شفق نيوز/ ذكرت وكالة "أسوشيتدبرس" الاميركية في تقرير لها، ان اللامبالاة والخوف والشائعات السائدة في العراق تؤدي الى تعثر خطة اللقاحات منذ أسابيع على الرغم من الارتفاع الخطير في الاصابات بفيروس كورونا ودعوات الحكومة للمواطنين للتسجيل من اجل تلقي اللقاح، مشيرة الى ان الوضع تطلب التأييد العلني لرجل الدين الشيعي مقتدى الصدر لحملة التلقيح معززة بصور له وهو يتلقى اللقاح في الأسبوع الماضي، لتغيير مسار الأمور.
وأشار التقرير الذي ترجمته وكالة شفق نيوز؛ الى أن المئات من اتباع الصدر يتوجهون الآن إلى العيادات ليحذوا حذوه، مما يؤكد قوة الولاءات الطائفية في العراق وانعدام الثقة العميق بالدولة. ونقل التقرير عن منهال الشبلي قوله "كنت ضد فكرة التطعيم.. كنت خائفا ، لم اؤمن بذلك، لكن كل هذا تغير الآن".
وقال الشبلي، في اتصال هاتفي من النجف حيث تلقى هو والعديد من الموالين للصدر، ان مشاهدته لمقتدى الصدر "وهو يحصل على اللقاح شجعني". وشبه الشبلي الموقف بمشاهدة الجنود الذين يتحمسون عندما يشاهدون قائدهم على جبهة الحرب.
ولفت تقرير الوكالة الاميركية، الى ان العراق يصارع موجة ثانية من جائحة كورونا، حيث ارتفعت أعداد الحالات الجديدة الى أكثر من 8 آلاف حالة يوميا الشهر الماضي، وهي النسبة الاعلى على الإطلاق، مضيفا ان الدافع وراء الزيادة إلى حد كبير هو اللامبالاة تجاه الفيروس، حيث أن الكثيرين ينتهكون القيود المتعلقة بالوباء، ويرفضون ارتداء الكمامات ويستمرون في عقد التجمعات العامة الكبيرة. وقد انخفضت المعدلات اليومية في الأسبوع الماضي.
واشار التقرير الى ان وزارة الصحة العراقية سعت مرارا الى طمأنة العراقيين بأن اللقاحات ليست ضارة، لكن هذا لم يقنع الكثيرين ممن لديهم عدم ثقة طويل الأمد في نظام الرعاية الصحية.
وتابع ان النظام المركزي في العراق الذي لم يتغير كثيرا منذ السبعينيات، تعرض للتراجع بسبب عقود من الحرب والعقوبات والاضطرابات منذ الغزو الاميركي في العام 2003، مشيرا الى ان الحكومات المتعاقبة لم تستثمر سوى القليل في القطاع الصحي.
ولفت التقرير إلى أن كثيرين يتجنبون الذهاب الى المستشفيات العامة. وذكّر بالحريق الذي أسفر عن مقتل من 80 شخصا وإصابة العشرات مؤخرا وقرار ايقاف وزير الصحة العراقي حسن التميمي عن العمل بسبب الإهمال، واستقالته يوم الثلاثاء بسبب الحادث.
وبعدما أشار التقرير إلى انه تم تلقيح اقل من 380 ألف شخص بشكل كامل حتى الآن في الدولة التي يبلغ عدد سكانها 40 مليون نسمة، لفت إلى أنه مع استمرار جهود التلقيح البطيئة، بدأت صور مقتدى الصدر مرتديا كمامة سوداء وهو يتلقى اللقاح، تنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي. وبعدها بفترة قصيرة ، اطلق انصاره حملة التلقيح، ودعوا للانضمام اليهم ، ونشروا صورا لانفسهم وهم يحملون ملصقاته أثناء جلوسهم في المراكز الطبية وهم يتلقون اللقاح. وقد استفادت وزارة الصحة من الحملة، ونشرت على صفحتها على فيسبوك صورة للصدر وهو يتلقى اللقاح، قائلة انه يشجع جميع المواطنين على فعل الشيء نفسه.
ونقلت الوكالة عن الأستاذ المساعد في طب المجتمع في جامعة بغداد فارس اللامي، قوله ان العراقيين ينظرون الى الحكومة على أنها فاسدة وأن افعالها منذ بداية الوباء لم تؤدِ سوى الى تعزيز انعدام الثقة عامة الناس.
وتحدث اللامي عن أخطاء ارتكبت منذ بداية الجائحة من بينها لجوء قوات الأمن إلى اخذ المرضى من منازلهم وكأنهم مجرمين، ووقف دفن المتوفين جراء الفيروس لعدة أسابيع.
كما اشار الى ان المرضى المعرضين لمخاطر عالية ويعانون من امراض مزمنة او نقص في المناعة، يتحتم عليهم الانتظار داخل المستشفيات للحصول على اللقاحات، مما يعرضهم لخطر الإصابة بالعدوى، في حين انه يمكن للأشخاص الذين لديهم علاقات شخصية الحصول عليها بسهولة.
لكن اللامي اعتبر أنه تطورا ايجابيا عندما تشجع شخصية سياسية او دينية الناس على تلقي اللقاحات.
واستدرك قائلا؛ إن "الأيديولوجية التي تقوم على المتابعة العمياء لقرار أي شخص، هي كارثة في حد ذاتها".
ومن جهتها، قالت المسؤولة بوزارة الصحة ربى حسن ان "كل اللقاحات التي وصلت الى العراق آمنة وفعالة، لكن حتى هذه اللحظة هناك بعض المواطنين يخشون أخذ اللقاح نتيجة إشاعات كيدية".
واشار التقرير؛ الى ان وزارة الصحة طبقت إجراءات لدفع العراقيين للحصول على اللقاح، من بينها قيود السفر لأولئك الذين لا يستطيعون إبراز بطاقة التلقيح والتباعد بين الموظفين في المتاجر ومراكز التسوق والمطاعم.
وتابع أنه في الوقت الذي دفعت فيه الإجراءات المزيد من الناس إلى السعي من أجل الحصول على اللقاحات، إلا أنها في الوقت نفسه، أربكت الناس واغضبت المتحفظين.
وقال أصحاب المطاعم انهم فوجئوا بهذه الإجراءات ولم يكونوا متأكدين مما اذا كانت تعني أنهم سيواجهون الإغلاق إذا رفضوا.
وبين رامي أمير الذي يملك مطعما للوجبات السريعة في بغداد انه لا يوجد قانون واضح يجب اتباعه، موضحا: "لا أريد تلقيح جميع العاملين لدي لأنهم قد يعانون من آثار جانبية خطيرة او مضاعفات"، مرددا بذلك شكوكا واسعة النطاق بين العراقيين.
واشار التقرير الى الشكوك الدائرة حول لقاح استرازينيكا حيث ذهب محمد السوداني إلى أحد مراكز التلقيح ولم يكن هناك احد.
وتابع أنه في الأسبوع التالي أحضر اثنتين من خالاته الى نفس المركز ولم يكن هناك سوى شخصين آخرين في غرفة الانتظار.
وقال السوداني؛ "جاءت الممرضة وطلبت منهم الاتصال بأقاربهم وأصدقائهم للحضور لرفع الرقم إلى ما لا يقل عن 10 اشخاص لان التطعيمات داخل مجموعة اللقاح كانت صالحة لمدة 6 ساعات فقط".
لكن في المستشفيات التي تعطي لقاحات "فايزر" كان الوضع مختلفا، وتقول تبارك رشاد انها توجهت الأسبوع الماضي الى مستشفى الكندي، وكانت غرفة الانتظار مزدحمة بالعشرات، وهو ما أثار مخاوفها، قائلة "ذهبت لحماية نفسي من كوفيد-19، وليس للإصابة به في هذه الغرفة.. كانت فوضى".