شفق نيوز/ الاطاحة بمنفذي تفجير شارع المجموعة الثقافية في الجانب الايسر لمدينة الموصل، دفع الأجهزة الأمنية في محافظة نينوى الى نتيجة مفادها بأن خلايا تنظيم داعش عاودت نشاطها من جديد، الأمر الذي دفعها إلى تطبيق خطة أمنية يكون المواطن أساسها وعلى نفقته الخاصة.
تفجير "المجموعة الثقافية" في الموصل الذي وقع نهاية شهر نيسان/أبريل الماضي، قاد القوات الأمنية في يوم الجمعة (6 أيار الجاري)، إلى اعتقال إرهابيين اثنين شقيقين قاما بالتفجير.
وبالرغم من أن المعطيات قادت إلى أن التفجير تم بعجلة مفخخة، إلا أن محافظة نينوى قال إنها الحادث وقع كون العجلة محورة وتعمل بالغاز السائل، مما تسبب بانفجارها.
وقال الشقيقان اللذان فجرا العجلة في اعترافاتها إنهما قد بايعا التنظيم عام 2019 بعد تجنيدهما عن طريق مواقع التواصل الاجتماعي.
ومنذ تحرير الموصل من قبضة تنظيم داعش، تعيش وضعاً امنياً مستقراً بعض الشيء، وعقب الحادث، بدأت السلطات الأمنية بتطبيق نظام أمني قائم على كاميرات المراقبة، لاحتواء أي تهديد قادم، وهو مشروع قيد الدراسة في الأصل منذ عشر سنوات، فشلت الحكومات المتعاقبة بتطبيقه، ليتم اللجوء إلى تفعيل جزء منه عبر الأهالي.
"الأمن على حسابكم الخاص"
ويقول مسؤول أمني رفيع المستوى لوكالة شفق نيوز إن "نصب الكاميرات في المدينة وشوارعها الرئيسية والفرعية كان السبب الرئيسي في كشف المنفذين لعملية التفجير، ولكن هنالك بعض المناطق انقطعت فيها المتابعة بسبب عدم وجود كاميرات فيها، وهذا ما شكّل الحاجة الى نصب المزيد منها لكن وفق نظام وترتيب يمّكن الاجهزة الاستخبارية من متابعة اي شخص او عجلة وملاحقته عن طريق الكاميرات دون وجود عوائق او انقطاع للمتابعة".
ويتابع: "بالفعل بدأ ضباط الاستخبارات بإبلاغ أصحاب المحال في الأسواق العامة بنصب كاميرات في الجزرات الوسطية لشوارع الاسواق الخاصة بهم وعلى طولها ويتم توزيعها بالتساوي وعلى مسافات معينة، ومنذ ايام والعمل مستمر بهذا النطاق وقد نصبت مئات الكاميرات في شوارع المدينة على حساب المواطنين وكلها كاميرات حديثة، حيث أن استراتيجية المتابعة ستكون دقيقة".
وأضاف: "صحيح يشكل هذا الأمر عبئاً مادياً على سكان المدينة، لكن الأمن الذي ستوفره هذه الكاميرات هو لاجلهم ولاجل عوائلهم بالدرجة الاساس، ونحن لانفرض على اصحاب المحال والاسواق والمولات شراء الكاميرات من جهة معينة، فكل ما نطلبه منهم هو نصب كاميرات في الشارع الرئيسي وان تكون نوعية جيدة ومدى رؤيتها جيد ايضا".
وفي هذا السياق، يقول أحمد فواز وهو فني يعمل في مجال نصب الكاميرات بإنه "يتلقى عشرات الاتصالات يوميا لنصب الكاميرات في شوارع رئيسية واماكن عامة ويطلب المواطنون منه كاميرات بمواصفات جيدة وفيها مدى رؤية ليلية لا تقل عن 80 متراً".
وبين ان "سعر الكاميرا الواحدة يصل إلى 150 دولاراً أمريكياً".
وتابع فواز: بحسب ما أخبرني بعض اصحاب المحال، فإن الاجهزة الاستخبارية فرضت عليهم نصب الكاميرات، وحذرتهم من أن عدم نصبها يجعلهم يتحملون المسؤولية في اي خرق امني يحدث ضمن مناطقهم وهذا ما جعل أصحاب المحال يخشون من هذا الوعيد ويسارعون بنصب الكاميرات".
أما عبد العزيز محمد صاحب محل في سوق البورصة بالجانب الأيمن من الموصل، يقول إن نصب الكاميرات في الشارع الرئيسي أمر ضروري حتى لو تحملوا تكاليفه، لأن هذا جزء من توفير الأمان لمحالهم، وللسوق وللمدينة.
لكن خالد احمد وهو صاحب محل ايضا يقول لوكالة شفق نيوز، انه "مجبر" على تحمل تكاليف نصب الكاميرا، كون أي خرق أمني سيقع على مسؤوليته.
رأي حكومي
من جانبها علقت الحكومة المحلية في نينوى على هذا الملف وقال نائب المحافظ الثاني حسن العلاف لوكالة شفق نيوز، إنه "مع قرار إشراك المواطنين في ملف الأمن عبر نصب الكاميرات، فإن هذا سيوفر أكثر من نظام مراقبة في الشارع الواحد وفي حال تعطل أحدها، سيكون هنالك بديل، وهذا ما سيجعل افلات المجرمين والارهابيين مسألة شبه مستحيلة".
وقال العلاف ان تحمّل المواطن تكاليف نصب الكاميرات في الشوارع التي تمر من أمام محلاتهم لا مشكلة فيها، لأن المشروع الرئيسي لا يغطي المدينة بأكملها ويحتاج الى مبالغ كبيرة أخرى، وبالتالي هناك منظومتان، الاولى مركزية حكومية، والثانية مدنية موزعة على عموم الموصل، ففي حال حدوث خلل في المنظومة المركزية لن تبقى المدينة دون نظام مراقبة لان هنالك كاميرات مدنية منصوبة في كل مكان تقريبا داخل الأحياء السكنية".
من جانبه قال رجل الأعمال الموصلي مازن الصفار وهو صاحب شركة مختصة بهذا المجال، إن مشروع الكاميرات قديم منذ عام 2012 وهو يتابع ملفه منذ ذلك الوقت.
مشاكل سياسية
وكشف الصفار في حديثه لوكالة شفق نيوز، عن "ثلاث مشاكل رئيسية تواجه هذا المشروع وتعرقل المضي به، الأولى سياسية لأن هناك اطرافاً عديدة لا تريد ان يكون مثل هذا المشروع موجود في الموصل.
ورغم ان الصفار لم يسمِ هذه الجهات إلا أنه اكتفى بالقول إن "من يتضرر من وجود الأمن في الموصل هو المنتفع من عرقلة مثل هذا المشروع".
والمشكلة الثانية وفقاً للصفار "هي غياب الثقافة الأمنية لدى أصحاب القرار في المحافظة والذين يجهلون كيف يتعاملون مع مثل هذا المشروع التقني الذي يحتاج الى اشخاص من اصحاب الخبرة"، موضحا أن "تكلفة هذا المشروع عالية جدا ويحتاج الى وقت طويل ايضا من اجل اكماله لانه يجب ان يكون مشروعاً مركزياً متكاملاً مرتبطاً بفروع، وينسق كل التفاصيل ما بين الاجهزة الامنية والمرور والدفاع المدني وحتى الاسعاف الفوري لذلك لن ينجح نجاحاً حقيقياً ما لم يكن متكاملاً بكل تفاصيله".
وقال إن "محافظ نينوى يرغب اليوم بتفعيل هذا المشروع والمضي به لكنه ارتكب أخطاء كارثية وهي تشكيل لجنة غير متخصصة أساسا لتتولى مهمة التصاميم".
وانتقد الصفار "استخدام كاميرات المنازل للملف الأمني، حيث أن طريقة الربط والاتصال بسيطة ومن الممكن تجاوزها"، مبينا ان "الانظمة الخاصة بأمن المدن تحتاج الى كاميرات متطورة ومختلفة بكل تفاصيلها حتى بطريقة وآلية الاتصال بوحدات السيطرة لتكون بمأمن عن اي أعمال عبثية لاننا نتحدث عن أمن مدينة وليس امن منزل او شارع فقط".
وبهذا الخصوص، يقول نائب محافظ نينوى، حسن العلاف، إن "المحافظة أبلغت الجهات المستفيدة مثل الأمن الوطني ووكالة الاستخبارات وباقي الاجهزة بتقديم الكشوفات اللازمة لتغطية هذا المشروع الذي سيؤمن مراقبة مداخل المدينة وشوارعها الرئيسية ومداخل الاحياء والاسواق العامة وتبين من خلال الكشوفات ان الكلفة التخمينية لهذا المشروع العملاق تصل الى 10 مليارات دينار عراقي وقد تتغير".
وبين العلاف انهم "يدرسون طريقة الإعلان عن هذا المشروع وآلية احالته الى الشركات المناسبة، فهذه الشركات سيكون بيدها خرائط النصب واماكن الكاميرات لذلك يجب ان يكون هنالك ما يمكنهم من الوثوق بالجهة التي ستحصل على هذا المشروع، وبيّن ايضا انه سيستغرق بعض الوقت لكن الحكومة المحلية عازمة على انجازه في اقرب وقت لانه صمام الامان لتبقى الموصل امنة مثل مدن إقليم كوردستان".