شفق نيوز/ في طابور طويل يقف السائق أحمد عزيز (40 سنة) أمام شاحنته منذ يومين أمام جسر عائم على نهر دجلة في مدينة الموصل على أمل أن يسمح له بإكمال طريقه وإيصال البضاعة التي تحملها شاحنته إلى وجهتها المقصودة.
وتقطعت السبل بهذا السائق وآلاف آخرين من أقرانه وعلقوا مع شاحناتهم في طابور طويل داخل الموصل وخارجها بعد أن قررت السلطات المحلية إغلاق الجسر الرئيسي المخصص لعبور الشاحنات في المدينة وعدم السماح لهم بعبور الجسر العائم أيضاً.
واصطفت الشاحنات في الطابور أمام الجسر العائم في منطقة الغابات بالجانب الايسر (غرب) ويعبر الى منطقة حاوي الكنيسة بالجانب الايمن (شرق).
وكشف مصدر أمني في الشرطة المحلية عن صدور قرار بمنع شاحنات الحمل من العبور على الجسر الثاني في الموصل والمعروف باسم "جسر الحرية" بعد ان كان الوحيد الذي يسمح بعبور الشاحنات من فوقه بين جانبي المدينة فضلاً عن الشاحنات القادمة من خارج نينوى باتجاه المحافظات الوسطى والجنوبية.
وقال المصدر لوكالة شفق نيوز، طالبا عدم نشر اسمه، إن "الإبلاغ جاء الى الفوج الـ14 من الشرطة المحلية باعتبار الجسر ضمن مسؤولية القاطع".
وتوجهت الشاحنات إلى جسر "النصر" العائم، بعد إغلاق جسر الحرية، في محاولة للعبور من فوقه لكن السائقين تفاجأوا بمنعهم أيضاً لأن الجسر خارج الخدمة.
وبعد مرور اكثر من 24 ساعة على اغلاق الجسر، دخلت آلاف الشاحنات إلى الموصل غالبيتها قادمة من الاقليم باتجاه المحافظات الجنوبية والوسطى، ولكنها بقيت عالقة داخل المدينة.
ووصل امتداد طابور الشاحنات الى اكثر من 3 كيلومترات تقريباً.
ولم يصدر أي توضيح من الجهات المختصة بشأن سبب إغلاق جسر الحرية أمام الشاحنات، رغم أن الجسر أعيد تأهيله وافتتاحه قبل عدة أشهر فقط.
وكانت جميع الجسور الرابطة بين شطري الموصل قد تدمرت وخرجت عن الخدمة خلال الحرب لاستعادتها من تنظيم داعش خلال عشرة أشهر من المعارك الطاحنة عام 2017.
ورغم مرور 4 سنوات تقريباً على تحرير المدينة، إلا أن جسرين اثنين فقط جرى إصلاحهما وإعادتهما للخدمة، ولا يزال الجسر الثالث خارج الخدمة، أما الرابع والخامس فهما مفتوحان للعجلات الصغيرة فقط بعد نصب قطع حديدة بصورة مؤقتة لتخفيف الزخم على سكان المدينة والمحافظة بشكل عام.
ويعبر نهر دجلة وسط مدينة الموصل ويقسمها إلى شطرين غربي (الساحل الأيسر) وشرقي (الساحل الأيمن) وكانت خمسة جسور تربط الشطرين قبل الحرب ضد داعش.
وتعتبر الموصل طريقاً استراتيجيا لعبور قوافل الشاحنات التجارية القادمة من إقليم كوردستان ومعبر إبراهيم الخليل مع تركيا وصولا إلى بغداد ومحافظات جنوبي البلاد.
ويعد عبور الموصل كابوسا بالنسبة لسائقي الشاحنات، وفق ما يقول السائق أحمد عزيز الذي أشار إلى أنه يحتاج إلى يومين لعبور جسر واحد في الموصل وإكمال طريقه بعيدا عن المدينة.
ومن أجل تلافي حالة الانتظار الطويل أو الاضطرار لتفريغ جزء من حمولة الشاحنات، يقوم السائقون أو التجار برشوة أجهزة الأمن أمام مداخل الجسور، وفق ما كشفه السائق أحمد عزيز.
وأوضح بالقول، "بعض سائقي الشاحنات يضطرون لدفع مبالغ مالية للقوات التي تمسك الارض قرب جسر النصر من أجل عدم الوقوف في الطوابير او العبور بحمولات كبيرة".
وأضاف، "اما من لا يدفع يضطر الى انزال كمية من الحمولة ونقلها بواسطة عجلات كيا وبعدها يقوم بتحميلها مرة أخرى واكمال الطريق".
وأشار عزيز إلى أن "هذه مصاريف كبيرة، وأحياناً تحدث مشاكل بين السائق والتاجر، ولكن المضطر يجبر على الدفع".
وكشف السائق عن أن "التاجر يضطر أحيانا لدفع ما بين 250 إلى 300 دولار عن كل شاحنة تعبر الجسر، من أجل تسهيل مهمة نقل البضاعة بسرعة وعدم تأخرها".