شفق نيوز/ تكشف إحصاءات عن نسب مؤشرات الجريمة في العراق خلال عقد من الزمان بينها إحصاء عالمي عن معدلاتها خلال الأشهر الماضية في العام الحالي، وفيما توضح وزارة الداخلية موقفها بـ"انخفاض معدلات جرائم القتل العمد وتوجيه ضربات قوية للجريمة المنظمة"، يبين مختصون أسباب هذه الجرائم.
وتثير بعض الجرائم الجنائية صدمة في الشارع العراقي، وخاصة الجرائم التي ترتكب داخل الأسرة الواحدة، والمتمثلة بقتل الأب على يد ابنه، ومقتل الوالد على يد ولده والقتل بين الأخوة وأولاد العم، إضافة إلى قتل النساء لأزواجهن، وغيرها من الجرائم البشعة، كما لا تزال بعض الحوادث ماكثة في الذاكرة، من بينها حادثة مريدي، كذلك مقتل البلوغر المعروفة "أم فهد".
عام 2024
وفقاً لموقع "نامبيو" العالمي الذي يُعنى بتقديم بيانات حول أسعار المستهلك، ومعدلات الجريمة، وجودة الرعاية الصحية، احتل العراق المرتبة الثامنة عربياً والثمانين عالمياً من أصل 146 دولة بمؤشر الجريمة للعام الحالي 2024.
وذكر الموقع في جدول اطلعت عليه وكالة شفق نيوز، أن "العراق جاء في المرتبة 80 عالمياً بمؤشر 44.7% وبمؤشر سلامة 55.3%، وحل في المرتبة الثامنة عربياً بمؤشر الجريمة للعام الحالي، بعد كل من سوريا 69.1%، واليمن ثانياً بنسبة 68.6%، وليبيا ثالثاً بنسبة 60.4%، والجزائر رابعاً بنسبة 52.2%، ومصر خامساً بنسبة 47.3%، والمغرب سادساً بنسبة 46.5%، ولبنان سابعاً بنسبة 46.4%.
كما أظهر مؤشر الجريمة المنظمة العالمي، فإن درجة الإجرام في العراق خلال عام 2023 بلغت 7.13 درجة، في المرتبة الثامنة من بين 193 دولة عالمياً، كما جاء في المرتبة الثانية من بين 46 دولة في قارة آسيا، وفي المرتبة الأولى من أصل 14 دولة بمنطقة غرب آسيا.
الجرائم بالأرقام
وتضمنت أنواع الجريمة المنظمة المنتشرة في العراق العديد من القضايا، وجاءت في المراتب الأولى الأسواق الإجرامية والمتمثلة بالاتجار بالبشر وتهريبه، والابتزاز، والتجارة بالسلع المقلدة، وتجارة الأسلحة والمخدرات.
وسجل العراق خلال السنوات الماضية جرائم قتل كانت كما يلي:
4300 حالة قتل في 2015
4400 حالة قتل في 2016
4600 حالة قتل في 2017
4600 حالة قتل في 2018
4180 حالة قتل 2019
4700 حالة قتل 2020
5000 حالة قتل في 2021
5300 حالة قتل في 2022
100 ألف سجين
من جهته، يشير رئيس المركز الإستراتيجي لحقوق الإنسان في العراق، فاضل الغراوي، إلى أن "العراق حاله كحال باقي الدول فيه العديد من الجرائم والتحديات والمشاكل والتعقيدات، أما ترتيبه بين الدول فهو يأتي بناءً على مدى انتشار الجريمة والمعالجات التي تقوم بها الحكومة ومؤسساتها الأمنية في متابعة هذه الجرائم والإجراءات القضائية للحد منها".
ويوضح الغراوي لوكالة شفق نيوز، أن "الجرائم في العراق خلال الفترة 2023 – 2024 تتراوح ما بين جرائم تجارة المخدرات والاتجار بالبشر والقتل وغسل العار والسرقة والفساد المالي والرشوة والاختلاس وغيرها من الجرائم، وهي موزعة على أغلب المحافظات العراقية لكنها قد تتفاوت ارتفاعاً وانخفاضاً حسب نوعية الجريمة".
ويؤكد، أن "هناك أكثر من 100 ألف شخص بين محكوم وموقوف في السجون ومراكز الاحتجاز، وهذا رقم كبير يشير إلى حجم الجرائم الموجودة في العراق وتداعياتها إضافة إلى وجود الجرائم الإرهابية، ولن تنتهي الجرائم إلا بإجراء معالجات شاملة وحقيقية وجدية في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والخدمية والتنموية والتربوية".
الداخلية توضح
بدوره يؤكد المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية وخلية الإعلام الأمني، العميد مقداد الموسوي، أن "الوزارة تواصل جهودها الحثيثة لتعزيز الأمن والاستقرار في جميع أنحاء العراق، ولقد شهدنا خلال الأشهر الأخيرة تقدماً كبيراً في مواجهة التحديات الأمنية، وذلك بفضل التخطيط الاستراتيجي والتنفيذ الدقيق للعمليات الأمنية، وأن هذا التحسن الملحوظ يعكس مدى التزام قواتنا الأمنية بواجبها الوطني وحرصها على حماية المواطنين".
ويضيف الموسوي لوكالة شفق نيوز، أن "التعاون المستمر والمثمر بين الأجهزة الأمنية والمواطنين يلعب دوراً حاسماً في تعزيز هذه الجهود، حيث نرى زيادة ملحوظة في عدد البلاغات التي تصلنا من المواطنين حول الحالات المشبوهة، مما يساهم بشكل كبير في كشف ومواجهة الأنشطة الإجرامية قبل وقوعها، وأن هذا التعاون يعكس الثقة المتبادلة بين الشعب وقوات الأمن، وهو أمر نفخر به ونسعى إلى تعزيزه باستمرار".
ويتابع "كما نجحت القوات الأمنية في توجيه ضربات قوية للجريمة المنظمة، حيث تم تفكيك العديد من الشبكات الإجرامية التي كانت تهدد أمن واستقرار البلاد، ولقد أسفرت هذه العمليات عن اعتقال العديد من العناصر الإجرامية، ومصادرة كميات كبيرة من الأسلحة والمخدرات، مما أسهم بشكل كبير في تقليص معدلات الجريمة وتعزيز الأمان في مختلف المناطق".
كما أن المتحدث باسم الوزارة العميد مقداد ميري أوضح، في 6 أيار 2024، إن "الوزارة سجلت انخفاضا في جرائم القتل العمد بنسبة 29% والدكة العشائرية بنسبة أكثر من 70%، ومجمل الجرائم بنسبة 9% خلال الأشهر الأربعة الأولى من العام الحالي مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي.
ويتابع ميري أن "الجريمة تتطور مع تطور الحياة، وهي وجدت بوجود الإنسان ولن تنتهي"، لافتا إلى أن "دولا كبريطانيا وأمريكا لديها منظومات أمنية متطورة لكن نسبة الجريمة فيها مرتفعة، إذ تصل في لندن مثلاً إلى 60%، كما أن نسبة الجريمة في امريكا عالية جدا وتسجل بالدقائق".
كما أن ميري وصف في تصريحات سابقة، تصنيف العراق ضمن مؤشرات الجريمة العالمية لعام 2023 بأنه "غير دقيق"، مشيراً إلى انخفاض معدل الجريمة إلى ما يقارب 20% في عام 2023".
المتحدث الرسمي للداخلية أوضح أيضاً أن "الكثير من البلدان فيها نسب جريمة مرتفعة جداً مقارنة بالعراق"، مبيناً أنه "في العام 2023 وبعد تنفيذ البرنامج الحكومي، ولاسيما فيما يتعلق بمتابعة الجريمة المنظمة ومنع وقوعها وخفضها، وبالفعل تحقق هذا الهدف، وان وضع الجريمة مسيطر عليه وجيد جدا في الوقت الحاضر وهناك إجراءات جديدة سيتم العمل عليها وستكون مكثفة باتجاه ملف الجريمة المنظمة في العراق".
أسباب الجرائم الجنائية
ويرهن معنيون تنامي هذا النوع من الجرائم بأسباب عديدة أهمها البطالة والفقر وتفشي السلاح المنفلت والمخدرات، مشددين على ضرورة ضبط الحدود والعمل أكثر على مكافحة المخدرات والمافيات التي تقف خلف هذه التجارة.
ويرجع مدير مركز الاعتماد للدراسات الأمنية، اللواء الركن المتقاعد عماد علو، أسباب "ملائمة البيئة الاجتماعية العراقية لتفشي وانتشار الجريمة الجنائية والجريمة المنظمة إلى وجود متسعاً من الحرية في القوانين التي تتعلق بمعاقبة المجرمين، وهذه المسألة تم الأخذ بها واعتمادها نتيجة الحياة الديمقراطية بعد عام 2003".
ويتابع علو حديثه لوكالة شفق نيوز، "إضافة إلى نقاط أخرى مثل فتح الحدود وعدم مسكها بشكل جيد من قبل الأجهزة الأمنية، إضافة إلى ما حصل من هجمات بعد الانفلات الأمني على مشاجب الجيش السابق وعمليات تهريب الأسلحة والمخدرات، إضافة إلى الاضطرابات والهزات الاجتماعية التي حصلت نتيجة الحرب الطائفية ودخول عناصر تنظيم القاعدة وداعش".
ويؤكد، أن "العراق بات يعتبر خاصة في مسائل المخدرات وتهريب السلاح من البلدان التي تستقطب هذه المواد بعد أن كان ممراً لعبورها فقط، ولهذا تنتشر العصابات والمافيات العابرة للحدود في العراق".
وعن أخطر أنواع الجرائم على المجتمع العراقي، يوضح علو، أن "أخطر الجرائم هي الجريمة المنظمة على اعتبار أنها تستهدف شرائح المجتمع خاصة مافيات المخدرات التي باتت تستهدف الشباب وحتى الأطفال والنساء في الجامعات ومراكز العمل نتيجة البطالة ومحاولات كسب السريع من قبل هؤلاء المجرمين وتصدير هذه المواد وتهريبها إلى داخل العراق".
ويضيف "كما هناك جريمة تهريب الأسلحة التي تساعد على استمرار السلاح خارج سيطرة الدولة، وبذلك يزداد العنف وتكون هناك مساحات لارتكاب جرائم جنائية من سرقة وقتل وخطف وابتزاز وغيرها من الجرائم".
كما أن الخبير في الشأن الأمني أحمد الشريفي يوجز في تصريحات أسباب حالات القتل بـ" الحروب وأثرها في سلوك الشعوب، بالإضافة إلى تراجع القيم والتفكك الاجتماعي والالتزام الأخلاقي والبطالة"، منتقداً "ضعف الرادع القانوني وعجز المؤسسات عن إنفاذ القانون، فضلاً عن الضعف في هيبة الدولة وفي مؤسساتها التي أدت إلى حالة من الانفلات وعدم الانضباط الاجتماعي".