شفق نيوز/ ذكرت مجلة "ناشيونال انترست" الأمريكية ان المليشيات المنضوية في اطار ما يسمى "المقاومة العراقية" من خلال "المنطقة الرمادية" التي تتحرك من خلالها، وضعت العراق على مفترق طرق، بجعل نفسها طرفا محاربا في المواجهة المتصاعدة بين إيران وحلفائها، مع إسرائيل. 

وبداية؛ أشار التقرير الأمريكي الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ إلى أنه منذ انطلاق حرب غزة في تشرين الاول/اكتوبر 2023، فان مجموعات الميليشيات العراقية الموالية لإيران، نفذت اكثر من 200 هجوم على اهداف امريكية واسرائيلية متمركزة في العراق وسوريا ردا على الدعم الامريكي لاسرائيل التي تشن عمليات عسكرية في غزة.

وفي حين قال التقرير انه قبل اغتيال زعيم حزب الله اللبناني حسن نصرالله في اواخر سبتمبر/ايلول، كانت اعلانات الميليشيات حول هجماتها على اسرائيل، تلقى احيانا كثيرة التشكيك في وسائل الإعلام العراقية والاقليمية بسبب عدم وجود أدلة موثوقة حول نتائجها، تابع أنه بعد مقتل نصرالله فان لفصائل العراقية حولت تركيزها بالكامل تقريبا الى اسرائيل، مما ادى إلى تزايد كبير في وتيرة وحدة هجماتها، حيث نفذت ما لا يقل عن 60 غارة بطائرات مسيرة وصواريخ ضد اهداف اسرائيلية. 

وبالاضافة الى ذلك، قال التقرير انه بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة على أهداف ايرانية في 26 تشرين الاول/اكتوبر، فان الفصائل العراقية واصلت هجماتها على المواقع الاسرائيلية، وهو ما وضع هذه الفصائل، المنضوية تحت راية "المقاومة الاسلامية في العراق"، كطرف محارب مهم في المواجهة المتصاعدة بين "محور المقاومة" الذي تقوده إيران وبين اسرائيل.

واوضح التقرير ان هذه الفصائل تعمل بقدرة مزدوجة حيث انها تتشكل رسميا كجزء من قوات الحشد الشعبي، التي أصبحت عنصرا رئيسيا في الجهاز العسكري والأمني للدولة، مضيفا أن الفصائل تتواجد ايضا في منطقة رمادية، حيث تتحالف هذه الجماعات العابرة للحدود الوطنية، مع الطموحات الاقليمية لايران، وبعضها يعتبر من الأطراف الفاعلة في شبكة النفوذ الإقليمي لطهران.

واعتبر التقرير ان "تصاعد العنف من قبل هذه الميليشيات العاملة خارج سياسة الدولة الرسمية في العراق، يهدد بجر البلد الى صراع اقليمي اوسع، مما يعرض استقراره الهش بالفعل للخطر". 

ولفت التقرير الى ظاهرة التحول في التركيز نحو اسرائيل، مشيرا الى انها تتماشى مع دعوة المرشد الاعلى في ايران السيد علي خامنئي في 4 تشرين الأول/أكتوبر، والتي حث خلالها الجبهة الموالية لإيران على "تقوية... الحزام الدفاعي" في المواجهة ضد إسرائيل، حيث انه في اليوم نفسه شنت هذه الميليشيات هجوما قاتلا بطائرات مسيرة على مرتفعات الجولان، مما يؤكد التزامن بين تصرفات الفصائل واهداف طهران الاستراتيجية. 

وتابع التقرير؛ أن هذه الجماعات تمثل جزءا مهما من استراتيجية إيران الأوسع حول "توحيد الجبهات" في كافة أنحاء المنطقة في مواجهة مواجهة إسرائيل، وهي استراتيجية تشمل قوة وكيلة في لبنان وسوريا واليمن والعراق.

واضاف التقرير ان الحكومة العراقية لم تكن فعالة بدرجة كبيرة في كبح انشطة هذه الميليشيات، موضحا انه رغم  التعهدات المتكررة بإصلاح قطاع الأمن من قبل رئيس الوزراء محمد شياع السوداني ومن سبقه في رئاسة الحكومة، فإن الجماعات داخل الحشد الشعبي التي تتلقى تمويلا واسلحة من الدولة، مستمرة في عملها بشكل مستقل عن سيطرة الحكومة، بما في ذلك مثلا انخراطها في الحرب السورية، برغم أن الحكومة العراقية لم توافق رسميا على نشر قوات عراقية في سوريا.

ورأى التقرير؛ أنه برغم أن العراق اتخذ خطوات لتأمين المساعدات الإنسانية للنازحين الفلسطينيين واللبنانيين، وانخرط في جهود دبلوماسية تستحق التقدير، من أجل تسوية الصراع، إلا أن العديد من العراقيين يدركون أن بلدهم ليس لديه مصلحة حقيقية في التحول الى ساحة معركة في المواجهة بين ايران واسرائيل.

وبحسب التقرير الأمريكي، فإن تنشيط الفصائل العراقية كجزء من محور المقاومة لا تدفعه المصالح الوطنية للعراق وانما استراتيجية إيران الاقليمية. ولفت إلى أن ذلك يمثل مخاطر جسيمة على العراق، مضيفا أنه في ظل انخراط هذه الميليشيات بشكل اكثر عمقا في الصراع الاقليمي، فانها تفاقم من احتمال ان يصبح العراق هدفا للانتقام الاسرائيلي.

واشار التقرير الى ان العراق يواجه منذ العام 2003، وخصوصا بعد ظهور الحشد الشعبي العام 2014، مفارقة داخلية فيما يتعلق ببنيته العسكرية وحوكمته، مضيفا أنه في حال فشلت الحكومة في فرض سيطرتها على هذه الميليشيات، فإن البلد يواجه مخاطرة بالتورط في صراع يمكن أن تكون له عواقب مدمرة على أمنه الداخلي. 

ودعا التقرير السوداني، وباعتباره القائد الأعلى للقوات المسلحة العراقية، الى الاستفادة من ان الدولة توفر الاموال والاسلحة، لكي يملي اجندة هذه الجماعات، وضمان انها تعمل بما يتماشى مع المصالح الوطنية للعراق، وليس مع مصالح ايران.

وتحدث التقرير عن "سلطة إعلان الحرب" التي يجب أن تكون بيد مؤسسات الدولة، مذكرا في هذا الاطار بان القيادي في حركة النجباء علي الاسدي، اكد في مقابلة مؤخرا ان الفصائل المسلحة، وليس الدولة، هي التي تملك السلطة الأساسية لإعلان الحرب والسلام باعتبار ان العراق لا يزال دولة محتلة من الأمريكان. 

لكن التقرير ذكر بان الفقرة 9 من المادة 61 من الدستور العراقي تنص على أن إعلان الحرب يجب ان يتم بمبادرة مشتركة من قبل الرئيس ورئيس الوزراء وأن يوافق عليه ثلثا أعضاء البرلمان.

وخلص التقرير الى القول ان التصعيد الاخير من قبل الميليشيات يعزز من خطر ان تحول العراق الى جبهة جديدة في الصراع الإقليمي، مضيفا أنه برغم عدم وجود أي ضربات إسرائيلية على الأراضي العراقية حتى الان، الا ان الانتقام الاسرائيلي القوي ضد هجمات الحوثيين من اليمن وحزب الله في لبنان، يشير الى ان العراق قد يجد نفسه قريبا في مرمى النيران.

وحذر التقرير من أنه في حالة وقوع ضربات إسرائيلية، فإنه من المرجح أن تتسبب بعدم استقرار كبير في العراق وهو لا يزال يتعافى من عقود من النزاعات الداخلية والخارجية، مضيفا أن مثل هذه الضربات يمكن أن تخلق فرصا لعودة داعش والجماعات المتطرفة الاخرى لاستغلال الفوضى، مما يزيد من توريط العراق في الاضطرابات الداخلية والإقليمية. 

وتابع التقرير قائلا إن الطبيعة المتشابكة للصراعات في العراق وسوريا، كما يظهر من تنامي تنظيم داعش وغيره من الجماعات الجهادية السنية والشيعية خلال العقدين الماضيين، تؤكد على احتمال زعزعة الاستقرار في حال تحول العراق إلى مسرح للعمليات العسكرية الاسرائيلية.

وبعدما لفت التقرير الى "السلوك المتهور" لهذه الميليشيات، دعا التقرير إلى الأخذ على محمل الجد تهديداتها الاخيرة باحتمال مهاجمة أهداف للطاقة في في منطقة الخليج، إذ يمكن أن يزعزع استقرار المنطقة بشكل أكبر. 

وختم التقرير قائلا؛ إنه في ظل "غياب التحرك الحاسم على المستوى الداخلي، فإن العراق يجازف بالتحول الى نقطة محورية في دوامة إقليمية مجددا، مع ما ينتج من ذلك عواقب وخيمة على البنية الأساسية للبلد واستقراره، مضيفا ان العراقيين "عانوا من عقود من الحروب الداخلية والخارجية، ولا يتحتم أن يغرقوا في صراع جديد". 

ترجمة: وكالة شفق نيوز