شفق نيوز/ "الوضع العقاري في العراق، وفي الناصرية خصوصاً أقل ما يقال عنه أنه كارثي"، بهذه الكلمات افتتح حيدر حديثه وهو يبحث عن عقار أو قطعة أرض يشيّد عليها منزلا يأويه وعائلته، حيث يقول انه من غير المعقول أن يكون سعر قطعة أرض لمجرد أمامها شارع معبد يعادل سعر "فيلا" في تركيا ضعف مساحتها وفيها بناء فخم ومسبح وحديقة كبيرة وفيها اطلالة بحرية.
ويشير في حديثه لوكالة شفق نيوز؛ أن "أسعار العقارات ارتفعت بشكل جنوني لا يمكن تخيله في ذي قار"، مضيفا أن "أي شخص يريد أن يبدأ حياته فعليه العمل لمدة 20 سنة في أقل تقدير حتى يتمكن من شراء قطعة أرض أو دار سكن".
وتابع، أن "هناك أسبابا كثيرة جعلت أصحاب مكاتب العقار يتحكمون بالأسعار، منها وجود الأموال المكتنزة لدى الأهالي لعدم ثقتهم بالمصارف فلجأوا إلى التجارة بالعقار، وبالتالي ارتفع الطلب على العقار وطرديا معه انخفض العرض، مما أدى إلى ارتفاع الأسعار".
وأضاف، أن "ذوي الدخل المتوسط توجهوا إلى المناطق الزراعية لشراء أراضي وبنائها لعدم قدرتهم على شراء قطعة 200 متر مربع بسعر يصل أحيانا إلى 600 ."مليون دينار عراقي
وطالب الحكومة بـ"وضع خطة للحد من فوضى العقارات وزيادة عمليات توزيع الأراضي ودعم المواطنين بقروض ميسرة للبناء للسيطرة على الانفجار السعري، ومنع المتلاعبين بالأسعار من التحكم بجهود ذوي الدخل المحدود والمتوسط".
من جهته؛ يقول كاظم زغير، وهو مختص بمجال العقارات، أن "ارتفاع أسعار العقارات في محافظة ذي قار يعود لعدة أسباب وليس لسبب واحد. أهمها هو عدم توزيع الدوائر البلدية لقطع الأراضي بشكل منتظم وقريب على المدن بل توزيع قطع اراضي خارج المدن وغير مخدومة ولايمكن السكن فيها بالمستقبل القريب".
وأضاف في حديثه لوكالة شفق نيوز؛ أن "هناك أسبابا أخرى لارتفاع العقارات في الناصرية، هي مثل استحواذ العشائر على الأراضي المحيطة بالمدن وبيعها بشكل زراعي وغير قانوني وغير منظم ولا توجد فيها خدمات فضلا عن السكن العشوائي الذي حصل في اطراف المدن وداخلها نتيجة لنزوح آلاف المواطنين من القرى والأرياف، فضلا عن أنه لا يمكن تجاهل الانفجار السكاني في ذي قار فهناك تزايد كبير بأعداد السكان لا يتناسب مع ما موجود من قطع أراضٍ ومنازل".
فيما يتحدث علاء الذي انتهى حديثا من بناء منزله، أنه "حتى هذه اللحظة لا توجد أي تفسيرات علمية ومنطقية حول أسباب ارتفاع العقارات بشكل عام في محافظة ذي قار، المدينة ليس فيها أي مؤهلات اقتصادية كالبصرة على سبيل المثال أو ميسان التي تمتلكان منفذ حدودي مع إيران، الناصرية ليس فيها أي اشياء مميزة ليدفع بأن تكون العقارات بهذا الشكل، ما يميزها هو الكثافة السكانية التي تزداد بشكل واضح".
ويؤكد في حديث لوكالة شفق نيوز؛ أن "المدينة تنقصها الخدمات والمشاريع وهناك ارتفاع بالبطالة والفقر وارتفاع بالخريجين، لا أجد أي أمال متوقعة لهذه المدينة ولا اعتقد أنها يمكن أن تنهض بفكرة اقتصادية تنفع المدينة، كل ما هنالك أن الفوضى تشكل المشهد العام بالمحافظة والفراغ الإداري والسياسي يبدو واضحا وقد انعكس على المحافظة بشكل عام".
بدوره يقول محافظ ذي قار، أحمد الخفاجي، إن "المحافظة وضعت خطتين للعمل على تخفيض أسعار قطع الأراضي في الناصرية".
ويذكر الخفاجي في حديث لوكالة شفق نيوز؛ أن "الخطتين تتمثلان بتوزيع وجبة من قطع الأراضي لمستحقيها من أبناء المحافظة وتقدر هذه الوجبة من 5 إلى 6 آلاف قطعة أرض قبل عيد الفطر المبارك، أما الثانية فهي بناء 1000 وحدة سكنية واطئة الكلفة بتمويل من وزارة النفط للعوائل الفقيرة بالمحافظة".
وتابع، أن "هاتين الخطتين نأمل أن يسهما في تخفيض أسعار الأراضي في المحافظة".
من ناحيته؛ يرى الخبير القانوني، جمال الاسدي، أن الدولة بعقليتها الاشتراكية هي مساهم فعال في ارتفاع أسعار العقارات، كونها لم تخلق مناطق جديدة مأهولة بالسكان، حيث أن الأرض العراقية مأهولة سكانيا فقط بنسبة دون الـ10% اي ما يعني أن هناك 90% لا يزال غير مشغول سكانيا.
ويتابع الأسدي في حديث لوكالة شفق نيوز؛ أن "الأمر الثاني المساهم بصعود العقارات بعد كون الدولة مساهمة بصعودها، هي الضرائب أو الرسوم التي تفرضها على عمليات بيع العقار".
وأشار إلى أن "الحكومة والقضاء قانونيا لا يمكنهما منع أي شخص من أصحاب العقارات من تخفيض الأسعار في خضوعها لعمليات المضاربة السوقية ورفع أسعارها".