شفق نيوز/ خوف وذعر وهلع يصيب الكركوكيين بعد تزايد تسجيل المحافظة حالات الانتحار بين الأطفال الذين يطبقون ما يرون في شاشات الهواتف النقالة من فيديوهات "الانتحار".

محمود البياتي، وهو والد أحد الأطفال الذين أقدم أبنه على الانتحار في كركوك، يقول لوكالة شفق نيوز، إن "ظاهرة الانتحار مرض جديد وسري وغير معلن ويطرق أبواب العوائل جميعاً وعلى الجميع الحذر من تلك الظاهرة"، مبيناً أن "ما موجود بين أيدي أطفال من هواتف محمولة ومواقع تواصل فيهما مخاطر كبيرة".

شاهد على الحدث

ويضيف البياتي "ابني الصغير يبلغ من العمر 8 سنوات لا أعلم كيف أتحدث عما شاهدته حيث دخلت إلى غرفة ابني ووجدته قد وضع الحبل في رقبته وأقدم على الانتحار وفارق الحياة".

ويتابع أن "السبب في ذلك أن ابني كان يتابع مقاطع فيديو على شبكات التواصل الاجتماعي وكان يلعب مع إخوته مازحاً: تعالوا لننتحر. حتى ترسخت فكرة الانتحار لديه وانتقلت من الهاتف المحمول إلى عقل الطفل الصغير وفي غرفته وجدت جهازه المحمول وفيه مقطع فيديو عن الانتحار".

ويشير البياتي إلى أن "العائلة اليوم تعيش حالة من الحزن الشديد بسبب انتحار ابني الصغير وما يزال صوته وصورته في كل مكان في المنزل"، داعياً إلى "ضرورة انتباه الأهالي لأطفالهم ومراقبة هواتفهم وإبعادهم عن مواقع التواصل الاجتماعي التي تشجع على الانتحار".

إحصائيات

وتقول مديرة مكتب المفوضية العليا لحقوق الإنسان في كركوك، ضمياء الجبوري لوكالة شفق نيوز، إن "الانتحار ظاهرة خطيرة ويجب معالجتها وفق منظور اجتماعي وديني حيث سجلت كركوك خلال النصف الأول من العام الحالي انتحار ثلاثة ذكور و10 فتيات دون سنة 18 وبينهم أطفال صغار وهذا مؤشر على وجود حالات انتحار مختلفة بين الأطفال وكذلك البالغين".

وأضافت أن "أما حالات الانتحار لمن تجاوزوا سن 18 عاماً، فقد تم تسجيل ثمان حالات للذكور، 39 حالة انتحار للإناث، وبالتالي فإن مجموع حالات الانتحار خلال النصف الأول من العام الحالي بلغ 60 حالة في كركوك".

وتابعت بالقول، إن "مفوضية حقوق الإنسان بكركوك تعمل مع الوقفين السني والشيعي والجهات ذات العلاقة للتوعية بمخاطر هذه الظاهرة الدخيلة على المجتمع العراقي ونعمل على تقليلها بالتوعية الدينية والمجتمعية".

الأسباب

ويقول المختص والباحث النفسي عبد الله عبد الكريم، لوكالة شفق نيوز، إن "هناك أسباب اجتماعية واقتصادية تدفع لانتشار ظاهرة الانتحار وكذلك قلة الوعي والإيمان بالله، والانفتاح الحاصل على مواقع التواصل الاجتماعي، كل ذاك أدى إلى زيادة معدل الانتحار بين الأطفال والنساء والرجال في العراق".

ويتابع "يجب على الجهات المعنية تحمل مسؤوليتها واتخاذ الإجراءات اللازمة".

ويشير إلى أن "الأزمة الاقتصادية في العراق تشكل عاملاً رئيسياً في العنف الاجتماعي، وخاصة الانتحار والأزمات المتراكمة أدت إلى زيادة الأمراض النفسية التي تؤدي لاحقاً إلى الانتحار".

ويشدد عبد الكريم على أن "المشاكل الاجتماعية والبطالة وسوء الوضع المالي أدت إلى زيادة معدلات الانتحار بين العراقيين، حيث لا يمر يوم دون أن تنشر وسائل الإعلام خبر انتحار شخص أو أكثر في المحافظات العراقية، والخبراء يحذرون من زيادة معدلات الانتحار ويطالبون بتحديد الأسباب وإيجاد طرق الوقاية".

ويبين أن "كركوك تعتبر في مقدمة المحافظات العراقية التي تسجل حالات انتحار".

وكانت وزارة الصحية العراقية قد أعلنت تقريرها عن واقع الانتحار في العراق، وفيما حددت الأسباب، أكدت أن معدل الانتحار في العراق ما يزال أقل من المعدلات العالمية.

وقالت الوزارة إن "الانتحار ظاهرة عالمية تتسبب في وفاة 800 ألف شخص سنوياً وبمعدل شخص كل 40 ثانية، ويمثل رابع أسباب الوفاة عالمياً للأشخاص الذين تتراوح أعمارهم ما بين 10-29 عاماً حسب تقارير منظمة الصحة العالمية".

ولفتت إلى أن "معدلات الانتحار التقديرية في إقليم الشرق الأوسط تعتبر بشكل عام أقل من الأقاليم الأخرى لمنظمة الصحة العالمية، وقد يكون السبب في ذلك شيوع المعتقدات الدينية والتقاليد الاجتماعية والثقافية التي تؤثر بشكل ما في السلوكيات الانتحارية".

وأكدت الصحة العراقية أنه "في العام 2017 تم تسجيل 178 حالة انتحار، وفي العام 2018 تم تسجيل 306 حالات، وفي العام 2019 تم تسجيل 316 حالة، وفي 2020 تم تسجيل 233 حالة، وفي 2021 تم تسجيل 364 حالة، وفي عام 2022 تم تسجيل 511 حالة".