شفق نيوز/ تقدر الفجوة في قطاع السكن في العراق بأكثر من مليوني ونصف المليون وحدة سكنية لسد الحاجة أو الطلب من السكن في ظل التزايد السكاني المستمر بأكثر من مليون نسمة في كل عام، ما تسبب بارتفاع الأسعار نتيجة الطلب المتزايد مع قلة المعروض في سوق العقارات، وفق المتحدث باسم وزارة التخطيط العراقية، عبد الزهرة الهنداوي.
ويشير الهنداوي خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن "بغداد هي الأكثر حاجة مقارنة مع باقي المحافظات، وذلك لوجود فيها أكبر كتلة سكانية بين المحافظات تقدر بأكثر من 9 ملايين نسمة، أي قرابة ربع سكان العراق، لذلك الحاجة في بغداد أكثر من سواها، رغم أن كل المحافظات هي بحاجة إلى وحدات سكنية لكن بنسب متباينة حسب عدد سكانها".
ويتابع: "لذلك التوجه الحالي هو باتجاه بناء مدن سكنية جديدة تلبي الحاجة من الوحدات السكنية، ما سيؤثر إيجاباً على قطاع السكن بتوفير المزيد من الوحدات السكنية في سوق العقارات وبالتالي تلبي الحاجة والطلب الموجود".
حلول استراتيجية
لكن وزارة الإعمار والإسكان العراقية تقدر حاجة العراق إلى نحو 3 ملايين وحدة سكنية لتقليل أو معالجة أزمة السكن الخانقة في العراق، "وهذا يضيف تحدياً على الحكومة، لكن الوزارة تعمل على قدم وساق من أجل إيجاد حلول استراتيجية فعالة على أرض الواقع من خلال عدد من المحاور"، بحسب المتحدث باسم وزارة الإعمار، استبرق صباح.
ويضيف صباح لوكالة شفق نيوز، أن "المحور الأول هو محور القروض السكنية من خلال منح عدد كبير من القروض السكنية لبناء الوحدات السكنية من خلال صندوق الإسكان العراقي الذي يعتبر واحداً من تشكيلات وزارة الإعمار، وأن هذا التشكيل يمنح قرضاً مقداره 60 مليون دينار، وهو قرض ميسّر لغرض بناء الوحدات السكنية".
ويتابع، "كما أن لدى دائرة الإسكان في وزارة الإعمار - التي هي المسؤولة عن تنفيذ المجمعات السكنية في العراق - 16 مشروعاً قيد العمل، وسيتم افتتاح عدداً من هذه المشاريع خلال الفترة المقبلة، وأن المشاريع التي تنجزها هذه الدائرة تنطوي ضمن السكن واطئ الكلفة، ويتم توزيع الوحدات السكنية المنجزة ضمن هذه المشاريع ضمن الفئات المحددة في مجلس الإسكان الوطني".
أما فيما يخص المحور الأهم لمعالجة أزمة السكن، "فإن الحكومة تعمل ومن خلال وزارة الإعمار والإسكان على مشروع المدن السكنية الجديدة، وهناك جيلين من المدن السكنية الجديدة، الجيل الأول يشمل 5 مدن (الجواهري، علي الوردي، الغزلاني، ضفاف كربلاء، والجنائن) وهذه المدن ستدعم قطاع الإسكان بأكثر من 225 ألف وحدة سكنية"، وفق صباح.
ويكمل، "كما تعمل الوزارة في الوقت ذاته على الجيل الثاني من المدن السكنية الجديدة بواقع 6 مدن (المجر الكبير في ميسان، الوركاء في المثنى، البلد في صلاح الدين، أور في ذي قار، السلام في النجف، والمتنبي في واسط)".
ويؤكد صباح، أن "هذه المدن من شأنها أن توفر عدداً كبيراً من الوحدات السكنية المستدامة ضمن مدن تتكامل فيها استعمالات الأرض الحضرية مع أساس اقتصادي في هذه المدن، كما أنها من المؤمل أن تعمل على سحب الكثافات السكانية العالية من داخل المراكز إلى تلك المدن، وستحد أيضاً من أسعار الوحدات السكنية خصوصاً المجمعات الاستثمارية التي وصلت الأسعار فيها إلى حدود مبالغ بها".
ويرجح، أن "سوق السكن سيشهد انخفاضاً وهبوطاً بالأسعار متى ما انطلق العمل، وتم توزيع الوحدات السكنية من خلال هذه المدن السكنية الجديدة".
تعديل قانون صندوق الإسكان
بدورها، تقول عضو لجنة الخدمات والإعمار النيابية، مهدية اللامي، إن "أزمة السكن في العراق هي أزمة أزلية والحلول الجذرية لهذه المشكلة لا تزال قيد الدراسات والإنجاز، فهي تحتاج إلى وقت وتدخل من السلطات التشريعية والتنفيذية، لكن مؤخراً تم إنشاء هيئة المدن الجديدة إحدى تشكيلات وزارة الإعمار والإسكان، وقدمت دراسات مستفيضة لإنشاء مدن خارج حدود أمانة بغداد وكذلك في باقي المحافظات".
وعن أسعار المدن السكنية توضح اللامي لوكالة شفق نيوز، أن "مدينة علي الوردي في النهروان، تناسب أصحاب الدخل المحدود والمتوسط، كما أن مدينة الصدر الجديدة التي أعدت التصاميم لها لإنشاء 2000 وحدة سكنية أسوة بمدينة بسماية الذي هو مناسب لأصحاب الدخل المحدود والمتوسط أيضاً، وكذلك الحال في المدن التي سيتم إنشاؤها في أطراف المحافظات".
وتشير إلى أن "المصرف العقاري يعطي قروضاً للراغبين بشراء العقار بلا فوائد عدا نفقات إدارية تعطى لأول مرة فقط، كما أن مصرف الإسكان يعطي قروضاً للمواطنين الراغبين ببناء قطعة أرض على أن لا تقل عن 100 متر".
وتنوّه اللامي، إلى أن "لجنة الخدمات بصدد تعديل قانون صندوق الإسكان التعاوني ومن ضمن التعديلات عدم اشتراط عمر المتقدم إكمال 18 عاماً، وتقليص المساحة إلى 72 متر بدل 100 متر، لتتمكن الشرائح الفقيرة من الحصول على هذا القرض، ومن التعديلات أيضاً أن من لديه راتب وظيفي لا يحتاج إلى كفيل مقابل حبس الدار لضمان الأموال التي تصرف من قبل الحكومة".
أزمة السكن "مفتعلة"
من جهته، يرى الخبير الاقتصادي، عبد السلام حسن حسين، أن "أزمة السكن مفتعلة لربط الدوائر ببعض، مثل وزارة العدل التي هي مختصة بالعقار فهي من المفترض أنها تعمل في العقار فقط، لكنها متشعبة بالعمل في السجون والمحاكم وغيرها، لذلك يجب فصل هذه الدائرة لتكون مختصة فنياً بمفردها، كما أن العقار أيضاً مرتبط بوزارة المالية المتمثل بالضريبة، وكذلك بأمانة بغداد ودائرة البلديات، وحتى حقوق المواطن في هذا المجال ترتبط بـ5 إلى 6 وزارات وكل وزارة تأخذ نسبة من الأرباح".
ويقترح حسين خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، حل أزمة السكن بـ"فصل الدوائر وتكون دائرة واحدة تأخذ النسبة من الرسوم وفق ضوابط وكشف حكومي يحدد سعر العقار، أما الاستثمار فهو الداء والبلاء الذي ليس له علاج باستغلال صاحب الاستثمار الذي يتحكم بمصير العقار، وربما الدولة متقصدة بافتعال هذه الأزمة لحماية الاستثمار والتمويل الذاتي الفاسد"، على حد تعبيره.