شفق نيوز/ للشهر الثالث على التوالي، تتواصل أزمة رواتب الموظفين في إقليم كوردستان، فيما تعتزم حكومة الإقليم إرسال وفد إلى بغداد هذا الأسبوع لإعادة طرح قضية الرواتب مع الحكومة الاتّحادية.
وتعد أزمة الرواتب سبباً لخلاف حاد بين أربيل وبغداد، وقد تسببت بإضرابات متتالية من أبرزها إضرابات المعلمين في السليمانية التي ما تزال مستمرة حتى الآن.
وكان مجلس الوزراء الاتحادي، صوّت في أيلول الماضي، على إقراض حكومة إقليم كوردستان مبلغاً قدره تريليونين و100 مليار دينار للسنة المالية الحالية يتم دفعها على ثلاث دفعات متساوية بمقدار 700 مليار دينار لكل دفعة، ابتداءً من شهر أيلول/ سبتمبر الماضي.
إلا إن حكومة الإقليم قررت مرة أخرى إرسال وفد إلى بغداد منتصف الأسبوع الجاري من أجل حسم مبلغ "القرض النقدي".
وأعلنت وزارة المالية والاقتصاد في حكومة إقليم كوردستان، أول أمس الأحد، أنها قامت بإرسال تقرير ميزان المراجعة للأشهر الثلاثة الماضية (تموز وآب وأيلول) إلى وزارة المالية الاتحادية.
وأضاف بيان للوزارة ورد لوكالة شفق نيوز، أن التقرير ضم جميع إيرادات وصرفيات الأشهر الثلاثة المذكورة في الإقليم وفقاً لقاعدة بيانات وأرقام واضحة.
بغداد تعامل الإقليم "كمديرية"
ويرى النائب السابق في برلمان إقليم كوردستان، عبد السلام برواري، أن "تأخير الرواتب يعود إلى أن الموازنة تُعدّ بطريقة المركزية وليس الفيدرالية، وعدم استيعاب الكثير من الساسة العراقيين الفرق بين الفيدرالية والحكم اللامركزي".
ويوضح برواري لوكالة شفق نيوز، أن "وزيرة المالية الاتحادية طالبت الإقليم بإرسال تصفية حسابات للأشهر الثلاثة الماضية لكي توافق على صرف المبلغ، وهذا تعامل مع مديرية وليس مع إقليم، رغم أن الذي سيُرسل هو قرض".
ورقة ضغط سياسية
بدوره، يقول المحلل السياسي الكوردي، ياسين عزيز، إن "رواتب الإقليم خرجت عن كونها ملف قانوني وإداري بين أربيل وبغداد، وأصبحت ورقة ضغط سياسية تمارسها بعض القوى المتنفذة والمؤثرة على حكومة الإطار التنسيقي".
ويضيف عزيز لوكالة شفق نيوز، أن "الإقليم وحسب تصريحات المسؤولين، التزم بكل المعايير التي طلبتها الحكومة الاتحادية، من خلال تقديم الجداول المالية والحسابات الخاصة بالواردات والإنفاق".
ويؤكد، أن "تأخير الرواتب أصبح يشكّل ضغطاً وحرجاً لحكومة الإقليم، وأدى إلى استمرار المقاطعة في مناطق بالإقليم، وتوقّف المسيرة التربوية في بعض الأماكن، بالإضافة إلى تراجع الحركة التجارية".
ويشير إلى أن "الحل الأمثل لإنهاء أزمة الرواتب أو أي مسألة أخرى عالقة بين أربيل وبغداد، هو بإيجاد ضغط سياسي سواء عبر علاقات الأحزاب الكوردية مع الأطراف المؤثرة في حكومة الإطار، أو عن طريق ضغط خارجي له نفوذ وتأثير على الحكومة الاتحادية".
وسبق أن طلبت حكومة إقليم كوردستان دعم المجتمع الدولي "للحصول على حقوق الإقليم الدستورية"، ودفع المستحقات المالية، وتنفيذ الاتفاقيات وعدم انتهاك حقوق شعبه.
أمران لإنهاء المسألة
من جهته، يقول النائب أمير المعموري، إن "قضية الإقليم والمركز هي قضية تفتقر إلى الشفافية وعملية الكشوفات ما بين وزارة المالية الاتحادية ووزارة المالية الخاصة بالإقليم".
ويضيف المعموري لوكالة شفق نيوز، أن "مجلس النواب أقرّ قانون الموازنة الاتحادية لسنة 2023 و2024 و2025، وفيها فقرات تتضمن آلية العمل، والعلاقة ما بين الإقليم والمركز، وكيفية تأمين الرواتب".
ويؤكد، أن "المبالغ الخاصة بالرواتب مؤمّنة، وهناك فقرتان أساسيتان، أما تكون الرواتب كما باقي المحافظات حتى تنتهي المسألة من عملية تدقيق الذمم وتقديم التسويات، أو يكون الراتب كرواتب باقي الموظفين في الوزارات الأخرى والمحافظات غير المنتظمة بإقليم المرتبطة مركزياً بالمالية وكذلك رئاسة الوزراء الاتحادي".
ويوضح، أنه "بهذه الطريقة يمكن تضمين وإكمال بيانات كامل الموظفين، ويصير ارتباطهم مباشرة كما هو الحال في باقي المحافظات، وهذا يحلّ الكثير من المشكلة".
ويشير إلى أن "وزارة المالية الاتحادية تقول إنها استلمت نحو خمسة تريليونات دينار، وهذا المبلغ يحتاج إلى تسوية، لأن السلفة أو الصرف إجمالي، لذلك على الإقليم تقديم البيانات إلى وزارة المالية الاتحادية حتى تشرع الأخيرة بصرف السلفة التي تتعلق بالأمور التشغيلية والاستثمارية وكذلك الرواتب".
ويتابع معموري، أن "اللجنة المالية النيابية دعت إلى جلسات حوار ما بين كل الوزارات المعنية وكذلك الإقليم في مجلس النواب، وتم تحقيق اجتماع أولي ما بين الكتل السياسية لغرض تذليل هذه المواقف".
ويؤكد، أن "المواطنين سواء في إقليم كوردستان أو في باقي المحافظات جميعهم كفلهم الدستور وفق المادة 14، وهم متساوون في الحقوق دون تمييز، لذلك يجب إبعاد المواطنين عن الخلافات السياسية وصرف حقوقهم ومستحقاتهم عبر الحوار والمفاوضات بين الجانبين".
وتسبب توقف دفع رواتب الموظفين في كوردستان باحتجاجات وإضرابات متكررة، فيما يعتبر قطاع التعليم الأكثر تأثراً وتأثيراً بهذه الإضرابات، وتحاول حكومة مسرور بارزاني إقناع المعلمين باستئناف التدريس.
ودعا بارزاني التدريسيين والمعلمين المضربين عن الدوام في بعض مناطق الإقليم للعودة إلى صفوفهم والمباشرة في منح الدروس والحيلولة دون ذهب العالم الدراسي هدراً.