شفق نيوز/ ذكرت صحيفة "ذا آيرش تايمز" الايرلندية، يوم الثلاثاء، أن الكثيرين يعتبرون العودة إلى مدينة الموصل العراقية بعد اربعة اعوام على تحريرها من سطوة تنظيم "داعش" ليست آمنة.
ويقول تقرير للصحيفة، ترجمته وكالة شفق نيوز، إنه للمرة الاولى منذ سبعة أعوام، احتفل الاب اوليفييه بوكيلون، الراهب الدومينيكي، بالقداس في كنيسة الساعة في الموصل التي تعتبر ثاني أكبر مدن العراق، وتحولت الى معقل لتنظيك "داعش" بين عامي 2014 و2017، عندما دمرت المعارك والضربات الجوية المحتلين، ودمرت في الوقت نفسه جزءاً كبيراً من المدينة.
ونقلت الصحيفة الايرلندية، عن الاب بوكيلون قوله "كان هذا الحي في قلب المعارك، وكان علينا تمضية الكثير من الوقت في رفع الانقاض وإزالة العبوات الناسفة".
واستخدم "داعش" كنيسة الساعة كسجن، بحسب الصحيفة، وقال الاب بوكيلون: إنه "خلال فترة الاحتلال، كان الدير مكاناً للمعاناة بالنسبة لكثيرين".
وكانت الموصل قبل الطائفية التي ظهرت بعد الاطاحة بصدام حسين وصعود "داعش"، موطناً للاقليات الدينية والعرقية بما في ذلك المسيحيين والكورد والتركمان والايزيديين، بحسب الصحيفة التي أشارت إلى أنه رغم مرور اربعة أعوام على تحرير الموصل، فأن العديد من هذه الجماعات تعتقد أن المدينة التي تقطنها غالبية سنية، ليست آمنة لكي يعودوا اليها، كما انه لا يوجد حافز كبير لديها للعودة فيما وتيرة اعادة الإعمار معطلة.
ويتذكر الاب بوكيلون انه في العام 2003 كانت كنيسة الساعة مكتظة كل يوم أحد، "وكان الناس مضطرون الى الوقوف في الفناء في الخارج والان، هناك ما بين 50 إلى 70 عائلة من بين جميع الكنائس المسيحية في الموصل.
ونقلت الصحيفة عن الموصلي المسيحي "ساري شاوي"، الذي فر إلى اقليم كوردستان عندما سيطر "داعش" على المدينة، قوله إن "المسيحيين الذين عادوا الى الموصل للالتحاق بالجامعة او العمل عادة ما يأتون من كوردستان كل يوم"، موضحاً أنهم "لايثقون بالوضع الامني بما يكفي ليبيتوا ليلتهم في الموصل".
وبينت الصحيفة أنه رغم صغر حجم المكون المسيحي في الموصل، إلا أن منظمة "اليونسكو" الثقافية تقود مشروعاً مع الحكومة العراقية لترميم كنيستي "الساعة" و"الطاهرة" للسريان الكاثوليك، وذلك بتمويل من دولة الامارات.
وأوضحت الصحيفة أن مشروع اليونسكو في الأساس كان يركز على ترميم مسجد النوري ومأذنة الحدباء التي تعود الى القرن الثاني عشر، والتي دمرها "داعش" بتفجيرها في العام 2017، مضيفة أنه بعد اجتماع في ابو ظبي في العام 2019 بين البابا فرانسيس وامام الازهر، قررت دولة الامارات تقديم تمويل اضافي لليونسكو لاصلاح الكنيستين الكاثوليكيتين.
ونقلت الصحيفة عن الاب بوكيلون قوله، "قبلنا التبرع الاماراتي لليونسكو لإعمار ممتلكاتنا، ليس بسبب لاننا كنا نعتقد ان الكنيسة ستكون مكتظة بالمؤمنين غداً، ولكن لانها كانت فرصة لاعادة بناء الثقة بين الناس والمجتمعات".
واشار الاب بوكيلون للصحيفة، إلى أن "هناك مسلمون يعملون مع المسيحيين في الكنيسة ويدرون دخلاً لعائلاتهم".
ولفتت الصحيفة إلى أنه بينما تعاني محافظة نينوى في ظل جائحة كورونا وانخفاض اسعار النفط، بالاضافة الى انعدام الاستقرار في سوريا وايران المجاورتين، فان هناك عدد محدود من فرص العمل المتاحة.
وبالقرب من كنيسة "الساعة"، يقع منزل "عبد الله احمد يونس" الذي تم تدميره خلال القتال بين "داعش" وقوات التحالف في العام 2017 وما يزال مليئا بالركام حتى الان، وقتل ولده البالغ من العمر سبع سنوات ووالده، حيث كانا يعيشان في نفس الشارع، خلال القتال.
وتنقل الصحيفة عن يونس قوله إنه عانى مع عائلته تحت حكم "داعش" وقد تعرض للاعتقال 8 مرات، وعرض ندبة على ركبته قال إن احد مقاتلي "داعش" اطلقوا النار عليه عندما حاول الهرب في احد المرات.
ويعتقد يونس، وهو مسلم سني، أن "الحكومة والميليشيات توفر تواجداً امنياً قوياً حول الموصل"، لكنه ينتقد "غياب التعويضات والدعم للموصليين لاعادة بناء منازلهم".
وأشارت الصحيفة إلى أن زيارة البابا فرانسيس في مارس/اذار الماضي، وفرت بعض الزخم لعمليات رفع الانقاض لكن ذلك توقف بسرعة بعد مغادرته، كما يقول السكان المحليون.
وتابعت أن مشاريع احياء البنية التحتية للمدينة ما تزال نادرة، وقد خربها الفساد، ولم يتم تنفيذ خطة لبناء مستشفى للطوارئ، في حين لا تزال علامات التحذير بشأن العبوات الناسفة منتشرة في جميع انحاء المدينة القديمة.
كما نقلت الصحيفة عن فهد صباح منصور الجبوري، الشريك المؤسس لمنتدى الكتاب، قوله، إن ظاهرة الفساد تمنع القطاع الخاص من المجازفة وتوفير وظائف جديدة.
ولفتت الصحيفة إلى أن الموصل تحولت منذ سقوط داعش الى ساحة لصراع المصالح لقوات الامن العراقية والحشد الشعبي المدعومة من ايران ومجموعة متنوعة من الجماعات الدينية والعشائرية المسلحة. وتابعت، أنه في حين تم دمج الحشد ضمن القوات الامنية، لا يزال اعضاؤه يرتدون زيهم الرسمي ويحرسون نقاط التفتيش المدرة للمال الخاصة بهم.
وتقول الصحيفة، أيضاً إن "الميليشيات تطالب الشركات في الموصل بما يصل الى ثلاثة الاف دولار شهرياً مقابل توفير الحماية لها"، كما تطالب "بالمال مقابل اقامة مشاريع بناء جديدة في الموصل".
وقال الجبوري "من الصعب جدا اتخاذ الخيارات الصحيحة وليس لدينا الكثير من الخيارات".
وختمت الصحيفة قائلة، إن "كثيرين في الموصل يترددون في الاحتجاج"، مشيرة إلى أن "التظاهرات التي قادها السنة ضد حكومة نوري المالكي في عامي 2012 و 2013، سبقت صعود تنظيم داعش في العراق، وما يزال العديد من الموصليين، الذين يغلب عليهم السنّة، قلقون من أن الاحتجاج قد يتسبب بالربط بينهم وبين التطرف".
ونقلت عن الجبوري قوله "لقد اجرينا نقاشات عامة وتباحثنا في منتدى الكتاب، ونحن نشجع السياسيين على تقبل انتقادات الصحافة. ما نحن بحاجة اليه هو اعادة بناء العقول، وكذلك الشوارع والمباني في الموصل".