شفق نيوز/ جدل كبير يدور منذ أيام داخل العراق بعد أن أعلنت مفوضية الانتخاب في الأردن، منح حزب "البعث العربي الاشتراكي" ترخيصاً للانخراط بشكل قانوني في الحياة السياسية بالمملكة.
وفيما تؤكد عمان أن الحزب سياسي أردني يعمل داخل حدود المملكة فقط، تعرب تيارات سياسية عراقية عن رفضها منح إجازة للحزب، خاصة بعد إطلاق أنصاره هتافات تتعلق بعودته إلى العراق وتغييره للنظام السياسي الحالي القائم فيه.
ونبّهت تلك التيارات إلى أن المخاوف - رغم حظر الحزب في العراق - تنطلق من أن حزب البعث ينادي بالقومية العربية، وهذه المناداة لا تحصره داخل الأردن فقط، وإنما يمتد إلى دول أخرى.
"بعث" الأردن
يعمل حزب "البعث العربي الاشتراكي الأردني" في المملكة منذ مطلع تسعينيات القرن الماضي، ومرخّص ولم يكن مّنحلاً في السابق، وتسري عليه جميع القوانين النافذة في الأردن، وممنوع من العمل خارج المملكة كما هو الحال مع باقي الأحزاب الأخرى، بسحب ما أفاد به الناطق باسم مفوضية الانتخابات في الأردن، محمد الرواشدة.
وقال الرواشدة، لوكالة شفق نيوز، إن "الحزب قام مؤخراً بتوفيق أوضاعه بموجب أحكام قانون الأحزاب الجديد الذي أقر منتصف العام الماضي، وقام إلى جانب 25 حزباً آخرين بتوفيق أوضاعهم من حيث رفع أعداد المنتسبين إلى (1000) عضو مؤسس، على أن تمثل المرأة نسبة لا تقل عن 20% من الأعضاء، والشباب بنسبة لا تقل عن 20% من الأعضاء، وأن يكون المنتسبين للحزب يمثلون 6 محافظات أردنية على الأقل، واستطاع الحزب تحقيق تلك الشروط".
غضب عراقي
وكان العشرات من الأشخاص قد خرجوا في العاصمة العراقية، صباح أمس الثلاثاء، بتظاهرات غاضبة احتجاجاً على سماح السلطات الأردنية لحزب "البعث العربي الاشتراكي" بممارسة نشاطه السياسي على أراضيها، مطالبين الحكومة العراقية باتخاذ الإجراءات اللازمة ضد عمّان.
بدوره قال رئيس "لجنة الشهداء والسجناء السياسيين والمضحين" حسن سالم، الذي شارك حشود المحتجين، مخاطباً بقايا حزب البعث: "ورقة حزب البعث احترقت وولت، وإن فكرتم العودة ستلقون أجساداً وجنوداً مجندة لسحقكم".
توعّد بالردع
وفي هذا السياق ذكر القيادي في ائتلاف دولة القانون، حيدر اللامي، أن "حزب البعث موجود في عدة دول، لكن مدعاة الاعتراض أن هذا الحزب عندما أُعطي الإجازة بدأ أنصاره يهتفون بهتافات تخص النظام في العراق وعودة حزب البعث إليه".
وبيّن اللامي، خلال حديثه للوكالة أن "حزب البعث ينادي بالقومية العربية وهذه المناداة تجعله يمتد إلى الدول الأخرى"، لافتاً إلى أن "الأردن نفسها كانت قد وقفت بالضد من حركة حزب البعث في العراق عند قضية الغزو الصدامي للكويت".
وأضاف أن "قيادات عراقية في حزب البعث لا تزال موجودة في الأردن، وكان لها دور سلبي في العراق خلال السبعينيات والثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي وحتى الألفين، لذلك نرفض إجازة الحزب ونطالب الجامعة العربية باتخاذ دور إيجابي بهذا الخصوص".
وأكد اللامي، أن "حزب البعث محظور في العراق، وإذا كانت هناك أفكار لحزب البعث بالدخول باسم ثانوي إلى العملية السياسية العراقية فسوف نرصد ذلك ويعاقب"، متوعداً: "من يأتي بحزب البعث أو أزلامه أو من يأتي بلباس آخر لحزب البعث، فسوف نتصدى له كما تصدى حزب الدعوة سابقاً عندما كان الحكم بيد صدام".
وكان "حزب الدعوة الإسلامية" الذي يقوده رئيس الوزراء العراقي الأسبق نوري المالكي، قد احتج بشدة على إجازة عمل حزب البعث في الأردن، واعتبر هذا الأمر "عملاً استفزازياً".
الترشح للانتخابات
في المقابل، أشار نائب رئيس الوزراء السابق، صالح المطلك، إلى أن "حزب البعث موجود في سوريا والأردن ولبنان والسودان، ويتنافس في الانتخابات، أما منع مشاركته للسيطرة على كل شيء، فهذا أمر غير صحيح".
وأوضح المطلك، الذي تحدث للوكالة، أن "حزب البعث في العراق محظور الآن، لكن النظام السياسي الذي مضى عليه 20 عاماً وما يزال يخشى من حزب تم اجتثاثه فهو نظام غير واثق من نفسه ولا يستحق أن يقود العراق"، داعياً النظام السياسي الحالي إلى أن "يغيّر من نهجه"، وأن يسمح بالترشح للانتخابات لكل من يرغب بذلك".
علاقة البلدين
وبناء على ما تقدم، رأى المحلل السياسي والباحث الأردني في مركز الأمة للدراسات، حازم أعياد، أن "العلاقات الأردنية - العراقية حيوية ومتنامية وحازت على قوة دفع متأثرة بمناخ المصالحات الإيجابي في الإقليم، وليست هشة لدرجة تأثرها بالجدل الإعلامي الدائر حول ملف أردني داخلي لا علاقة له بالعراق".
ولفت أعياد، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "الأردن فيه أحزاب كالشيوعي واليبرالي والإسلامي والقومي واليساري، وكلها تحمل مُسمّيات وتمثل قناعات متعددة ومتنوعة، ولديها انحيازات وتفضيلات تجاه القضايا الإقليمية والمحلية كما هو الحال في العراق هناك أطياف وتوجهات متنوعة"، مُنبهاً بأن "العلاقات بين الدول ترسمها المصالح والمؤسسات لا المواقع الشخصية للأفراد".
البعث العراقي
وكان مجلس النواب العراقي قد أقرّ في شهر تموز/يوليو العام 2016 مشروع قانون حظر حزب البعث والكيانات المنحلة والأحزاب والأنشطة العنصرية والإرهابية والتكفيرية.
وحكم الحزب، قرابة أربعة عقود من الزمن في العراق تصدى في معظم هذه الفترة لرأس هرم السلطة الرئيس السابق صدام حسين قبل أن تطيح به الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها في حرب الخليج الثالثة في العام 2003.
وارتكب نظام البعث في عهد "حسين" العديد من الجرائم التي صنفتها المحكمة الجنائية المختصة في العراق على أنها "جرائم إبادة جماعية"، وقد قضت بالحكم على الرئيس الراحل وعلى المسؤولين المقربين منه بعقوبة الإعدام شنقاً حتى الموت.