شفق نيوز- ميسان

شهدت محافظة ميسان في الآونة الأخيرة تدهوراً أمنياً متصاعداً، وصف من قبل مسؤولين محليين بـ"الانفلات الكبير"، حيث باتت النزاعات العشائرية وتفشي تجارة المخدرات تشكل تحدياً وجودياً يهدد السلم المجتمعي في المحافظة، الأمر الذي تسبب نزوح آلاف المواطنين.

ويقول عضو مجلس محافظة ميسان، حسين المرياني لوكالة شفق نيوز، إن "المحافظة تعاني من انفلات أمني، بينما تبذل القوات الأمنية جهودها، لكن قوة العشائر تزداد انفلاتا يوما بعد آخر".

ويضيف أن "أبرز دلائل الانفلات في الآونة الأخيرة هي مقتل مدير دائرة كهرباء ومدير مدرسة متقاعد وكذلك قتل عناصر من الجيش وهم ينفذون واجباً أمنياً ضد الخارجين عن القانون، فضلاً عن حصول عمليات استعراض بالقاذفات والاحاديات في إحدى مناسبات تشييع احد شيوخ العشائر".

وبحسب حديث المرياني، فإن ميسان يومياً تسجل نزاعين مسلحين على الأقل بسبب تمرد العشائر، مضيفاً أن المحافظة بحاجة إلى قوة أمنية خاصة، وقائد شرطة لديه دراية تامة بوضع ميسان وقراءة لطبيعتها المجتمعية وتركيبتها السكانية.

ويتابع أن "التحديات التي تواجه ميسان حالياً هي ثلاثة أمور، النزاعات العشائرية والعصابات المختصة وتجارة المخدرات"، مشيراً إلى أن "زيارتي رئيس الوزراء ووزير الداخلية إلى ميسان هي زيارات شكلية، لم تكن بالمستوى المطلوب، وكانت استعراضية أكثر من كونها ذات نتائج جوهرية على امن المحافظة".

وفي كانون الثاني 2024، كشفت وزارة الداخلية العراقية عن إطلاق برنامج جديد لشراء الأسلحة من المواطنين، نُفذ عبر المنصة الحكومية الإلكترونية "أور"، إلى جانب افتتاح العشرات من المراكز الميدانية المخصصة لهذا الغرض.

وفي العام الماضي، خصص مجلس الوزراء مبلغ 15 مليار دينار من احتياطي الطوارئ، للشروع بعملية شراء الأسلحة من المواطنين، وذلك في إطار تنفيذ البرنامج الحكومي الذي يهدف، حسب التصريحات الحكومية، إلى "تنظيم السلاح وحصره بيد الدولة عبر تسجيل أسلحة الأفراد".

هجرة سكانية كبيرة

في المقابل، يقول مدير ناحية العزير السابق كاظم دريول، لوكالة شفق نيوز، إن "المحافظة سجلت نزوح أكثر من 6 الاف شخص خلال الفترة الأخيرة وهو في الحقيقة رقم مرعب"، لافتاً إلى أن "أعمال النزوح غالبيتها حصلت بمناطق القرى والمناطق الحدودية للناحية تجاه مركز المحافظة مدينة العمارة ومحافظة البصرة وعدد من المناطق الاخرى".

ويشير إلى أن "أسباب النزوح حصلت بسبب أمرين فقط هما، كثرة النزاعات العشائرية في المناطق التي يهاجر منها المواطنين، بالإضافة إلى الشحة المائية"، مؤكداً أن "عدداً من المدن في المحافظة تعيش أيام عصبية بسبب موجات النزوح نتيجة تزايد عدد النزاعات العشائرية وحصول ظاهرة الجفاف في انهر العمارة".

وتشير التقديرات إلى أن العراق، "باستثناء إقليم كوردستان"، يضم ما بين 13 و16 مليون قطعة سلاح متوسط وخفيف، من بينها بنادق "كلاشنكوف" و"بي كي سي" و"آر بي كي" الروسية، فضلا عن مدافع هاون وقذائف RPG.

حلول جذرية

من جانبه، يرى عضو المجلس المحلي السابق لقضاء الكحلاء ميثم صبيح الغنام، أن "هناك ضرورة لتضافر الجهود وتعزيز التعاون بين جميع الجهات الأمنية، والقضائية، والإدارية "، داعياً رئيس الوزراء القائد العام للقوات المسلحة، ووزارتي الدفاع والداخلية، ومحافظ ميسان، ورئيس وأعضاء مجلس المحافظة إلى "تحمل مسؤولياتهم القانونية والإدارية والشرعية تجاه ميسان وأهلها".

وطالب الغنام، خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، بـ"العمل على تنفيذ أوامر القبض أصولياً، حيث أن هناك أكثر من أربعة آلاف أمر قبض لم تفعل في عموم المحافظة، وملاحقة مطلقي العيارات النارية في المناسبات، وعدم السماح لأي طرف بالتدخل أو التأثير على سير الإجراءات القانونية".

ووفقاً للغنام، فإنه من الضروري الاستفادة من المعلومات الاستخبارية من خلال وضع خطط كفيلة لتنفيذ أوامر القبض، مع العلم أن مطلقي العيارات النارية ومثيري النزاعات وتجار المخدرات والجرائم الأخرى هم مشخصون لدى الأجهزة الاستخبارية (جهاز الأمن الوطني، جهاز المخابرات، وكالة الاستخبارات).

كما يدعو المسؤول السابق، إلى عقد اجتماع طارئ على أعلى مستوى لجلب كافة المعلومات المتوفرة لدى الأجهزة الأمنية الاستخبارية، ووجوب أن تكون هناك العديد من الخطط لملاحقة الخارجين عن القانون.

ويلفت الغنام، إلى "أهمية التعامل بحزم وعدم التهاون مع أي شخص، وتجنب الفعاليات الشكلية مثل انتشار الجيش أو الشرطة وإجراءات التفتيش في الشوارع وغلق الطرق والزخم المروري، لأن هذه الإجراءات لا تفي بالغرض، حيث أن الجميع يعلم بان هذه الإجراءات وما شابهها من ممارسات سابقة لم تسفر عن اعتقال أي شخص خطر مطلوب للقضاء".

وفي الختام، طالب بـ "الالتزام التام بحفظ كرامة المواطنين، وعدم اللجوء إلى عمليات التفتيش أو المداهمات العشوائية حفاظاً على الحقوق الدستورية وصوناً لحرمة المساكن وفقاً للقانون، فضلاً عن ضرورة منع تسريب المعلومات، والمطالبة بأن تكون هناك قوة من خارج المحافظة توكل إليها تنفيذ هذه المهام".