شفق نيوز/ حوادث الطرق باتت واحدة من الأسباب الرئيسة في زيادة معدل الوفيات بين المدنيين في العراق، وكثيرة هي الطرقات التي تفتقر للمواصفات الدولية، وطريق كركوك - تكريت لا يمكن وصفه إلا أنه أسوء طريق بين تلك الطرق، حيث تحول الطريق من مُعبّد الى طريق للسكك الحديدية بسبب التخسفات الحاصلة فيه.
وتبدأ التخسفات في الطريق من بداية جسر مريم بيك وصولا الى مركز ناحية الرشاد ومن ثم تصل الى قبل قرية المهدية على سفح تلال حمرين بين (كركوك وتكريت) يظر السائق لتحويل مساره الى الجهة التي هي لقدوم السيارات لضمان طريق سليم بعيد عن المطبات، حيث قام المقاول بكشط مسافة تقدر ب3 كيلو متر لغرض اكساءها منذ حاول 6 اشهر ولكن بقت مثل ما هي تحصد بأرواح الناس والمشروع متوقف.
المواطن سعدون العبيدي (31 عاما) استعد للتوجه مع عائلته من كركوك صوب اقاربه الى في تكريت ليقضي معهم بعض الوقت ولكنه لم يكن يدرك بأن الموت سيكون رفيقه وحزم أمتعته مع عائلته التي تتألف من زوجته وطفلين صغار وتوجه الى الطريق الرئيس من فلكة كركوك - تكريت قرب المنطقة الصناعية، وما أن يبدأ السير على الطريق الرئيسي حتى يتفرع الطريق الى مسارين الى اليمين تشاهد محال تجارية وطريق ثاني قيد الإنشاء وما هي مسافة حتى توقفك نقطة تفتيش للتأكد من هويتك باللكنة العراقية (وين رايح ومن وين جاي هذه عائلتك نعم تفضل).
الموت يسافر معك
ما أن تجتاز حاجز نقطة التفتيش تبدء الشاحنات تلوح في الأفق حاملة معها ساعة الموت، والجميع يتخوف عند المرور من جانب اي سائق سيارة متهور يقود بسرعة جنونية، فاقداً للشعور الإنساني، وما هي إلا لحظات ليحول حياة أي عائلة الى مأتم ويحول لحظة فرح الى حزن ولحظة تجمع الى تفرق ومنها الى المقبرة وإجراءات الدفن.
يقول العبيدي لوكالة شفق نيوز، الذي نجا هو فقط من حادث مميت بسبب طيش وجنون سائق شاحنة إن "طريق كركوك يعتبر حقيقة اليوم طريق الموت في الرابع من نيسان وهو يوم اسود لي، لأني فقدت زوجتي واطفالي الاثنين وهما ولد وبنت بسبب طيش سائق شاحنة تنقل الاسمنت من كركوك الى تكريت، وعند موقع جسر مريم بك ضمن ناحية الرشاد (35كم جنوب كركوك)، واجهنا بشاحنته ووضعنا اسفل السيارة ودمر كل شيء وهنا فقدت الوعي".
ويضيف: "تم نقلي الى المستشفى وانا لا اعلم ما جرى وعند استعادة الوعي بعد 24 ساعة سالت عن عائلتي من اخوتي قالوا انهم بخير ولكن قلبي يعلم ويعتصر عليهم جسمي تعرض إلى الكسر في الايدي والارجل ونجوت بأعجوبة وبعد أيام سألت عن زوجتي واطفالي من امي التي كانت طوال الوقت تتواجد بجانبي".
ويشير إلى أن "اخي اخبرني بان زوجتي وأطفالي الاثنين ماتوا وهذا الخبر كان صاعقا بالنسبة لي وكنت أتمنى أن أكون معهم تحت الارض لأني أعيش حالة من الموت اليومي اعيش وحدي في منزلي اصوات اطفالي وزوجتي ينادي عليّ في كل يوم وساعة ودقيقة طيش سائق شاحنة حول حياتي الى جحيم وهو الان ينام في السجن بعد الحكم عليه كونه مخالف السبب في الحادثة".
ويختم العبيدي حديثه بدعوة الحكومة لإنجاز "طريق كركوك تكريت والحفاظ على حياة المدنيين وسالك الطريق".
مشاكل فنية ومالية
ويقول مدير طرق وجسور كركوك مدير عام طرق وجسور قاسم حمزة البياتي لوكالة شفق نيوز، إن "الطريق ناحية الرشاد باتجاه تكريت جرى تحويله وتمويله من قبل ادارة محافظة كركوك السابقة وجرت مشاكل فنية ومالية بين الإدارة والشركة المنفذة للمقكع الثاني والربع من العمل حيث العمل مجزء الى اربعة اجزاء الاول والثالث نسبة الانجاز فيه جيدة ولكن المقطع الثاني والثالث وجهت مديريتنا انذارين للشركة بسبب تلكؤها ولم تلتزم ونحن بصدد تقيم العمل إذا استمر التلكؤ سوف يسحب العمل من الشركة وتفرض عليها غرامات مالية".
ويشير إلى أن "صاحب الشركة المنفذة لإكساء في زمن ادارة المحافظ السابق راكان سعيد الجبوري طلب مبلغ 8 مليارات لغرض اكمال المشروع ضمن التخصيصات المالية المرصودة له ولكن المحافظ السابق صرف لهم مبلغ مليار و250 مليون دينار عراقي وهنا تحجج صاحب الشركة بان الاموال قليلة ولهذا العمل اصابة التأخر واليوم نعمل على تقييم جديد وسريع مع ادارة كركوك الجديدة في معالجة الخلل في تنفيذ هذا المشروع الذي يصل طوله إلى 63 كم متر".
تلكؤ شركة المقاولات
ويقول مدير ناحية الرشاد موفق نوري، لوكالة شفق نيوز، إن "طريق الرشاد الرابط بين كركوك وتكريت تم احالته الى 6 شركات عراقية من قبل ادارة محافظة كركوك السابقة والعمل فيه تلكأ وناشدنا رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ووزير الاعمار والاسكان بالتدخل لإنقاذ حياة المواطنيين الذين يموتون بشكل مستمر على هذا الطريق كون الطريق مسار واحد والجزء الثاني لم يكتمل والطريق جرى تقسيمه الى اربعة اجزاء والمقطع الثاني والرابع في إشكالات من قبل الشركة المنفذة التي لا تعمل فيه بصورة صحيحة حيث توجد آليات قليلة لا تسد حاجة مشروع كبير لأكساء طريق دولي يستخدمه يوميا الاف السيارات وهو طريق يربط شمال العراق بوسه ومنه الى بغداد والجنوب".
ويشير إلى أن "غالبية الحوادث التي تسجل ليس سببها اصحاب الشاحنات بل ان السيارات الصغير واجتيازها الخاطئ هو كذلك السبب في كثرة الحوادث وما حادثة معاون محافظ الأنبار ومعه ثلاثة اشخاص إلا دليل واحد من عشرات الحوادث التي تسجل على طول السنة وبشكل دوري".
إنذار للشركات المتلكئة
ويؤكد نوري، بالقول أن "طول الطريق 65 كم و6 شركات لا تقدر على إنجازه وفق المواصفات المطلوبة وتحفظ حياة سالكي هذا الطريق من جهة تكريت أنجز بصورة كاملة ولكن المقطع الثاني من جهة كركوك لا زال العمل فيه يسير ببطئ".
ويطالب نوري، من محافظ كركوك ريبوار طه بـ"التدخل والوقوف على أسباب تلكأ الشركة وخاصة بعد أن وجه إليها انذارين بسبب سوء التنفيذ والتأخير وهي الآن على بعد خطوة من إبعاد الشركة عن العمل الشركة تتحمل نتائج كل ما يحدث من حوادث لانها تركت الطريق دون وضع إشارات السلامة المهنية".
ويقول مصدر بدائرة مرور كركوك لوكالة شفق نيوز، إن "العام الماضي والحالي سجل طريق تكريت كركوك نحو 50 حادثة وراح بسببها نحو 27 مدنياً توفي وأكثر من 40 شخص اصيبوا خلال هذه المدة وان المخطط المروري الذي تقوم فرقنا المرورية برسمها يؤشر بأن الحوادث سببها الاجتياز الخاطئ من قبل السيارات الصغيرة وكذلك السرعة الفائقة من قبل أصحاب الشاحنات".