شفق نيوز/ سلّط معهد "واشنطن" لسياسات الشرق الأدنى، الضوء على التحديات القانونية والأمنية والاجتماعية التي تطرحها عمليات إعادة المواطنين المحتجزين في سوريا المرتبطين بتنظيم داعش أو المشتبه بارتباطهم به، خصوصاً بعدما تمكت الولايات المتحدة قبل أيام من استعادة 11 من مواطنيها من مراكز الاحتجاز في شمال شرقي سوريا.
وذكر التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز، أن عملية إعادة المحتجزين الأخيرة تمثل "نموذجاً مهماً يتحتم على المجتمع الدولي أن يتبعه"، إلا أنه ما يزال هناك الكثير من العمل الذي يجب القيام به من أجل حلّ قضية المعتقلين الحافلة بالمخاطر قبل أن يتدهور الوضع في شمال شرقي سوريا بشكل أكبر.
300 أمريكي "إرهابي"
وأوضح التقرير أن الولايات المتحدة تمكنت في 7 آيار/ مايو الجاري، من إعادة 11 أمريكياً وشخصاً غير مواطن، من شمال شرقي سوريا، فيما يمثل أكبر عملية إعادة أفراد مرتبطين بداعش حتى الآن، لافتاً إلى أنه من خلال هذه الخطوة، فإن العدد الإجمالي للأمريكيين الذين أعيدوا إلى وطنهم، وصل إلى 51 شخصاً.
وذكرّ التقرير بأن نحو 300 أمريكي انضموا، أو حالوا الانضمام، بين عامي 2013 و2019، إلى داعش وتنظيمات إرهابية أخرى في العراق وسوريا، مشيراً إلى أنهم يمثلون جزءً من موجة تضم أكثر من 53 ألف رجل وامرأة وقاصر من نحو 80 دولة قاموا بالخطوة نفسها.
وتابع التقرير الأمريكي أنه منذ سقوط "الخلافة" لداعش في آذار/ مارس العام 2019، فإن الإدارات الأمريكية قادت جهود تشجيع الدول الأخرى على إعادة مواطنيها.
وأضاف التقرير أنه برغم محدودية عددهم، فإن الاستعادة الأخيرة للأمريكيين، تشكل سابقة قوية وتظهر الحاجة الضرورية من أجل تسريع الوتيرة.
وأشار التقرير إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تظل هي الشريك الرئيسي للتحالف الدولي لمحاربة داعش في تلك المنطقة، لافتاً إلى أن قوات سوريا الديمقراطية تدير مرافق تحتجز المنتمين إلى داعش من العراق وسوريا ومن نحو 60 دولة أخرى، مضيفاً أنه في العام 2019، كان هناك نحو 83 ألف شخص في السجون ومعسكرات الاعتقال في شمال شرقي سوريا.
وتابع قائلاً إنه بعد مرور خمس سنوات، هناك نحو 54 ألفاً و600 فرد محتجزون في أكثر من 20 سجناً، ومعسكرين رئيسيين للاعتقال، هما الهول وروج، بالإضافة إلى مركزيّ إعادة تأهيل للمراهقين، هما حوري، وأوركش.
وضع مثير للقلق
وحذر التقرير من أن تداعيات هذا الوضع أصحبت مثيرة للقلق بشكل متزايد، موضحاً أن الزيادة السكانية المفاجئة والاحتجاز لمدى مفتوح في مخيم الهول، أدت إلى نشوء ظروف إنسانية متردية ومخاوف أمنية بالنسبة لسكان المخيم، مذكراً بأن التحالف الدولي سبق له أن حذر من أن المشاكل في معسكريّ الاحتجاز تجعل الأصغر سناً عرضة لكي يتعرضوا لأفكار داعش.
ولفت التقرير إلى أنه في مواقع أخرى، يجري احتجاز الرجال والمراهقين المنتمين إلى تنظيم داعش في أكثر من 20 سجناً محفوفاً بالمخاوف الإنسانية والصحية.
وبعدما قال التقرير إن الإدارة الذاتية في شمال شرقي سوريا، نالت استقلالية ذاتية فعلية في العام 2012 خلال الحرب في سوريا، حذر من أن وضعها غير الحكومي يؤدي إلى تعقيد وضع الاحتجاز وعمليات الإعادة إلى الوطن.
الموقف التركي
وإلى جانب عدم اعتراف تركيا بشرعية الإدارة الذاتية ولا قوات سوريا الديمقراطية، وبالتالي ترفض العمل معهم، تحدث التقرير عن التحدي الآخر المتمثل بأن الإدارة الذاتية ليس لديها الأسس القانونية لإبعاد الأشخاص قسراً من الأراضي التي تطالب بها أو محاكمة غير السوريين على الجرائم المرتكبة في ظل تنظيم داعش.
ونبّه التقرير إلى أن وضع السلطة التي يقودها الكورد في شمال شرقي سوريا، غير الحكومي ومعسكرات الاحتجاز المغلقة، كلها تمنع الجهات الدولية مثل الأمم المتحدة، من العمل في هذه المرافق، مما يقلص من مصادر المساعدة.
قوات سوريا الديمقراطية
وتناول التقرير إجراءات قوات سوريا الديمقراطية التي بعدما اعتقلت آلاف الأشخاص، بما في ذلك الأفراد الأمريكيين الذين جرت إعادتهم إلى واشنطن قبل أيام، في بلدة الباغوز السورية، في آذار/ مارس 2019، فإنها طبقت سياسة تقسيم العائلات حيث أنها أرسلت الرجال البالغين والصبية المراهقين إلى سجون مختلفة، فيما جرى إرسال النساء ومعظم القاصرين الآخرين، إلى المعسكرات في الهول وروج، بينما تم نقل أطفال صغار إلى دار للأيتام.
وأوضح التقرير أن تعدد المرافق والعدد الضخم من الأشخاص المحتجزين، جعل من الصعب تعقب الأفراد المحتجزين على مر السنين، بما في ذلك المواطنين الأمريكيين.
وبالإضافة إلى ذلك، لفت التقرير إلى حالات حيث يحمل العديد من الأطفال المحتجزين جنسيات معقدة أو يتم تربيتهم على يد وليّ أمر قد لا يشاركهم جنسيتهم.
وفي حين أشار التقرير إلى أنه منذ العام 2019، جرت إعادة آلاف الأشخاص إلى أوطانهم، من العراق وسوريا، إلا أنه قال إن هذه العملية ما تزال شديدة البطء، كما أنها تركز على النساء والأطفال القصر، ولهذا فإن الولايات المتحدة والدول الشريكة بحاجة إلى تسريع وتيرة عمليات الإعادة الشاملة وإدراج المزيد من الرجال ضمن العائدين.
القضاء الأمريكي
ولفت التقرير إلى أن واشنطن أخذت زمام المبادرة في هذا المجال، حيث أنها قدمت العديد من الرجال أمام المحاكم الأمريكية، وهو ما شمل في بعض الأحيان، مواطنين غير أمريكيين، إلا أن هناك حاجة إلى تعزيز التمويل والاهتمام والتنسيق الأمريكي بهدف إنجاح عملية الإعادة باعتبار أن الاعتقال لمدى طويل، يعتبر مسألة غير إنسانية وتشكل خطراً أمنياً.
وبالإضافة إلى ذلك، ذكر التقرير أن استعادة المحتجزين إلى الوطن ليست سوى خطوة أولى في عملية طويلة من المحاسبة وإعادة الإدماج في المجتمع.
ونقل التقرير عن مسؤول مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأمريكية إيان موس، قوله إن العائدين يتلقون مجموعة واسعة من أشكال الدعم، بما في ذلك من خلال "المتخصصين النفسيين والاجتماعيين"، مؤكداً أيضاً على أهمية إعادة توطين عائلات بأكملها.
وبحسب التقرير فإن نجاح هذه العمليات الأمريكية يتطلب التنسيق والتمويل عبر مستويات حكومية متعددة، مشيراً إلى أن العملية المشتركة بين الوكالات في الوقت الحالي يقودها مكتب مكافحة الإرهاب التابع لوزارة الخارجية، حيث يعمل إلى جنب وزارة الدفاع (التي تدير نقل الأفراد العائدين)، ووزارة العدل (التي تقود جهود المحاسبة)، ومكتب التحقيقات الفيدرالي "FPI"، وسلطات الجمارك وحماية الحدود، وخدمات المواطنة والهجرة، ووزارة الصحة والخدمات الإنسانية، وهي عملية معقدة تتطلب تنسيقاً هائلاً وموارد كبيرة بين الوكالات حتى بالنسبة لعدد صغير فقط من الأفراد العائدين إلى وطنهم.
ولفت التقرير إلى أن واشنطن أقرّت مؤخراً بأن ما يقرب من 20 أمريكياً ما زالوا محتجزين في سوريا.
ونقل التقرير عن موس قوله إنه "كلما وجدنا أمريكيين، فإننا نعمل بأسرع ما يمكن لإخراجهم"، إلا أن التحديات ما تزال قائمة في كل مرحلة من مراحل العملية.
ترجمة وكالة شفق نيوز