شفق نيوز/ انتقد موقع "أوبن ديموكراسي" الأمريكي، يوم السبت، خطاب الولايات المتحدة المتعلق بالحتمية الاخلاقية للديمقراطيات التي تتحدى الاستبداد الروسي فيما يتعلق بالحرب الروسية على أوكرانيا، فيما وصف مواقف الغرب بانها تتسم بـ"النفاق" بسبب ممارساتها السابقة خلال حروبها حول العالم، بما في ذلك في العراق.
ولفت التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، الى مفارقة تتمثل في انه برغم الدعم الدولي القوي لاوكرانيا، الا انه بعيد جدا عن الإجماع العالمي، في ظل حياد الهند والصين وجنوب افريقيا مثلا، وانه برغم ان التأييد للرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد لا يكون قويا في دول جنوب العالم، الا ان ذلك لا يترجم في الوقت نفسه الى دعم شعبي لحلف الناتو.
بوتين "المنبوذ"
وبعدما نوه التقرير الى تقديرات صحفية تشير الى ان الحرب في أوكرانيا حولت الرئيس بوتين إلى شخص منبوذ "على الاقل في الغرب"، توقفت عند العبارة الاخيرة لتقول انها تثير الحيرة عند الكثير من الناس في الغرب، متسائلا كيف يمكن لروسيا ان تحيل المدن الى انقاض وتقصف المستشفيات والمراكز الصحية والمدارس، وبرغم ذلك لا تواجه ادانة عالمية؟.
واوضح التقرير ان هذا السؤال طبيعي لكن الاجابة عليه غير مريحة، وانما يتحتم مواجهتها، مشيرا الى ان هناك تصور واسع النطاق لنفاق الغرب.
وفي هذا السياق، لفت التقرير الى انه منذ العام 2010 ، فان معهد "واتسون" في جامعة براون الامريكية يشرف على "مشروع تكلفة الحرب" ويرصد حروب القرن الحادي والعشرين.
امريكا قتلت نحو مليون انسان خلال عقدين.
واضاف ان دراسة تتناول العقدين الأخيرين منذ هجمات 11 ايلول/ سبتمبر الارهابية على الولايات المتحدة، تظهر ان أكثر من 929 الف شخص، بما في ذلك ما لا يقل عن 387 الف مدني، قتلوا بسبب عمليات العنف المباشر في الحروب الامريكية في العراق وافغانستان وسوريا واليمن وباكستان.
ويعتقد معهد "واتسون" ان اضعاف هذا العدد من الناس ماتوا بسبب التأثيرات غير المباشرة للحرب، مثل سوء التغذية والمجاعة والمرض، مضيفا ان هذه التقديرات يجب الا تثير الدهشة في ظل تقارير المعهد الامريكي التي تتحدث ايضا عن نزوح 38 مليون شخص بسبب هذه الحروب.
واعتبر التقرير ان "العديد من هذه الحروب التي شنتها وخاضتها الولايات المتحدة وشركاؤها في التحالف الدولي، وخاصة بريطانيا، انتهت بالفشل"، بما في ذلك في افغانستان والعراق وليبيا.
واشار الى انه خلال حرب العراق وحدها، فان عدد الوفيات بين المدنيين منذ العام 2003 ، يتراوح ما بين 186 الف شخص، الى 209 الاف شخص، وذلك اعتمادا على منهجية البحث والاحصاء المطبقة.
وتابع التقرير ان البعض يجادل بان حرب التحالف الدولي الاخيرة ضد تنظيم داعش في العراق وسوريا بين عامي 2014 و2018، ادت الى النجاح بتدمير التنظيم الارهابي.
الا ان التقرير لفت الى ان هذا النجاح "يبدو الان مشوها حيث نجا داعش وما يزال ناشطا في كلا البلدين"، كما ان الجماعات التابعة له ترسخ وجودها في جميع انحاء منطقة الساحل الافريقي، ولها وجود في موزمبيق وجمهورية الكونغو الديمقراطية وكينيا واوغندا والصومال.
الأيادي الأمريكية ملطخة بالدماء
واعرب التقرير عن القناعة بان ايدي دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا التي تتوقع ان تحصل على تأييد عالمي لموقفها من الحرب في اوكرانيا، تلطخت ايديها بالكثير من الدماء خلال عقدين من الزمن بحسب نظرة العديد من الناس.
ولهذا، يعتبر التقرير انه عندما يتحدث الرئيس الامريكي جو بايدن عن "الحتمية الاخلاقية للديمقراطيات التي تتحدى الاستبداد الروسي" فان ذلك سيواجه بآذان صماء من كثيرين.
واوضح ان العديد من الناس يقارنون موقف بايدن من نظام بوتين بالروابط التي يقيمها الغرب مع الانظمة الاستبدادية في انحاء العالم، بما في ذلك في الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
حتى ان التقرير اشار الى الحجة القائلة بان التكتيكات الروسية الوحشية المستخدمة في اوكرانيا بتدمير البلدات والمدن تتخطى بكثير افعال التحالف الغربي في الشرق الاوسط وجنوب اسيا، ليست صحيحة تماما اذا تم التدقيق فيها.
واوضح انه بغض النظر عن حجم العنف الامريكي في فيتنام او عمليات التعذيب في سجن غوانتانامو، فان هناك "العديد من الأمثلة المباشرة، ليس أقلها من العراق".
حرب الفلوجة
وفي هذا الاطار، استعاد التقرير ثلاث حوادث من العراق تتعلق الاولى بكمين وقعت فيه القوات الامريكية في مدينة الفلوجة في نيسان/ ابريل العام 2004، ولم يسفر عن سقوط قتلى امريكيين وانما جرحى، وانه بعد ساعات من الاشتباكات، استدعى سلاح مشاة البحرية المارينز طائرات حربية مدمرة من طراز "ايه سي-130" وسوت بالارض مساحات واسعة من مباني المدينة.
وفي حادثة ثانية، وقعت في تشرين الثاني/ نوفمبر من العام نفسه، تم حل "مشكلة" الفلوجة بسيطرة القوات الامريكية على المدينة من خلال هجوم شامل حيث قتل الاف الاشخاص وتدمرت غالبية المباني السكنية، او لحقت بها اضرار جسيمة.
اما الحادثة العراقية الثالثة التي يذكر بها التقرير الامريكي، فقد وقعت خلال الحرب التي قادتها واشنطن ضد داعش بين عامي 2014 و2018 ضد داعش، حيث كانت المهمة الاصعب السيطرة على معقل داعش في مدينة الموصل، وخاصة في المدينة القديمة، وان الولايات المتحدة برغم نجاحها في ذلك، الا ان هذا الهدف لم يتحقق سوى بعد قصف جوي ومدفعي مكثف، ما الحق بالمدينة دمارا شبه كامل، وادى الى سقوط عدد كبير من القتلى.
وخلص التقرير الى القول انه بينما يتم بث مشاهد الهجوم الروسي على البلدات والمدن الاوكرانية للجمهور الغربي من خلال تغطية اعلامية على مدار الساعات الـ24 يوميا وطوال الاسبوع من خلال وسائل الاعلام الغربية، فان ما لا يدركه العديد من الناس في الجمهور الغربي ان مثل هذه التغطية الاعلامية كانت متاحة ايضا على مدار الساعة، خلال حرب العراق من قنوات قدمت روايات كاملة وصور وبيانات حول الاصابات والقتلى التي تسببت فيها القوات الغربية، ولكن تم حجب الكثير منها على القنوات الاعلامية الغربية.
وختم بالقول انه برغم ان هناك درجة كبيرة من الغضب في انحاء العالم الغربي بشأن ما تقوم به قوات بوتين في اوكرانيا، الا انه اضاف ان "العديد من الاشخاص الذين يعيشون خارج الدول الغربية يشعرون بالفزع أيضا، الا انه بالنسبة اليهم، فان ما تفعله روسيا لا يختلف كثيرا عما فعلته التحالفات التي تقودها الولايات المتحدة في الحروب وخاصة في الشرق الاوسط".