة شفق نيوز، جاء فيه: "ترتبط العراق
والولايات المتحدة الأمريكية بعلاقة استراتيجية، ونتيجة للمشاورات والمناقشات مع
قيادة التحالف الدولي لهزيمة داعش والدول الأعضاء الصديقة، والمناقشات المكثفة
داخل اللجنة العسكرية العليا الأمريكية العراقية، التي عملت بجد ومهنية في
اجتماعات مكثفة على مدى الأشهر التسعة الماضية".
وتابع: "بعد دراسة
وتقييم الوضع العسكري والأمني في العراق والمنطقة، تعلن اختتام المهمة العسكرية
للتحالف في العراق على مدى الاثني عشر شهراً القادمة، وفي موعد أقصاه نهاية سبتمبر
2025، والانتقال إلى شراكات أمنية ثنائية بشكل يدعم القوات العراقية ويحافظ على
الضغط على داعش".
ولفت البيان إلى أن
"العراق عضو أساسي في التحالف، ولمنع عودة تنظيم داعش الإرهابي من شمال شرق
سوريا، وبموجب الظروف الميدانية والمشاورات بين العراق والولايات المتحدة وأعضاء
التحالف، فإن المهمة العسكرية للتحالف العاملة في سوريا من منصة محددة في اللجنة العسكرية
العليا ستستمر حتى أيلول 2026".
وبين أن "الهيئة
العسكرية العليا تلتزم بصياغة الإجراءات اللازمة لتحقيق ما ورد في الفقرات أعلاه،
والتوقيتات، والآليات لتنفيذها، بما في ذلك الإجراءات لضمان الحماية الجسدية
لمستشاري التحالف المتواجدين في العراق خلال فترة الأزمة، بما يتفق مع الدستور
والقوانين العراقية. وقد بدأت الخطوات العملية لتنفيذ هذه الالتزامات".
وأشار إلى أن "العراق
يشكر التحالف على الدعم والمساندة التي قدمها للقوات الأمنية العراقية لمواجهة هذا
التهديد المشترك وتأمين هزيمة داعش على الأرض في العراق، وفي مقدمة هذه الدول كانت
الولايات المتحدة الأمريكية التي وقفت مع العراق في ظروف صعبة. ويثمن التحالف دور
العراق والتضحيات الكبيرة التي قدمتها كافة القوات الأمنية العراقية في محاربة هذا
التنظيم الإرهابي الذي شكل تهديداً للعالم أجمع، ويؤكد على ضرورة مواصلة كافة
الجهود لضمان عدم عودة التهديد من هذا التنظيم الإرهابي بأي شكل من الأشكال".
وتابع أيضاً بالقول:
"نتطلع إلى تعزيز العلاقات بين العراق والولايات المتحدة، حيث تسعى الدولتان
إلى تعزيز المساعدة الأمنية والتعاون على أساس الاحترام المتبادل، بما يتفق مع
اتفاقية الإطار الاستراتيجي بين الولايات المتحدة والعراق والدستور العراقي،
وتعزيز شراكة ثنائية دائمة بما يتفق مع البيان المشترك بين الولايات المتحدة
والعراق الصادر خلال زيارة رئيس الوزراء محمد شياع السوداني إلى واشنطن العاصمة،
في 15-16 نيسان/أبريل 2024 والبيان المشترك بين الولايات المتحدة والعراق في أعقاب
الحوار الثاني للتعاون الأمني المشترك بين العراق وإسرائيل الذي عقد في واشنطن
العاصمة في 22-23 يوليو 2024".
وأوضح أن "هذا التحول
التاريخي يمثل مرور عقد من الزمان منذ تشكيل البعثة العسكرية للتحالف في العراق
ويواصل العراق العمل مع الولايات المتحدة وأعضاء آخرين في التحالف لإقامة علاقات
أمنية ثنائية حيثما كان ذلك مناسباً".
وختم بالقول: "في إطار
تعزيز الختام الآمن والمنظم للمهمة العسكرية للتحالف الدولي، تؤكد حكومة العراق
التزامها بما يتفق مع التزاماتها الدولية، بحماية المستشارين الدوليين المتواجدين
في العراق بدعوة من الحكومة العراقية".
شراكة الجديدة
بدورها علقت وزارة الدفاع
البريطانية، السبت الماضي، على إعلان بغداد وواشنطن المشترك، إنهاء مهام التحالف
الدولي "العسكرية" في العراق خلال الأشهر الـ12 المقبلة.
وبحسب بيان للوزارة، فإن
المملكة المتحدة ستواصل دعم أمن العراق، لافتة إلى أن "الأشهر المقبلة، ستشهد
عمل لندن مع بغداد لتطوير علاقة دائمة كجزء من هذا الانتقال إلى شراكة أمنية
ودفاعية جديدة".
وأشادت بريطانيا باحتراف
جنودها الذين لعبوا دوراً في مهمة هزيمة داعش، كما أشادت بشجاعة وفعالية قوات
الأمن العراقية، والبيشمركة، وفقاً للبيان.
وأضافت أن بفضل الأهداف
الأساسية التي يتم تحقيقها، يمكن أن تبدأ عملية الترتيبات الأمنية الجديدة، مؤكدة
أن المملكة المتحدة ما تزال ملتزمة بضمان هزيمة داعش، مما يعزز التزام بريطانيا
بأمن العراق والمنطقة الأوسع.
وأنشئ تحالف "العزم
الصلب" في عام 2014، لمساعدة القوى الشريكة على ضمان هزيمة داعش، وإقامة
تعاون أمني دائم.
وعملت البعثة البريطانية، في
إطار التحالف الدولي، الذي كان مكوناً من 87 شريكاً، بما في ذلك 82 حكومة وخمس
منظمات أعضاء، كما لعبت المملكة المتحدة، دوراً رائداً من خلال عملية شادر، وهي
مساهمة بريطانية في عملية العزم الصلب.
وبناء على دعوة من الحكومة
العراقية حينها، قدمت قوات المملكة المتحدة دعماً وتدريباً ومساعدة قيمة لأكثر من
111 ألف من أفراد قوات الأمن العراقية.
وشمل ذلك أكثر من 21000 من
البيشمركة، في المشاة، وصيانة الأسلحة، ومكافحة العبوات الناسفة، والمهارات الطبية
والهندسية، ووفق بيان الدفاع البريطانية، نفذ سلاح الجو أكثر من 10000 طلعة جوية،
وضرب 1400 هدف.