شفق نيوز/ حذر معهد "المجلس الأطلسي" الأمريكي، يوم الجمعة، من تأثيرات التغيّر المناخي على استقرار الدول في الشرق الأوسط، بما في ذلك العراق.
ودعا المعهد في تقرير ترجمته وكالة شفق نيوز، صناع السياسة في الولايات المتحدة، الى ايلاء الاهتمام لهذه القضية التي تهدد بانزلاق هذه الدول الى مراحل الاضطرابات وانعدام الاستقرار مجددا حيث ان اخر ما كانت تحتاجه هذه الدول "صدمة اقتصادية اخرى لسلاسل الإمداد الغذائي العالمية" بالنسبة الى ملايين الاشخاص.
ولفت المعهد الأمريكي إلى المخاطر الوخيمة لاهمال المجتمع الدولي بسبب التحديات التي يواجهها، لمنطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا في ظل شح المياه والصراعات التي يعيشها، داعيا الى "لحظة واقعية" سواء بالنسبة الى حكومات المنطقة او للحكومات الاخرى التي لديها شراكات مهمة مع هذه المنطقة.
واوضح التقرير الامريكي ان جراح الحرب الاهلية ما زالت مفتوحة في العديد من دول الشرق الاوسط وشمال افريقيا منذ العام 2011، عندما تسببت أزمات أسعار الغذاء في أعوام ما بين 2008 و2011 بتفاقم المظالم الاقتصادية والسياسية، ما أشعل الاضطرابات في تونس ومصر وغيرهما.
وفي اشارة الى الغزو الروسي لأوكرانيا، اعتبر التقرير أنها تتسبب بموجات من الصدمات القوية في أنحاء منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا، مضيفا ان هذه الحرب تهدد بعرقلة اضافية للجهود التي يقوم بها المجتمع الدولي من أجل معالجة ازمة المناخ، وتتسبب بخلق ظروف لا تحتمل بالنسبة الى ملايين الناس في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
وذكر التقرير بأن الغزو الروسي في شباط/فبراير جاء بعد عامين أثارت فيهما جائحة كورونا الفوضى بالاقتصاد على مستوى العالم وتسببت بخسائر مالية وتفاقم البطالة وعرقلة خطوط التوريد لكل السلع، من الغذاء الى الرقائق الدقيقة "المايكروشيبس"، في حين ان الحرب الروسية صبت الزيت على النار في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
الأمن الغذائي والتغير المناخي
واعتبر التقرير الأمريكي أن "آخر ما تحتاجه المنطقة كان صدمة اقتصادية اضافية لسلاسل الإمداد الغذائي العالمية"، مشيرا الى انها تعتمد بدرجة كبيرة على الإمدادات من روسيا وأوكرانيا حيث تمثلان على التوالي 27 % و 53 % من التجارة العالمية في القمح، الغذاء الرئيسي في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، بالاضافة الى زيت عباد الشمس والبذور.
واضاف التقرير ان اوكرانيا وروسيا تمثلان مصدرا لأكثر من 50 % من واردات القمح في خمس دول على الأقل في المنطقة هي مصر والسودان وليبيا وتونس واليمن. إلا ان هذه النسبة ترتفع إلى 75٪ وأكثر من 80٪ في السودان ومصر، بينما تعتمد سوريا على روسيا في وارداتها من القمح.
وحذر التقرير من أن استمرار الحرب قد يؤدي الى تضخم كبير في أسعار المواد الغذائية في اسواق الشرق الاوسط وشمال افريقيا وتعزيز الفقر و مفاقمة المخاطر المتمثلة بالاضطرابات الاجتماعية، مذكرا بأن الفقر حتى قبل وقت طويل من تأثيرات وباء كورونا على الاقتصاد العالمي، كان منتشرا بدرجة كبيرة بالفعل في العديد من دول المنطقة.
واستعرض التقرير بعض بيانات نسبة الفقر في دول المنطقة: الأردن 15.7٪ في الاردن (2018)، و 32.5٪ في مصر (2017)، و 15.2٪ في تونس (2015). في السودان 44%، وفي اليمن 48.6 % (2014).
لكنه اشار الى انه ليس بالامكان وصف الوضع في اليمن ببساطة وفق مصطلحات الفقر أو إنعدام الأمن الغذائي اذ ان البلد يعاني من اسوأ ازمة انسانية في العالم، حيث تضرر ثلثا سكانه على الأقل. أما في سوريا التي لا تعلن حكومتها عن بيانات الفقر، فهي تعاني من حالة طوارئ انسانية منذ العام 2011.
واقتبس "المجلس الأطلسي" عن أول تقرير لمجموعة العمل التابعة للهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC WGI) والصادر في أبريل/ نيسان الماضي، معتبرا انه كان بمثابة "جرس انذار" للمجتمع الدولي وخاصة منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا التي وصفها بانها "الاكثر جفافا على وجه الأرض".
وبعدما أوضح أن الانبعاثات الغازية وظاهرة الاحتباس الحراري ستظل مستمرة طوال هذا القرن، حذر من أن نتائجها "ستجعل من منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا غير صالحة للعيش بشكل متزايد بالنسبة لشعوبها".
كما حذر من "ندرة المياه كارثية" وزيادة الجفاف عبر المناطق الصحراوية الطابع حتى داخل أحواض الأنهار العابرة للحدود، مذكرا بأن منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا وتضم بعض أكثر دول العالم جفافا، بما في ذلك تونس والجزائر ومصر والاردن.
وتابع قائلا ان من بين الآثار المادية الاخرى للاحتباس الحراري على دول المنطقة، تشمل موجات الحرارة الطويلة وغير المسبوقة وارتفاع مستوى سطح البحر ما يتسبب في تخريب الأراضي الخصبة، وهي ظاهرة مثيرة للقلق فيما يتعلق بالزراعة التي تمثل ركيزة من ركائز الأمن الغذائي في بلدان مثل العراق ومصر والسودان والمغرب.
وفي ختام التقرير، ذكر "المجلس الأطلسي" بأن الرئيس الأمريكي جو بايدن جدد في العام 2021، التزام الولايات المتحدة باتفاقية باريس للعام 2015، وهو قرار احيا الامل في تعاون واشنطن مجددا مع المجتمع الدولي من أجل حشد الجهود للتعامل مع أزمة المناخ العالمية.
واكد التقرير على اهمية التزام الولايات المتحدة، بل وجميع الدول الصناعية الرئيسية، باتخاذ اجراءات قوية حول المناخ، بالإضافة إلى الدعم المناسب في الوقت المناسب لدول الشرق الاوسط وشمال افريقيا الهشة، مضيفا ان من بين أكثر الإجراءات المطلوبة إلحاحا الآن، تتعلق بخطوات قصيرة ومتوسطة المدى بهدف تحقيق الاستقرار في المجتمعات الحضرية والزراعية التي تعاني من التهميش في دول المنطقة.
وخلص التقرير الى ان القول ان ندرة المياه والاعتماد على الواردات الغذائية والتعرض لصدمات التجارة الغذائية الدولية، تسببت كلها في تقليص القدرة على التعامل مع ازمة الغذاء الشاملة في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا.
ولهذا، دعا التقرير الدول الصناعية الى العمل من أجل تخفيف الضغوط المعقدة التي يتعرض لها سكان منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مشددا على اهمية تجنب عدم الاستقرار المتجدد الذي سيكون أكثر تكلفة، باعتبار ان "اندلاع موجة جديدة من الاضطرابات في منطقة الشرق الاوسط وشمال افريقيا، لن يكون شيئا بمقدور العالم تحمله".
ترجمة: وكالة شفق نيوز