شفق نيوز/ هي زيارة "استراتيجية مهمة"، هكذا
بدت أولى جولات الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان الخارجية، التي بدأها في العراق، لما
تمثله من بداية لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين البلدين وفي ترتيب الأوضاع
في المنطقة بشكل عام، بحسب مراقبين.
وتعود هذه الزيارة إلى "أهمية العراق بالنسبة
للجمهورية الإسلامية وكذلك عمق العلاقة بين البلدين الشقيقين والإخوة التي تجمع
الشعبين"، وفق رئيس مركز البناء للدراسات، والمختص بالشأن الإيراني، محمد
الياسري.
وقال الياسري، لوكالة شفق نيوز، إن "بزشكيان أجرى
خلال زيارته لبغداد لقاءات مع السلطات التشريعية والتنفيذية والقضائية، وكذلك
اللقاء مع قادة الإطار التنسيقي وقيادة تحالف إدارة الدولة المشكل للحكومة والممثل
للشعب العراقي بأطيافه كافة".
أما زيارته إلى أربيل والسليمانية، فهي بحسب الياسري، "رسالة
إلى اهتمام طهران بالمركز والإقليم"، وكذلك زيارة البصرة المدينة الاقتصادية،
وهذه لها أهمية استراتيجية.
وأشار إلى أن "زيارة بزشكيان ناقشت مجموعة من
الملفات، منها التعاون الأمني والاقتصادي والتجاري، وكذلك الأموال الإيرانية
المجمدة في الخارج وتعزيز الاتفاقيات، حيث تم توقيع 14 اتفاقية تعاون في مجالات
متعددة منها في التربية والرياضة والاقتصاد والطاقة والنقل".
وتابع الياسري: "لذلك تعتبر هذه الزيارة استراتيجية
مهمة للرئيس الإيراني، وكذلك للعراق الذي أبدى مرونة كاملة في التعامل مع ملف
التهديدات التي تحصل على طهران من قبل المعارضة الكوردية في العراق".
وتأتي هذه الزيارة، وفق المختص بالشأن الإيراني، في مرحلة
تمر بها المنطقة بمتغيرات كبيرة من أحداث غزة والصراعات الدولية والمتغيرات
الإقليمية، والمتوقع أن تثمر بنتائج كبيرة على الأرض منها تعزيز التعاون في
المجالات الاقتصادية والتجارية، بحسب الياسري.
مرحلة جديدة
من جهته، رأى المحلل السياسي الإيراني، محمد مهدي، أن
"زيارة بزشكيان إلى العراق تعد بداية لمرحلة جديدة في العلاقات الثنائية بين
البلدين وفي ترتيب الأوضاع في المنطقة بشكل عام"، لافتاً إلى أن "هذه
الزيارة تأتي بديلة عن زيارة الرئيس الإيراني الراحل إبراهيم رئيسي الذي كان من
المقرر زيارته للعراق بعد 3 أيام من الحادث الذي أودى بحياته".
وعمّا تتميز به زيارة بزشكيان، لفت مهدي، إلى أن
"الزيارة تتميز بزيارة إقليم كوردستان واللقاء بالثنائي الكوردي الديمقراطي
الكوردستاني والاتحاد الوطني، وهذا يدل على مدى الاهتمام الذي توليه إيران لمكونات
الشعب العراقي وللعلاقة التاريخية التي يتميز بها الشعب الكوردي مع الجارة الشرقية".
وزاد بالقول، خلال حديثه للوكالة: "ما يميز هذه
الزيارة هي زيارة بزشكيان إلى محافظة البصرة، وهذه لها دلالات استراتيجية
واقتصادية والمشاريع التي اتفق عليها الطرفان منها مشروع السكك الحديدية ولأهمية
ميناء البصرة والتعاون الثنائي في الخليج".
وتابع مهدي: "كما كان الجانب الأمني مهماً في الزيارة
أيضاً، حيث تم توقيع اتفاق بين البلدين قبل نحو عام لإبعاد المعارضة الإيرانية
المسلحة والإرهابيين عن الحدود العراقية الإيرانية ونزع سلاحهم وان يستقر الجيش
العراقي على الحدود العراقية الإيرانية، وفي هذه الزيارة تم استكمال هذه الخطوات
بالاتفاق على إقصاء هذه العناصر الإرهابية".
وبالإضافة إلى العلاقة الثنائية والتعاون السياسي
والاستراتيجي بين البلدين والنية لرفع مستوى التبادل التجاري والتعاون الاقتصادي،
فإن الوضع في المنطقة والحرب في غزة والمواقف المشتركة للبلدين فيما يرتبط بقضية
فلسطين، كانت محور آخر في الزيارة، وفق مهدي.
علاقات أكبر من الاتفاقيات
وهذا ما يؤكد عليه أيضاً المحلل السياسي، عماد مسافر، بقوله
إن "زيارة بزشكيان جاءت بتوقيت مهم في ظل الأحداث التي تمر بها المنطقة
وأهمية العراق الجيوسياسية، وفي الوقت نفسه، بحثت الزيارة الكثير من الملفات وتم
توقيع مذكرات تفاهم عديدة".
وأشار مسافر خلال حديثه لوكالة شفق نيوز، إلى أن
"العلاقات التي تربط البلدين هي أكبر من كل الاتفاقيات خصوصاً وأن هناك عوامل
عديدة تربط البلدين منها عوامل جغرافية واقتصادية وثقافية واجتماعية وحتى دينية".
وكان بزشكيان قد وصل الى العاصمة العراقية بغداد يوم
الأربعاء الماضي، تلبية لدعوة رسمية وجهها له رئيس مجلس الوزراء العراقي محمد شياع
السوداني.
والتقى بزشكيان بالسوداني، كما التقى برئيس الجمهورية عبد
اللطيف جمال رشيد، ورئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي، ورئيس مجلس القضاء
الأعلى القاضي فائق زيدان، بالإضافة إلى لقاء عدد من الزعماء السياسيين.
ورعى السوداني وبزشكيان توقيع 14 مذكرة تفاهم للتعاون
الثنائي بمختلف المجالات بين العراق وإيران، وبحثا أيضاً التعاون الأمني والاتفاق
الأمني المشترك، وكذلك ناقشا التعاون البنّاء في مجال الصناعات التكريرية والطاقة،
والتعاون بين القطاع الخاص في البلدين.
ويوم أمس الخميس زار بزشكيان مدينة أربيل عاصمة إقليم
كوردستان والتقى هناك كلاً من القادة: الزعيم الكوردي مسعود بارزاني، ورئيس إقليم
كوردستان نيجيرفان بارزاني، ورئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني، وبعدها توجه إلى
مدينة السليمانية والتقى رئيس الاتحاد الوطني الكوردستاني بافل طالباني، وقوباد
طالباني نائب رئيس وزراء حكومة الإقليم.
وتوجه الرئيس الإيراني بعد الجولة التي أجراها في إقليم
كوردستان إلى محافظتي النجف وكربلاء لأداء مراسم الزيارة للعتبات المقدسة هناك،
وصباح اليوم ذهب إلى مدينة البصرة لتكون محطته الأخيرة في زيارة العراق التي تعد
أول جولة خارجية له منذ توليه المنصب الرئاسي في نهاية تموز الماضي.