شفق نيوز/ في الـ15 من شهر نيسان الجاري، حيث نهار الاثنين، ستضبط عقارب الساعة على موعد لقاء رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، مع الرئيس الأمريكي جو بايدن، في البيت الأبيض بواشنطن العاصمة، الزيارة التي طال إعدادها، تأتي في لحظة يعيد فيها البلدان التفاوض بشأن علاقتهما الاستراتيجية المليئة بالاهتزازات خلال أشهر قليلة.
ملفات عدة على طاولة المحادثات الثنائية بين السوداني وبايدن، لعل أبرزها هدنة الفصائل "الهشة" مع القوات الأمريكية في العراق، إضافة لملف وجود هذه القوات، فضلاً عن ملفات أخرى مثيرة للجدل، مثل تدفق الدولار الأمريكي إلى العراق.
وأجاب موقع "القرن" وهو مركز أبحاث دولي مستقل، في مقالة ترجمتها وكالة شفق نيوز، على تساؤلات عدة حول زيارة السوداني لواشنطن، والملفات التي ستتم مناقشتها، وماذا يريد الطرفان من هذه المحادثات التي تأتي بوقت تسير فيه العلاقة الاستراتيجية بين البلدين بلحظة حساسة.
لماذا الآن؟
بحسب مركز الأبحاث الدولي، فإن السوداني كان حريصا على هذا الاجتماع لأكثر من عام، تم تحديد موعده أخيرا بعد أن اشترطه البيت الأبيض على الإطار التنسيقي (التحالف الذي شكل الحكومة العراقية الحالية).
وأضاف المركز، أن بايدن يحرص على تجنب أي زيادة في الأعمال العدائية في الانتخابات، في وقت يحاول السوداني تأمين اتفاق بشأن انسحاب القوات الأمريكية قبل أن يكون هناك تغيير محتمل في إدارة البيت الأبيض.
مصير العلاقة العسكرية؟
وهناك عدد قليل نسبيا من القوات الأمريكية في العراق، في هذه المرحلة يوجد حوالي 2500 مقاتل في مهمة تقديم المشورة والمساعدة ضد تنظيم داعش، ومع ذلك، تمتلك الولايات المتحدة الكثير من الأصول في العراق والبلدان المجاورة التي استخدمتها لاستهداف الفصائل المسلحة العراقية المتحالفة مع إيران.
ويبدو أن الجزء الأكثر إثارة للجدل في العلاقة، بحسب مركز القرن، هو أن الولايات المتحدة تتصرف دون إذن في العراق، حتى عندما ترد على الهجمات ضد القوات الأمريكية.
كم تنفق أمريكا على العراق؟
ووفق المركز، فإن أحدث طلب لميزانية الدفاع للعراق هو 500 مليون دولار لعام 2025، ولكن عندما تضيف ميزانية وزارة الخارجية، وأنشطة المعونة، والمساهمات غير المباشرة من خلال الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى، فإن المبلغ السنوي الإجمالي الحقيقي الذي تنفقه الولايات المتحدة في العراق أو عليه، يزيد عن مليار دولار سنويا.
انسحاب أم بقاء؟
ولغاية الآن، لم يتم الإعلان عن أي شيء بشأن مستقبل القوات الأمريكية في العراق، وتشير التعليقات الأخيرة من مسؤولي الإدارة الأمريكية، إلى أن الانسحاب "سيستغرق بعض الوقت" ويجب القيام به "بطريقة منظمة" إلا أن المفاوضات ستستمر لفترة من الوقت.
لكن من غير المرجح أن يرغب بايدن في الإعلان عن تاريخ الانسحاب، ولا يريد أن يبدو وكأنه أجبر على الخروج من العراق، في وقت رجح مركز الدراسات الدولي، إنهاء المهمة العسكرية الأمريكية في العراق على مدى عامين، إذا فاز بايدن بالانتخابات القادمة.
ماذا يريد بايدن من السوداني؟
وبشكل عام، لا يريد بايدن أن يكون العراق صداعا بالنسبة له في طريقه إلى ولاية ثانية، ويعتقد أن السوداني قد يكون قادرا على المساعدة في ذلك.
وعلى وجه التحديد، يريد بايدن ضمانا بأن الحكومة العراقية ستمنع هجمات الفصائل العراقية ضد القوات والمرافق الأمريكية داخل العراق وحتى سوريا.
وبحسب المركز الدولي، فإن هذا الضمان هو الأولوية بالنسبة لبايدن، وجميع القضايا الأخرى ثانوية، مثل منع إيران من الوصول إلى الدولار في العراق، وتشجيع علاقات أفضل بين بغداد وأربيل لمنع تفكك حكومة إقليم كوردستان.
ما مستقبل تدفقات الدولار؟
يتم الاحتفاظ بجميع الإيرادات من مبيعات النفط العراقية، والتي تصل إلى أكثر من 100 مليار دولار سنويا، في حساب الحكومة العراقية في بنك الاحتياطي الفيدرالي في نيويورك، ثم يقوم البنك المركزي العراقي بتحويل الدولارات التي تحتاجها الحكومة، بعضها نقداً، إلى بغداد لتوزيعها من قبل وزارة المالية.
وقيدت إدارة بايدن، هذه التحويلات في الأشهر الـ18 الماضية، لأنها تقول إن النظام المالي العراقي منفتح للغاية على غسل الأموال والتدفقات غير المشروعة للدولارات إلى إيران والبلدان الأخرى والأفراد والكيانات الخاضعة للعقوبات.
واستجابت الحكومة العراقية بتعليق تراخيص بعض البنوك، والضغط من أجل توثيق ومراجعة المعاملات الدولارية، والحد من المعاملات النقدية، والحد من مبلغ الدولارات التي توفرها البنوك للسحب، وفقاً لمركز الدراسات الدولي.
ماذا يريد السوداني من بايدن؟
أما السوداني، فيريد من بايدن، بحسب المركز، أمرين على وجه الخصوص، الأول هو مؤشر على متى يمكن أن يبدأ انسحاب القوات، وبعض الإعلانات التي تبشر بنهاية المهمة العسكرية الأمريكية في العراق.
ووجود القوات الأمريكية هو مسؤولية سياسية محلية للسوداني، ويحتاج إلى إظهار أنه أحرز تقدما، من خلال المفاوضات، نحو منع الفصائل العراقية من مهاجمة المصالح الأمريكية في العراق.
أما الأمر الثاني، فيريد السوداني تجنب أي إجراء أمريكي آخر في العراق، سواء كان ذلك عقوبات ضد القادة والمسؤولين العراقيين، أم الضغط على البنوك العراقية والنشاط المالي، أو الضربات الجوية ضد الجماعات المسلحة دون إذن من الحكومة العراقية.
ولدى السوداني أيضا قائمة أمنيات تتضمن المزيد من الاستثمار الأمريكي في العراق والصفقات في مبيعات الأسلحة، ولكن من غير المرجح أن تجعلها على جدول الأعمال هذه المرة، بحسب مركز "القرن" للدراسات والأبحاث الدولية.
ما المصالح المشتركة؟
ويعتمد العراق بشكل أساسي على الولايات المتحدة لصيانة الأسلحة والخدمات اللوجستية، وتبادل المعلومات الاستخبارية، والوصول إلى الدولارات لاقتصادها، ويحتاج إلى الحفاظ على علاقة إيجابية مع الولايات المتحدة من أجل أمنه، تقول الدراسات.
أما احتياجات الولايات المتحدة من العراق، فهي ليست ملحة، ولكن واشنطن تريد منع المزيد من تمكين إيران في العراق، كما يعتبر إبقاء القوات الأمريكية شكلا من أشكال الردع، فبدون قوات أمريكية هناك، تشعر واشنطن بالقلق من أن العراق يمكن أن يعاني إما من فراغ أمني - مما يؤدي إلى صعود التمرد الذي يمتد إلى المنطقة - أو أن بغداد يمكن أن تصبح أكثر تشددا وأكثر توافقا مع طهران، مما يهدد المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط، بحسب مركز الدراسات الدولي.
ما هي أكبر العقبات؟
وبحسب مركز "القرن" للدراسات الدولية، فإن أكبر عقبة أمام العلاقات الأمريكية العراقية، هي مشكلة دائرية تتمثل في عدم قدرة بغداد على منع الهجمات ضد المنشآت الأمريكية، وقيام الولايات المتحدة بعمل عسكري على الأراضي العراقية في انتهاك لسيادة العراق، بالتالي سيكون وجود هذه القوات نقطة خلاف حتى يتم حلها، فالوضع الحالي لا يمكن تحمله، وواشنطن تفهم ذلك، وتحاول إيجاد حل بشروطها وتوقيتها الخاص.
ما مخاطر الاجتماع؟
ولعل الخطر الأكثر وضوحاً، وفق المركز الدولي، هو احتمالية أن تشهد الفترة التي تسبق اجتماع السوداني وبايدن، نوعا من الهجوم على القوات والمنشآت الأمريكية داخل العراق، والانتقام الأمريكي المحتمل، ما قد يؤدي ذلك إلى تأجيل الزيارة أو إلغائها.
أما إذا عاد السوداني من الاجتماع دون أي تقدم لإظهار انسحاب القوات، فسيعطي منتقديه في العراق المزيد من الحافز لإقالته أو منعه من تولي فترة ولاية ثانية في منصبه، بحسب المركز.
كما سيؤدي فشل السوداني في هذا الملف، إلى المزيد من الهجمات من قبل الجماعات المسلحة ضد الولايات المتحدة، وقد تكون هناك أعمال عسكرية تذهب إلى أبعد من ذي قبل وتضر ضررا جسيما بالعلاقة الثنائية.
وبالنسبة لبايدن، فيمكن أن يسبب أي نوع من التنازلات للسوداني، رد فعل سلبي في الكونغرس، مما قد يمنعه من نيل ولاية ثانية، وفق مركز "القرن" الدولي.
حرب غزة وعلاقة السوداني - بايدن؟
وتضيف حرب غزة المزيد من المخاطر، وفق المركز الدولي، يريد السوداني أن تنأى الولايات المتحدة بنفسها عن الإجراءات الإسرائيلية وأن تتوقف عن تقديم الدعم لإسرائيل، مما سيجعل الولايات المتحدة أقل هدفا في العراق وسوريا.
بينما يفضل بايدن بلا شك التركيز على كيفية تحسين العلاقة الثنائية بين بغداد وواشنطن، ولا يريد أن ينجذب العراق إلى صراعات أخرى، على الأقل حرب إسرائيل وحماس.
لكن التصعيد الكبير في حرب غزة، وخاصة انتشارها في لبنان وسوريا، من شأنه أن يجلب مخاطر هائلة على العراق، وقد لا يكون في أيدي أي من الزعيمين لمنع المزيد من الصراع، بحسب مركز "القرن" الدولي للدراسات.
ترجمة: وكالة شفق نيوز