شفق نيوز/ يستقبل العراقيون، أول أيام عيد الفطر بتقاليد ثابتة، تتوزع بين صلاة العيد وزيارة المقابر، ثم الإفطار الصباحي الخاص الذي يعتبر طقساً يجري له الترتيب والتحضير بأهمية كبيرة، ويجمع العائلة العراقية.
واعتادت العائلات العراقية على زيارة المقابر في أول أيام العيد، من أجل الترحّم على موتاهم وتفقّد قبورهم والاعتناء بها، وقراءة سورة الفاتحة عن أرواح هؤلاء واستعادة ذكريات جميلة معهم.
لكن لا يكتمل استقبال العيد إلا بوجبة الإفطار، حيث يكتظ سوق الصدرية وسط بغداد، بالأهالي لتناول وجبة الكاهي والقيمر والتي باتت من ثوابت الأعياد لدى العراقيين.
ودائماً ما يرتبط اسم "القيمر العراقي" وطعمه الدسم واللذيذ بصباحات العراقيين وموائد فطورهم، خاصة مع بعض المُربى أو العسل، حيث يعتبر من أشهى الأكلات الصباحية في مناسبات الأعياد ومنها عيد الفطر حيث يتلهف معظم الناس بعد شهر الصيام على أن يكون وجبتهم الأولى، وارتبط القيمر كذلك بنوع من الرفاهية الصباحية للأسر العراقية.
ومن شدة التعلق بهذه الأكلة المشتقة من حليب الجاموس بالدرجة الأولى والأبقار بالدرجة الثانية التي تُسمى في أحيان كثيرة "قيمر عرب" لدى العراقيين، والمعروفة بـ"القشطة" عند باقي البلدان العربية، أصبحت ذات طابع احتفالي، حيث نراها حاضرة دائماً في صباح اليوم التالي لكل عرس في أحد البيوت، يبدأ العروسان نهارهم الأول سوية بتناول القيمر كوجبة رئيسية مصحوبة بوجبات أخرى.
ويتراوح سعر الكيلوغرام الواحد للقيمر الآن بين 30 إلى 35 ألف دينار، لكن أصحاب المهنة يقولون إن أيام العيد سيصل سعر الكيلوغرام إلى 45 ألف دينار تقريباً.
وتتشابه طقوس الاحتفاء بعيد الفطر في مختلف المحافظات العراقية، حيث يقوم الأقارب والجيران والأصدقاء بتبادل الزيارات والتهاني بالعيد وتوزيع عيديات على الأطفال، وكذلك يقومون مع ساعات يوم العيد الأولى بزيارة قبور ذويهم وأحبائهم، في عادة متأصلة يحرص العراقيون على الالتزام بها في كل عيد.
ويمثل العيد للأطفال في العراق فرحة مختلفة إذ ينتظرون أن يفرغ الأهل من زيارة الأقارب ويتوجهون مباشرة إلى مدينة الألعاب لقضاء أوقات ممتعة.
وتبرز حلوى "الكليجة" في مقدمة الحلوى التي تحرص الأمهات وربات البيوت العراقيات عادةً على إعدادها بكميات كبيرة، وخاصةً في مثل هذه المناسبات العزيزة كعيد الفطر، لتقدَّم خلال الزيارات مع الشاي أو القهوة للضيوف.
ورغم أن إعداد "الكليجة" التقليدية أو ما تُعرف بحلوى "المعمول" عند الدول العربية الأخرى، ليس يسيراً ويتطلب جهداً وتعباً، وتحضيراً قد يطول لساعات كثيرة، ويمتد عادة حتى بزوغ فجر ليلة العيد، لكن النساء العراقيات يُصِرُّنّ على صناعتها بأيديهن.
وتذهب الآراء إلى جعل "الكليجة" فارسية الأصل، وذلك اعتماداً على المعنى اللغوي لكلمة "كليجة" في اللغة الفارسية، فهي بحسب تلك المصادر تعني "القرص" أو "الكعك اللين"، وتعني الخبز الصغير المعجون بالزبد.
ويرى البعض أن سبب تسمية الكليجا بهذا الاسم، هو أن أصل كلمة "كليجا" هي تحريف عن كلمة "كليشة" وهي الأداة الخشبية التي تحوي النقوش المطبوعة علی قرص الكليجا. ومع مرور الوقت اختصرت الكلام وأصبحت تقول "كلي جا"، قبل أن يظهر اسم "كليجا".
ولا يوجد فرضية مؤكّدة تحدّد أصلاً واضحاً للكليجة، لكنّ المؤكّد هو أنّها اشتهرت بشكلٍ كبير في العراق، والشرق السوري والسعودية، ولا تزال حتى يومنا هذا ترمز لحلويات العيد.
و"الكليجة" عبارة عن عجينة يتمّ حشوها بالتمر مع مجموعة من البهارات مثل الهيل والزنجبيل، أو بحشوات أخرى مثل جوز الهند مع الهيل والسكّر، أو السمسم مع الهيل والسكّر، وأيضاً حشوة الفستق الحلبي، ثم تخبز بالفرن، وتقدم إلى جانب الشاي أو القهوة.
وتتشابه طريقة إعدادها في كل البيوت والمحال، ولكن توجد فروقات بسيطة في عملية إضافة مكونات، أو كما يقال بالعراق عنها "روح صانعها"، فإذا كانت روحه جميلة كان الطبق مثلها تماماً.
ولتجنب زيادة الوزن خلال الاحتفال بعيد الفطر المبارك، وتناول الحلويات الخاصة بهذه المناسبة من "كليجة" وكعك وبسكوت وبيتي فور، أجرت وكالة شفق نيوز حواراً مع الشيف خلف البصراوي للحديث عن صناعة "الكليجة الدايت" ونكهاتها المختلفة.
يقول البصراوي عن مقاديرها، إن هذه الكليجة تتكون من شوفان أو طحين شعير 1 كغم، وزبدة لورباك مملحة، وظرف فانيلا، وظرف بيكنج بودر، وزيت الزيتون 1 كوب، وسمن حيواني أو سمنة جنة كوب ونصف، وسكر 1 ملعقة، وحليب سائل 1 كوب، وهيل مطحون نصف ملعقة، وحبة حلوة مطحونة نصف ملعقة.
ويوضح البصراوي لوكالة شفق نيوز طريقة إعدادها بالطحين، بأن كل مكون يخلط بعد آخر وليس معاً، إذ يضاف تراتبياً الطحين والزبدة والفانيلا وبيكنج بودر وزيت الزيتون والسمنة الحيوانية أو سمنة جنة والسكر والحليب السائل والهيل
والحبة الحلوة، لكن يفضل طحن الهيل والحبة الحلوة معاً.
ويضيف البصراوي، ومن ثم تعجن هذه المكونات جميعاً، بعدها يتم استخدام التمر أو حلويات الدايت أو شوكولاتة الدايت، وتدخل الفرن. أما في الشوفان فمن الأفضل - بحسب البصراوي - خلط جميع المكونات الجافة معاً للحصول على نكهة واحدة وقوام جيد.
وأعلن مكتب المرجع الديني الأعلى علي السيستاني، اليوم الأربعاء أول أيام عيد الفطر. وقال في بيان، ورد الى وكالة شفق نيوز، "ثبت بالرؤية الشرعية أن غداً الأربعاء هو يوم عيد الفطر السعيد الأول من شهر شوال المكرم عام 1445هـ في العراق وعموم هذه المنطقة". كما أعلن مكتب الصدر في النجف، أن غداً الأربعاء أول أيام عيد الفطر.
وكانت عدد من الدول العربية والاسلامية، فضلاً عن المجمع الفقهي العراقي وديوان الوقف السني في العراق، قد أعلنوا أمس الثلاثاء، أن غداً الأربعاء أول أيام عيد الفطر.