شفق نيوز/ يتصاعد الحديث عن احتمالية اندلاع حرب بين إسرائيل وحزب الله في جنوب لبنان، وسط تحذيرات من تداعيات مشاركة الفصائل العراقية فيها على ثلاثة مستويات الأمنية والاقتصادية وحتى السياسية للبلاد.

ويتبادل حزب الله اللبناني إطلاق النار مع إسرائيل منذ أكثر من ثمانية أشهر بالتوازي مع الحرب في غزة. فيما أعلنت العديد من الدول الأوروبية والإقليمية عن نيتها إجلاء رعاياها من لبنان بسبب الأوضاع التي تنذر بتصعيد المواجهات بين إسرائيل وحزب الله المستمرة منذ أشهر.

وكانت وسائل إعلام إسرائيلية، قد كشفت عن استعداد القيادة الشمالية للجيش الإسرائيلي، لهجوم واسع النطاق على لبنان، وتنتظر الضوء الأخضر على المستوى السياسي.

فيما أكد حزب الله اللبناني، أن هجماته المكثفة على طول الحدود الشمالية لإسرائيل هذا الأسبوع تظهر للقادة الإسرائيليين أن حرباً شاملة ستكون مكلفة، حسبما قال علي دعموش، القيادي البارز في الحزب.

ورأى خبراء أمنيون واستراتيجيون عراقيون أن الأيام المقبلة تنذر بحصول الحرب وستكون أوسع وأكثر شمولاً عن حرب غزة، لوجود الفواعل الإقليمية المؤثرة سواء إن كان في ارتباط حزب الله بفصائل موجودة في العراق واليمن وسوريا، أو في ارتباط حزب الله مع إيران.

لذلك، فإن مسألة اشتراك "فصائل المقاومة الإسلامية في العراق" واردة، انطلاقاً من إستراتيجية وحدة الساحات التي اعتمدتها "المقاومة الإسلامية" التي تشترك بها مع حزب الله اللبناني، وأنصار الله الحوثيين في اليمن، وحركة حماس، وفق الخبراء.

وتعزز هذا الاحتمال مع تهديد الأمين العام لحركة عصائب أهل الحق قيس الخزعلي، يوم الاثنين الماضي، أمريكا بضرب جميع مصالحها في العراق والمنطقة في حال دعمت هجوم الجيش الإسرائيلي على الأراضي اللبنانية.

وقال الخزعلي في كلمة متلفزة وردت لوكالة شفق نيوز، إنه "في حال استمرار الولايات المتحدة الأمريكية في دعمها لهذا الكيان الغاصب (إسرائيل) في حال وسع عملياته وهاجم لبنان وهاجم حزب الله فلتعلم أمريكا أنها تكون قد جعلت كل مصالحها في المنطقة والعراق محل استهداف ومحل خطر".

 

 دعم لبنان

وفي هذا السياق، أكد عضو لجنة الأمن والدفاع في مجلس النواب العراقي، علي نعمة البنداوي، أن "العراق جزء من الأمة العربية، وموقف الشعب العراقي والحكومة العراقية ثابت بالدفاع عن قضايا المنطقة والأمة العربية، وعلى الدول العربية أيضاً التصدي لعنجهية الصهاينة الإسرائيليين بتهديد أمن لبنان".

وأضاف البنداوي لوكالة شفق نيوز، أن "الأمة العربية جسد واحد، ومن غير الممكن أن يقوم الكيان الصهيوني بالاعتداء على غزة وما أحدث فيها من قتل ودمار وتشريد، واليوم يحاول تكرار هذا الاعتداء على بلد عربي آخر وهو لبنان، لذلك سيكون هناك موقف قوي لكل القوى السياسية وفصائل المقاومة بدعم أبناء الشعب العربي اللبناني في حال تعرض لأي اعتداء".

وأشار العضو عن تحالف إدارة الدولة، إلى أن "مجلس النواب داعم لتوجهات الحكومة التي هي ممثلة عن كل أبناء الشعب العراق سواء السنة أم الشيعة أو الكورد، وكذلك باقي الأقليات، وحتى فصائل المقاومة الشريفة ممثلين في مجلس النواب والحكومة، واعتقد أن الحكومة سيكون لها موقف رسمي ونحن سنكون داعمين له بكل اتجاهاته".

ووجه البنداوي في نهاية حديثه "نصحية" إلى إسرائيل بالقول: "أنصح إسرائيل ألّا تتورط مع لبنان لأنها ستدخل المنطقة بصراعات الجميع في غنى عنها".

من جهتها رفضت الحكومة العراقية بيان موقفها على أي تصعيد مقبل بين لبنان وإسرائيل ومشاركة الفصائل العراقية في هذه الحرب، إن حصلت.

 العواقب

لكن يعتبر اشتراك "فصائل المقاومة الإسلامية في العراق" وارد حال تطور الموقف بين حزب الله اللبناني والكيان الصهيوني "انطلاقاً من إستراتيجية وحدة الساحات التي اعتمدتها المقاومة الإسلامية التي تشترك بها مع حزب الله وأنصار الله الحوثي في اليمن وحركة حماس"، بحسب الخبير الأمني، عماد علو.

وتابع علو حديثه لوكالة شفق نيوز، أنه "وفي حال استمرار الولايات المتحدة الأمريكية بتقديم الدعم والإسناد للقوات الصهيونية حال اشتباكها مع حزب الله، فمن الممكن أن تتعرض معسكرات القوات الأمريكية في العراق وسوريا لضربات من قبل المقاومة الإسلامية، وستكون مقابلها ردود فعل محتملة من قبل الطيران الأمريكي أو الصهيوني، ما سيؤثر على الوضع الداخلي في العراق".

ورأى علو، أن "توسع الحرب التي تشنها القوات الصهيونية على الشعب الفلسطيني في غزة من الممكن أن تؤدي إلى عواقب وخيمة وتهدد الأمن والسلم الإقليمي والدولي، وهذا ما صرح به معظم المراقبين والمحللين وأيضاً السياسيين الغربيين سواء على صعيد الاتحاد الأوروبي أو المنظمات الدولية التابعة للأمم المتحدة، فضلاً عن تحذيرات بعض السياسيين الأمريكيين بأن توسع الحرب قد يجر المنطقة إلى حرب شاملة، ما سيؤثر على إمدادات الطاقة وخطوط النقل التجارية في البحر الأحمر والخليج العربي والبحر المتوسط".

وزاد بالقول: "ومن الجدير بالذكر أن المقاومة الإسلامية في العراق اشتركت مع أنصار الله الحوثي بتوجيه ضربات إلى قطع بحرية وسفن في البحر المتوسط، لذلك أن هذه المسألة تشكل خطورة كبيرة، وتحاول الولايات المتحدة الأمريكية - بحسب ادعاءاتها - بالضغط على الكيان الصهيوني وحكومة نتنياهو من أجل عدم الانسياق لدعوات شن هجوم على جنوب لبنان".

وكان وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن، قال أول أمس الثلاثاء، إن الولايات المتحدة تسعى بشكل عاجل للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي يسمح للمدنيين الإسرائيليين واللبنانيين بالعودة إلى منازلهم على جانبي الحدود.

وذكر أوستن في بداية اجتماعه مع وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت في مقر وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أن "استفزازات حزب الله تهدد بجر الشعبين الإسرائيلي واللبناني إلى حرب لا يريدانها. مثل هذه الحرب ستكون كارثة على لبنان وستكون مدمرة للمدنيين الإسرائيليين واللبنانيين الأبرياء".

وأضاف "الدبلوماسية هي أفضل وسيلة للحيلولة دون مزيد من التصعيد. لذلك نحن نسعى بشكل عاجل للتوصل إلى اتفاق دبلوماسي يعيد الهدوء الدائم إلى الحدود الشمالية لإسرائيل ويمكّن المدنيين من العودة بأمان إلى منازلهم على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية".

وأدى القصف المتبادل إلى إجلاء عشرات الآلاف من الأشخاص من المناطق الواقعة على جانبي الحدود، وأثار تصاعد وتيرته في الأسابيع القليلة الماضية مخاوف من نشوب حرب شاملة بين إسرائيل وجماعة حزب الله.

 أزمة مركبة

لكن الخبير الاستراتيجي، أحمد الشريفي، رأى أن "مرحلة التفاوض تم تخطيها في ظل فشل محاولات كثيرة منها المحاولة الفرنسية، والآن نحن أقرب إلى احتمالية اندلاع الحرب بين إسرائيل وحزب الله، والأيام المقبلة تنذر بحصول الاشتباك".

وفصّل الشريفي، لوكالة شفق نيوز، سمة هذه الحرب، بالقول: "إن كانت في غزة مقيدة بما يطلق عليه (قواعد اشتباك) و(عمليات خاصة)، ففي لبنان ستكون الحرب أوسع وأكثر شمولاً لخطورة الجبهة التي يطلق عليها بالجبهة الشمالية، والفواعل الإقليمية المؤثرة سواء إن كان في ارتباط حزب الله بفصائل موجودة في العراق واليمن وسوريا، أو في ارتباط حزب الله مع إيران، فإذا حصلت الحرب وكان هناك ضغطاً على حزب الله، فمن غير المستبعد أن تشترك الفصائل فيها".

وذكر أن "في ائتلاف إدارة الدولة، الإطار هو الذي يتحكم بالمسار السياسي والحكومة، وكان حديث قيس الخزعلي واضح (باننا إذا حصل اشتباك سنشترك ونضرب المصالح الأمريكية سواء في العراق أم المنطقة)، لذلك الاصطفاف واضحاً بأن العراق سيشترك".

وأوضح الشريفي، أن "الأبعد من ذلك هو احتمالية إذا اشترك حزب الله والعراق، فلا يستبعد أن تكون هناك عمليات من إيران أيضاً، إدراكاً منها أن إسقاط الأذرع قد يؤدي إلى تهديد مباشر لإيران، لذلك ستشترك هي بالحرب أيضاً، لذلك نذر الحرب الإقليمية باتت واضحة جداً، وهذه الحرب لا تخلو من التدخلات الدولية".

وبقدر تعلق الأمر في العراق، فإن "التهديد لا يقتصر على أن يكون العراق ساحة لصراع جديد فقط، بل إن الخطوة تكمن في المنطقة التي يجري فيها الصراع، فهناك احتمال كبير إذا اشتركت إيران سيزداد مضيق هرمز ومضيق باب المندب سخونة بل قد يؤدي إلى قطع هذين المضيقين، ومعنى ذلك أن رئتي العراق - للاقتصاد العراق الريعي - الذي هو عبر البترول قد يتضرر"، وفق الشريفي.

ولفت إلى أن "معنى ذلك، أننا سيتعسر علينا حتى الإيفاء بالتزامات الدولة باتجاه رواتب موظفيها و المتقاعدين والرعاية الاجتماعية، لأن الوضع الاقتصادي في العراق -كاقتصاد ريعي - يعتمد على تصدير البترول، وبعد ذلك يصار إلى تحويله إلى أموال ويحول إلى رواتب، وإذا تعسرت مسألة تصدير البترول، فإن هذه المسألة فيها تعقيد كبير".

وأشار إلى أن "دافع العراق الذي كان خلف إنشاء أنبوب العقبة، أنه كان يرى في حالة حصول أزمة خليجية تؤدي إلى غلق المضائق وتأثر تصدير البترول عبر الخليج، سيكون عبر العقبة والبحر الأحمر وحوض البحر المتوسط، حيث ستكون هناك منافذ يمكن من خلالها أن يصدر العراق لإدامة زخم موارده الاقتصادية، لكن ميناء العقبة لم يعمل، والأنبوب الذي باتجاه تركيا وضعه قلق وغير نافذ، فضلاً عن محدودية هذا الأنبوب، لذلك العراق أمام أزمة مركبة أمنية - عسكرية وذات بعد اقتصادي". 

ونوه الشريفي إلى أن "حكومة السوداني قدمت تعهدات قبل تشكيلها إلى الإرادة الدولية ممثلة بالأمم المتحدة والسفيرة الأمريكية، كما قدمت تعهدات للرأي العام والشارع العراقي في قضية مكافحة الفساد وتقديم الخدمات وغير ذلك، وهذه التعهدات لم تكن بالمستوى المطلوب، بالإضافة إلى التعهدات للشركاء في الوطن في ائتلاف إدارة الدولة، لكن لا الكورد حصلوا على استحقاقاتهم ولا السنة تحققت طموحاتهم".

وخلص الخبير الاستراتيجي إلى القول، إن "العراق أمام أزمة مركبة لا نستبعد فيها الضاغط الأمني والعسكري باعتبار أن العراق ساحة لتصفية الحسابات، والضاغط الاقتصادي بتعسر تصدير البترول، والضاغط السياسي باحتمالية انهيار الحكومة".